|
واخيرا تنفس العراقيون الصعداء بعد ان دكوا اوكار خفافيش الظلام وجففوا معظم البرك التي يسبحون فيها، وهذا ما انعكس على تحسن الوضع الامني وبين قدرة القوى الامنية في مجابهة اعداء العراق، فان اختفاء ظاهرة الجثث المجهولة والسيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة وانحسارها في جيوب محددة وتحت الضوء، فمن الدلالات الكبيرة والواضحة التي تسهم في حلحلة التراكمات وتذوب الجليد هو ترسيخ مفهوم المواطنة، والتمسك بالانجازات التاريخية واعتماد الكفاءات الوطنية وهيكلتها على اسس مهنية وهذا هو المعيار الصحيح في بناء تجربة رائدة، لذا فان هذا المركب البنيوي يجب ان يستند الى مناهج تحليلية وتركيبية قادرة على اعادة قراءة وانتاج البنى والمشاريع وترجمتها الى طاقة وهمة وتصميم وطني ينفي حالات الاسترخاء واللامسؤولية، ويتحول الى ارادة عراقية حرة متمردة على أي رضوخ او انحناء او استسلام لماضي الكوارث، وينتقل الى فضاءات حيوية من الحريات القادرة على التعبير والمشاركة في صنع القرار والموقف والمصير، وخير مثال لذلك تبني مرجعية الامام السيستاني دعم الاستحقاق الوطني الذي له تماس بواقع المواطن وتطلعاته، وبحسب رؤيتنا هي رسائل ودلالات وطنية تجسد مواقف لما لها من دور ريادي في البناء الانساني الذي يتماهى بشكل منظم ومتناسق مع مختلف عوامل التقدم والرقي والتحرك برؤية شمولية لبناء الذات واقرار وجودها برمته. اما فيما يتعلق ببوصلة التوظيف للمضامين البنيوية للنيابة والافتاء، فان المعادلة اشد خطورة وعمقا من مجرد الاختلاف المصطلحي وتحييده لتمرير اجندات معينة، فالتجاذب الكائن هو تجاذب حول مكامن واسس وثوابت اعتمدت دراسات معمقة لما لها من دواعي توخي الدقة والموضوعية لكي تقوم عليها الامة، وهنا يكمن الصراع الهزيل والتباين بين ساحتين فكرية وأخرى قيمية، وهنا ارى نفسي مضطراً الى الاشارة بأن هذه المعضلة سوف لن تجد قاعدة معرفية تستطيع حل العقد البنيوية والتعاطي الحضاري المجتمعي. وغير بعيد عن الساحة العراقية، فإن المستقبل القريب سيكشف عن تعزيز التحالف الرباعي الى خماسي او اكثر وفق رؤية وطنية تعالج الكيفية التي تلتئم من خلالها القوى الوطنية التي آمنت بالتغيير واتخذت قرارها وحسمت أمرها بالتقدم بتوسيع دائرة المشاركة في صنع القرار، وبالتالي تحديد الاولويات ضمن خطط استراتيجية طموحة ممزوجة بارادة تدمج العراق بالمنظومة الدولية، فمن الخطأ الاعتقاد بان المصالح تتشابك عبر الاتصالات السياسية فقط، بل هنالك الاقتصاد والثقافة، وحوار الحضارات، فحينما قررنا ان ينفتح العراق على العالم للاستفادة من الخبرات الدولية لاحداث تغيرات على خارطة المسارات القهرية التي تتغذى بدعم من بعض الدول التي تدعى انها صديقة وللاسف التي عملت جاهدة في استمرار تدفق الزمر الارهابية لبلدنا فضلاً عن عرقلتها المشاريع التي نعتقد أنها تنهض بالواقع العراقي نحو الرفاهية والعمران، وتدعم الحفاظ على المكاسب الامنية التي تحققت، اذ ان الارادة العراقية اسقطت الكثير من الرهانات الداخلية والخارجية وصمدت رغم قسوة الظروف التي احاطت بها، كما عملت بشكل تكاملي لتوظيف البعد الجماهيري بكل عناوينه ونقله الى الواقع الوطني الحداثوي لضمان القواعد المساواتية للمواطن العراقي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |