الأقلام الجريئة وعام الحسم والتعرية

 

 د. عبد علي عوض
dr.abidali@hotmail.com

عند إستقرائي لكل ما كُتب من تحليلات بشأن الواقع العراقي، على يد الكثير من الأقلام المبدأية، والتي تمتلك نظرةً ثاقبة وحدساً صائباً لما سيحدث لاحقاً . وأعني الباحثين والكُتّاب ذوي المكانة الأكاديمية المرموقة وكياسة الإتزان السياسي والخبرة الغنية، وليست المجاميع التي ظهرت في الآونة الأخيرة، وكل واحد منهم يطلق على نفسه محلل سياسي إستراتيجي ... والى آخره من التسميات .

الذي لاحظته، أنّ أولئك الكُتّاب عند تناولهم أية مشكلة تخص الشأن العراقي بكل جوانبها (السبب و المُسَبب والنتيجة)، يستخدمون ألأسلوب الرفيع المهذب الناضج في المعالجة، بعيداً عن المهاترات . لقد أدّى هذا النمط من النقد وتشخيص الأخطاء إلى تمادي الكثير من أصحاب القرار وإستخفافهم بالتشخيص السليم، لأنه يتعارض مع مصالحهم الأنانية الضيقة، ولكونهم أناس طارؤون على المرحلة . وللأسف كانت طروحات غالبية المحللين المشاركين في العملية السياسية تتسم بالنقد الخجول وعدم إغضاب الجهة المقصودة، حفاظاً على مواقعهم وإمتيازاتهم، بعكس الذين هم خارج العملية السياسية، فكانت تحليلاتهم تحمل النقد اللاذع البنّاء، بعيداً عن المهادنة والتوفيقية، وحرصاً منهم على إيقاف مسيرة الإنحدار نحو الأسوأ . ولا أدري لو كانوأ مشاركين في إدارة الدولة، هل سيتغيّر أسلوبهم نحو المحاباة ؟

لقد أعلن رئيس الوزراء السيد نوري المالكي، أنّ عام 2008 سيشهد البناء والقضاء على الفساد. هنا يأتي دور تلك الأقلام الوطنية من خلال إشعار رئيس الوزراء بأنها الداعمة له في نهجه ضد المحاباة وترضية أطراف معينة على حساب القانون، والإلتزام بضرورة تعرية ومحاسبة المتسببين حتى ولو كانوا من المقربين له والمحسوبين عليه، أفراداً وأحزاب . لذا يتوجب على النُخب الأكاديمية الوطنية معالجة الظواهر التالية، والتي هي بحد ذاتها أصبحت معضلات مستعصية، لوجود عامل الإعاقة من قِبل الذين لايرغبون بحلها، ولكون بقائهم مرتبط بديمومة تلك المعضلات .

1 - الفساد بكل أشكاله وإستشرائه في كل مفاصل الدولة .

2 - تنظيف القوات المسلحة من الميليشيات ومن الولاء الطائفي والإثني .

3 - وضع حد لتصرفات الكثيرمن الذين لايحملون صفة رسمية في الدولة ويتدخلون في شؤونها بصورة سافرة وفظة، إضافةً الى أنّ رواتب حماياتهم تُصرف من قِبل وزارة المالية دون وجه حق، وهذا يُعتبَر سرقة للمال العام.

4 - أجراء عملية مسح وتقييم شامل للواقع العلمي والتربوي في البلد، لما يعانيه من تدهور المناهج العلمية والكادر التدريسي والبُنى التحتية .

5 - تأسيس مجلس إقتصادي أعلى، تكون مهمته الإشراف على إعادة بناء الإقتصاد العراقي بكل فروعه، وليس كما هو حاصل الآن . إذ أنّ الذي يقرر ويرسم السياسة الإقتصادية هما وزارة المالية والبنك المركزي .

6 - إسكات أصوات بعض المسؤولين، الذين يطالبون بالغاء عملية التخطيط الإقتصادي وترك السماسرة الطفيليين يعبثون كيفما شاؤوا بالإقتصاد الوطني، متذرعين بقوانين السوق (العرض والطلب). لا أدري أي مذهبٍ إقتصادي يعتنقوه و أية نظرية إقتصادية يعتمدونها!!.

واقع الحال إنها الفوضى الإقتصادية، التي يُراد منها خلط الأوراق وعدم التمكن من إكتشاف جذور وتشعبات الجريمة الإقتصادية، وإرتباطات أولئك المسؤولين بها!!.

7 - تدهور الواقع الأدبي والثقافي والفني، وهيمنة القوى الطائفية السياسية عليه.

8 - الوضع الكارثي للأمومة والطفولة.

9 - الواقع الصحي وتأمين الأدوية مجاناً للطبقات الفقيرة أو دفع مبالغ نقدية لهم .

10 - الرواتب الخيالية والإمتيازات المادية التي يتمتع بها المتربعون على ناصية الحكم، وتحولهم إلى قطط سمان ودايناصورات .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com