|
أبو غريبـ ح40ـ كيف قضينا الليل والنهار خلف الجدران..؟؟
جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا عضوألأتحاد الدولي للصحافة وعضومنظمة العفوالدولية
الحلقة ألأخيرة: من دفتر ذكرياتي في/أبوغريب الحلقة40ـ عنوان الحلقة كيف قضينا الليل والنهار خلف الجدرانـ..؟؟... هذه هي الحلقة ألأخيرة.. في السنة القادمة/ 2008 وبأذنه تعالى سآنشر مذكراتي في معتقل/ الحاكميةـ سيئة الصيتـ أي معتقل المخابرات.. بقيت هناك بحدود سنة كانت ألأمر من الناحية النفسية والجوع والتعذيب.. أتمنى أن تنال رضى الجميع!!... حيث الكثير من المواقف والمفاجئات العجيبة وغيرها. لله الحمد خلال هذه السنة المنتهية/ 2007 أستطعنا أن نقدم أربعون حلقة متواصلة من تلك الذكريات المرة والحلوة بعض ألأحيانـ بسبب وجود ذلك العدد الهائل من خيريي أبناء شعبناـ بكل أقوامهم ومذاهبهم وأديانهم وطوائفهم.. لله الحمد كان الجميع بمستوى بحيث جديرون بذكرهم وألأشادة بأدوارهم ألأنسانية والخلقية..إنهم بشر كل ذنوبهم أنهم تحدثوا بصوت عال وطالبوا بالحرية والمساواة فكانت النتيجة أنهم خسروا الكثير الكثير وقد قضوا زهرة شبابهم خلف القضبان وبين أربعة جدران!!... ولكن لايهم..ياترى متى كانت دروب الحرية مفروشة بالورود والرياحين ؟؟؟. هنا لابد من أن أقدم أعتذاري للذين لم أستطع من ذكر أسمائهم ومواقفهم.. بالحقيقة هم كثيرون ولذلك قمت بأختيار نماذج وتركت ألأخرون لكون لايمكن أن أتذكر كل المواقف ولايمكن أن أسجل كل المواقف في مذكراتي لالشىء سوى لكونها بحاجة الى مجلدات ومجلدات!!!... وكذلك هنالك من كان متردداَ من ذكر مواقفه لذلك أختصرت الحلقات الى أربعون فقط. وعهدا مني وفي أقرب فرصة ممكنة أن تطبع هذه المذكرات مدعومة بمجموعة من الصور النادرة في كتاب بأذنه تعالى... أما حول عنوان هذه الحلقةـ ألأخيرةـ.. نقول: سؤال وجيه.. ياترى كيف يقضي المعتقل كل هذه السنوات خلف القضبان وفي مساحة محدودة..أنهامآساة.. مع ذلك لابد..للضرورة أحكام.. إذن لنرى: معتقل أبو غريب شيد على أرض واسعة ومساحة كبيرة جداً.. منذ أنشائه ولحد اليوم لم يجروا أية توسعات في القاعات وألأبنية إلا القليل القليل.. وليتصور القارىء الكريم..عند التشيد كان نفوس العراق بحدود عشرة ملايين.. والمعتقلين كانوا قليلون ولكن مابالك ونفوس العراق يصل الى ألأضعاف ونفس المعتقل والبنايات..؟؟... كانت كارثة بكل المعاني..بالأخص في قسمي (الخفيفة والطويلة)..كان ألأزدحام بشكل بحيث حتى السلالم أستغل للمنام..تصووروا!!..لا مكان للمشي والزيارات.. كلها بشر.. نعم موجات من البشر!!. أما بالنسبة الى بقية ألأقسام كانت أفضل.. حيث كانوا يفتحون المزيد من ألأقسام.. قاعات ليست فيها مايوحي أنها للأستخدام البشري.. مع ذلك ماباليد حيلة.. حتى المسرح جعلوا منه قسم وزجوا فيه المئات من البشر!!!. أزاء هكذا حالة كان لابد من أن يكيف البشر نفسه.. يتحرك ويجد أية حالة يلتهي بها ويقضي أوقاته.. نعم أن للضرورة أحكام. في أبو غريب وضمن التخطيط ألأساسي هنالك العديد من ألأماكن التي كلها أنشأوها للتخفيف من معاناة المعتقل.. ولكن مع سيطرة (ألأمن العامة) على أدارة المعتقل.. قاموا بمجموعة من ألأجراءات التعسفية..لايمكن تصديقها.. ومن هذه ألأجراءات: ـ أغلاق كافة الساحات (قدم، سلة، طائرة) وأحاطوها بالأسلاك الشائكة!!. ـ غلق الورش الصناعية. ـ غلق الجوامع. ـ نهب وسلب كتب المكتبات.. للعلم كانت في كل مكتبة آلآف الكتب.. تبرع بها النزلاء.. كل واحد تبرع بالعديد من الكتب وأهداه بخطه الى النزلاء..في ألأخيرة فرغت المكتبات!!. حوادث لاتنسى: كان من بين النزلاء عدد من أبطال الرياضة في العديد من المجالات.. لكن ياترى كيف يتصرفون من غير ملاعب وأدوات للرياضة. لذلك كانوا قد أوجدوا الكثير من البدائل..على سبيل المثال: كان ألأخ/ سلام مدلول.. من كبار رياضيي كمال ألأجسام ورفع ألأثقال.. كان قد تبنى مجموعة من الشباب ليدربهم..ولذلك كان قد أشترى حديدة بطول متران أو أقل من أفراد ألأمن.. وجاؤا بعدد من (البلوكات) وهي كتل كونكريتية مثقوبة.. كانوا يضعون في كل جانب عدد من الكتل ويبدأون بالتمارين!!. مع هذا كانت ألأدارة بين فترة أخرى تحجز على الحديدة وتعتبرها من الممنوعات..بعد أسبوع يقومون بشرائها من جديد!!!..كانت مآساة!!. مجموعة أخرى من الشباب كانوا من هواة (الكاراتيه)..كان ألأخ/ المصريـ الكابتن موسىـ يشرف على تدريبهم.. ما أن علمت ألأدارة حتى قاموا بحجزـ الكابتنـ لثلاثة أيام.. دفعنا مبلغاً كرشوة واخرجناه من المحجر!!!. كل شىء كان ممنوع في نظر رجال آلآمن.. قائمة الممنوعات كانت لاتعد ولاتحصى: ـ الراديو ممنوع. ـ الكتب السياسية من أكبر الممنوعات. ـ الصحف والمجلات، غير الحكومية جريمة. ـ الورق والدومينو ممنوعان. ياترى كيف تقضي الليل والنهار..؟؟ كانت هنالك عدد من البدائل: ـ أنشغال أكثرية الشباب بحياكة العديد من الهدايا لبيعها وأهدائها للأهل.. حتى حياكة أحذية خفيفة.. وغيرها!. ـ المطالعة ألأدبية حيث ألأهل كانوا يجلبون لنا العديد من الكتب نتبادلها فيما بيننا!!. ـ مشاهدة التلفاز..حيث قناتي الحكومة والشباب..مع الحرص على مشاهدة أفلام السهرة ومبارياة كرة القدم وغيرها!!. ـ فتح دورات لتعلم اللغات ألأجنبية. يقال أن (الحاجة أم ألأختراع)..لذلك وأمام كل هذه الممنوعات كان الشباب يصنعون أنواع ألأشياء.. فمثلاُ بوجود الفنانون، كانوا يصنعون أنواع(كارتات اللعب والدومينو) وغيرها للتسلية!!. في الفترة ألأخيرة وبعد أن كثر عدد المعتقلون وأصبحت لا الصالات ولا الغرف تستوعب هذا الكم الهائل من البشر أجروا عدد من ألأجراءات للتقليل من الضغوطات على النزلاء ومنها: ـ فتح الساحات للمشي والتحرك ألأوسع. ـ فتح العديد من الحوانيت للتبضع ومقهى وغيرها!!. ـ ستوديو للتصوير.. ولكن التصوير داخل الستوديو.. في الخارج والغرف...الف لاء!!. كانت أيام صعبة... أحاول أن أنساها.. ولكن يشهد الباري لحد هذه ألأيام وفي أكثرية الليالي أحلم بأني هناك!!!.. ياترى أية مرارة ذقنا حتى لاتفارقنا تلك ألأيام العصيبة!!.. نشكر الله على كل شىء.. أنتهت وأصبحت ذكريات... ولكنها مؤلمة!!. أتمنى أن كنت موفقاً لنقل تلك ألأيام على شكل حلقات.. أقسم لم أضيف مني أي شىء!!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |