|
“كأني والهوى أخوا مُدامٍ لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحابُ” (شوقي) كأني كنت قبل “شوقي”، وقبل “قيس”، وقبل أول طلوع للشمس على أرضنا، وقبل أن يشرق نور النور على ذاته، رددت قول “شوقي”: ليتني كنتُ رداءً لكِ، أو كنتِ ردائي وليتني، سيدتي، ومُنى روحي، ودنياي. يا مبعثي بعد مماتي، كنت نقطة “باء” زينب، وسكون “يائها” ودورة الأفلاك في “نونها”. لكنني الآن، على مسافة نبضة قلب معنّى من صمتها الناطق، ووحدتها الآسرة، وعزلتها الفاتنة، وحزنها الأبيد، أحمل قلبي على راحتي، وأهتف صامتاً: زينب. قد نافسني في هواك العُشاق المهابيل، وتبارى معي لنيل رضاك، ملوك المخابيل، فلم أحفل، ولم ألن، ولم أعر سمعاً لكواسر المجرات، وصراخ المسوخ، وتقدمت إليك، إلى حيث انت، عند باب الأنوار، بجوار الكرسي، عند خشبتي الراعفة، وقلبي يعلو صراخه: زينب، أنا مجنونك الأخير. أهو حلم، أم سحر حَرْفَى “كُن”؟ ثم كنتُ، زينب، سيدتي، الرضيع الذي شاخ في مهده، و”الحاء” و”الباء” قبل أن ينطق بهما جنّي، أو إنسي، وأنا يلفني قماطي، عندما ألقت بي مدبرة المنزل عند سور المدرسة، فدُرْتُ مع “النون”، لتدور معي الأكوان، هاتفة: زينب. ويوم ألقوا بي في القيد، يوم حفوا حاجبي، وألبسوني تلك الأردية الحمر، يوم أراد الجلاد تعصيب قلبي، يوم وقف الملقن بين عيني فعل “كُن”، يوم بعث من في القبور، خلت أني المنادي والمنادى ها أنا، دورة الحب في محبسك، أنا محبسك، وأنتِ، أنتِ، وكفى وكفى بي عاشقاً، أو نائحاً، وحسبي أن أكون، زينب، إذ أقف الآن، بين “الزاي” و”الياء” أو بين “النون” و”الباء” مجنونك الأخير.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |