الفساد الأداري في العراق ... الوجه الآخر للأرهاب

 

 

د. أحمد عبدالله

sultan_10002003@yahoo.co.uk

لاشك أن الحكومة العراقية قد تمكنت من تحقيق نجاحات ملحوظة في مجال دحر الأعمال الأرهابية التي أزدهرت بعد سقوط النظام البعثي الصدامي المنقرض. ولم يحصل ذلك دون بذل جهود مضنية وتضحيات جسام وتحمّل المواطنين العراقيين مسؤولية كبيرة أزاء تحقيق مثل هذا الأمر. وأذا كان الأرهاب بكل خطورته يمثل الجانب المظلم الأساسي في عملية تدمير البلاد فأن الفساد الأداري والمالي المستشري في دوائر الدولة يمثل الجانب الآخر الخطير جدا الذي يجلل العراق بظلمة حالكة ويحرم الفقير من لقمة هنيئة وراحة بال وأطمئنان.

لقد غدا العراقيون اليوم أكثر وعيا بمجريات الأمور في داخل بلادهم وفيما يجري حواليهم من تدخلات من دول الجوار العراقي المجرمة بحقهم وغيرها من الدول القريبة والبعيدة الحاقدة والطامعة. ولعل من أهم منجزات السيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في نهاية عام 2007 أعلانه الصريح أن عام 2008 سيكون عام استئصال الفساد من جذوره من العراق، وهو تصريح اثار الأرتياح في نفوس المواطنين العراقيين المحرومين. أن مايدعو للأسى والأسف الشديدين أن يلاحظ المواطن العادي بأم العين أستغلال مسؤولين كبار (وزراء ووكلاء وزراء وأعضاء مجلس نواب ومحافظين ومدراء عامين ومن هم أقل منهم) مناصبهم لملء جيوبهم بالسحت الحرام والتمتع بخيرات الناس خلافا لأوامر الباري جلّت قدرته وبعيدا عن الضمير الأنساني والحس الوطني. فهل يعقل أن لاتعرف الحكومة بأجهزتها الأمنية والمخابراتية وأجهزة النزاهة ودوائر المفتش العام بشراء العقارات الفخمة وتكديس الأرصدة في داخل العراق وخارجه؟! لماذا تتم عمليات أصدار الوثائق (المزورة) من دوائر الدولة الحساسة لقاء مبالغ بالدولار دون حساب وعقاب شديدين؟ لماذا يظهر الثراء الفاحش على المسؤولين البارزين ، بأشكالهم كافة، بعد فترة وجيزة من تسنم مناصبهم التي لايستحقونها في العديد من الأمثلة التي يلاحظها الناس بسهولة؟!وهل تدري الدولة بما يجري من صفقات مشبوهة وراء الكواليس (أبطالها) البعض من أعضاء مجالس المحافظات وأعضاء الأحزاب الدينية خاصة الذين تبؤوا مناصب لايستحقونها أبدا!! وهل يعلم الأخوة في لجنة النزاهة عن عمليات تهريب النفط ومشتقاته المتواصلة في البصرة بمشاركة أطراف مؤثرة في السلطة؟!

الأمثلة لاحصر لها والأمر يقتضي تدخل أجهزة الدولة التنفيذية بكل ثقلها دون أبطاء فالمفسدون المتأصلون يتفننون بحلب المال العام دون مبالاة، والأجرام داخل النفوس وصل حدا يستلزم الضرب بيد من حديد دون رحمة لأحقاق الحق وأعادة المال لمستحقيه الحقيقيين وأيداع أولئك الأرهابيين الحقيقيين المنحرفين السجون التي يستحقونها. وأذا ارادت الدولة أن تحقق خطوات أيجابية ملموسة مباركة فلابد من تطبيق القانون على كل من تمتد يده الآثمة الى المال العام (مال العراقيين جميعا) بصرف النظر عن صفته الحزبية والوظيفية والدينية!

وأذا كانت الجهود الأمنية قد أثمرت عن بروز شخصيات وطنية يشار اليها بالبنان (الفريق أول الركن عبود كنبر واللواء الركن عبدالجليل خلف قائد شرطة البصرة) فأننا نتطلع الى بروز أسماء بارزة في عالم مكافحة الفساد. ولنا في الدكتور برهم صالح والسيد رئيس لجنة النزاهة الأسوة الحسنة والأمل المنشود لرسم البسمة على شفاه الفقراء والمحرومين!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com