محنة العراق المتواصلة

 

 

د. أحمد عبدالله

sultan_10002003@yahoo.co.uk

منذ أن ولّى النظام الصدامي الشمولي عام 2003 ماأنفك المواطن العراقي المسكين يستمع الى دعوات قوية تحث على أقامة حكم فيدرالي في العراق وأنشاء أقاليم وخاصة في الوسط والجنوب. وقد أقترن كل ذلك بدعم نشيط من الحزبين الكرديين الرئيسيين وبتشجيع من بلدان وأطراف أقليمية لاتريد الخير للعراق أبدا. وجاء كل ذلك مقترنا بالمقارنة مع دول أعتمدت النظام الفيدرالي ونجحت فيه مثل سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية والمانيا وغيرها.

لاشك أن عقد مثل هذه المقارنات غير المنصفة تعبّر عن كلام حق يراد به باطل، فدعاة الفيدرالية واللامركزية لم يتطرقوا الى المدى الثقافي الذي بلغته تلك البلدان والتقدم العلمي الرصين والكبير الذي تحقق فيها منذ عقود طويلة في وقت يلاحظ المراقب الحصيف أن الوضع العام في العراق اليوم يمثل مأساة حقيقية: فالكثير من منتسبي الأحزاب، والتي تدعي الدين بشكل خاص، هم من الأميين الحقيقيين، أما العديد من (القادة) الحزبيين والأداريين في الدولة فقد لجأوا الى التحايل والتزوير لتثبيت مواقعهم ومن ثم زجوا بعناصرهم (المتخلفة!) في أجهزة الشرطة بشكل خاص بعد منحهم الرتب العسكرية المجانية دون أدنى أستحقاق ودون الحد الأدنى من الحياء!!

واليوم يتساءل المواطنون في المناطق المحرومة، وخاصة مناطق الجنوب العراقي المنكوبة دوما: ماالذي عملته لنا (الحكومات) المحلية ومجالس المحافظات المنتخبة من أبناء المناطق ذاتها بعد التخلص من المحافظين والمسؤولين الكبار الذين كان يعينهم صدام من بغداد وتكريت وصلاح الدين والموصل وماجاورها؟ لاشيء سوى المزيد من تفاقم الفساد حد القرف والقتل حد البشاعة وأهمال المواطن المعوز حد الأجرام، الأمر الذي يدعو الى أن تشدد الدولة قبضتها المركزية وتضع ممثلين لها في مجالس المحافظات وعدم ترك الحبل سائبا هكذا والا فأن الأمور ستصل حد الأنفجار الأهلي مما ينذر بعواقب لاتحمد عقباها.

أننا نرى أن الألحاح في طرح النظام الفيدرالي في هذه الفترة بالذات يهدف الى تمزيق العراق والسعي لفصل الجنوب تمهيدا لألحاقه على نار هادئة بأيران! عليه يتعين على النخب العراقية المثقفة أن تتنبه للأمر الخطير هذا ومعهم عامة العراقيين والتصدي لهذا المخطط الأجرامي عبر الأنتخابات القادمة سواء تعلق الأمر بأنتخابات مجالس المحافظات أو الحكومة أو التصويت على أي أمر يحصل مستقبلا.

ليس أمام الحكومة أذن من خيار سوى أعادة النظر بشكل جذري بالكيفية التي تمت بها الأمور حتى الآن واللجوء الى السبل كافة للبحث عن عناصر وطنية وكفوءة مستقلة قدر الأمكان لأدارة أمور البلاد والا فسيظل العراق بؤرة سيئة الصيت للمفسدين المجرمين. كما أننا ندعو المراجع العظام في النجف الأشرف الى رفع أصواتهم وأستنكار مايجري اليوم من أستنزاف لثروات الشعب بهذا الشكل البشع.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com