كيف يتحول الانسان الى طاغية متجبر

 المنافسة بين القوى التي تحكم الجماهير

تحتاج المجتمعات عادة الى ادارة تحكمها وتدير شؤونها،  لذا تتحرك الجماعات للامساك بزمام الامور وتبادر هذه الجماعات الى تنظيم حياة المجتمع لتضمن سعادة المجتمع وتحقيق اهدافه من العدل،  ودرء الاخطار التي تهدد استقرار المجتمع.. ومن الطبيعي ان يدور الصراع داخل حلقات ذلك المجتمع الذي يتزاحم على قيادة المجتمع ، وهنا ياخذ الصراع شكله التقليدي، ذلك الصراع بين الحق والباطل حيث تحاول الجماعات الفاسدة ان تقود المجتمع لتحقق اغراضها الشخصية ومنافعها الذاتية بينما تقود الجماعات الصالحة الدور الساند لحركة الحق والعدل وتحاول ان تدفع المفاسد وتدافع عن الحالة العامة التي تحقق السلم والعدل والسعادة الحقيقية." وقال الملا من قوم فرعون اتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك والهتك قال سنقتل ابناءهم ونستحيي نساءهم وانا فوقهم قاهرون " سورة 7 الاعراف الاية 127.

 

العجب بالنفس

وعادة مايميز القادة الاكفاء مؤهلات تؤهلهم لقيادة المجتمع ومن هذه المميزات حالة نكران الذات وفناءها في سبيل القيم والمبادئ العليا التي تحقق سعادة المجتمع البشري، وهؤلاء القادة عادة مايحققون احلام شعوبهم لانهم يعبرون عن امالهم وطموحاتهم المشروعة،  في حين تفكر الطبقة المنتفعة بما يعزز من قواعدها الفاسدة  ويحقق رضا نفسها وغرورها." ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون الى فرعون وملئه باياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين " سورة 10 يونس الاية 75.

 

الغنى والثروة

وغالبا ماتسعى النفوس المريضة والتائهة لتحقيق اعلى مستوى من الطموح الشخصي وتعمير الدنيا بما يحقق حاجتها للشعور بالكبر والغنى لذلك فهم يتجهون لبناء القصور وزيادة الممتلكات ويسعون الى تراكم المال والثروة التي تحقق لهم اطول فترة من الاستقرار والاستمرار في الحكم والسلطة." وقال موسى ربنا انك اتيت فرعون وملاه زينة واموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم " سورة 10 يونس الاية 88.

 

الشعور بالقوة والعظمة

الرغبة بالتملك والهيمنة والاحساس بالقوة عادة ماتدفع الى الشعور بالعظمة بسبب الجهل وعدم التفاعل الايجابي مع عناصر المجتمع، وبسبب التربية  الخاطئة داخل الاسرة وداخل المجتمع، وعدم الرغبة بالانتماء الى الجماعة والمجتمع،  والرغبة بالتفرد والانفراد، وبنمو النزعة الفردية وهو كافي  للاندفاع الى لطغيان والتجبر." اذهب الى فرعون انه طغى " سورة 20 الاية 24.

 

الغوض في الباطل

يبتدئ الانتماء الى حاضنة الباطل من العيش في الاجواء غير الطاهرة التي تغذي روح العدوان  والحقد واللؤم،  فتتقوى شجرة المعاصي بحيث تنغمس النفس في عالم الشهوات وعمل المنكرات وغالبا مايسوق هذا الطريق الى الجريمة والخروج عن انتهاج الطريق السوي والسير في طريق مخالفة القانون الاجتماعي." قوم فرعون الا يتقون " سورة 26 الشعراء الاية 11.

 

الشعور بالتمايز

وعندما يشعر المتجبر ان المكان له والزمان له فانه ينتفض لتكسير جميع العوائق والموانع التي تقف في طريقه ويندفع الى محاولة تفريق الجماعات ومراكز القوى التي تحول دون سيطرته الكاملة على مقاليد ادارة الصراع." ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحيي نساءهم انه كان من المفسدين " سورة 28 القصص الاية 2.

 

الشعور بالتفرد

الشعور بالقوة والمنزلة والامكانية يدفع الطاغي الى  الغاء وجود القوى الاخرى الفاعلة في المجتمع،  واعلان الحرب عليها،  وتكذيب قادتها وتصديق المنهج الفردي والنزعة التحكمية ليدور الصراع وتزهق على اثرها النفوس وتنتهك الاعراض ويستباح المال العام والخاص. " وقال فرعون يا ايها الملا ما علمت لكم من اله غيري فاوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي اطلع الى اله موسى واني لاظنه من الكاذبين " سورة 28 القصص الاية 38.

 

الشعور بالقدرة

رغم ان الانسان يبتدء من نطفة وينتهي الى الجيفة..  وبالمقياس العلمي يبتدئ من عالم الذر الالكتروني الذي لايرى بالعين المجردة فانه ينمو وتنمو قوته وفي حالة الصحة والقوة فانه يشعر بقوته، وبعدما يتدرج في نموه الاجتماعي فانه تدريجيا يشعر بالقدرة في التحكم بالمصالح والافراد ويتصور انه يرى مايرى بعين لاتراه بقية الاعين،  ويعتقد بانه الاصلح لقيادة المجتمع،  والاولى يتوجيه الناس مخفيا تطلعاته ورغباته المكبوتة  ويتصرف كانه المرشد الى مصالحهم ومنافعهم ولكنه يتصرف بالضد من سلوك طريق تحقيق تلك المنافع والمصالح المزعومة." يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الارض فمن ينصرنا من باس الله ان جاءنا قال فرعون ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد " سورة 40 غافر الاية 29.

 

الشعور بالملكية والسلطة

ان تراكم المال ونموه بشكل غير طبيعي وغير شرعي وقانوني واستخدام القوة لسلب السلطة من المجتمع للاستئثار بكليهما يشكل خطرا كبيرا وتهديدا لحياة المجتمع وتعريضه الى النكسات والنكبات والويلات والدمار وعلى كافة المستويات الادارية والتشريعية والتنفيذية." ونادى فرعون في قومه قال يا قوم اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي افلا تبصرون " سورة 43 الزخرف الاية 51.

 

الاستعلاء وعدم قبول الراي الاخر

يرسل الله الانبياء والرسل مستمدين القوة والقدرة والتاييد من صاحب القوة والقدرة العظمى للخالق العظيم مسددين ومؤيدين من قبل الله سبحانه وتعالى وبوسائل متعددة منها اسناد الملائكة ومنها القدرات الذاتية التي يتزودوا بها من قبل الله سبحانه وتعالى في الوقت الذي يمتلك فيه المتجبر عناصر القوة من قواه الذاتية  والقوة الاجتماعية التي تتبعه وتخضع له بسبب تحكمه وتهديده لمصالحهم وحياتهم وبالنتيجة فان دائرة الصراع ستكون بين قوة حقيقة عادلة وقوة زائفة ظالمة مالها الفشل والزوال." فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا " سورة 73 المزمل الاية 16.