|
أذا كانت الأوضاع الماساوية في العراق قد ساعدت على بروز ظاهرة الفساد الأداري والمالي على السطح بعد أنهيار النظام الصدامي في عام 2003 فأن هذه الظاهرة كانت جزءا لايتجزأ من الوضع العراقي اليومي طيلة العقود الماضية. غير أن السنين الأربع المنصرمة أثبتت بما لايقبل الشك ضلوع أعداد غير قليلة من المسؤولين في الدولة، ومن مختلف المستويات، بأعمال فساد أجرامية مكشوفة أضرت الى حد كبير بالناس والأقتصاد على حد سواء وأساءت الى سمعة الدولة العراقية الى حد كبير. أما مظاهر ذلك الفساد فتتجلى بالأموال المودعة في مصارف دول الجوار وشراء الشقق والفلل الفاخرة وشراء السفن التي (تمخر) اليوم بين دبي والبصرة فضلا عن أمتلاك ثروات كبيرة لاتخفى على عين المراقب داخل العراق. أن سعي الدولة الحثيث لمحاربة الوجه الآخر للأرهاب (الفساد) يقتضي المتابعة الدقيقة والرصد اليومي المكثف والضرب بيد من حديد على الرؤوس العفنة. ثم أن أستشراء هذه الظاهرة بشكل رهيب يثبت بما لايقبل الشك مدى فشل نظام الحكم اللامركزي في العراق في هذه الفترة ومدى فشل النظام الفيدرالي أن تم التصويت عليه قبل خمس سنوات في الأقل من اليوم ، وهو مايجب أن ينتبه اليه العراقيون بكل أطيافهم. ولأن الفساد بشقيه المالي والأداري قد وصل حد النخاع فأننا نقترح قيام الدولة بتنفيذ الأجراءات الآتي ذكرها لضمان بلوغ نتائج أيجابية ملموسة. · قيام رئاسة الوزراء بأصدار (تعميم) الى سائر الوزارات والدوائر الحكومية والأهلية يبين بشكل لالبس فيه سياسة الدولة الجديدة في عام 2008 أزاء أستئصال الفساد والمفسدين والأجراءات القانونية المتخذة بحق الخارجين عن طريق الصواب. · الأيعاز الى شبكات الأعلام الحكومية من فضائيات وصحافة ومجلات وغيرها للتثقيف حول الأمر ونشر الوعي بشكل مكثف ومدروس. كما يمكن أصدار ملصقات أعلامية وكتيبات توزع على الناس في الشوارع والمقاهى وحتى البيوت فضلا عن التمثيليات التلفزيونية الهادفة بمشاركة كبار الممثلين العراقيين. · الضغط الجدي والمتواصل على كبار مسؤولي الدولة سابقا وحاليا لبيان ممتلكاتهم وثرواتهم بدقة وتحمل التبعات القانونية في حال ثبوت عكس ذلك وعدم محاباة أحد لقرابته من المسؤولين الكبار او أنتماءه الى أحد الأحزاب المتنفذة، مثلما هو حال الأمور اليوم، فهذا أحد الأسباب التي أودت بحكومة البعث وألقتها الى مزبلة التاريخ. · ضرورة قيام مفوضية النزاهة بمتابعة ماتقوم به مجالس المحافظات من عمليات (أعمار) والكثير منها في الواقع لايعدو كونه أكثر من ضحك على الذقون حيث يرى الناس بأم العين مدى سوء الأعمال المنجزة الأمر الذي يؤكد سرقة الأموال نهارا جهارا. لابد أذن من منح صلاحيات واسعة وقوية لهذه المفوضية واللجان الرقابية المركزية التي لابد أن تعمل جنبا الى جنب مع مجالس المحافظات. · العمل بكل جد على مفاتحة دول الجوار وغيرها بشأن أموال العراقيين المودعة لديها للأستدلال فيما أذا كانت تلك الأموال أو العقارات مسجلة بأسم مسؤولين عراقيين أو أفراد عوائلهم وأتخاذ الأجراءات القانونية الموجبة بحق السراق والمفسدين. اليوم يسأل أبناء الشعب العراقي: الى متى تستمر هذه الماساة اليومية؟ فهل نظل هكذا دون كهرباء (والتي حلها صدام عام 1991 بفترة شهر واحد!!) وهل يظل نفط البصرة يتدفق بغزارة الى أيران وغيرها على ايدي مجرمين من الأفندية والمعممين وحتى ضباط من الجيش والشرطة دون تصدي حازم وضرب موجع؟ الى متى يظل المحرومون العراقيون والنساء الثكالى والأرامل والأيتام يكابدون شظف العيش فيما ينعم كبار مسؤولي الدولة وأعضاء مجلس النواب بالملايين دون أستحقاق؟! أنها محنة عظيمة ومأساة جسيمة تقتضي تدخل اصحاب المروءة والنفوس الخيرة لأزالة جزء من الغمام الكالح المخيم منذ سنوات على ربوع أرض الرافدين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |