|
الحرية والديموقراطية ...في العراق ...!! (4) والأخير
هادي فريد التكريتي/ عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد كل مؤسسة من مؤسسات الحكم في العراق، لها فهمها الخاص لمحتوى" الحرية والديموقراطية " فالمجلس النيابي ـ الذي انتخبه المواطنون العراقيون، تحت طائلة التهديد بالقتل والتفجير والتفخيخ، من قبل قوى الإرهاب المختلفة ـ غير مكترث لما يعانيه الشعب العراقي من أوضاع، أمنية متردية، ومعاشية مزرية، ومآسي وأحزان القتل والتهجير، التي طالت طوائف مختلف الأديان والمذاهب العراقية، فمعالجة مثل هذه الملفات، قد غابت عن اغلب جلسات ومحاضر مجلس النواب، وحتى اللحظة، لأنها بالنسبة لمثل هذا النموذج من "نواب الشعب " غير مهمة، لذا حلت بدلها جلسات " ديموقراطية " تحققت فيها مبادئ الوفاق والاتفاق، وتلاشت فيها كل خلافاتهم القومية والطائفية، فتصويتهم كان بإجماع أصواتهم، لسن تشريعات أقروها، ُتقرُ حقوقا وامتيازات تخصهم، ضمنت لهم ولعوائلهم حقوقا خيالية، ومنحتهم عقارات ومكافآت ورواتب، وأمورا أخرى، غير قابلة للنقض أو المساءلة، ونصت على توريث هذه الحقوق " القانونية" لورثتهم، ومنحتهم ـ للورثة ـ حصانة دبلوماسية، تحميهم من المسائلة لاحقا وتحول دون إمكانية الطعن بها مستقبلا أو ردها، فـما توفر لهم من أجواء لـ "حرية " التشريع، َضِمن لهم حقوقا وامتيازات مفرطة في تنوعها وكثرتها، لم تتوفر لأمثالهم من أعضاء " المجلس الوطني " البعثي، المتهمون بتمتعهم بامتيازات وحقوق لا مثيل لها، فلو صدقت الدعوى لما استبدلها، نوابنا الغيارى بغيرها، ليحصلوا على حقوق وامتيازات مفرطة في الكرم، فاقت في كرمها كل ما ناله أمثالهم، من دول "الموز " وجمهورياته، التي اشتهر حكامها بنهب الثروات ومصادرة حقوق غيرهم ...! أغلب أعضاء المجلس النيابي، بما فيهم الرئيس ونائباه، عطلوا، ولا زالوا يعطلون،التئام المجلس، لمحاسبة المقصرين، ومساءلة وزراء الحكم عن تردي الخدمات، وفقدان الأمن، وفساد الأجهزة، كما لازالوا يعرقلون إقرار وتشريع القوانين المهمة المعروضة أمام مجلسهم، والشعب العراقي بأمس الحاجة لها، فالرئيس لا يمتلك من مؤهلات تؤهله لقيادة مثل هذه المؤسسة التشريعية المهمة، وكثيرا ما كانت مداخلاته غير واعية، ومثيرة للمشاعر، فإدارته للجلسات السيئة، تسببت بالإخلال في ضبط نظام المجلس، وتعطيل انعقاد جلساته بانتظام، فتصريحاته داخل المجلس وخارجه، غالبا ما ُتأزم الوضع السياسي، وتعرقل العمل، بين القوى السياسية في الداخل، وتربك الحكومة وأجهزة وزارة الخارجية وسفرائها خارج القطر، وعلى الرغم من شعور أغلب أعضاء المجلس وكتله، بالحاجة الملحة لتغييره، وتظافر جهود أكثر من كتلة سياسية وتوافقها على استبداله أو عزله، لتصحيح مسارات العمل داخل هذه المؤسسة المهمة، إلا أن الجهود لم تفلح بعزله، نتيجة إصرار كتلته على بقائه بمنصبه، مع علمهم بسوء إدارته، وضحالة فكره، فنظام الكوته أو المحاصصة المتبعة في تقاسم السلطة، سبب من أسباب تردي أوضاعنا السياسية والاجتماعية، وهذا المبدأ من أسوء المبادئ المعمول بها داخل سلطة الدولة ... الإنقسام القومي ـ العنصري، والديني الطائفي، الذي أقره ورسخه رئيس سلطة الاحتلال الأمريكي، سيئ الذكر بريمر، سن سابقة سيئة وفريدة في الدستورالعراقي، عندما أقر نظاما طائفيا لتقاسم السلطات، تجلياتها الأبرز كانت في السلطتين التنفيذية (الحكومة ) والتشريعية (المجلس النيابي)، وهذا ما عرقل، و يعرقل، عمل الأجهزة والمؤسسات التي يتولى أمرها وزراء يمثلون كتلا سياسية مختلفة، بعضها معارض أصلا، لكل توجهات الحكومة، والبعض الأخر، نتيجة لخلاف على مواقع سياسية أو مراكز أمنية، ترغب فيها هذه الكتلة أو تلك، كما حصل عندما قاطع عمل الحكومة الوزراء الطائفيون، الصدريون والفضيلة . القوميون من جبهة التوافق، مشاركون في السلطة ومعارضون لكل توجهات الحكومة، ووزراؤهم يقاطعون اجتماعات الحكومة، دون أن يتمكن رئيس الوزراء من استبدالهم أو استبدال غيرهم من المقاطعين . وفي مجلس النواب أيضا، شلل تام يؤثر على نشاطه، بسبب الغيابات وعدم اكتمال النصاب القانوني، فنواب جبهة التوافق وحلفاؤها يقاطعون اجتماعات المجلس لأسباب سياسية، ومطلبية صعبة التنفيذ، تلبية لدعوة كتلهم النيابية، والمتغيبون للراحة والاستجمام،أو لقضاء مصالحهم الخاصة، ولأسباب أخرى كثيرة ومختلفة.المقاطعة وعدم الحضور المتكرر، ُتستغل لعدم وجود ضوابط جادة تعالج مثل هذه الأمور، وليس هناك من مرجعية يركن لها للتعامل مع المتغيبين، بسبب سوء استخدام الحصانة التي يحتمون بها من المسائلة، كما هو حاصل لأكثر من مئة نائب يؤدون مشاعر دينهم !! عدم اكتمال النصاب القانوني،حال دون إقرار الكثير من مشاريع القوانين المعطلة، التي لها مساس كبير بحياة الشعب، الأمنية والإقتصادية والسياسية، النواب المتغيبون والمقاطعون، المعطلون لنصابه، على حد سواء يتمتعون بكامل امتيازاتهم ولا يمكن المساس بها، نتيجة لضعف في مركز إدارة الجلسات، وعدم تطبيق مواد النظام الداخلي، إن كان يحتوي على معالجة هذا الواقع ...، كل هؤلاء، من الوزراء والنواب، المعطلون لسير العمل في مؤسساتهم، أساؤا، ويسيئون لناخبيهم وللشعب ولكتلهم السياسية، لعدم شعورهم بمسؤولية الواجب والضمير، معرضين مصلحة الشعب والوطن للخطر، فالقصور في التشريع، وعدم وجود ضوابط لمحاسبة المقصرين والمسيئين عن عمد وسبق إصرار، كلها من أسباب فساد الحكم، وتدهور قيم وأخلاق غالبية أعضاء مؤسسات الدولة، والقاعدة الفقهية تقول :" من أمن العقاب أساء الأدب " ...! فـ " الحرية والديموقراطية " لمن يخدم المجتمع ويسعى للحفاظ على مصالحه، وليس لمثل نواب ووزراء شعبنا "البواسل"، لتحقيق مغانم وامتيازات لا حق لهم بها، ولا يستحقونها ..؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |