|
يتصف الجبليون بصفات تميزهم عن غيرهم، وقد يكون للبيئة الجبلية تأثير واضح فيها، وهي كونهم محاربين اشداء، وتجار نشطاء، وقوميين متعصبين الى حد الغلاظة. والاخوة الاكراد كونهم جبليون لايمكن استثنائهم من هذه القاعدة. ان الذي يهمنا نحن التركمان من هذه الصفات هي الصفة الثاثة من دون ان ننسى ان نشير الى الصفة الثانية، غير اني في هذه المقالة أود التطرق الى غلظة الخطاب السياسي القومي الكردي وتعصبه الاعمى سواء تحقق على مستوى الفرد العادي أو على مستوى المؤسسات سياسية كانت أم غير سياسية. فعلى مستوى الفرد العادي مثلا، عندما تسأل الكردي الذي ينتقل للعيش لوحده مع اسرته في زقاق غير كردي (تركماني أو غير تركماني) عن اهل ذلك الزقاق لايتردد بالقول بأن الحي كردي! وعندما يحتوي حي ما (تركماني أو غير تركماني) على زقاق كردي، فتسأل اي واحد من سكنة ذلك الزقاق عن اهل الحي، فلا يتردد للحظة في الجواب بأن الحي كله كردي! وعندما يحتوي مدينة ما (ايضا قومية تركمانية أو غير تركمانية) على حي واحد أو عدة احياء كردية، وتسأل اي أحد من سكنة ذلك الحي الكردي عن المدينة التي يسكن فيها يجيبك بشكل تلقائي ان المدينة كردية خالصة! انني اتساءل من منا يستطيع ان يدعي هذه الادعاءات الذي كتبتها؟ فلكي تدعي هذه الادعاءات يستلزم ان تكون فظا غليظا، لاتأبه لمشاعر الغير! ان هذا المنحى في السلوك على مستوى الافراد والنابع من الغلظة أو ربما الجهل سرعان مأ انقلب الى ثقافة قومية وجدت في المؤسسات الحزبية الكردية وغير الحزبية من يشجعها ويرعاها ويتبناها ويستفيد من تأثيراتها، سواء في استخدامها وسيلة بارعة لللاستفزاز كجزء مهم من وسائل الحرب النفسية وممارسة الضغط النفسي، او استخدامها وسيلة مربحة في الاعلام الايجابي الذي يمارس خصيصا خارج المناطق الكردية أو مع الاجانب بغية غرز افكار خاطئة أو ناقصة عن مناطق تواجد الاكراد أو مع تعداد نفوسهم الذي يجري تهويله بنفس الاسلوب الذي ذكرته. ان تحول هذا المنحى في التفكير الفردي الى ثقافة قومية ( ثقافة التهويل وانكار وجود الاخرين، وعدم الاكتراث لجرح مشاعرهم) تلقي بضلالها على تشكيل السياسة الخارجية لمجتمع ما سوف لن يجلب لذلك المجتمع أو تلك القومية غير المشاكل السياسية، وفقدان التعاطف المحلي أو الاقليمي أو الدولي . وقد لاحظنا في الفترات الاخيرة كيف ان خطابا سياسيا فظ المحتوى والاهداف يسبب مشاكل عميقة للشعب الكردي مما يستدعي من كادر مخصص ومدرب على الاعتدال للهرع بسرعة لتخفيف اثر تلك التصريحات واجراء عمليات الجراحة التجميلية اللازمة لها، للمعرفة القبلية بمضار اقحام الغلظة والخشونة والفضاضة الى محتوى الخطاب السياسي. انني اريد ان اورد في مقالتي هذه مثالا بسيطا واضحا لهذا الاسلوب الفردي الذي تسرب للعمل السياسي، واخذ ابعادا واشكالا متعددة منها الاصرار الغريب والعجيب على مبدأ "انا الوحيد الذي اقرر، وانا الذي انفذ ما اعتقد، وما على العالم الا ان يصفق لي، واذا لم يفعل ذلك فهو غير متحضر وغير ديمقراطي" فقد تطرق السيد سردار هركي عضو برلمان ما يسمى بالبرلمان الكردي في اربيل في لقاء تلفزيوني اجرته فضائية الحرة معه، فقال وبدون تردد في تهديد مبطن للحكومة المركزية " كان بأمكاننا السيطرة على مدينة كركوك بالقوة ابان الاحتلال الامريكي!". وفي سياق اخر توجه السيد سردار هركي الى السيد علي مهدي صادق مخاطبا اياه فقال: "من فوضك ان تتكلم بلسان الشعب التركماني؟ فهنالك عدة احزاب تركمانية وهم معنا!" وانا بدوري اخاطب سيادته فأقول : مادمت تتحدث عن التفويض،فأولا: السيد علي مهدي صادق مخول بان يتكلم عن لسان الشعب التركماني في هذا الموضوع بالذات لانه احد اعضاء مجلس مدينة كركوك والذي انتخب من قبل الشعب التركماني و هو في الوقت نفسه نائب رئيس حزب من الاحزب التركمانية الوطنية الا وهو حزب توركمن ايلي. اما ثانيا: اخي العزيز ان السيد علي مهدي من ابناء كركوك الاصلاء، لذلك له الحق كل الحق ان يتكلم باسم شعبه واهل مدينته التركمانية بشأن تطبيق المادة 140 أوغيرها من المواضيع التي تهم الشعب التركماني، وهذا الحق هو مصدر تفويضه. اني اسألك ايضا، انك من العشائر الهركية ذات التاريخ الاسود المعروف بعدائها لقضايا الشعب الكردي، ومذابحها التي اقترفتها تحت اسم افواج الدفاع الوطني بحق العزل من القرويين الاكراد وبحق مناضلي البيشمركة! فمن اعطاك الحق، ومن فوضك لكي تتكلم عن كركوك وانت تقيم على بعد مئات الكيلو مترات عنها، وقد لا تكون شاهدتها في حياتك؟ اذن لا حق لك ان تتكلم عن قضية كركوك، فكركوك تعود لاهالي كركوك، وهم فقط لهم الحق في الحديث عنها! اما ان تبدي رأيا فذلك حق مصون لكل مواطن عراقي من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال. لقد كان المفروض بك ان تترك هذا النقاش الحار ليجري بين تركمان واكراد كركوك فاكثرية الاكراد في كركوك يريدون الاستقلال بأقليم خاص ويرفضون كالتركمان الانضمام الى غيره، واني على يقين انهم لم يفوضوا شخصا لم يغسل يده بعد من دماء الابرياء من الشعب الكردي ليتحدث بأسمهم . اني اخاطب السيد سردار هركي ومن يؤمن بهذه الفكرة الشوفينية المتعجرفة، والتي تقطر غلظة وفضاضة، والمبنية على انكار الاخرين، ومحاولة اللجوء الى استعمال القوة للسيطرة على كركوك، فأقول : لتعلم جيدا وليعلم من يؤيدك ويقف وراءك ان مجزرة كركوك سنة 1959 جرت في غفلة من الزمان لن تكرر، لاننا سنقاوم هذه المرة بالغالي والنفيس وبأخر قطرة من دماءنا للحفاظ على محافظتنا التركمانية، والتي ستبقى تركمانية الى الابد. لقد كنا جميعا نتوقع من الاخوة الاكراد بعد سقوط نظام الطاغية والذين عانوا ماعانيناه من الظلم والتعسف ان يستنتجوا العبر من ماسي الماضي، فينبري منهم جيل، أو فئة ينبذون الخيالات والاساطير التي لاتجلب للشعوب غير الدمار والتخلف والالام ( وحسبنا جميعا ما حدث للعراق نتيجة اللهاث وراء الاوهام والمشاريع القومية الشوفينية) ليمهدوا السبيل الى ارضية عادلة يتم فيها نصب طاولة المحاورات لبدء حوار بناء تحت شعار كركوك تركمانية، وان تكون الادارة فيها مشتركة، بين اهالي كركوك الاصلاء وليس من قدم من خارج محافظة كركوك. انني اعتقد ان تطبيق فكرة كهذه ستخدم مصالح الشعب التركماني والعرب والاكراد والاشوريون في كركوك بشكل خاص والعراق بشكل عام .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |