|
الحرية والديموقراطية في العراق..! (2
هادي فريد التكريتي/ عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد الحزب الشيوعي العراقي من أقدم الأحزاب السياسية العراقية التي رفعت شعارات "الجبهة" في عملها السياسي، فشعار " قووا تنظيم حزبكم، قووا تنظيم الحركة الوطنية " منذ ثلاثينيات القرن المنصرم، صاغه مؤسس الحزب الرفيق فهد، ويعتبر أقدم شعار ترفعه حركة سياسية، أو حزب سياسي، للعمل التعاوني والجمعي في الحركة الوطنية، وخلال سنوات الكفاح وقمع حكومات العهد الملكي، تعمدت جبهات عفوية بين الجماهير، أثناء الوثبات وانتفاضات الشعب العراقي .. الأحزاب العراقية لم تلتق من أجل عمل مشترك، رسمي وموثق، إلا في جبهة الاتحاد الوطني في العام 1957، وإن كانت هذه الجبهة، حصيلة تعاون آني وموقت، من أجل انتخابات 1952 و 1954، إلا أنها كانت دليلا ملموسا، على صواب تجميع القوى الوطنية ضد سياسات الحكم الملكي المناوئة لكل القوى الوطنية . الحزب الشيوعي العراقي، كان حجر الزاوية في جبهة الإتحاد الوطني، و كان ممثلا بأكثر من مقعد في هذه الجبهة، إلا أنه لم يمثل في حكومة الثورة، بعد نجاحها، فحاله حال" المكرود مسعود في صنع الكبة المصلاوية" أول من يضحي دون أن يحصل على " حرية " في العمل، أو تشمله "ديموقراطية " لتمثيل... توالت الجبهات التي صنعها وساهم بها الحزب الشيوعي، وفي كل تلك الجبهات، كان الأكثر تضحية،والخاسر الأكبر، فبعد جبهة الإتحاد الوطني، والتجربة المريرة لثورة 14 تموز وما أسفرسقوطها عن مأسي، ساهم مع حزب البعث في العام 1973 في (ج . و .د.ت.)" الجبهة الوطنية الديموقراطية التقدمية "، فكانت جبهة قتل واغتيال وتصفية، لرفاق وكوادر ومنظمات الحزب، ولم يكن فيها شيء من أسمها، فـ " الديموقراطية والتقدمية " تعني له دائما في لغة " الحلفاء " القتل والاضطهاد ... فحكمة " لا يلدغ المرء من جحر مرتين " لم تخطر على ذهن قادته، وفي الممارسة أثبتوا بطلانها، وبرهنوا بالملموس، أن الحزب على الدوام ضحية حلفائه، وما حصل له في جبهاته " جود وجوقد ولجنة العمل المشترك "كان تكرارا لتجارب لم يتم استيعابها ..! وبعد احتلال العراق و سقوط النظام في العام 2003،تنكرت له كل القوى والأحزاب، القومية والإسلامية، التي عمل معها في " لجنة العمل المشترك "، فـ "الديموقراطية "، لا تعني لهم سوى رضى المحتل عنهم، و تقاسم الحكم ومناصب الدولة فيما بينهم، وكأن العراق ضيعة من ضياعهم ...تنكرهم له شمل حتى ضحايا وشهداء الحزب الشيوعي،التي أُريق دمها على مذبح حرية الشعب والوطن، فقادة هذه القوى شغلوا ويشغلون أعلى مناصب الدولة، ومن بينهم أقرب "الحلفاء "، وزعوا رحمة "الله"بدون حساب، على شهداء أحزابهم وقومياتهم وطوائفهم، وشملت رحمتهم " الواسعة " حتى شهداء أيام زمان،أمثال : " حسنه ملص" و"عباس بيزه " إلا أنهم حجبوها عن شهداء الحزب " الحليف "، أعرق حزب وأكثرهم تضحية من أجل تحرر ورفاهية الشعب، مصيبة حكامنا أنهم لا يحترمون مشاعر شعبنا،عندما توكل لهم الأقدار مسؤولية الشعب.. التحالفات، بعد الاحتلال أصبحت من حق الفائزين الكبار، فكل منهم خطط لتحقيق همه، القومي ـ العنصري، والإسلامي ـ الطائفي، دون هم العراق وشعبه، الذي يكثرون الحديث باسمه، ولما لم يحقق " كل " مقصده، بدأ " الكل " يبحث عن حلفاء أو شركاء جدد، فكثر الحديث عن المصالحة، دون مصالحة، وتعددت تصريحات " الكل " عن حكومة وحدة وطنية، وهم يقصدون حكومة المحاصصة " الطائفية ـ العنصرية " التي تطلق لهم حرية بيع الوطن، بالجملة والمفرق، وتكمم أفواه أحراره، بالجزرة أو بالقازوق، وكل ينفذ ويطبق ما يراه ملائما ومنسجما مع واقع " الديموقراطية والحرية " وفق منطقه، ورقعة حكمه، وكل فريق غير معني بما يدور ويحدث في منطقة حكم الفريق الآخر،من أحداث تهدد أمن واستقلال العراق، إلا أن هذا لم يعطل أدواتهم من بحث وتحري، عن وسائل للضغط على أطراف تحالفه لابتزازهم في تقديم تنازلات أكثر .. لذا كثر توقيع أطراف معلومة ومجهولة، على بيانات خماسية ورباعية، وآخرها، بيان ثلاثي، مع أطراف قومية ـ عنصرية، مع طرف جديد، إسلامي ـ طائفي . المعروف عن التحالفات ومناورات أطرافها السياسية،أنها تبدأ بالثنائي، مثلا، ثم الثلاثي،فالرباعي فالخماسي، وهكذا يجري التوسع،إلا أن ما يجري عندنا فهو عكس الشائع والمعروف،فإذا سَئلَ سائل لماذا، فجوابهم: (بيتنا ونلعب بيه، شلهَ غرض بينا الناس)...ومن يدري..؟ فربما يخططون غدا لآن يصدر بيان أحادي، يوقعه طرف واحد فقط، فـمفاهيم "الديموقراطية والحرية" في عراق الطوائف، دائما تتغير وتتكيف وفق الظرف، الذي يصنعه اللاعب الأقوى في الساحة العراقية ..!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |