|
الحرية والديموقراطية في العراق..! (3
هادي فريد التكريتي/ عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد الفدرالية التي أقرها الدستور العراقي، لم تكن واضحة المعالم، بسبب طبيعة النظام السياسي الجديد، بعد سقوط نظام حزب البعث، فقوى الحكم المشاركة في السلطة الجديدة، كانت تتنازعها مبادئ مختلفة بصدد علاقة الحكم وطبيعته في منطقة كوردستان،فقوى الإسلام السياسي بكل طوائفها، والقوى القومية أيضا، لا تقر ولا تعترف في مناهجها، بحكم ذاتي ولا بفدرالية للكورد أو لغيرهم، والكورد كانوا قد أقاموا إدارة سياسية جديدة لسلطتهم ومستقلة عن نظام البعث، تمثلت ببناء مؤسسات لدولة ديموقراطية جديدة، لا يمكن أن يتنازلوا عن إدارتها، حاليا، شملت كل المناطق التي انسحبت منها قوى النظام البعثي آنذاك، الفدرالية المراد تطبيقها في العراق، من قبل الأحزاب الطائفية، فدرالية، لا تعني الإتحاد، كما هو مدلولها، بل تعني الهشاشة والضعف، لم تتحدد بضوابط ما هو شائع في العالم من مبادئ للفدرالية، وهذا ما انعكس على ما شرعه الدستور، الذي أقر مبدأ فدراليات اعتباطية في العراق، كما لم يكن واضحا في تشخيص الأسس التي تقوم عليه هذه الفدراليات، فدستور إقليم كوردستان،لا تنسجم بعض مواده، مع بعض مواد الدستور العراقي، بسبب تطلعات قومية، فالسيد مسعود البرزاني، رئيس اقليم كوردستان، قد صرح مرارا، بأن الكورد يطمحون لإقامة دولتهم القومية، وهذا حق لهم، إلا أنه أسس على عدم ثقة بين الأطراف التي تتقاسم الحكم، وخلق نزاعا غير معلن، بين أجنحته المختلفة، نرى بوادره في بيانات التحالفات الجديدة، التي يقودها الكورد، نتيجة لعدم توافقهم بهذا الخصوص مع أجنحة حلفائهم في الحكم . منذ تأسيس الدولة العراقية، وطيلة الحكم الوطني، كانت هناك حرية كاملة للمواطن العراقي من التنقل والتملك والسكن في أي منطقة أو بقعة من العراق، وحتى كان هذا قبل أن يسيطر حزب البعث على الحكم في العام 1968، هذا الواقع يجعل إقامة الفدراليات على أساس قومي أو عرقي أو ديني ومذهبي، ضربا من الخيال، وإن حصل، فسيحمل في ثناياه عدم استقرار لفدرالياته المستقبلية، ولمجمل الأوضاع السياسية والإجتماعية في كل أنحاء العراق، فإن لم يبدو النزاع واضحا وجليا، كما حصل، ويحصل، في الظرف الراهن، من تهجير وعنف في كل المناطق التي يتشارك في سكنها العراقيون، نتيجة لعدم استقرار قوى الحكم ومؤسساته، خصوصا مؤسسات الدولة، الأمنية والعسكرية، فبعد أن يتعافى الوضع، فالمنازعات المسلحة ستكون هي الطاغية، ليس بين قوى قومية ـ عنصرية ودينية ـ طائفية عراقية، بل سيكون العراق مسرحا لصراع دامي للقوى الإقليمية والدولية أيضا .. يدور نزاع ظاهر و صريح حاليا، بين قوى الحكم بشأن قضية كركوك، فالمادة 140 حتى الآن لم يتم تفعيلها، وهذا مؤشر هام وخطير، على ما سيحصل مستقبلا، إن انفرد طرف بفرض إرادته والحلول التي يراها، على الآخرين، فكركوك لم تكن منطقة جغرافية، تسكنها هذه القومية أو تلك، بل لأنها منطقة لثروة موضع اهتمام، ونزاع بنفس الوقت، ليس للعراقيين فقط بل وللكثير من دول العالم، ولهذا يتنازعها الحكم بكل أطرافه، ففدرالية كوردستان تريد فرض واقع تبعية كركوك لها، قبل أن ُيبت فيها بشكل رسمي، لذا أقدمت على إبرام عقود نفط مع شركات أجنبية، لترسيخ تبعية كركوك للفدرالية الكوردية، والحكومة المركزية تعارض مثل هذه الخطوة، مهددة بعقوبة كل الشركات النفطية التي تتعامل مع فدرالية كوردستان، قبل أن يتم الاتفاق على حدود الفيدرالية،وقبل أن يتم إقرار وتصديق قانون النفط والغاز، وقد يأخذ مثل هذا النزاع منحنيات أخرى إن لم يتم حسمها بأسرع وقت .. "الحرية والديمقراطية" في الواقع العراقي، لا مكان لها في المنطق السياسي الذي يتبادله أرباب حكم لا يقر الكثير منهم هذا المفهوم، فكل يفسر هذه المفاهيم وفق رؤاه الشوفينية والطائفية، وكل هذا نتيجة ضعف صياغة بعض مواد الدستور العراقي الذي أبرمته قوى الحكم المستعجلة على نهب العراق وتقسيمه إلى كانتونات تحت واجهة الفدرالية ..!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |