|
هناك حقيقة لابد من ذكرها كي تترسخ في ذهن القراء والشارع العراقي بشكل خاص، والشارع العربي بشكل عام وهي أن لولا وجود المقاومة العراقية وصمودها لكان الجندي الأميركي يصول ويجول في العواصم العربية وحتى بعض العواصم الإسلامية، وأولها العواصم التي تجاور العراق، ولأستطاع الجندي الأميركي من فتح عشرات السجون وعلى نمط سجن أبو غريب، ولقام بعشرات المجاز في الدول العربية على نمط مجزرة حديثة والفلوجة والعبيدي والكوفة والزركّة ، ولأغتصب المئات بل الآلاف من العربيات وعلى نمط اغتصاب الغالية عبير ، ولكن بفضل صمود المقاومة العراقية رُكنت المشاريع التفتيتية والكانتونية والتخريبية والثقافية والدينية والتربوية لأن الهجمة الشرسة لم تكن من أجل النفط فقط، لأن النفط كان بيد الولايات المتحدة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . ولكن الهجمة من أجل إستراتيجيات ثقافية و دينية وحضارية يحركها الخوف من الإسلام، وهو المرض الذي هم اخترعوه وحقنوا به الشارع الأميركي والأوربي، مثلما حقنوهما من قبل بالهوس من مرض الشيوعية أبان الإتحاد السوفيتي . علما أن ألإسلام سمو ورفعة وحصانة وليس مرضا أو فوبيا أو رعبا، وفيما لو تطرقنا إلى المسيئين والمجرمين فهم من جميع الأديان والجنسيات، وحتى لو جئنا إلى عملية الخلق نفسها فهي متساوية وبطريقة متشابهة، وهي لقاء بين رجل وأمراة ( باختلاف نوعية اللقاء من الناحية الشرعية وغير الشرعية) فيتولد حمل بتسعة أشهر ( هناك استثناءات في فترة الحمل ولكن النتيجة واحدة) فيتكون كائن حي، وهو الإنسان،ن وبالتالي ليست هناك أرحام مخصصة لتلد المجرمين، وأخرى مخصصة لتلد الملائكة، وحاشا الله تعالى أن يخلق الإجرام أو يخلق النجاسة في الأعمال، لأن النجاسة في الأعمال والأفعال تتحكم بها البيئة والنشأة والمكان والزمان، والأزمات العائلية والبيئية والاقتصادية والسياسية، وبالتالي هي موجودة في جميع المجتمعات والدول، أي أن الانحراف ليس داءا إسلاميا فقط ، أو مسيحيا فقط ،أو يهوديا فقط ،أو بوذيا فقط ، بل أن الانحراف والإجرام والنزعات العدوانية غير مقتصرة على دين معين وشعب معين. لذا يا سادتي أنكم تقومون بواجب ديني ووطني وأخلاقي كبير بحجمه وأهدافه ،ومهما كانت توجهاتكم سواء إسلامية أو علمانية أو وطنية بحته أو قومية وغير ذلك، فالهدف هو واحد وهو طرد المحتل والاحتلال، فهل يوجد عمل أشرف من ذلك؟ فلا نعتقد أن هناك عملا أشرف من أن تقاوم الذي يحتل بيتك وأرضك ووطنك ومزرعتك ومؤسستك ومعملك ،ويغتصب حرائر بلدك، وينهب ثروات وطنك. فنحن نعتقد أن هناك أعدادا كبيرة من العراقيين والعرب قد وهبها الله فرصة التقرب اليه من الأبواب الواسعة وليس بالضرورة أن يكون التقرب من خلال الموت والشهادة، بل من خلال الاستمرار في الحياة و المجتمع والعمل نحو الوحدة والبناء الإنساني والفكري والوطني، فكثير من الإخوة المجاهدين (المقاومين) قد مروا بحروب وأزمات ومفاصل ضيقة وخانقة، وكان الموت يحوم حولهم ويقترب إليهم ولكنهم لم يموتوا بل بقوا أحياء وقُدر لهم أن يبقوا أحياء إلى يومنا هذا فأصبحوا من المقاومين والمجاهدين ضد المحتل والاحتلال وبقناعة شخصية وذاتية وليس بأمر من القائد الفلاني والقيادة الفلانية أو بأمر الرئيس الفلاني. لذا هو قدر جديد، وهو قدر الاختيار من باب الحرية نحو التاريخ، فالتاريخ لن يغفل جهادكم ولا مواقفكم، لهذا فهنيئا لجميع المخلصين بعملهم وهو مقاومة الاحتلال، ونبذ الإرهاب العشوائي، ومعرفة ساحة المعركة والأهداف، ولا يؤمنون بإطلاق الرصاصة والقذيفة الطائشة. وبهذا هم سينالوا (إن شاء الله) رضا الله والتاريخ في الحياة والآخرة ،ولكن هكذا أعمال وهكذا خاتمة بحاجة الى أخلاق وتصرفات خاصة تليق بالروح والنوايا الجديدة، وفي مقدمة هذه الأخلاق هو السمو والتواضع، وعدم الوقوف عند الصغائر، وحب الخير ومساعدة المستضعفين والفقراء، والعمل على نبذ الفتنة والطائفية والمذهبية ونبذ التقسيمات المجتمعية والمناطقية والقبلية والجغرافية. فنتمنى من كل مقاوم، وهنا نقصد الطرف الذي يحمل السلاح، والمخطط العسكري والسياسي والإستخباري والإستراتيجي لهذا السلاح ومدياته وتحديد أهدافه أن يكون على دراية بما يدور حوله، ومن ثم على دراية بما يدور في الساحة العربية والإقليمية والدولية، وأن لايكون منغلقا على نفسه وهذا أولا. أما ثانيا فعليه أن يديم الاتصال بالأطراف الأخرى من المقاومة، وهي الأطراف الإعلامية، والدعائية، والسياسية ، والاجتماعية وبجميع فروعها لأن الرصاصة ولوحدها انتحار، ولا يمكن أن تدوم أن لم يكن بجوارها القلم، والحنجرة، والمال، والبرنامج السياسي، والقواعد الاجتماعية، وأدوات اللوجست الأخرى، أي كل طرف يكمل الطرف الأخرى، ولكن درع الشجاعة هو من حصة من يقاتل العدو والمحتل لأنه أشجع جميع الأطراف، ولكن خطر هذا الدرع هو عندما يشعر صاحبه أنه فوق الجميع، وأنه القائد الأوحد، وحينها يصاب بالغرور، وحينها يذهب ثواب الجهاد والثبات، ويزعل منه التاريخ الناصع، لهذا فيجب أن تكون المقاومة جامعة أخلاقية وإيمانية ووطنية بالدرجة الأولى. وننتقل إلى ركن آخر ومهم وهو (إياكم من الأشخاص و الأطراف التي يمدحها الاحتلال ويرضى عنها... والشخصيات والأطراف التي يُبرّزها الاحتلال ومؤسسات ودوائر الاحتلال، ويخلق منها رموزا ويصنع حولها هالات) وتهادنوا ومدّوا الجسور مع الأطراف التي يحاربها الاحتلال وأذناب الاحتلال، فتيقنّوا أنها أطرافا واعية، وتمتلك مناعة كافية من الوقوع في فخ المحتل وأذنابه ، وأنها أطراف نجحت بتشخيص الداء وهو المحتل وبتشخيص النزف وهم الأذناب (العملاء والخونة والسماسرة). وإياكم تصديق وسائل الإعلام إلا ضمن حيّز محدود، لأن الإعلام العربي إعلاما مفخخا وإعلاما يلوك ويشتر الحدث ولن يكون صانعا للحدث في يوم من الأيام، وأن هذا الإعلام وبنسبة 90% منه هو من أموال وكالة التنمية الأميركية والوكالات الغربية الأخرى، لهذا فعندما تُبرّز شخص أو مجموعة أو طرف فظنوا بأنه وبأنها معهم وبدرجة كبيرة، ولكن عندما تحارب وتعوّم وتغيّب شخص أو مجموعة أو طرف فأعلموا أنه شخص وطرف نظيف وأنها مجموعة نظيفة ولم تنجرف في مخططاته،م لهذا عليكم أن تضعوا بوصلتكم على وتيرة هذه الفلسفة المعادية والتي تحاصر الحق وتدعم الباطل، وتحاصر الحر وتدعم العبد، وتُسقط النزيه وتدعم الشاذ والمريض بجميع الأمراض الأخلاقية والاجتماعية، ولأن الحرب تحمل أهدافا دينية وأخلاقية وثقافية، أي أنها تحمل أهدافا تخريبية من أجل تشويه الإنسان العراقي والعربي.. لهذا فأن صمودكم هو الذي غيّر أجندة المحتل وأذنابه، وهو الذي جعلهم يتوسلون اللقاء والحوار والنقاش، ولكن هذه المرحلة هي الأخطر في عمل المقاومة، لأنها ولدت خوف ورعب في جانب العملاء وأذناب الاحتلال لأنهم يعرفون خاتمتهم في حالة هروب أو انسحاب المحتل. وبالتالي هم قدموا ويقدموا التنازلات تلو الأخرى من أجل بقاء المحتل، ومن أجل إدامة عمر الاحتلال، وبنفس الوقت هم الذين شاركوا بنسف الأمن في العراق كي يبقى المحتل والاحتلال ليطمأنوا، وعندما تيقنوا بأن عملية الهروب أو الانسحاب الأميركي ليست لها علاقة بالساحة العراقية وخصوصا في العام 2007 وبداية العام 2008 أي أن الأميركان قد ينسحبون دون النظر إلى الحالة الأمنية المتردية في العراق، لأن عملية الانسحاب أو الهروب لها علاقة باستحقاقات أميركية داخلية واقتصادية وسياسية وإستراتيجية فراح هؤلاء الأذناب فحسّنوا من الأمن ثم طرقوا الأبواب من أجل المصالحة والتنازل هنا وهناك .... وبنفس الوقت فأن هذه المرحلة التي يتوسل بها المحتل على الحوار واللقاء مع المقاومة قد فرز شخصيات و شرائح ومجموعات نفعية ( تجار الانتهازية والإدعاء) بأن لها علاقات مع المقاومة ، وأنها تمتلك رأي مؤثر عليها ولقد استلمت ملايين الدولارات وحصلت على امتيازات مختلفة من الولايات المتحدة، ومن الغرب، ومن عرب أميركا ولكن في نهاية المطاف تبيّنوا بأنهم وبنسبة 90% منهم يكذبون وأنهم انتهازيون وحتى وأن كانوا يمتلكون علاقات مع المقامة، فهي علاقات سطحية ومع مجموعات صغيرة وليست صاحبة قرار رئيسي. لهذا لجأ المحتل إلى تكتيك جديد، وهو حلق لافتات جديدة مثل ( الصحوات، والحركات والمجموعات القبلية، ومجموعات ثقافية مستقلة ) وفسح لها مجالا في الإعلام ،وفي الفضائيات وقدّم لها نخب من الشخصيات، ولكن الحقيقة هي تصب في أهداف محددة، وهي خلط الأوراق وسحب عدد من الشخصيات الحركات والأحزاب والجماعات المقاومة نحو هذه التشكيلات من أجل تلويثها ومعرفة كل شيء عنها... لهذا فنحذر من بروز الشخصيات والجماعات والحركات بشكل مفاجىء في وسائل الإعلام، وفي الساحة العراقية ويرجى الحذر المضاعف... فأن العزف على الوتر القبلي والوتر الوطني والوتر التوحيدي ليس دائما بريئا وصادقا ،بل قد يكون مفخخا وفي أغلب الأحيان. لهذا فلا بأس بالحوار، وحتى مع المحتل ، ولابأس باستمرار (شعرة معاوية) مع الجميع، وعلى جميع القيادات المقاومة والقيادات السياسية القريبة من المقاومة بشكل حقيقي عليها أن تضع في جيوبها شعرة معاوية وعلى الدوام، ولكن ليس الحوار المطلق ، وليس الحوار المنطبح، بل الحوار الحذر،ر فلا بأس من النزول من قمة الجبل ولكن ليس نحو الوادي، وليس نحو الأرض المنبسطة التي يتواجد بها المحتل وأذنابه، بل يكون الاستقرار على قمة التل، وإجبار من يريد الحوار والنقاش أن يصعد هو نحو التل، ونقصد به المحتل بالدرجة الأولى، فيكون النقاش على التل ،خصوصا وأن المقاوم قد تهيأ نفسيا وبايلوجيا على الوضع وهو سعيد وعلى أرضه وبين ناسه فهو تعود على جميع المتغيرات السياسية والمناخية، ومن ثم تعود على أكل رغيف الشعير مثلما كان متعودا على ( الهبيط والمفطّح) ولكن من يحس بالحرج والتعب النفسي والبايلوجي هم الأذناب و المحتل وهو يحمل على ظهره حملا ثقيلا ومقرفا، وهو الحمل المتمثل بالعملاء والخونة الذين ورطوا المحتل وأغرقوه في الوحل العراقي نتيجة فشلهم السياسي والأخلاقي والوطني والديني والمعرفي. لذا عليكم أن لا تصدقوا بكلام الأذناب (العملاء والجواسيس) والذين هم يحكمون بحراب المحتل، ونكرر لا تصدقونهم لأنهم غير قادرين على إعطاء شيء (ففاقد الشيء لا يعطيه) أنهم سبايا وعبيد، ولو جاء رقيب أميركي بإمكانه أن يبطحهم على الأرض من رئيسهم، حتى رئيس حكومتهم، حتى وزراءهم ورؤساء كتلهم وبرلمانيهم وأحزابهم، وهذه حقيقة وليست فرية. لذا فليكن الحوار مع المحتل ومن موقع القوة، أي الحوار مع من يدير العراق زورا، ومع من أعطى للعملاء صفة الحكومة وصفة الشرعية الباطلة، وحتى وأن جاءكم طرفا حكوميا ويريد التفاوض فقولوا له( إن استطعت زيارة ناحية التاجي أو سلمان باك، أو المشاهدة، أو الدورة أو البياع وبمفردك ودون حماية من المحتل، فحينها سنحترمك ونصدقك ونتحاور معك، بل سنقدم لك التنازلات) وحينها أسمعوا الجواب...!!! لهذا فالسجناء لا يملكون حق الشهادة، والتوقيع، والبت في الأمور، وممارسة إدارة معاملهم أو بيوتهم أو شركاتهم، وهذا عرف قانوني وشرعي وفي جميع دول العالم، فالسجين لا يحق له ممارسة دورة خارجه السجن، وبما أنهم سجناء المنطقة الخضراء، لهذا فهم لا يملكون شرعية ممارسة أي عمل خارج السجن الأخضر، وأن جاءوا وطلبوا اللقاء فحينها تطالبونهم بكتاب يؤيد مهمتهم وبتوقيع من سيدهم يخولهم به بالحوار معكم...... لأن الجارية لا يمكن أن تقوم بعمل من أجل القصر، ومن أجل سيدها إن لم تحمل تخويلا بهذا العمل أليس كذلك؟ إلى اللقاء في مواضيع أخرى وتصب في إنضاج فكر المقاومة العراقية
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |