|
لقد أُثيرت خلال الشهور الماضية الكثير من الكتابات والمناقشات والمناظرات في معظم الصحف العالمية المعروفة ووسائل الإعلام الأخرى حول الخلافات بين الحكومة العراقية الإتحادية (الفيدرالية/ المركزية)، وحكومة اقليم كردستان حول قانون النفط الإقليمي الذي صدر في آب/2007 ومسودة قانون النفط والغاز الإتحادي والتي لا تزال تحت المناقشة بين مجلسي النواب والوزراء الإتحاديين، وكذلك حول الخلاف الجاري بين الوزارة الإتحادية وحكومة اقليم كردستان للعدد الهائل من عقود المشاركة بالإنتاج والتي وقعتها حكومة الإقليم في الشهور الثلاث التي اعقبت صدور "قانون النفط والغاز الإقليمي". بضوء ذلك، رأيت ان من المفضل اعطاء القارئ صورة لما جرى ويجري حول هذا الموضوع الذي يمس العراقيين كلهم وبدون استثناء، وأن اتتطرق في سياق الدراسة الى السياسة النفطية الواجب اتخاذها – بنظري – في هذا المجال. إن هذه الدراسة ليست حول مسألة النفط العراقي بصورة عامة، ولو قد يتم التطرق الى ذلك في سياقها، وانما لموقف حكومة اقليم كردستان الحالية من مسألة النفط العراقي وبالأخص من قانون النفط والغاز. ليعذرني القارئ، اذ قد يرى رجوعي لبعض ما جاء بكتابي "ثلاثية النفط العراقي"، الذي صدر في تموز الماضي، وذلك بما يتعلق بموضوعنا اعلاه وخصوصاً توضيح الموقف "الدستوري" أو "القانوني"، والذي كثيراً ما يثيره ممثلوا حكومة اقليم كردستان وبرلمان الإقليم وبإستمرار، ويعرضون الموضوع كأن الدستور الحالي "واضح وصريح واعطاهم حق التصرف الكامل!!"، ويشيرون دائماً الى المواد (112 و115 و121)، وبالأحرى الى فقرات "مستقطعة" منها وكأن الدستور – على علاّته – لا يتضمن (وبصريح العبارة) نقيض ما يقولون. يلاحظ القارئ انني مع هذه الدراسة توسعت في موضوعين، في الفصل الأول، عرضت ماذا تم على الأرض لحد الآن من إحالات وعقود نفطية ونتائج هذه العقود، ليطلع القارئ على حجم العمل وعلى مداه المستقبلي وتأثيره على كل السياسة النفطية. اما في الفصل الثاني، فلقد توسعت في كيفية فهم حكومة اقليم كردستان وغيرهم للدستور والمواد القانونية الأخرى، والتي جعلتهم ينحون هذا المنحى البعيد عن مصالح الشعب العراقي، والقريب من الشركات الأجنبية، مقابل فهم الجانب الآخر وهم عديدون جداً – وفهم كاتب هذه السطور – من أن الدستور لا يعطي هذا الحق لو تمت قراءته بإمعان ولكل مواده، وانما على العكس يرفض فهم حكومة اقليم كردستان له. إن التوسع في هذا الموضوع كان ضرورياً، لأن الموضوع اصبح الآن دستورياً، هل لحكومة الإقليم الحق أم لا!؟، اذ لو كان لها الحق بذلك، عند ذاك سيكون لكل محافظة، (وخصوصاً المحافظات النفطية)، الحق بإتخاذ ما تراه مناسباً لها، (وكذلك مناسباً لباقي العراق كما تراه هي)، وستعم الفوضى في الصناعة النفطية، وسيكون الخاسر الأول والأكبر هو الشعب العراقي برُمّته. المقدمة موجز لموقف حكومة كردستان من القانون الإتحادي للنفط والغاز ولما تم لمسودّة هذا القانون لحد الآن لقد نشرت حكومة اقليم كردستان، باللغة الإنكليزية، في 9/9/2006 مسودة قانون النفط والغاز لإقليم كردستان، وذلك لغرض مناقشتها. وكانت مسودّة مُصاغة بلغة قانونية ممتازة، واعتمدت عقود المشاركة بالإنتاج كأساس لعقودها، واستغلت الثغرات العديدة الموجودة في الدستور العراقي، الى اكبر درجة ممكنة من الإستغلال، لوضع استقلالية للإقليم في السياسة النفطية بعيدة عن الحكومة المركزية، ولوضع "المناطق المتنازع عليها" تحت تصرف حكومة الإقليم لحين البت النهائي بها وفق المادة (140) من الدستور. على العكس من ذلك، قامت الحكومة الإتحادية بإكمال مسودة القانون الإتحادي للنفط والغاز في 15/1/2007، ولم يتم نشرها، وإنما تم تداولها بصورة محدودة جداً و"بسرية" تامة، وقام بنشرها لأول مرة موقع الغد في 31/1/2007. كان القانون باللغة العربي، وبلغة غير قانونية في كثير من مواده، اضافة لذلك يحوي الكثير من التناقصات ومحاولة "التوفيق" بينها بدون نجاح. اعلن مجلس الوزراء في أواخر شباط/2007، من أنه تم "الإجماع" على الموافقة على مسودة 15/2/2007 لقانون النفط والغاز الإتحادي، مع ملاحقه الأربعة. على ان مسودة (15 شباط) هي صيغة معدلة تعديلاً بسيطاً لمسودة (15 كانون الثاني)، مع اضافة ملاحق اربعة مهمة جداً، تتضمن تقسيماً للحقول المكتشفة في ثلاث ملاحق، والملحق الرابع مخصص للرقع الإستكشافية. إن هذه المسودة ايضاً كانت في منتهى "السرية"، ونشرها موقع "رائد جرار" في اوائل آذار (ونقلها موقع الغد عنه بنفس اليوم)، مع الملاحق ومع مذكرة تفاهم، مؤرخة في 26/2/2007، بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، تشير الى مسودة 15/2/2007 مع الملاحق الأربعة، وتضع جدول زمني لعرضها على مجلس النواب في آذار/2007 وعلى أن تتم موافقة مجلس النواب عليها قبل نهاية أيار/2007. ما يجلب النظر في هذه المذكرة، هو ورود فقرة فيها تقول، إن في حالة عدم تمرير القانون في مجلس النواب ضمن هذه المدة فسيتم اجتماع بين السيدين رئيس وزراء العراق ورئيس اقليم كردستان لبحث سبل انجاز ذلك وذلك خلال شهر وايجاد حل على اساس احد الخيارين، اما التمديد لما بعد 31/5/2007 أو، "يحق للطرفين – اي المركز والإقليم – ابرام عقود التطوير والإنتاج وفقاً لما جاء في الدستور ومشروع قانون النفط والغاز والمبادئ العامة لمعايير نماذج العقود". لقد ذكرت في كتابي المشار اليه اعلاه، من انني لا اعرف كيف سيتم تنفيذ هذه الفقرة من الناحية القانونية او العملية؟!. إن مسودة 15/2/2007 مع الملاحق، والتي اعلن مجلس الوزراء الموافقة عليها بـ"الإجماع"، اعلن مجلس الوزراء ايضاً بنفس الوقت، اي في آخر شباط/2007، من أنه ارسلها الى مجلس شورى الدولة لتبيان الرأي وتصليح اللغة القانونية والى مجلس النواب، للمصادقة عليها. ولقد كانت هناك إعتراضات كبيرة على هذه الصيغة من قبل قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، والإعتراضات تتخلص بفقرتين، الأولى ضرورة أن تكون السياسة النفطية مركزية، (ولا مانع من كون التنفيذ لا مركزي)، والثانية وجود امكانية عقود المشاركة بالإنتاج مع الشركات الأجنبية، ولو موضوعة بإسم آخر وبشكل مشوش، وإن هذه الإمكانية تشمل حتى الحقول الكبيرة جداً، والحقول المعطاة الى شركة النفط الوطنية، وهو أمر مرفوض. ويمكن الإطلاع على تفاصيل هذه الأمور والأمور المنجزة لاحقاً في كتابي المشار اليه اعلاه. اجتمع مجلس النواب العراقي مع عدد من الخبراء في دبي في 18/4/2007، وحدث أمر مفاجئ غير متوقع، اذ رفض السيد وزير الموارد الطبيعية لإقليم كردستان السيد آشتي هاورامي مسودة قانون 15/2/2007 هذه وملاحقه الأربعة، وإعتبره مخالفاً للدستور ودعى إلى رميه "في سلة المهملات"، متهماً المسودة بأنها "بعثية وقومية". لم يعرف أحد، – ولحد الآن – السبب الحقيقي في هذا "الرفض" واطلاق "هذه الصفات" على مسودة القانون، التي اعلن عنها سيد الوزراء في 27/2/2006 إنه تمت الموافقة عليها بالإجماع وأرسلت لمجلس النواب للمصادقة عليها، إذ لم يحدث أن رفضها أي شخص من حكومة الإقليم أو من الوزراء الكورد داخل الوزارة الإتحادية، الى أن اعلن السيد آشتي هاورامي رفضه لها في 18/4. لم يقف الأمر عند هذا الحد اذ اصدر السيد آشتي في 27/4/2007 بياناً، وباللغة الإنكليزية، ونشر في الموقع الرسمي لحكومة إقليم كردستان على الإنترنت. اوضح في البيان اسباب الإعتراض، وخصوصاً الملاحق الأربعة، ووضع بدلاً من ذلك اربعة ملاحق جديدة، وأضاف بأن القانون المعروض بشكله الحالي سوف لن يكون دستورياً أو شرعياً وإنما باطل حتى لو صادق عليه مجلس النواب الإتحادي!!!، وأضاف ايضاً من أن "حكومة اقليم كردستان ستستمر في ممارسة سلطتها الكاملة المعطاة لها من قبل دستور العراق، بضمنها مفاوضات تؤدي الى عقود مشاركة بالإنتاج مع المستثمرين الأجانب، والقطاع الخاص". لقد وضح إن رأي السيد آشتي هو رأي حكومة اقليم كردستان، ولكن لم يصدر بعدها رأي من حكومة الإقليم لتأييدها، والأعجب لم تبدِ الرئاسة العراقية، او مجلس الوزراء او وزير النفط رأي لدحضها، رغم الأمور المهمة الواردة فيها. على أية حال مرّ أيار، وحزيران، وتموز ولم يمرر القانون في مجلس النواب، والأهم من ذلك لم يجتمع السيد رئيس الوزراء بالسيد رئيس اقليم كردستان لحل الأمر، كما جاء بالمذكرة المشار اليها اعلاه. ولكن وبدون مقدمات، عرف العراقيون إن البرلمان في اقليم كردستان صادق في 6/8/2007 على قانون النفط والغاز لإقليم كردستان تحت رقم (22) لسنة 2007، وتمت مصادقة رئيس الإقليم على القانون. كان الأمر مفاجأة، ولكن من الغريب أنه لم يثر ضجة داخل العراق، ما جاء بعده أثار الضجة!!. في هذه الأثناء وضح للجميع أن مسودة القانون الإتحادي تلاقي مشاكل في محاولة إمرارها، وفي تموز لم تكن هناك صيغة واحدة لهذه المسودة، إذ اصبحت هناك مسودة منقحة من قبل مجلس شورى الدولة، (ومرفوضة من قبله)، وهناك مسودة تموز بملاحق وأخرى بدونها ومسودة 15/2/2007 بملاحق وبغير ملاحق!!، واحتار مجلس النواب أي منهم يناقش. وفي هذه الأثناء ازدادت المعارضة للقانون، وإن تمرير قانون الإقليم اعطى المعارضة الوقت لشرح ضرر مسودة قانون النفط الفيدرالي (والإقليمي طبعاً)، لاسيما عندما بدأت حكومة الإقليم "الركض" بتوقيع عقود المشاركة بالإنتاج، وكما سنوضحه في بقية هذه الدراسة. ولحد الآن ونحن في آوائل 2008 ولم تقدم المسودة المطلوبة الى مجلس النواب لمناقشتها، وفي الظرف الراهن فإن الأمل ضعيف جداً في إقرارها، والإحتمال الأكبر تأجيل النظر بها.
الفصل الأول العقود النفطية التي وقعتها حكومة إقليم كردستان
سنتحدث في هذا الفصل عن العقود التي قامت حكومة إقليم كردستان بتوقيعها مع الشركات الأجنبية بعد صدور قانون النفط والغاز لكردستان العراق في 6/8/2007. أما ما يتعلق بعقود المشاركة بالإنتاج الأربعة التي كانت قد وقعتها حكومة الإقليم في السنوات الماضية وقبل تقديم مسودة 15/2/2007 لقانون النفط والغاز الإتحادي الى مجلس النواب، وكذلك للعقد الخامس الذي وقعته حكومة الإقليم مع "دانا كاز DANA GAS" في نيسان الماضي، فسنتحدث عن آخر نتائجهم ضمن هذا الفصل. لقد تعمدت أن أعرض على القارئ حجم العقود التي تمت قبل الدخول في مدى شرعيتها أو شرعية قانون النفط الإقليمي، والذي سيتم توضيحه في الفصل الثاني من هذه الدراسة. أود ان أُوضح إن الكثير من تفاصيل العقود الموقعة قد تم أخذها من مصادر أجنبية مختلفة، فمحتوى هذه العقود لا يزال ضمن الأمور "السرية"، وما أعطته حكومة إقليم كردستان عنها هو معلومات بسيطة وأولية جداً. ولقد أشرت الى جميع مصادر معلوماتي. على ضوء أعلاه، نود أن نوضح ما يتعلق بالموضوع وضمن التفاصيل المتوفرة لدينا وكما يلي: 1- العقد الموقع مع شركة هنت أويل Hunt Oil الأمريكية عقد مشاركة مع شركة أميركية في مناطق متنازع عليها، بضمن العقد حقل سابق، وأثير جدل كبير حول شرعية هذا العقد إن عقد المشاركة بالإنتاج الذي كان قد وقع مع شركة هنت أويل الأمريكية لا يزال محتواه قيد "السرية" المطلقة. وحتى الإعلان عنه لم يتم في يوم التوقيع كما هو الحال في بقية عقود حكومة الإقليم، والإحتمال الأكبر إن التوقيع تم في آواخر آب (على الأرجح)، أو بداية أيلول. لقد أثار هذا العقد ضجة كبيرة في الصحافة العالمية، وردود فعل كبيرة أيضاً داخل العراق، سواء في المجلس النيابي أو داخل الحكومة المركزية وبين العراقيين عموماً، سيما وإن بنوده ومواقع عمله لا تزال "شبه سرية"، بعد أن كانت "سرية" وتم فضحها نتيجة المتابعات المختلفة للجهات التي يعنيها الأمر. إن هذه "السرية" تثير القلق أيضاً لدى الرأي العام العراقي للأسباب التي سنوضحها. لقد أعلنتا في 8/9/2007، كل من حكومة إقليم كردستان وشركة هنت، إنهما وقعتا على عقد شراكة بالإنتاج، وعلى أساس أن شركة هنت أويل اوف دلاس Hunt Oil of Dallas, Texas تكون "الشركة المشغلة Operating Company"، ومعها شركة IEC، Impulse Energy Crop، للعمل في محافظة دهوك!؟. وإن هذا العقد هو أول عقد يوقع بعد تصديق قانون النفط والغاز لإقليم كردستان العراق. وأُعلن ايضاً إن هنت ستبدأ بالتحريات الجيولجية والزايزمية Seismic في أواخر عام 2007 وتخطط لأن تحفر بئراً في سنة 2008. علماً ان موقع حكومة إقليم كردستان عاد في 2/10/2007 ليقول إن العقد وقع في آب الماضي. إن ما أثار الضجة العالمية حول العقد، هو أن شركة هنت أويل تعتبر شركة مهمة أميركية ومتوسطة السعة، (مقارنة بالعقود السابقة واللاحقة للإقليم والتي كانت جميعها مع شركات نفطية صغيرة)، وهي شركة خاصة عائلية، ويرأسها "راي هنت Ray Hunt"، وهو أحد الأشخاص المقربين جداً للرئيس بوش. كما إن الرئيس بوش كان قد عينه لمرتين في "المجلس الإستشاري للمخابرات الخارجية التابع للرئيس الأمريكي President’s Foreign Intelligence Advisory Board"، وهي جهة مهمة جداً، وبالتأكيد ساعدت هنت في الإطلاع على المعلومات المخابراتية الكثيرة المتعلقة بالطاقة. اضافة لذلك فإن راي هنت يعتبر من المتبرعين الرئيسيين لحملات بوش الرئاسية ولحملات الحزب الجمهوري الإنتخابية. وهو عضو في مجلس إدارة شركة هاليبرتن، شركة الخدمات النفطية العملاقة، ذات السمعة المشهورة بالفساد المالي وخصوصاً أثناء عملها في العراق، والتي كان يرأسها ديك جيني قبل إستلامه منصبه الحالي كنائب للرئيس الأمريكي. وخدم "راي هنت" ايضاً ومنذ آب/2004 رئيساً للبنك الإحتياطي الفيدرالي لمدينة دالاس Federal Reserve Bank. إن أهمية هذا العقد تأتي أيضاً من توقيعه مع شركة أميركية معروفة، كانت قد تأسست في سنة 1934، ولها أعمال تنقيب في الولايات المتحدة وكندا وبيرو وعُمان والسنغال وناميبيا، ولديها إنتاج نفطي في الوقت الحاضر من حقول نفطية في الولايات المتحدة وكندا واليمن وبيرو. وتعتبر هنت من الشركات النفطية المتوسطة، مقارنة مثلاً بالكبار مثل BP، وشيل Shell، وايكسون موبيل Exxon Mobil Crop وغيرهم، ولكن صاحبها ذو نفوذ سياسي معروف الى درجة أن تتدخل صحيفة الرأسمالية العالمية المعروفة "وول ستريت جورنال Wall Street Journal" حيث كتبت في 10/9/2007 حول اهمية هذه الإتفاقية: "ترينا هذه الإتفاقية استعداد بعض الشركات الأميركية الكبيرة أن تتجاوز حكومة بغداد وتتعامل مباشرة مع سلطات إقليم كردستان في هذا البلد الذي مزقته الحرب". أما الموقع الألكتروني الأميركي المسمى "الإشتراكي العالمي World Socialist Web Site" فإنه قال في مقالة لجو كاي Joe Kay في 10/9/2007 "بعد اخذ علاقات هنت المخابراتية بنظر الإعتبار، فإننا نرى سبباً بأن هذه الإتفاقية قد تم تشجيعها من قبل إدارة بوش، أما كمحاولة للضغط على حكومة المالكي، أو كخطوة لتحبيذ الأقاليم (المقصود تقديم الأقاليم على المركز)". وتتقدم النيويورك تايمس في 14/9 خطوة اخرى في هذا المجال، إذ في مقالة لأحد صحفييها المهمين والدائميين بول كروكمان Paul Krugman، وبعد أن يذكر حول شركة وشخصية هنت ما سبق وأن ذكرناه أعلاه، يضيف، "حين يضع هنت امواله مع الكورد، بالرغم من معارضة بغداد، فإنه يراهن بصورة رئيسية بأن الحكومة العراقية، والتي لم تنفذ ولا فقرة واحدة من سقف benchmarks المهمات المطلوب منها تنفيذها، والتي وضعها لها الرئيس بوش في كانون الثاني 2007، ... يراهن بأن هذه الحكومة لن تستطيع أن تعمل شيئاً إزاء ذلك." هل إن الأمور كما مذكور اعلاه، وهل إن هذه العملية تدخل ضمن نظرية المؤامرة "أُريك الموت ترضى بالسخونة"، أي نقبل بتمرير قانون النفط والغاز الفيدرالي، وهل الحكومة فعلاً "عاجزة" في هذا المجال؟ إن الضجة العالمية وردّة فعل السيد وزير النفط العراقي، والآراء المطروحة علنياً لبوش ووزارة الخارجية الأميركية تقول غير ذلك، على الأقل كما نراه في الظاهر!!... لنستمر في عرض الموضوع. وفي 19/9/2007 نقلت وكالة انباء اسوسيأتيت برس انترناشنال API من أن النائب الديمقراطي في الكونغرس "دينيس كوسينيج Dennis Kucinich، طلب من على منبر الكونغرس فتح تحقيق في اتفاقية هنت "بسبب علاقة رئيسها بالرئيس بوش"، وأضاف "إن اتفاقية نفطية لشركة أميركية مع حكومة الإقليم، وبدون موافقة الحكومة المركزية، ستقوض السياسة الأميركية"، واستمر بالقول "إن هذه الإتفاقية، وبسبب كونها عقد مشاركة بالإنتاج، فإنها تنسجم مع محاولات الإدارة الأميركية لخصخصة الصناعة النفطية العراقية المؤممة منذ زمن بعيد". أما كاتب هذا المقال في API، فلقد أعاد الى الأذهان ما قاله الن كرينسبان Allen Greenspan رئيس الإحتياطي الفيدرالي Federal Reserve (أي البنك المركزي الأميركي) لفترة طويلة جداً، وتقاعد منه قبل فترة وجيزة، حيث نشر كتابه الشهير "عصر الإضطرابات: مغامرة في عالم جديد The Age of Turbulence: Adventure in New World"، الذي صدر مؤخراً واحدث ضجة كبيرة وغضب عارم في البيت الأبيض، إذ أن كرينسبان كان من المقربين جداً لبوش ولكن ذلك لم يمنعه أن يقول، "إن ما يحزنه هو أن يقول امراً سياسياً، يعرفه كل واحد، بالرغم من إنه من غير الملائم معرفته. هو إن حرب العراق هي حرب نفط بدرجة كبيرة". اجابت وزارة الخارجية الأميركية على ذلك، "إن كرينسبان على خطأ. إن النفط لم يكن السبب في تصرفنا في العراق". بالنسبة لي عندما سمعت جملة وزارة الخارجية هذه، كأن النفي هو إثبات لما قاله كرينسبان!!. من الجدير بالذكر إن راديو سوا، (الممول من الحكومة الأميركية)، كان قد نقل عن كوسينيج ايضاً في 25/9/2007 عن الواشنطن بوست، "من ان هذه الصفقة تثبت ما كان يقوله منذ خمس سنوات من ان الحرب في العراق دافعها النفط، مشيراً الى أن لا يحق للولايات المتحدة أن تجبر بغداد عن التخلي عن نفطها." نلاحظ تناقضات "ظاهرية" فيما نشر عن هذا العقد. إن كل ما نشر يؤكد على أن الشركة الأميركية مهمة وصاحبها شخص مخابراتي وقريب جداً من بوش، ولكن وحسب ما قاله "راديو سوا" في 25/9/ 2007 من "ان بوش أعرب عن قلقه من هذه الصفقة، ولاسيما إذا أضرّت بقدرة الحكومة المركزية على اقرار خطة لتقاسم العائدات النفطية التي من شأنها ان توحد البلاد"، وأصرّ الرئيس بوش "على إنه لم يكن يعلم أي شئ عن الصفقة قبل إبرامها على الرغم مما يعتقد الأخرين". وتضيف النشرة النفطية الأميركية المعرفة "أخبار أويلكرام Oil Gram News" في 24/9/2007، أن بوش قال في تصريح له في 20/9/2007، "إن السفارة الأميركية في العراق قد بينت قلقها من هذه الإتفاقية وتأثيرها من احتمال ان تجعل قانون المواد الهيدروكربونية العراقي موضوع غير قابل للتطبيق". كما ذكرنا فإن الإتفاقية لم تنشر لحد الآن، ولعل "موقع الغد" كان أول من أشار الى احتمال أن يكون قسم من الأراضي المعطاة الى هنت هي خارج حدود إقليم كردستان الحالية، وإنها ضمن "الأراضي المتنازع عليها disputed territories" في محافظة نينوى!!! وبالرغم من الإعلان الأوليّ لحكومة الإقليم حين قالت إنها ضمن حدود محافظة دهوك وكما ذكرنا سابقاً. لقد ذكر "موقع الغد" في أواخر أيلول/2007 إن العقد يتضمن "تراكيب جبل قند وفجر ونرجس". نشرت المجلة النفطية الشهيرة "ميس MEES Middle East Economic Survey" في 15/10 مقالة عن الموضوع ، أن الرقع الإستكشافية blocks المعطاة الى شركة هنت هي ثلاثة ومرقمة (6 و7 و8)، وتشمل جبل قند وفجر ونرجس وعين سفني، وجميعها تراكيب معروفة غالبيتها في محافظة نينوى، مما جعل المجلة أن تقول "إن احالة اراضي متنازع عليها مع الحكومة المركزية لا تعنى فقط اعطاء مواقع نفطية، وانما خطوة تتخذها حكومة إقليم كردستان لتضع وقائع على الأرض لأي نقاش مقبل." الآن لننقل بعض المعلومات المتوفرة في الأراشيف عن حقل جبل قند. إن البئر المحفورة سابقاً في جبل قند وصلت الى عمق (5848)م، مما يجعله اعمق بئر محفور في شمال العراق وفي عمق (3550)م، تم فحص له ولكن غير منتظم واعطى نفط وغاز. ويعتبر جبل قند من قبل جيولوجيين واختصاصيين عديدين، ولأسباب مختلفة، بأنه ليس فقط اكتشاف ولكن اكتشاف مهم. إن تركيب قند Kand Structure يقع في محافظة نينوى وعلى بعد (35)كم شمال مدينة الموصل وجنوب شرق عين زالة ويحتوي على ثلاث قبب. إن البئر الأول والوحيد، والمشار اليه اعلاه، حفر بين سنوات 981 و983 ووجد النفط في عدد من الطبقات، ولكن نتائج الفحص اعتبرت في حينه سلبية. أما الرقع Blocks (6 و8) الممنوحة أيضاً الى هنت فتشمل تراكيب بعشيقة، جبل مقلوب ويحتمل بادوش، وهي تراكيب كبيرة، وذات احتمالات عالية في العثور على المواد الهيدروكربونية في طبقة الترايسك Triassic. أما الرقعة block 7، فأيضاً تقع مثل (8 و6) في غالبيتها في محافظة نينوى. لهذا نرى إن تصريح ممثل حكومة إقليم كردستان لم يكن دقيقاً عندما قال إن العقد مع شركة هنت هو في محافظة دهوك. لأول مرة تعترف حكومة إقليم كردستان بأنها تعمل فيما تسميه "مناطق متنازع عليها disputed territories"، وذلك اثناء سفر السيد عمر فتاح حسين (نائب رئيس وزراء اقليم كردستان) والسيد آشتي هاورامي (وزير الموارد الطبيعية للإقليم)، الى الولايات المتحدة في أواخر تشرين الثاني الماضي لإقناع الأميركان بموقف حكومة الإقليم. وسنتطرق الى هذا الموضوع لاحقاً. اذ قالت جريدة "أخبار دلاس الصباحية Dallas Morning News الصادرة في 28/11/2007، والتي استمعت اليهما في مقابلة – حسب قولها –، وقالت "ان المسؤولين ذكرا إن الإنتاج مما يسمى المناطق المتنازع عليها، سيمكن الإقليم وتصعيد الإنتاج الى مليون برميل/اليوم". كما ذكر السيد آشتي "إن الكرد لم يعطوا حق الإستكشاف في المناطق المتنازع عليها!!، وإن رقع عقد هنت تقع في محافظة نينوى والتي هي تأريخياً كردية ولكن يطالب بها العرب!!!، على حد قول الجريدة، وأضاف السيد آشتي "على هنت أن لا تقلق لأن المنطقة 90% كردية وإنها تدار من قبل الكرد سنة إثر سنة"، وعندما سُئل السيد آشتي هل إن شركة هنت "متهيأة لإحتمال أن تُبدل السيطرة في نينوى من يد الى أخرى اجاب السيد آشتي "إن هذا إحتمال واحد بالمليون... ولو تخاف هنت هذا الإحتمال لما جاءت اصلاً للعمل في هذه الرقع". طبعاً إنني انقل ما قالته الجريدة، ولا استطيع الجزم بأن السيد آشتى قال ذلك، والإحتمال الأكبر والمعقول إنه لم يصرح بالطريقة غير المسؤولة وبالشكل المبين، والذي يشمل عقد هنت وعقود أخرى سنتطرق اليها. إذ أن هكذا نوع من التصاريح تثير المخاوف لدى العرب والحكومة الإتحادية، وتريد أن تضع حقائق على الأرض وإن تجعل الحكومة المركزية امام واقع مريب!!، في الوقت الذي لا يستفيد منها الجانب الكوردي او أية جهة في حكومة إقليم كردستان، والأفضل انتظار نتائج الإستفتاء قبل الدخول في مثل هذه التصاريح الصحفية!!. 2- العقود الموقعة في 2/10/2007 ننقل هذا الخبر من موقع حكومة اقليم كردستان KRG، وهذا الخبر والأخبار اللاحقة كنت قد حصلت عليها باللغة الإنكليزية، لهذا يعذرني القارئ في استعمال الكتابة الإنكليزية وكما جاءت للأسماء – اما الترجمة للأسماء الى الكردي او العربي فقد تشوبها بعض الشائبة في النطق. اعلن وزير الموارد الطبيعية لإقليم كردستان في 2/10/2007 إن حكومة كردستان وافقت على اربعة عقود مشاركة بالإنتاج Production Sharing Contracts PSC جديدة، وإن المجلس الإقليمي صادق على هذه العقود، وصادق أيضاً على انشاء مصفين في اقليم كردستان. وبهذه المناسبة قال السيد آشتي "يجب أن نرى بعد الآن إن مسودة قانون النفط والغاز ومسودة قانون توزيع العائدات المالية الفيدرالية سيتم تمريرهما في الشكل المتفق عليه والمتوافق مع الدستور العراقي. وهذا الأمر سيوفر قاعدة مناسبة للإستثمار في وسط وجنوب العراق. إذا كنا نستخدم الدستور الفيدرالي كدليل، فإننا سنتجنب اخطاءاً مكلفة والتي تمت في العراق في الماضي، وستتم المشاريع ليس في كردستان فقط وانما في كل العراق"!!. لم يقل لنا السيد آشتي ما هو القانون "المتفق عليه"، اما "المتوافق" مع الدستور العراقي فهو كلام صحيح ويجب تطبيقه ولكن سنرى في الفصل القادم هل قانون إقليم كردستان والعقود الموقعة هي ضمن الدستور أم معاكسة له تماماً. أ- رقعة ميران: يقول الخبر ان وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان وقعت في 2/10/2007 عقدين من عقود المشاركة PSC، إذ أحالت رقعة ميران Miran Block (بمساحة 1015 كيلومتر مربع) في محافظة السليمانية الى شركة Heritage Energy Middle East Ltd.، المملوكة بالكامل من الشركة الكندية "هيرتج للنفط والغاز Heritage Oil & Gas". تعتبر مخاطر التحري exploration risk في رقعة ميران منخفضة الى متوسطة.
ب- رقعة سندي/ اميندي: كذلك تم إحالة رقعة سندي/ اميندي Sindi/Amendi Block (وبمساحة 2358 كيلومتر مربع)، بمحاذاة الحدود العراقية التركية الى شركة بيرينكو كردستان المحدودة Pereno Kurdistan، المملوكة بالكامل من شركة خاصة فرنسية للتنقيب والتطوير تسمى Perenco S.A.. إن رقعة سندي/اميندي هي ارض عالية المخاطر، high exploration risk area، حسب قول وزارة الإقليم. ج- العوائد: إن هذين العقدين هما عقدا مشاركة بالإنتاج، تكون فيه العوائد عند الإكتشاف والعمل التجاري، 85% لحكومة الإقليم و15% للمقاولين. إن الشروط التجارية للعقدين (وكذلك لعقد هنت) تنسجم مع الشروط التي أصدرتها حكومة إقليم كردستان في 29 حزيران الماضي لمثل هذه العقود. د- المصافي: ولقد اتفق في ضمن عقد رقعة ميران مع شركة هريتيج، المشار اليها أعلاه، أن يُشيّد مصفى بتمويل كامل من الشركة، وعلى اساس مشروع مشترك Joint – Venture مع حكومة الإقليم، وبطاقة (20) الف برميل/ اليوم، في منطقة طق طق/ ميران وإن يكمل المصفى خلال سنتين. كما وافق مجلس النفط والغاز لإقليم كردستان على بناء مصفى آخر في طق طق، يمول وينفذ من قبل الشركتين التي سبق أن أحيل عليها تقييم وتنقيب وتطوير حقل طق طق، وهما الشركة التركية جينيل Genel والشركة الكندية Addax. إن هذا المصفى أيضاً بطاقة (20) الف برميل ويكمل إنشاؤه في (18) شهر. كما يظهر إن هذين المصفيين هما من نوع المصافي البسيطة إذ أن مدة الإنشاء قصيرة نسبياً. ه- عقدان آخران: لقد ذكر البيان أيضاً إن التوقيع لعقدي المشاركة الآخرين سيتم قريباً ولم يتم تحديد الجهات التي سيتم العمل معها ولا اسماء الرقع التي سيعمل بها. كما ذكر إن التقديرات الإستثمارية في هذه العقود ستبلغ (800) مليون دولار، منها (300) مليون دولار للمصفيين والأعمال اللاحقة للإنتاج، و(500) مليون دولار لتطوير الحقول. 3- تطوير حقل طق طق: عقد مشاركة لحقل معروف بنوعية نفط عالية. نرى إن من المناسب الآن مناقشة تطوير حقل طق طق، لما له علاقة بالفقرة السابقة، وايضاً لعلاقته بإنشاء مصفيين هناك. إن العقد الموقع بين حكومة الإقليم والكونسوريتوم الكندي التركي Addax – Jenel بقي سراً ولا تُعرف محتوياته، بالرغم من مرور اكثر من ثلاث سنوت من توقيعه – حسب المعلومات المنشورة. وبالرغم من أن الأعمال فيه إستمرت طوال عامي 2006 و2007، ولقد بدأ بنشر بعض المعلومات المتعلقة بتطور الأعمال ومنذ أواخر 2006 وذلك في المجلات العالمية المختصة وبدون أن يطلع عليها أحد في الدوائر النفطية العراقية أو ينتبه إلى ذلك. كان الجيولوجيون والمهندسون النفطيون يتوقعون دائماً إن حقل طق طق والمنطقة المحيطة به يمكن أن يكون حقلاً كبيراً ولنفط خفيف جداً، وقد يكن أثمن اكتشاف في حقول الشمال منذ اكتشاف حقل كركوك. تم حفر ثلاثة آبار في أواخر السبعينات، ووجد النفط الخفيف بالرغم من أنه لم يتم الحفر لأعماق كافية والوصول الى التكوينات الصحيحة the right formations. لقد قدّر الإحتياطي في حينه (360) مليون برميل، ولكن الكثير من الجيولوجيين كانوا متأكدين من أن الإحتياطي قد يصل (10) أضعاف هذا الرقم. إن ما جلب النظر في حينه، هو إن هذا الحقل، كانت قد وضعته مسودة قانون النفط الفيدرالي في 15/2/2007 ضمن الملحق (3): "الحقول غير المنتجة البعيدة عن عقد الإنتاج"، بينما في الملاحق التي أعدها السيد آشتي ضمن مذكرته في 27/4/2007، قام بنقل حقل طق طق من الملحق (3) الى ملحق (4) للرقع الإستكشافية، والسبب الذي ذكره إن حكومة الإقليم ملتزمة للتعاقد حوله وحول حقل بلخانه على اساس انه رقعة استكشافية. يجب أن نلاحظ هنا إن طق طق هو حقل وليس رقعة إستكشافية، ولا يمكن أن يسمى في نيسان الماضي إلا بإسم "حقل"، لهذا لا يمكن بالمرة إحالته تحت عقود "المجازفة" أي عقود المشاركة بالإنتاج. إن تحويل حقل واضح ومعروف الى رقعة إستكشافية هو أمر غريب، وخطأ جسيم ومريب، ويبعث على تساؤلات عديدة!!!، والأكثر غرابة فإن هذا العقد كان قد تم توقيعه كعقد مشاركة بالإنتاج في سنة 2004، وإن العمل جارٍ به في سنتي 2006 و2007 وبمعدلات جيدة، ولكن لم يتم إعلام الحكومة الإتحادية به طوال فترة إعداد القانون، كما لم يعلن عن موقعه عند توقيعه وعن الحقل "المهدى" لهذه الشركة!! وإن قول السيد آشتي في مذكرته في نيسان/2007، عند طلب تحويله من الملحق (3) الى الملحق (4)، من "أن حكومة الإقليم ملتزمة للتعاقد حوله"، أعطى الإنطباع في حينه أن هناك "نية" للتعاقد حوله!. لكن كما يظهر فإن عقد تطويره كان قد تم توقيعه فعلاً ومنذ فترة طويلة، وإن الحفارات كانت تعمل لحفر آبار جديدة وكما سنبين أدناه. أود أن أضيف هنا إلى أن الحكومة الفيدرالية كانت قد استدرجت عروض في سنة 2005، لتشيد مصفى متطور، وبطاقة (70) الف برميل/ اليوم من المنتجات النفطية، ويعمل على تكسير 20% من المواد النفطية الثقيلة لتحويلها الى خفيفة، ويعتمد خليط نفط طق طق الخفيف ونفط كركوك المتوسط، وتوقفت الإحالة كأي عمل في حينه!!. لقد كتبت الجريدة اليومية المختصة "International Oil Daily Stock Market" في 5/6/2007 من شركة Addax Petroleum (وذكرت إن مقرها سويسرا!)، كانت قد أعلنت في 4/6/2007 عن نتائج البئر التقييمي الثالث appraisal well الذي انهت حفره وفحصه، دعته (البئر طق طق 6، TT06)، والذي انتج (18900 برميل/ اليوم) في فحصه الأخير. كما يظهر إن الآبار الثلاث الأولى التي تم حفرها في السبعينيات كانت تسمى (طق طق 1 و2 و3)، واستمرت الشركة وحفرت (طق طق 4 و5). أما (طق طق 6) فلقد بدأ بحفره في أوائل كانون الثاني 2007، من قبل "شركة عمليات طق طق Taq Taq Operating Company"، وهي "شركة مشتركة Joint Venture" بين شركة Addax (التي تملك 45% من رخصة رقعة طق طق والتي مساحتها 951 كيلومتر مربع)، وشركة Genel Energy التركية التي تملك الحصة الباقية. لقد تم اكمال حفر البئر TT06 في نيسان 2007، وعلى عمق (2085) متر. تقول اداكس "تم فحص الطبقات الثلاثة للمكمن بصورة منفردة، وثم تم الفحص للطبقات سوية. وأنتجت (18900) برميل/ اليوم. كان النفط من النوع الخفيف – كما متوقع – وذو كثافة (48 ْ API)، ويحوي على نسبة واطئة من الغاز الى النفط Low gas/Oil ratio. إن الشركة أداكس بنفسها تقوم الآن بحفر طق طق 7، ويتوقع إكمال حفر جميع الآبار التقييمية الستة في سنة 2007. أما خطة أداكس لسنة 2008 فسوف تعتمد على خطة تطوير الحقل، وتتوقع الشركة أن لحقل طق طق إمكانيات لإنتاج (100 الى 200) الف برميل/ اليوم. وإذ كانت طاقة المصفيين اللذين سيتم انشاؤهما في طق طق (40) الف برميل/ اليوم، نرى أن هناك فائض كبير للتصدير لنفط جيداً جداً وخفيف. إن المجلات والنشرات البترولية العالمية ومنها بلاتس Platts و MEES تكلمتا في النصف الأول من سنة 2007، عن أن شركة أداكس الكندية (علماً أننا ذكرنا اعلاه إن قاعدتها في سويسرا وقد تكون كندية مسجلة في سويسرا). إن هذه الشركة كانت قد أعلنت عن نتائج فحوصات بئرها الثاني TT05 والذي تم في شباط/ 2007، حيث أنتج (26550) برميل/ اليوم من نفط خفيف جداً تترواح كثافة النفط فيه، تبعاً لطبقة الإنتاج، بين (44 – 50 ْ API)، وأيضاً ذا نسبة غاز الى النفط gas oil ratio منخفضة. إن هذا البئر أنتج في الفحص (12890 برميل/ اليوم) من تركيب شيرانش (سمك 105 متر)، و(13660 برميل/ اليوم) من تركيب قمجوقة (سمك 82 متر) ليصل المجموع الى 26550 برميل/ اليوم. كذلك ذكرت نشرة "ميس MEES" في 11 كانون الأول/2006، إن نتائج البئر التقييمي الأول TT04 حيث أنتج (29790 برميل/ اليوم). لا أريد أن اعلق عما مكتوب أعلاه عن حقل طق طق، ولكن ألا يجعل هذا الأمر القارئ يفكر بإرتياب؟!، إن لم نقل بغضب!!، وخصوصاً في هذه السنوات العجاف. حقل جاهز ذو نوعية نفط عالية جداً، يحال الى شركة "بالسر" ولا نعرف محتويات عقد المشاركة بالإنتاج هذا، وفي أحسن الأحوال بالنسبة للشعب العراقي أن تكون حصة الشركة الأجنبية 15%، بدون أي مجازفة أو تعب، أليس هذا تبرع بمال الشعب الكردي خصوصاً والشعب العراقي عموماً!!؟. أين الشفافية التي يتكلم عنها دائماً السيد وزير الموارد الطبيعية في إقليم كردستان، وأين منفعة الشعب العراقي التي كررها عشرات المرات في الشهور الماضية. ولأكون صريح جداً فإنني لم أر أي منهما، وكل ما أراه في هذا العقد ضرر وأذية وأمر يدعو الى الريبة!!!. 4- العقود الموقعة في 6/11/2007: أعلن موقع حكومة إقليم كردستان في السادس من تشرين الثاني الماضي إن مجلس النفط والغاز لإقليم كردستان وافق في اجتماعه الثالث في 4/11/2007 على السبعة عقود المشاركة PSC، والتي قام رئيس حكومة إقليم كردستان بتوقيعها مع الشركات الأجنبية في 6/11/2007 وعلى ضوء قانون النفط والغاز لإقليم كردستان والذي صدر في آب/2007 – حسب قول الموقع – . أ- عقد ملار عمر وشورش: عقدان مشاركة بالإنتاج للرقعتين الإستكشافيتين blocks ملار عمر Molar Omer (بمساحة 258 كيلومتر مربع)، وشورش Shorish (بمساحة 526 كيلومتر مربع)، في محافظة أربيل، مع شركة OMV Petroleum Exploration GMBH، والمملوكة بالكامل من قبل شركة OMV Aktienesellsaft أكبر شركة للغاز والنفط في أوربا الوسطى (على حد قول موقع حكومة الإقليم). إن عنصر المجازفة في هاتين الرقعتين بين واطئ الى متوسط Low to medium exploration risk area. ب- عقد عقرة – بجيل: تم إحالة الرقعة عقرة – بجيل Akra – Bijeel (بمساحة 889 كيلومتر مربع)، في محافظة دهوك الى شركة Kalegran Ltd، والمملوكة بالكامل من الشركة الهنغارية MOL Hungarian Oil & Gas PLC، ومعها شركة Gulf Keystone Petroleum International Ltd.، والمملوكة كلياً من قبل شركة Gulf Keystone Petroleum Ltd. والمسجلة في بريطانيا. إن عنصر المجازفة في هذه الرقعة يعتبر "وسط". ج- عقد شيخان: أحيلت الرقعة شيخان Shaikan block (بمساحة 283 كيلومتر مربع) في محافظة دهوك على إئتلاف شركات Gulf Keystone Petroleum International Ltd. وشركة Texas Keystone Inc وشركة Kalegram" إن عنصر المجازفة في هذه القطعة هو منخفض low exploration risk area. د- عقدا روفي وسارته: تم توقيع للرقعتين الإستكشافيتين "روفي Rovi block" وبسماحة (517) كيلومتر مربع، والرقعة، "سارته Sarta block" بمساحة (607) كيلومتر مربع. مع شركة Reliance Energy Ltd. هـ- رقعة في دهوك: أُحيلت رقعة إستكشافية أخرى بمساحة (1226) كيلومتر مربع في محافظة دهوك الى شركة غربية على أن تعلن التفاصيل لاحقاً. ويعتبر عنصر المفاجأة في هذه القطعة متوسط.
