أيهما اخطر النووي الايراني أم السرطان العراقي؟

 

د فيصل الفهد

fas_f2004@yahoo.com

كثيرا ما يتبجح كبار المسؤلين في طهران بفضلهم الكبير على الولايات المتحده الامريكيه وتسهيل مهمة جرائمها في احتلال بلدين مسلمين هما العراق وافغانستان بل ان الدور الايراني في العراق تعدى ذلك الى المشاركه الفعليه في احتلاله والاخطر هو منع جزء لايستهان به من العراقيين عن القيام بواجبهم الوطني والاخلاقي والديني بالدفاع عن بلدهم ضد الغزاة المحتلين ولم يعد خافيا على احد ان النظام الايراني اوعز الى اتباعه في الحوزه باصدار الفتاوي التي حرمت على ابناء الجنوب والفرات الاوسط  الجهاد ضد الاحتلال بل وكذلك  تمرير العمليه السياسيه التي صاغها المحتل دفع المواطنيين البسطاء لاعطاء اصواتهم لقوائم لايعرفون مكوناتها تحت لافته استخدام الدين والدين برئ من كل من استغله لغير صالح العراق وتحريره وطرد الاحتلال منه ايا كان مصدره امريكي بريطاني ايراني .....وذهب حكام ايران ابعد من ذلك عندما بسطوا نفوذهم على محافظات الجنوب والفرات الاوسط عسكريا عن طريق ادخال قوات فيلق القدس الايراني وقوات بدر اضافه الى اعداد كبيره من منتسبي اطلاعات والاجهزه الامنيه الاخرى بالتنسيق مع البريطانيين والامريكيين ولاتزال هذه المحافظات تخضع للنفوذ الايراني وللمليشيات التابعه له والمدعومه منه وكانت ايران من اهم الاطراف (مع الامريكيين والصهاينه) استهدافا لكل العراقيين الشرفاء الذين وقفوا ضد الاحتلالين الامريكي والايراني وفي مقدمتهم مناضلي حزب البعث والعلماء والضباط والطيارين والاجهزه الامنيه والشرطه الوطنيه العراقيه وقد استخدمت ايران لتنفيذ جرائمها  قواتها وعصاباتها ومليشياتها وجماعتي البارزاني والطالباني.

ان المسرحية الامريكيه الايرانيه و صياح ألديكه الدعائي حول الملف النووي الايراني لم تعد تنطلي على احد فقد اصبح واضحا ان جزء مهم من هذه ألمسرحيه يتعلق بتنفيذ المخطط الأمريكي لإنشاء القواعد ألعسكريه الستراتيجه في العراق للبقاء فيه لعقود طويلة من الزمن بذريعة حمايته من التهديد النووي الايراني على شاكلة ما سبق ان فعلته أمريكا عندما أنشأت قواعد لها في كوريا ألجنوبيه بحجة حمايتها من التهديد النووي الكوري الشمالي وهذا أمر طالما تحدث عنه بوش واستهواه ومن هنا لم نفاجأ بكل فصول المسرحيه الامريكيه الايرانيه حول الملف النووي ويمكن ان نتساءل هنا هل ستنسحب امريكا من كوريا الجنوبيه اذا فككت كوريا الشماليه مفاعلاتها النوويه.

ورغم اننا كنا من اوائل من استبعدوا نشوب مواجهه عسكريه امريكيه إيرانيه وجزمنا ان بوش لن يقدم على توجيه ضربه الى ايران ومع ذلك كان كثيرون يعتقدون الى حد  أسابيع قليلة مضت بأن الأوضاع  تشير الى امكانية احتمال توجيه ضربة أميركية إلى إيران  وكان هذا الامرحاضراً بقوة ومتداولاً على نطاق واسع في أوساط الإدارة الأميركية بهدف تفكيك برنامجها النووي والحول دون امتلاكها للسلاح الفتاك الذي قد يزعزع الاستقرار العالميالا ان النظام الايراني لم يأبه  من جهته وأصر على رفض الضغوط الغربية واستمربمشروعه الهادف الى  تخصيب اليورانيوم مستخدمين المزيد من أجهزة الطرد المركزي حتى ظن البعض في الغرب أن إيران باتت على وشك تفجير قنبلتها النووية الأولى ودخول النادي النووي من أبوابه الواسعة. وبالطبع لم يكن بوش راغباً في مغادرة البيت الأبيض، وهو يجر وراءه خيبة حرب العراق المتعثرة كتركة لولايته الرئاسية الأولى، وإيران نووية كتركة لولايته الثانيه.

ان الادعاء بأن الإيرانيين قد اوقفوا برنامجهم النووي لا يعني أنهم لا يتمكنون من استئنافه في أي وقت لاحق بل وربما سيكون ذلك أفضل لهم لاسيما وان وحدات الطرد المركزي لا تزال تعمل في منشآت تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لتشغيل مصانع تعمل بالوقود النووي أو يمكن زيادة تخصيبه لصناعة الأسلحة النووية.  

أن قيام إدارة بوش احتلال العراق وما عقب ذلك من تطورات خطيرة قلبت كل الموازين والحسابات لاسيما الامريكيه منها قد أدت إلى تقوية شوكة ، النظام الإيراني عدا من ان هذه الجر يمه النكراء قد تسببت في إثارة حفيظة بعض الانظمه العربية ألحليفه  لأميركا  ليس حبا وترحما بالعراق بل لخشيتهم من التداعيات التي رتبها الاحتلال او التي سيرتبها في المستقبل على ألمنطقه وأنظمتهم على وجه الخصوص لاسيما التخوف من التمدد الايراني المنفلت والذي بدأ في العراق ولن يتوقف عنده أبدا في وقت ضعف فيه نفوذ المحافظين الجدد الذين روجوا لحملة سخيفة تستهدف تغيير الشرق الأوسط الا ان احلامهم تتهاوي بالسرعة نفسها التي صعدوا بها سقف تلك الاحلام المريضه بعد سحقتها الاراده الجباره لشعب العراق ومقاومته الوطنيه.

 

لقد ادرك  الرئيس بوش ان سياسته الخارجيه ليست فاشله حسب بل وعقيمه جدا على أكثر الجبهات خصوصا في العراق و أفغانستان  وكذلك في عموم منطقة الشرق الأوسط  وربما تصور بوش في لحظة تفكيرعبقريه أن الحل قد يكمن في مغامرة أخرى في ذات المنطقه التي اضرم النار فيها كمحاولة منه للهروب إلى الأمام. غير أن حسابات البيدر ليست  كحسابات الحقل لاسيما بعدما أصدرت ست عشرة وكالة استخباراتية أميركية قبل فتره تقريراً تشير فيه إلى وقف طهران لبرنامجها النووي الموجه لأغراض عسكرية في العام 2003. ووفقاً لهذا التقرير توصلت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى نتيجة مشتركة تضفي المزيد من المصداقية على التقرير وتستبعد صفة التواطؤ كما ذهب إلى ذلك بعض أركان الإدارة الأميركية وتزعم الجهه التي وضعت التقرير أن إيران أوقفت برنامجها العسكري منذ العام 2003 ولا تستطيع استئنافه وتحقيق النتائج المرجوة خلال وقت وجيز، بل يتعين الانتظار إلى غاية 2015 والملاحظ هنا ان الجهه صاحبة التقرير سبق وان اصدرت تقرير نُشر في 2005 مناقض و يتعارض كلية مع ما جاء بالتقرير الحالي

ان هذا التقرير وبرغم جميع التناقضات والجوانب غير الصحيحة التي ينطوي عليها لن يحل مشكلة من مشاكل النظام الايراني بل عده بعض الأجنحة في نظام الملالي فخاً إستراتيجياً.

والواقع أن الرسالة التي بعثت بها هيئة الاستخبارات الوطنية الأميركية كانت واضحة لا لبس فيها، وهي أنها لا تريد تحمل مسؤولية حرب أخرى ضد إيران على غرار ما جرى في العراق عندما وجهت إلى هذه الهيئة تهمة التقصير في جمع المعلومات الدقيقة حول أسلحة الدمار الشامل التي ثبت عدم وجودها.

والغريب في تقرير الاستخبارات الامريكيه التي تقوم  بالكثير من العمليات القذرة في مناطق مختلفة من العالم وتدعم  الأنظمة التي تساير الركب الأمريكي  تقوم هذه المرة بدور حمامة السلام في السياسة الأميركية وتقف في وجه تشيني ومجموعته الذي يريدون تنفيذ أجنداتهم بأي ثمن وبأية وسيله بما فيها لي ذراع الحقائق واستخدام المعلومات الاستخباراتية المغلوطة كما سبق ان فعلوا في العراق.

  أن تقرير هيئة الاستخبارات الأميركية جاء على غير ما كانت تشتهيه  فرنسا وبريطانيا المتحمستين لقرع طبول الحرب على ايران وهذا ما ظهر واضحا في كل نشاط الرئيس الفرنسي ساركوزي ووزير خارجيته  ولم تقتصر تداعيات هذا التقرير على حليفتا امريكا بل شكل صفعه موجعه للكيان الصهيوني الذي يدعي( اعلاميا) ان امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون بمثابة خطراً حقيقياً  يستهدفه ( رغم اننا نشك في ذلك )  حيث ترى اجهزة هذا الكيان  أن إيران لم توقف برنامجها النووي العسكري، وبأنها مازالت تسعى إلى الحصول على السلاح النووي. ومع ذلك يجد قادة ( اسرائيل) صعوبه في ممارسة الضغط على حلفائهم في البيت الاسود الامريكي  بعد تزايد الحديث داخل اروقة صناع السياسه في الولايات المتحده الامريكيه من جدوى الربط بين المصالح الأميركية و المصالح الإسرائيلية، كما يدعو إلى ذلك اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.

 ومن هنا يصعب على الكيان الصهيوني  سعيه الظهور وكأنها تسعى إلى دفع الاداره الامريكيه إلى توجيه ضربه الى إيران في وقت يعتقد فيه كثير من الساسه الامريكان ان خطوه من هذا النوع ستؤدي الى نتائج كارثيه على غرار ما حصل في العراق، وان امريكا ستتورط  في مستنقع آخرلاسيما بعد ان ادلت  الاستخبارات الأميركية بدلوها استنادا إلى معلومات موثقة يصعب على الإدارة الأميركية تجاهلها خوفا من تكرار ما حدث مع العراق، ويبدو أن الاستخبارات الأميركية تحاول من خلال هذا لتقريرها الدفع  باتجاه الحوار والتفاوض مع ايران وهو ما لم تقدح به العبقريه  الاستخباراتيه الامريكيه عندما لفقوا وزوروا المعلومات ودفعوا الامور باتجاه احتلال العراق ويبدو ان هذا هو قدر العراق على الدوام ان يكون كبش الفداء لاعدائه.

ان الغريب فيما يحدث في المنطقه هو ذلك الاهمال العجيب من قبل الدول لما يتهددها من مخاطر ستأتي على الاخضر واليابس ولاننا نتناول الحديث عن مخاطر البرنامج النووي الايراني فاننا ننسى الكوارث التي نعيش بين ظهرانيها فعدى عن خطورة ما يتم تناقله من تسرب المواد الكيمياويه الى المنطقه لاسيما في شمال العراق لحزب العمال الكردستاني التركي من روسيا وما بدأ يظهر من اعراض اكثر وضوحا على الشعب العراقي لاسيما في جنوب العراق من مخلفات العدوان الامريكي على العراق واستخدامه الاسلحه المشبعه باليورانيوم المنضب(الذي يطلق عليه بعض الامريكيين بمعدن العار) حيث اصبح مألوفا جدا اكتشاف اعداد كبيره من الاصابه بالسرطان لاسيما عند الاطفال بسبب ضعف المناعه لديهم(عدم اكتمال جهاز المناعه لديهم) وقد اصيب اعداد كبيره منهم بسرطان الدم (اللوكيميا) عدا التشوهات الخلقيه في محافظات البصره والناصريه قرب قاعدة الامام علي الجويه( تل التلحم ) وذلك في النجف والملفت للانتباه ان المحتل الامريكي وعملائه يعتمون على هذه الكوارث التي تزداد كل يوم اكثر من سابقه..كما ان حكومة الاحتلال لاتزود العاملين المختصين بالاجهزه المتطوره القادره على تحديد وقياس مستويات الاشعاع (الاجهزه المستخدمه تكشف عن المستويات الواطئه فقط) ومع ذلك فان المختصين في هذا الميدان يؤكدون ان كل الجرعات خطيره مهما كانت صغيره ونسبة التعرض يجب ان تكون صفر!!.

ومن الامور المثيره التي تحاول سلطات الاحتلال تغطيتها الا انها لم تفلح هي منعها من اعادة بناء وزارة التخطيط العراقيه حيث كشف النقاب عن ان السبب هو وجود كميات كبيره من اشعاع اليورانيوم المنضب فيها ولذلك تخشى هذه السلطات من الفضيحه.

وربما لايلتفت كثير من المسؤلين في دول الجوار لخطورة الوضع في العراق المحتل فلعنة العراق السرطانيه سوف تطال اجزاء من الخليج العربي والاقسام الغربيه من ايران المواجهه للبصره حيث كانت هذه المناطق مسرح للعمليات العسكريه الامريكيه القذره(المناطق الشرقيه من السعوديه وحفر الباطن ووسط وشمال الكويت خصوصا قاعدة الدوحه التي انفجر فيها اكثر من 60 طن من اليورانيوم المنضب في 11 تموز 1991) ان شدة الانفجارات وقوتها تنتقل عبر الرياح العاديه الى مناطق بعيده وبسرعه.

ومن هذا نستنتج اننا نعيش في دائرة الخطر ليس على الجيل الحالي بل على الاجيال القادمه فما هي الخطوات التي اتخذها المعنيين بالامر لمواجهة هذه الكوارث؟ سؤال كبير يحتاج الى اجابه شجاعه وحلول اشجع.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com