برلمانيو  العراق والمسؤولية التاريخية

 

احمد البديري

ahmedalbudayry@yahoo.com

في الخطاب الأخير لسماحة المرجع محمد اليعقوبي (دام ظله) والموسوم (قبل أن يناقش أعضاء البرلمان الموازنة المالية لعام 2008) نبه سماحته أعضاء مجلس النواب العراقي إلى ضرورة مراجعة ميزانية (2007) وتقييمها ومعرفة نسبة الانجاز والنجاح في تنفيذها قبل الشروع بمناقشة الموازنة المالية للعام (2008) .

وبين سماحة المرجع اليعقوبي الخلل الموجود في عمل وأداء البرلمان العراقي من خلال قضيتين رئيستين أصابتا البرلمان بالشلل وتتعلق أولاهما بالتعطيل المستمر لعمل المجلس بسبب الغيابات المتكررة لأعضائه تحت ذرائع ومسوغات شتى تتسم بمجموعها بافتقارها وافتقادها الى الجانب الشرعي والدستوري، بعد أن منح نواب البرلمان العراقي لأنفسهم عطلة فصلية ثالثة أضيفت لما هو موجود أساسا من عطل فصلية (عطلة الشتاء والصيف) وقد تسبب هذا الإهمال واللاجدية من قبل ممثلين الشعب إلى تعطيلات مستمرة في السلطة التشريعية كان من نتائجه غياب الدور الرقابي للسلطة التشريعية عن الجهات التنفيذية والتلكؤ الكبير في إصدار التشريعات والقوانين التي تتوقف عليها عملية بناء الدولة العراقية ولم يستطع الإخوة سبيلا اللهم الى الإسراع بإصدار القوانين والتشريعات التي تتعلق بامتيازاتهم الخاصة ويا ليتهم عملوا بنفس الحماسة والهمة من اجل إصدار القرارات التي تساهم برفع بعض معاناة أبناء العراق الصابرين .....

ومن الدلائل على وجود التقصير الكبير للإخوة النواب هو جلوسهم لمناقشة الموازنة المالية ل (2008) قبل (24) ساعة فقط من دخول العام الجديد ؟ وهو ما تكرر في العام الماضي أيضا ولنفس الأسباب والذرائع التي تسوقها رئاسة البرلمان اليوم ؟! فهل حصل مثل هذا التقصير والتأخير في أحد البرلمانات لدول العالم كافة، أم أن الأمر امتياز خاص لنواب العراق .

ومن العجيب أن يبادر مجلس النواب الى الشروع بمناقشة موازنة (2008) لغض النظر وطوي صفحة ميزانية (2007) الانفجارية كما روج لها رجالات الحكومة وقادة الدولة والتي بلغت (40) مليار دولار بالتمام والكمال ؟! ولم يحزر أي من العراقيين ما الذي حققته مثل هكذا ميزانية للشعب ولم يجني فعلا من ورائها سوى (التضخم الاقتصادي، الارتفاع الجنوني في أسعار جميع السلع الاستهلاكية خصوصا بعد التحجيم الذي أصاب مفردات البطاقة التموينية، الزيادة المفرطة في أسعار المشتقات النفطية، البطء والتلكؤ في أنجاز المشاريع الحيوية، تعطيل المنشات الصناعية عن عمد وقصد لخصخصة القطاع الصناعي ورفع دعم الدولة عنه، انهيار القطاع الزراعي والاعتماد على الاستيراد، ارتفاع معدلات البطالة الى 60% بعد أن اقتصر التعيين في سلكي الداخلية والدفاع مقابل مبالغ مادي يصل الى (3-5) مليون دينار، انخفاض مستوى دخل الفرد العراقي .....الخ) .

نعم هذا ما تحقق من نكسات وما تحصل عليه العراقيون من الميزانية الانفجارية، فهل من حق المواطن العراقي أم لا أن يسأل بعد ذلك عن مصير مليارات الدولارات التي تضمنتها ميزانية الدولة للعام (2007)، ومن حقهم أن يسألوا ببراءة عن محل صرف (70) مليار دولار واردات تصدير البترول العراقي بحسب إحصائيات التصدير التي تعلنها وزارة النفط (2) مليون برميل يوميا مع الارتفاع المستمر والطفرات التي شهدتها أسعار النفط في العام 2007 .

أن الإخوة أعضاء مجلس النواب مطالبون اليوم أولا بالشروع في التحقق من هذه الموضوعات بعد إن يضعوا خلافاتهم ومشاكلهم جانباً والالتفات الى مأساة أبناء شعبهم والإسراع في التخفيف منها قبل رفعها كليا وذلك يمكن أن يتحقق ما إن وجدت النية المخلصة والاستعداد للتضحية بالوقت والمشاغل والايفادات والبدء بالإشراف المباشر على تنفيذ مفردات الموازنة للعام 2008 ومراقبة عمل الوزارات ورفع كل المعوقات التي تحول دون التطبيق الصحيح لمواردها المقررة ومحاسبة المسؤولين عن التلكؤ في أنجاز المشاريع التي تضمنتها موازنة العام 2007 بدأً من وزراء الحكومة دون إن تكون للمحاباة والمحسوبية دورا في غض النظر عن هذا وذاك، لأن ما اهلك الامم السابقة كما يروى عن الرسول الكريم ( ص واله) أنه كان إذا سرق الشريف غض النظر عن جرمه وسرقته .

أن ابناء العراق الذي بذلوا الغالي والنفيس في سبيل تأسيس الدولة العراقية يطالبون ممثليهم في مجلس النواب بالعمل فورا على توفير مستلزمات العيش الكريم وعدم  السماح لهذا المسؤول او ذاك ممن يتنعم بخيراتهم إن يهدد بقطع أهم موارد معيشتهم والارتقاء والنهوض بالخدمات الأساسية وأحياء المشاريع الصناعية العملاقة التي تزدهر بها خارطة العراق وإنعاش القطاع الزراعي من الإهمال وإنقاذ أبناء الشعب من البطالة التي تجهض مستقبل أبنائهم خصوصا أن العراق يغص بالكفاءات والطاقات العلمية والبشرية كل هذه الواجبات تقع على عاتق المتصدين للعملية السياسية في الحكومة ومجلس النواب على وجه الخصوص بوصفه الجهة المسؤولة عن تشريع القوانين .

وأن الاستمرار بالتقصير في أداء هذه الواجبات سوف لن يجعل هؤلاء المتصدين إلا خارجين عن ولاية الله تعالى وغير مستحقين لرحمته بظلمهم واستخفافهم للعباد {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ }الصافات24.

فهل يستجيب أعضاء مجلس النواب والحكومة الى أصوات العراقيين التي ضجت بالنداء والاستغاثة من الإهمال والعوز ويبادروا الى مصالحة شعبهم والعمل بجد على أخراجهم من أزمتهم الخانقة ومعاناتهم التي لم تنتهي ...

هذا ما سيترقبه وينتظره أبناء العراق الصابرون .....

روي عن الإمام الصادق (ع) (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلا ينادي : يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم).

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com