قال ممثل حكومة الإقليم إن عقود المشاركة السبعة أعلاه تعطي لحكومة إقليم كردستان 85% من الأرباح، وللمقاولين 15%. وهي تنسجم مع نموذج عقود المشاركة المنشور سابقاً. كما أن في جميع هذه العقود يكون لحكومة إقليم كردستان الحق بالمشاركة في الشركة بين 20-25%، وكذلك تحتفظ بحقها بإدخال جهة ثالثة بحصة تتراوح بين 15-25% من جهات عراقية ذات كفاءة أو شركات عالمية. و- تعديل العقود القديمة: لقد أعلن وزير الموارد الطبيعية أيضاً، بأنه سيعمل على تعديل عقود المشاركة السابقة لتنسجم مع قانون نفط الإقليم الجديد، ولتكون ضمن نموذج عقود المشاركة PSC الذي أُعد سابقاً ووقعت وفقه العقود الأخيرة. هذا الأمر ينطبق على العقود القديمة التالية: - DNO النروجية - Addax Petroleum/ Genel Energy (الكندية التركية) - Western Zagros - Hawler Energy/ AXT petroleum, and Shakal/ Trilax/ Pet oil سنتحدث عن قسم من هذه الشركات في نهاية هذا الفصل، كذلك سنتحدث عن الشركة الخامسة، اي شركة "دانا غاز". علماً تحدثنا عن شركة أداكس/ جنيل عند الحديث عن طق طق. 5- عقود KEPCO / KNOC: (العقود مع الشركات الحكومية لإقليم كردستان) أعلن السيد وزير الموارد الطبيعية بنفس اليوم أي في 6/11/2007، بأن المجلس صادق ايضاً في جلسة 4/11/2007 على إحالة أربع رقع إستكشافية ستراتيجية في السليمانية وأربيل الى الشركة الكردية الوطنية للتنقيب والإنتاج "كيبكو KEPCO" Kurdistan Exploration & Production Company. وهي شركة حكومية تأسست بموجب قانون النفط والغاز لإقليم كردستان. تمت الإحالة بنفس شروط الإحالات للشركات الأجنبية، وتتضمن شرط أن تقوم كيبكو بمشاركة شريك أجنبي من الشركات الأجنبية ذات الحجم المناسب، وبموافقة وزارة الموارد الطبيعية والمجلس. إن الشركة الأجنبية سوف توفر المساعدة المالية والفنية الى "كيبكو" في تنفيذ مسؤوليتها وبإستخدام عقود المشاركة بالإنتاج. "كذلك وافق المجلس أيضاً وبنفس الجلسة على إحالة مشروع نفطي متكامل في خورمالة على الشركة الحكومة كنوك KNOC"، شركة النفط الوطنية الكردستانية Kurdistan National Oil Company وهي أيضاً شركة حكومية تأسست بموجب قانون النفط والغاز لإقليم كردستان. يتكون المشروع من تطوير "حقل" خرماله وإنشاء مصفى بطاقة (30) ألف برميل/ اليوم. وإن الغاز المصاحب وزيت الوقود fuel oil المنتجات من المصفى سوف يتم معاملتهما Processed لإستخدامها لدى وزارة كهرباء إقليم كردستان، في محطات توليد الكهرباء. إن هذا المشروع سيكون عقد خدمة، ويكمل خلال (30) شهر. تستطيع "كنوك KNOC" أن تشارك جهة ثالثة محلية أو عالمية لتوفير المتطلبات المالية والغنية والإدارية، وبمصادقة الوزارة والمجلس. الذي أفهمه إن الطرف الثالث أيضاً سيعمل ضمن عقد خدمة، إذ لا يذكر شيئاً عن عقود المشاركة، ومن غير المنطقي إن الشركة الرئيسية تعمل من خلال خدمة، ويعمل شريكها من خلال عقد مشاركة. إن خطة تطوير حقل خرمالة تشمل بدء الإنتاج الأولى من الـ(15) بئر المحفورة سابقاً وذلك لإنتاج (50) ألف برميل/ اليوم في البداية، ويتوسع تدريجياً ليصل الى (250) ألف برميل/ اليوم، وسيصدر النفط الفائض. وأضاف السيد آشتي، إن بهذه العقود سيكون عدد الشركات النفطية العاملة في كردستان العراق (20) شركة نفطية، وأضاف، إن هناك (5) رقع إستكشافية blocks أخرى تنتظر إنتهاء المفاوضات لتوقيع عقودها. كما أن هناك (24) رقعة إستكشافية أخرى تلاقي اهتماماً كبيراً من الشركات النفطية العالمية، وسيتم الإعلان عنها قريباً. وإن تنفيذ هذه العقود سيكون خطوات رئيسية للوصول إلى انتاج مليون برميل/ اليوم من الإقليم، وسيعم الخير على كردستان العراق والعراق ككل بإعتبار إن الإقليم سيأخذ حصة من العائد ويرسل الباقي الى الحكومة المركزية. ليس عندي وضوح، هل المقصود بمليون برميل/ اليوم تتضمن إنتاج حقول كركوك وباي حسن وجمبور، أم فقط من الحقول الموقعة مؤخراً. كما وإنه كان ذكر في تصريح آخر إن المليون برميل/ اليوم ستتحقق في خلال خمس سنوات وبإستثمار يصل الى (10) مليار دولار. أعتقد المقصود بإنتاج مليون برميل/اليوم، هو من كل الحقول الشمالية (بضمنها كركوك). 6- "حقل" أو قبة خرمالة: أحد قبب حقل كركوك، يعود لشركة نفط الشمال، وهي مناطق متنازع عليها، أوقفت حكومة الإقليم أعمال تطويره من قبل الحكومة الإتحادية.
أرى من المناسب أن أتحدث عن هذا الموضوع في هذا الموقع بالذات. إذ كما لاحظنا في الفقرة (5) السابقة، فإن خرمالة قد دعيت بحقل وأحيل تنفيذ تطويره مع بناء مصفى الى الشركة الحكومية كنوك (مع الإستعانة بالشركات الأجنبية) من خلال عقد (أو عقود) خدمة، وبدون أي ذكر لعقود المشاركة. إن حقل كركوك العملاق يتكون من ثلاث قبب متصلة ضمن حقل واحد، وهي قبب بابا وافانا وخرمالة. لهذا هناك قلق أو عدم فهم في كيفية تنفيذ تطوير هذه القبة، وبصورة منفصلة عن تطوير حقل كركوك ككل. إذ إن كل عملية إنتاجية أو تطويرية في هذه القبة ستؤثر على القبتين الأخريتين والعكس صحيح. وقد يقول قائل إن هناك حقول مشتركة بين دولتين (مثل الحقل الصغير نفطخانة في العراق ونفطشاه في ايران) وهناك حقول مشتركة أخرى في العالم تدار منفردة من كل دولة منتجة. هذا صحيح ولكن يتم ذلك بوجود مشاكل تشغيلية كثيرة وهو بين دولتين، وإننا هنا نتحدث عن الإنتاج من الحقل الواحد في دولة واحدة (كما أتمنى!!) ومن قبل شركتين وطنيتين حكوميتين تابعتين لدولة واحدة، ولم أسمع بمثل ذلك من قبل؟!!. إن قبة خرمالة وضعت ضمن الملحق (1) من ملاحق مسودة قانون النفط في 15/2/2007 والذي اعلن أنه صودق عليه بالإجماع في حينه وهي ضمن حقل كركوك (مع ذكر قببه، خرمالة وافانا وبابا). ولكن في التصريح/ البيان Statement الصادر باللغة الإنكليزية في 27/4/2007 من السيد وزير الموارد الطبيعية، والمشار إليه أعلاه نقل قبة، أو ما أسماه "حقل" خرمالة الى الملحق (3A) المرفق في بيانه، مع وجود إمكانية لشركة النفط الوطنية العراقية بالمشاركة في 25% فيه، وعلى اساس أنه يحتاج الى استثمارات عالية. لقد فهم هذا الأمر في حينه أن خرمالة ستكون من مسؤولية حكومة إقليم كردستان، وطالما يحتاج الأمر الى استثمارات كبيرة، فإن صيغة العقد "المحبوبة والمرغوبة" من قبل السيد الوزير ستكون عقد مشاركة. وظهر الآن إن التطوير أُحيل فعلياً بعقد خدمة (وأتمنى أن فهمي صحيح من ناحية نوع العقد ولكل العمل)، الى شركة "كنوك KNOC" شركة النفط الوطنية’ الكردستانية Kurdistan National Oil Company. وبإعتقادي إن هذا العمل جاء ليس فقط على أثر تصريح السيد آشتي في 27/4/2007، وإنما جاء نتيجة تفسير حكومة إقليم كردستان للفقرتين (رابعاً) من المادة التاسعة عشر (الفصل السابع) من القانون (22) لسنة 2007 الصادر من برلمان إقليم كردستان بإسم قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان – العراق، حيث (مُنعت الحكومة الإتحادية من ممارسة أية عمليات نفطية جديدة في المناطق المتنازع عليها دون موافقة حكومة الإقليم لحين إجراء الإستفتاء العام بموجب المادة 140 من الدستور الإتحادي). ما لاحظناه إن هذا القانون لم يمنع قيام حكومة الإقليم بالعمل أسوة بالحكومة الإتحادية!!. علماً إن "خرمالة" تقع في "المناطق المتنازع عليها" مثل حقل كركوك. سنرجع الى مناقشة هذا الأمر في الفصل القادم المتعلق بالأمور القانونية والدستورية. لنتكلم الآن عن قبة أو "حقل" خرمالة، فهي كما قلنا قبة من القبب الثلاث لحقل كركوك الذي يبلغ طوله حوالي (100) كيلومتر. أما قبة خرمالة فطولها حوالي (24) كيلومتر ومتوسط عرضها (5) كيلومتر وتقع في القسم الشمالي منه. من الناحية الفنية والإدارية الصحيحة، فإن حقل كركوك بقببه الثلاث يجب أن يطور بإدارة موحدة، لاسيما وإن الحقل يمر في ظروف صعبة بعد إستغلال كبير جداً منذ الخمسينيات من القرن الماضي، علماً بدأ إستغلاله على نطاق محدود في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي. يستخدم ضخ الماء للمساعدة في رفع النفط الى السطح، ويحتاج الى دراسات فنية عميقة للوصول الى أحسن معدل إسترجاع للنفط Oil recovery، وتقليل النفط الضائع والباقي في المكمن، ومن غير الممكن إسترجاعه في الظروف الراهنة للحد الأدنى. قامت شركة "شيل" في سنة 2004 بتقديم مساعدة فنية لإعداد دراسة لتحسين معامل إسترجاع النفط. قامت وزارة النفط في التسعينيات من القرن الماضي بخطط سريعة لتطوير قبة خرمالة لإنتاج (50) ألف برميل/ اليوم بإستخدام الـ(15) بئر محفورة في الأجزاء الجنوبية من القبة (والتي كانت قد حفرت أصلاً كآبار تقيمية ولأغراض المراقبة). تأخر العمل بهذا التطوير لعدم إمكانية الحصول (بسبب الحصار المفروض على العراق)، على الأنابيب التي توصل النفط من هذه الآبار الى محطات عزل الغاز الموجودة فعلياً في كركوك. علماً أن الإنتاج العالي من حقل كركوك بدأ بالإنحسار، لهذا تم التوجه للإنتاج من القبة الثالثة خرمالة للإرتفاع بالطاقة الإنتاجية لحقل كركوك. بعد غزو العراق في (2003) ظهر بوضوح وجود بعض التوتر بين حكومة الإقليم ووزارة النفط بما يتعلق بهذه القبة. إذ قامت (سكوب SCOP)، شركة الإستشارات النفطية، التابعة لزارة النفط في سنة 2004 بالتعاقد مع كونسوريتوم تقوده الشركة التركية Averasya مع الشركة البريطانية DPS لتجهيز (3) محطات فصل الغاز، وكذلك لتجهيز الأنابيب المطلوبة، والإشراف على تنفيذ العمل الذي ستقوم به شركة الإستشارات النفطية وشركة نفط الشمال التابعتين لوزارة النفط. كان لهذا المشروع ان يرفع الإنتاج من خرمالة من الخطة الأولية السريعة البالغة (50) الف برميل/ اليوم ليرتفع الى (200-250) ألف برميل/ اليوم، وذلك بعد استكمال حفر الآبار المطلوبة. وصلت المعدات ولكن وكما جاء في تقرير داو جونز Daw Jones Newswires، في 27/11/2007 (وتناولت وكالات الأنباء نفس الخبر)، فإن السيد الشهرستاني وزير النفط العراقي إتهم حكومة إقليم كردستان بمنع بغداد من تطوير خورمالة، وهي جزء من حقل كركوك، وذلك بإستخدام القوة العسكرية (والمقصود بهذا البيشمركة)، حيث قال لمراسل داو جونز "إن قوات تعود الى إقليم كردستان تمنع كادر شركة نفط الشمال من تنفيذ مشروع حقل خرمالة"، وقال أيضاً "إن خورمالة في حالة تطويرها سينتج (100) ألف برميل"، وهو رقم مختلف عن الخطة!. ويذكر الخبر أيضاً إن ممثل حكومة كردستان أنكر حدوث هذا الأمر (أي إيقاف تطوير الحقل من خلال إستخدام العسكر). كما يظهر لي إن كل من السيد الشهرستاني وممثل حكومة كردستان لم يطلعا على الفقرة رابعاً من المادة (19) من قانون نفط كردستان والمشار إليها سابقاً، حيث حسب هذه الفقرة، إن ارادت الحكومة الإتحادية أن تعمل في المناطق المتنازع عليها، فعليها "أن تستحصل موافقة حكومة إقليم كردستان"؟!! وإضافة لذلك فإن القبة أحيلت من قبل وزارة الإقليم ومجلس النفط فيها الى "شركة النفط الوطنية الكردستانية كنوك"... فكيف لا تستخدم حكومة إقليم كردستان قواها العسكرية في منع هذا التجاوز "الكبير والخطير" من الحكومة الإتحادية!!؟ كما يظهر، فإن حكومة إقليم كردستان لا تعتبر "شركة النفط الوطينة العراقية"، والتي ستشكل بقانون يصدر عن مجلس النواب الإتحادي (الفيدرالي)، بأنها شركة نفط وطنية لكل العراق (وهذا ما أوضحته في كتابي المشار إليه سابقاً)، فهي شركة مختصة بكل أعمال النفط في العراق عدا ما يخص إقليم كردستان (والآن مضاف إليها المناطق المتنازع عليها)، والإحتمال المقبل أن تقول لشركة النفط الوطنية "أخرجي من كركوك"!!. في هذه الحالة لماذا نقول "شركة النفط الوطنية العراقية"، طالما توجد أيضاً "الوطنية الكردستانية". هل سنسميها شركة النفط الوطنية العربساتية". وهل سنسمع مقبلاً بشركات نفط في العراق مثل "الوطنية التركمانستانية" أو "النفط الوطنية البصرة ستانية"!. لا يمكن بالمرة أن أفهم لماذا استقطعت خرمالة من حقل كركوك واعطائها الى KNOC، فهو عمل لا يمكن أن يكون مقبولاً من الناحية الفنية والإقتصادية والأهم من الناحية السياسية، فهي عملية إستفزازية فقط!!. بالنسبة لي ليس مهماً ان تقوم أية جهة عراقية بتطوير هذا الحقل العريق، ولكن بعقود خدمة. وطالما كانت شركة نفط الشمال العائدة – حالياً – الى وزارة النفط الإتحادية تقوم بتشغيله، وبالنسبة لتطويره فإنها تقوم بذلك بالتعاون مع سكوب "الإستشارات النفطية" العائدة أيضاً الى وزارة النفط الإتحادية. كما إن مسودة قانون النفط والغاز الإتحادي أكدت على قيام شركة النفط الوطنية العراقية INOC (المقترح إعادتها للحياة) القيام بذلك، فمن المنطق الواضح الذي لا لبس فيه أن تكون خرمالة جزء من هذا الحقل. لقد كان على حكومة كردستان التريث في هذا الأمر الحساس، والسماح لشركتي نفط الشمال والإستشارات النفطية بإستمرار العمل في تطوير خرمالة، وعدم سلخه من حقل كركوك، والإنتظار لحين الإستفتاء حول المادة (140)، فإن كان الحقل كله يعود إلى إقليم كردستان، فعند ذاك يتم التداول مع الحكومة المركزية، لنقل جميع إدارة الحقل بكل معداته وكوادره الى الإقليم. وتكون التطويرات المستقبلية وكميات الإنتاج من صلاحيات الحكومة المركزية حصراً كما سنوضح في الفصل القادم إن هذا أمر دستوري، حسب الدستور العراقي الحالي!!. إن إجراء حكومة الإقليم هذا يثير الكثير من الحساسية والتوجس والريبة في جميع الأطياف العراقية الأخرى، والسؤال المطروح ماذا تريد حكومة الإقليم؟! هل تريد إستغلال الوضع المأساوي في المناطق الوسطى والجنوبية لفرض رأيها، وبمعزل عن رأي القوى الأخرى، ولا حتى بمشاورتهم. ولو أخذنا أيضاً ما أحيل على شركة هنت بنظر الإعتبار، فالسؤال يطرح نفسه هل تريد حكومة الإقليم وضع حقائق على الأرض بإستغلال الموقف الضعيف جداً لبقية المجتمع العراقي (حكومة وشعباً) ولفرض الرؤيا التي تريدها لشكل ونص قانون النفط والغاز بغض النظر عن المواقف المعارضة الأخرى والتي تمثل حالياً غالبية المجتمع العراقي؟! هل هذه هي الفيدرالية المطلوبة؟!. إنني هنا سوف لن أقول ما يقوله الكثير من العراقيين عن الفيدرالية والمستقبل السياسي، فلقد تحدثت في ذلك في كتابي الأول "العراق بين مطرقة صدام وسندان الولايات المتحدة" الصادر سنة 2004 عن هذا الموضوع. على العموم، إنني أتحدث الآن وسأتحدث لاحقاً أيضاً في هذه الدراسة في بعض الأمور والمتعلقة أساساً بالنفط فقط. هنا أود أن اشير فقط الى أن عقدي هنت وخرمالة أثارا أيضاً لغطاً عالمياً، خصوصاً في الولايات المتحدة، وفي كثير من الصحف والوكالات الأخرى. وسأذكر أمثلة من الصحافة الأميركية منها ما قالته نشرة أخبار نفطية معروفة جداً وهي Oilgram News في 9/11/2007 حول ما قامت به حكومة الإقليم بالنسة لخرمالة، فهي تقول إن إحالة حقل خرمالة في 6/11 الى كنوك KNOC "كان مفاجأة لمراقبي النفط العراقي في العالم"، وتضيف "ويعتقد الخبراء في العالم إن إحالة خرمالة من طرف واحد يناقض روحية وحرفية الدستور العراقي. كذلك يعتقد الخبراء إن الإحالة الى شركة النفط الوطنية لكردستان KNOC، على أن تأخذ معها شركة نفطية عالمية، قد يفسر بأنه حذر من الشركات العالمية الدخول لوحدها في هكذا صفقة خلافية ، إذ أن وزارة النفط العراقية كانت قد بدأت خطة تطوير القبة وحفرت (15) بئر..." وتكمل ما ذكرناه سابقاً حول خطة التطوير. أما "IAS" Iraqi Advisory Service فقد ذكرت في 16/11/2007 "إن بعض العقود الموقعة من قبل حكومة إقليم كردستان، تظهر وكأن هذه الحكومة تريد توسيع حدودها غرباً وجنوباً، وفي طريقة من المحتمل أن تخلق توترات مع باقي العراق في المستقبل. إن الكورد يريدون، بالإضافة الى كركوك، توسيع أراضيهم نحو الجنوب للوصول الى سلسلة جبال حمرين، والتي يدعون انها الحدود الطبيعية لكردستان، والوصول الى الجنوب، خانقين في المحافظة الشرقية ديالى، وكذلك الى الحدود الغربية لتصل الى الموصل. في بعض المواقع يوجد حالياً توسع على الأرض كأمر واقع de facto، حيث امتدت إدارة حكومة الإقليم وسيطرتهم الأمنية، بواسطة تحركات البيشمركة، مع قيام الأميركان بغمض عيونهم عن هذه التحركات. لقد تحركت اربيل لإعطاء حقل كورمور الى شركة دانا غاز DANAGAZ وتبعتها بعقد مع Hunt Oil في محافظة دهوك، وقسم من العقد يمتد في محافظة نينوى، وتضيف أيضاً "إن أميركا لم تقم بعمل حاسم ضد عقد هنت بعد توقيعه رغم انتقادها له، كذلك تضيف "بالرغم من إعتراضات الوزير الشهرستاني، ولكن بقية الحكومة، وبالأخص رئيس الوزراء المالكي، بقيت صامتة". أما النيويورك تايمز الصحيفة الأميركية الأشهر، فلقد كتبت في إفتتاحية لها في 15/10/2007 (أي حتى قبل توقيع عقود 6/11، وكانت تتحدث عن عقد هنت وعقود 2/10/2007). وقالت تحت عنوان "سلب النفط العراقي Iraqi Oil Spoil"، "وبعد أن تبين أن السرعة التي توقع بها العقود النفطية بين حكومة الإقليم والشركات الأجنبية هي علامة أخرى بأن العراق يدول حول نفسه ولكن خارج السيطرة ولا تعرف إدارة بوش ماذا تعمل"!. استمرت الصحيفة لتقول "ولقد أخذ الكورد الأمر بأيديهم بعد عدم تمرير قانون النفط الإتحادي ووقعوا عقوداً مع شركات اجنبية مشكوك في قانونيتها. إن الإدارة الأميركية تضايقت من هذه العقود والتي رفعت من حدة التوتر، وبدون فائدة، بين الكورد والحكومة المركزية، ولكن لم تضغط بصورة كافية على شركة هنت..." وتضيف الصحيفة أيضاً، إن عقود النفط هذه هي محاولة خطرة بوضع حقائق على الأرض وتثير أكثر من عدم الثقة والمعارضة المتبادلة.... إن الشركات الأجنبية مهتمة جداً بالأرباح الى درجة إنها غير قلقة من أن هل هذه العقود ملزمة قانونياً، أم لا، أو كيف ستؤدي الى الفوضى في العراق. إن البيت الأبيض يحتاج إلى إرسال تحذير أوضح إلى هذه الشركات الأميركية وغيرها، حول مخاطر هذه التوجهات – أي توقيع العقود". لنستمر أكثر في قراءة الصحافة الأميركية المعنية ونرى إن النشرة الأميركية النفطية الإسبوعية Petroleum Intelligence Weekly PIW قد نشرت مقالاً في 19/11/2007 وتحت عنوان "الكورد يدفعون للحصول على حصة أكبر في النفط العراقي Kurd Push for Bigger Share of Iraqi Oil". بعد أن تتحدث عن العقود التي وقعتها حكومة إقليم كردستان مؤخراً، وتركز على العقد الخاص بخرمالة حيث تقول "إن عقود المشاركة لحكومة إقليم كردستان، وفي تحدٍ لبغداد، أخذت تأخذ منحى آخر، إذ إن إعطاء عقد تطوير قبة خرمالة، والذي هو جزء لا يتجزأ من حقل كركوك، الى الشركة الجديدة، يمثل الطلقة الأولى في معركة حكومة إقليم كردستان للسيطرة على أقدم حقل نفطي عراقي". ويشير المقال أيضاً الى العقد الذي وقعته الحكومة المركزية في 2004 لتطوير خرمالة، (وهنا تقول وقع في كانون الثاني 2005)، مع الكونسوريتوم التركي، وتسترسل لتقول "لو تركنا السياسات جانباً فهناك مشكلة إدارة حقل بثلاث قبب وتحت إدارتين، والذي يؤدي إلى ضرر في الحقل"، وتضيف "كما يظهر إن الكورد يريدون أن يخلقوا وقائع على الأرض. إن قبة خرمالة لم تظهر في الخرائط التي نشرتها حكومة إقليم كردستان في حزيران الماضي لحوالي (40) رقعة block، ولكن ظهرت في الخرائط المتأخرة كجزء السلطة القضائية jurisdiction لحكومة إقليم كردستان، والتي تضمنت أيضاً حقول كركوك وجمبور وباي حسن وخباز".
7- أين وصل عقد الشركة النروجية DNO ASA الحقل تقريباً جاهز للإنتاج والتصدير
إن عقد المشاركة بالإنتاج الذي وقعته حكومة إقليم كردستان مع شركة DNO النرويجية في حزيران/ 2004 يعتبر من أقدم العقود التي وقعتها حكومة الإقليم. وفي المعلومات أدناه إعتمدنا بصورة رئيسية على آخر تقرير صدر عن الشركة النرويجية في 18/12/2007، وتحت عنوان "إعادة تقديرات الإحتياط لحقل طاوقه Tawke Revised reserve estimates" (لقد ذكرت إسم الحقل طاوقه كترجمة لـ Tawke، وقد يكون المقصود به حقل طواق أو طاوق). قبل أن ندخل في موضوع هذا الحقل، أود أن أوضح للقارئ بأمر مهم يتعلق بعقد المشاركة بالإنتاج، إذ أن الشركات الأجنبية تضع، (عند وضع حساباتها)، حصتها من الحقل، ضمن موجوداتها. وهذا بالطبع أمر صحيح وواقعي فلها حصة في الحقل حسب العقد، وهو أمر يخالف ما يقوله مؤيدوا عقود المشاركة بالإنتاج من أن النفط ملك الدولة طالما هو في الأرض، وعندما يستخرج للإنتاج أو للتصدير تصبح للشركات حصة فيه. تتلاعب إدارات الشركات الأجنبية بهذه القضية، فهي على العموم تحاول أن ترفع من سعر أسهم الشركة، لهذا تزيد من الإحتياطي، او من نوعية وكمية النفط الممكن إنتاجه، وقد تعمل العكس لكي تشتري الأسهم بعد إنخفاضها. ولقد حدثت عدة دعاوى قضائية تتعلق بهذا الأمر. لنرجع الآن الى موضوعنا، فالمعلومات المذكورة قد تكون كلها صحيحة، أو هي نصف الحقيقة للتلاعب بأسعار الأسهم، ولكن سنوردها كما جاءت في تقارير الشركة. أعلنت الشركة النرويجية في 28/12/2007، إنها أعادت إحتساب الإحتياطي على ضوء المعلومات والدراسات الأخيرة وتوصلت إلى أن الإحتياطي الحالي للحقل هو كما يلي: - كمية النفط الموجودة Oil in place، يقدر بين (0.9 – 1.9) مليار برميل، وأُعتمد الرقم المتوقع وهو (1.3) مليار برميل. - كمية النفط الممكن إستخراجه Gross Recoverable Oil Reserves، يقدر بين (150) الى (370) مليون برميل، واعتمد الرقم (230) مليون برميل لكمية النفط الممكن إستخراجه. إن هذه الكمية لم تأخذ بنظر الإعتبار "الطرق المحسنة للإسترجاع Improved Oil Recovery IOR"، مثل حقن الماء أو حقن الغاز وغيرها من الطرق التي تحسن نسبة الإستخراج. وتضيف الشركة، عند بدء الإنتاج التجاري بصورة مفتوحة، أي عند الإنتاج والتصدير، سيكون بالإمكان تقدير الإحتياطات أعلاه بصورة أفضل، وكذلك الأمر فيما يتعلق بنسب الإستخراج Oil Recovery. نود أن نوضح إن أول بئر إستكشافي و(تقييمي)، وهو البئر (Tawke) تم حفره في ربيع 2006، والذي – حسب قول الشركة – وأثبت وجود حجم جيد للمكمن، وعند فحص الإنتاج أثبت إن مواصفات المكمن reservoir جيدة جداً. إن المعلومات المتوفرة بعد حفر (9) آبار إستكشافية وتقييمية وتطويرية، ترينا إن فحوصات الإنتاج التي بدأت في حزيران/ 2007، كانت بمعدل إنتاج (6000) برميل/ اليوم من بئرين فقط. وذهب النفط المنتج – كما تدعي الشركة – الى السوق المحلية بصورة كاملة، وإن الكمية القليلة للإنتاج حددتها إمكانية السوق المحلي للإستهلاك. يبلغ طول حقل طاوقة Tawke، (الذي يقع في محافظة دهوك قرب الحدود التركية السورية)، حوالي 25 كيلومتر، ومعدل عرض الحقل (3) كم. ولحد الآن تم حفر (9) آبار، واكتشف النفط في طبقتين. واعتماداً على الفحص الأولي لثمان آبار منتجة، فإن الطاقة الإنتاجية الأولية القصوى تصل الى (90) ألف برميل/ اليوم. لقد وجد إن نسبة الغاز الى النفط gas oil ratio في كلا الطبقتين منخفض، كما وجد إن النفط المنتج هو من النوع الثقيل نوعاً ما، وتصل كثافته (25-27 ْ API). إعتيادياً وبالنسبة لحقول العراق، فإن هذا الحقل ليس بالجيد جداً فالنفط ذو كثافة عالية نوعاً ما، وإن الإنتاجية الأولية واعتماداً على الإحتياطي المحدود ستكون في (50) الف برميل/ اليوم. أما بالنسبة للشركة النرويجية فالحقل يعتبر جيد جداً. إن خطة العمل لسنة 2008 ستستمر لأغراض تقييم وفهم المكمن وتبيان الطاقة الكاملة للحقل. وهذا الأمر سيتعزز بإكمال حفر البئر (10)، وحفر البئرين (11 و12) في سنة 2008. كذلك ستتم دراسة زيادة معامل الإستخراج بواسطة حقن الماء او الغاز. هناك قضية مهمة جداً يشير إليها تقرير الشركة ولكن لا يدخل في تفاصيلها، لأن القضية مرتبطة بالتوتر الحالي بين الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية، وهي قضية تصدير النفط. يقول تقرير الشركة بأن حجم الفحوصات مرتبط إرتباطاً كبيراً بإمكانية السوق المحلي للإستهلاك، لهذا فهي قليلة جداً، (ويتحدث تقرير للشركة عن معدل إنتاج يعادل 6900 برميل/ اليوم في الربع الثالث من عام 2007)، ولكن يضيف "لو سمح الآن لشركة DNO، الإنتاج والتصدير بالطاقة القصوى لطاقة الحقل والمعدات الموجودة، فإن كمية الإنتاج ستزداد بدرجة عالية"، وسوف يتم أيضاً فهم الحقل بصورة افضل. لقد كانت هناك أسئلة تراود الجميع، أين يذهب بنفط الفحوصات، إذ لا يمكن رميه بالحقول!!!، وهناك شكوك في أن السوق المحلي في المنطقة لا يتحمل (6900) برميل/ اليوم المنتجة حالياً. هل إن التهريب هو أحد الإحتمالات، ولكن إلى أين الى الشمال ام الشرق او الغرب؟!، وهنا سيكون السعر بخس جداً، لأن النقل سيتم بصهاريج، وهو نفط ثقيل من الصعوبة تكييف تصفيته والإحتمال الأكبر إستعماله في الوقت الحاضر كوقود مثل زيت الوقود. بالتأكيد سيسألني القارئ ماذا عن نفط التجارب في حقل طق طق وبمعدلات تصل إلى (20) الف برميل/ اليوم للبئر الواحد ولنوعية عالية جداً من النفط. بالواقع ليس لدي جواب!!. لنرجع الى حقلنا حيث يقول التقرير إن تقديرات الإحتياطي الجديد هي ضعف ما كان مقدر سابقاً، وإن الشركة فرحة به وبالنوعية العالية للحقل!!. وتضيف "إنها لا تزال تسير بخطوات كبيرة وواثقة في استكمال التحريات في مناطق أخرى وضمن منطقة إجازتهم"!!. كما وإن التقارير الأخيرة تقول وبسبب الظروف العسكرية في المنطقة فإن التهريب لا يتم إلى تركيا، (إن كان هناك تهريب)، وإن تقرير "أخبار بلاتس أويلركرام Platts Oilgram News"، في أواخر عام 2007، يقول إن التهريب يتم بصهاريج، ومن خلال طرف ثالث، إلى إيران. علماً إن الشركة النرويجية تقول ليس لهم علم بالتهريب إلى إيران!!. 8- عقد مع شركة دانا كاز DANA GAS لتطوير صناعة الغاز: قبيل إجتماع دبي، في 15/4/2007، وبدون أية دعاية من حكومة الإقليم، أُعلن عن توقيع عقد خدمة بين رئيس وزراء إقليم كردستان وبين شركة DANA GAS (وهي الشركة المملوكة من نفس شركة كرسنت بتروليوم Cresent Petroleum) ومقرها الإمارات المتحدة، لمشروع تطوير الغاز في كردستان العراق. إن "دانا كاز" أعلنت في ذلك اليوم أنها وقعت على عدة إتفاقيات مع حكومة الإقليم، أحدها سمّتها "بروتوكول التحالف الستراتيجي Strategic Alliance Protocol"، وكذلك البدء بمشروع سمّته "مدينة الغاز الكردستانية Kurdistan Gas City"، وهو المشروع الذي يشجع إستثمار القطاع الخاص في الصناعات المتعلقة بالغاز، ولا أعرف كنه هذا المشروع. ولكن المشروع الأهم الذي تم توقيعه هو عقد خدمة لتطوير وتصنيع ونقل الغاز من "حقل خورمور Khor Mor كورمور" الغازي، وبطريقة سريعة لتجهيز محطة لتوليد الكهرباء في أربيل وأخرى في السليمانية بالغاز، وهما تحت الإنشاء، على أن يكمل العمل في كانون الثاني 2008، وبإستخدام وتطوير وحدة معاملة للغاز موجودة في موقع كورمور. وسنتكلم عن المشروع لاحقاً. كما يظهر وإثناء مناقشة مسودة قانون النفط والغاز في 15/2/2007، ووضع فقرات في كيفية معالجة العقود السابقة التي وقعها إقليم كردستان، فإن وزارة الموارد الطبيعية كانت تتفاوض مع "دانا غاز" حول هذا المشروع، وكان العقد، الذي أعلن عنه بعد حوالي الإسبوعين من توقيعه، في طور المناقشة النهائية، ولم تعرف وزارة النفط الإتحادية أي شئ عنه. إن وزارة النفط الإتحادية في ذلك الوقت كانت تتفاوض مع شركات لتطوير نفس المشروع، ويقال إن العقد الذي توصل إليه، (مع شركة هندية)، كان بسعر يقل جداً عن العقد الذي وقعته حكومة إقليم كردستان. بالواقع لا أستطيع أن أجزم بذلك، إذ أننا لا نعرف الأسعار النهائية ولا حجم العمل النهائي في كلا العقدين. إن مسودة القانون في 15/2/2007 كانت قد وضعت حقل كورمور الغازي (ضمن محافظة صلاح الدين)، وضمن الملحق (2)، الحقول غير المنتجة القريبة من عقد الإنتاج. وقام السيد آشتي في ملاحقه الجديدة التي قدمها مع تصريحه في 27/4/2007، أن طلب "نقل حقل كورمور الغازي" الى ملحق رقم (4) كرقعة إستكشافية، لأن حكومة الإقليم تتفاوض عليه – حسب قوله – ليكون مصدر وقود لمحطة كهربائية. كذلك طلب نقل حقل جمجمال الغازي من ملحق رقم (3) الى ملحق (4) للرقع الإستكشافية لأن حكومة الإقليم ملتزمة حوله لإنتاج الكهرباء. لقد قام السيد آشتي بتحويل حقلين غازيين، أي إنهما حقلان مكتشفان ولا يوجد أي إحتمال بعدم وجود الغاز، وتحويلهما الى رقع استكشافية، أي إلى مناطق غير مكتشفة يحتمل أو لا يحتمل وجود الغاز أو النفط بهما. ولكن والحق يقال، إننا كنا محظوظين في هذه المرة، إذ إن العقد (لحد الآن!!) هو عقد خدمة وليس عقد مشاركة بالإنتاج!!. إن حقل كورمور قد يقع في "أراضٍ متنازع عليها" سواء في محافظة صلاح الدين أو في محافظة التأميم، والمفروض – وحسب ما بيّنا سابقاً – أن يكون تحت إشراف الحكومة الإتحادية لحين ظهور نتائج الإستفتاء حسب المادة (140) من الدستور، لذا فالعقد غير دستوري عند التوقيع، وغير دستوري الآن، ولا نعلم ماذا ستكون نتيجة الإستفتاء في منتصف 2008. علماً إن الخرائط التي لدينا لا تظهر عقد كورمور في أراضٍ متنازع عليها، وإنه يقع جنوب غرب حقل جمجمال، ولكن هذا الأمر لا يبدل الصورة الدستورية. كما قلنا إن العقد الرئيسي هو لتطوير ومعالجة الغاز الطبيعي من حقل كورمور، وكذلك تقييم قدرات حقل غاز جمجمال. وحسب ما جاء في صحيفة القدس العربي في 22/11/2007، فإنه قد تم 60% من مشروع كورمور، ومن المتوقع البدء بإنتاج اول كمية من الغاز في أوائل 2008 وفقاً للجدول المقرر، في حين بدأت اعمال المسح السايزمي في حقلي كورمور وجمجمال لتقييم المعلومات الجيولوجية والجيوفيزيائية على أن تباشر عمليات الحفر والإنتاج من حقل كورمور في أوائل عام 2008، يتبعها حقل (أو حقول) جمجمال لمعرفة القدرات الكاملة لهذا الحقل الغازي. لقد اكملت في 5/8/2007 شركة Wovely Parsons لحساب شركة دانا كاز وكرسنت بتروليوم، تقرير أسس التصاميم الأولية Basic of Design، لهذا المشروع ويظهر من هذا التقرير إن الإنتاج الأولي سيعتمد على الآبار الخمسة المحفورة سابقاً في حقل كورمور، وإن التصميم يستطيع إنتاج (300) مليون قدم3 قياسي مقمق في اليوم، و(10) الف برميل/ اليوم من الماء يفصل عن الإنتاج، وينتج عرضياً نتيجة إنتاج الغاز. سينتج المشروع كمية (250) مليون قدم3 قياسي مقمق في اليوم من الغاز الجاف والحلو (الخالي من كبريتيد الهيدروجين)، يذهب منها (150) مقمق/ اليوم الى اربيل لتزويد محطة كهرباء أربيل بواسطة انبوب ذو قطر (24) عقدة، وبطول كلي قدره (174) كيلومتر (منها 58 كيلومتر من كورمور الى جمجمال، و116 كيلومتر من جمجمال الى محطة كهرباء أربيل). كذلك (100) مقمق في اليوم من جمجمال الى محطة كهرباء بازيان بإنبوب طوله 7كم، وقطر (16) عقدة. لقد لاحظنا إن معدل الميثان C1 في الغاز الطبيعي من آبار كورمور يبلغ حوالي 80.5% والإيثان 8.7%، والبروبان 3.9%، والبيوتان 1.8% والباقي (البنتان مما فوق حوالي 5%). ولكن من وحدة الغاز السائل الموجودة في خورمور، سنحصل على الغاز الجاف الذي سيرسل الى محطات الكهرباء، ويتضمن (C1 بنسبة 89.8%) و(C2 بنسبة 9.8%)، والباقي قليل من C3 والنتروجين وثاني أوكسيد الكاربون. أما غاز كبريتيد الهيدروجين فسيكون فقط قسم واحد/ المليون، بعد أن كان في الغاز الطبيعي في آبار كورمور (200) قسم واحد/ المليون.
الفصل الثاني الأمور الدستورية والقانونية المتعلقة بقانون وعقود الإقليم
سنتطرق الى المواد الدستورية والقانونية والتي تتعلق بمسألة أحقية صدور قانون النفط والغاز لإقليم كردستان – العراق، وبالمحتوى الذي صدر فيه، وكذلك بما يتعلق بأحقية عقود المشاركة (وغيرها) التي وقعتها حكومة إقليم كردستان مع الشركات النفطية الأجنبية. ليعذرني القارئ إذ سيجد أنني أكرر بعض الأمور التي سبق أن تحدثت عنها بهذا الخصوص في كتابي "ثلاثية النفط العراقي" الذي صدر في تموز الماضي، ولكن إعادة توضيح هذه المسألة المهمة يتطلب بعض التكرار مع إضافة فقرات أخرى لم تذكر سابقاً لإعطاء الموضوع حقه، سيما وأنني حين أصدرت الكتاب لم أكن أتوقع أن تصل الأمور بقيادة إقليم كردستان أن تأخذ الأمور بيدها بدون النظر الى موقف الحكومة ومجلس النواب الإتحاديين بهذا الخصوص، وتعطي الإنطباع كأنها "مستفيدة" في تحقيق ذلك من الموقف المتأزم نتيجة الصراع العنيف الموجود في المناطق الوسطى والجنوبية، والمؤجج من الإحتلال اساساً ومن قوى إقليمية ودولية ومحلية، وكذلك الى الموقف المتصاعد لمعارضة مسودة قانون النفط والغاز الى درجة أن الولايات المتحدة قررت إعادة النظر في أولياتها السياسية الموضوعة وخفضت سقف أهدافها التي كان على الحكومة العراقية تحقيقه قبل نهاية أيلول الماضي، ولقد أكدت هذا الأمر النيويورك تايمز في 25/11/2007 في تقرير لها، نقله أيضاً راديو سوا (الممول من الحكومة الأميركية). تقول الصحيفة: "إن الإدارة الأميركية خفضت سقف أهدافها السياسية في العراق، بغية إحراز تقدم سريع على خط المصالحة الوطنية في البلاد، ويشمل هذا التخفيض تأجيل تمرير قانون النفط والغاز، وتأجيل إجراء الإنتخابات البلدية". وبإعتقادي إن هذا قرار "منطقي" من وجهة نظر الحكومة الأميركية، فهناك شكوك قوية من إمكانية تمرير قانون النفط والغاز في الوقت الحالي، وهناك كذلك إحتمال عالي أن تسيطر قوى سياسية من غير القوى الحاكمة على المجالس البلدية في حالة إجراء الإنتخابات البلدية الآن. اما الأهداف المحددة التي أخذت الأولية الأولى والتي يريدون تمشيتها بسرعة فهي تمشية ميزانية 2008 والبالغة 48 مليار دولار، وتجديد التفويض الممنوح من الأمم المتحدة لبقاء القوات الأميركية في العراق (ولقد تم ذلك فعلاً في 20/12/2007)، واقرار قانون المساءلة والعدالة. وتؤكد الصحيفة إن واشنطن لن تتخلى عن اهدافها السياسية الأساسية ومشددة على ضرورة تحقيقها في نهاية المطاف، والمقصود بهذه الأهداف هي "الشراكة الستراتيجية" و"قانون النفط". (ولقد لاحظنا ذلك بوضوح من خلال "اعلان المبادئ" الموقع بين بوش والمالكي، ومن قبل التصريحات المستمرة حول قانون النفط). وتستمر الجريدة لتقول "إن البيت الأبيض ارسل في اوائل تشرين الأول مجموعة من كبار مستشاريه الى العراق للعمل مع بغداد، على مجالات تشريعية محددة. ويشمل ذلك وكيل وزارة الخارجية لشؤون الإقتصاد والطاقة والزراعة روبن جفري الثالث Reuben Jeffery III والذي يعمل على الميزانية وقانون النفط. ودافيد ساترفيلد David Satterfield المستشار الأقدم في وزارة الخارجية لشؤون العراق للعمل على الإنتخابات البلدية وقانون المساءلة. كذلك تم إرسال بريت مكاكرك Brett Mc Gurk مدير مكتب العراق في مجلس الأمن القومي والذي يضغط لتمديد بقاء القوات الأمريكية وتحقيق الإتفاقية الأمنية مع العراق". من هذا نرى إن حكومة إقليم كردستان مررت في هذه الظروف قانون النفط والغاز الإقليمي الذي صادق عليه مجلس النواب لإقليم كردستان في 6/8/2007، ووقعت عقود المشاركة في 2/10/2007 و 4/11/2007 المشار إليها في الفصل الأول اعلاه، قائلة إنها صدرت بموجب الدستور، كما إنها وقعت عقود النفط بموجب قانونها وحقها الدستوري. وما قامت به سيفيد العراقيون جميعاً. أرجو من القارئ أن يعذرني لمرة أخرى، ويطيل صبره، لأنني سأضطر الى كتابة بعض النصوص الدستورية كاملة، حيث أن حديث مسؤولي إقليم كردستان يكرر بإستمرار بأن قانون وعقود النفط الإقليمية تسير وفق الدستور وانهم متمسكون بالدستور الذي تم الإستفتاء عليه من قبل الشعب العراقي. وفي القانون الإقليمي يتكرر ذكر المواد الدستورية (112 و115) مرات ومرات وكذلك الفقرة (121)، وكأن الدستور، وفيما يتعلق بالنفط هي هذه الفقرات فقط. من الواجب عليّ أن أبين هنا رأيي الشخصي في الدستور العراقي. إنني لا أعتبر الدستور العراقي دستوراً جيداً، إذ أنه مملوء بالتناقضات، وموضوع بشكل توفيقي غير ناجح، بحيث أصبح "حمّالة أوجه"، تستطيع الجهات السياسية المختلفة، أن تفسره بما تشاء بأخذ مواد منه بمعزل عن بقية المواد الأخرى، وهذا ما سنوضحه في هذا الفصل. ولكن وبنفس الوقت إن هذا الدستور هو دستور العراق حالياً وأُقر من غالبية العراقيين لسبب أو لآخر، ولا يمكنني الطعن في ذلك وعليّ قبوله ومناقشته كأمر شرعي واقع وموجود ويفرض سلطته القضائية على كل القوانين والأنظمة في العراق حالياً، ومنه توصلت، وبقناعة تامة، عن عدم دستورية جميع إجراءات حكومة إقليم كردستان فيما يتعلق بأمور النفط. وحول هذا الموضوع أود تبيان ما يلي: 1- المادتان الدستوريتان (140) و (142) وعلاقتهما بالنفط: إن دستور جمهورية العراق والذي نشر في الجريدة الرسمية في 28/12/2005، أقر بعد ان حصل على موافقة غالبية العراقيين في استفتاء شعبي وفي ظروف أمنية غير طبيعية او ملائمة لإستفتاء شعبي. لم ينشر الدستور بكامله للمناقشة الا قبل الإستفتاء بيوم او يومين، لذا فإن الغالبية العظمى من الجماهير لم تطلع عليه قبل الإستفتاء، ومن اطلع عليه كانت قلّة محددة تريد متابعته، وفي كل الأحوال لم تطّلع أو تستطيع مناقشته كله، إذ ان هناك مواد اضيفت قبل أيام قليلة من الإستفتاء لإستحصال الموافقة عليه من قبل قطاع واسع من الشعب العراقي كان يريد المقاطعة، ومن هذه المواد هي المادة (142)، وعلى إفتراض أن سيكون بإمكان هذه المادة حل مشكلة المعارضة لهذا الدستور، وهي بالأساس ما يتعلق بمفهوم الفيدرالية، ودور الحكومة المركزية بالصيغ الموضوعة في مواد الدستور، وكذلك مسألة النفط الموضوعة بشكل مشوش ومتناقض، اضافة – طبعاً – الى مواد اخرى ليست مثارة بصورة جدية في الوقت الحاضر رغم أهميتها. أ- إن المادة (142): تقع ضمن الفصل الثاني في (الأحكام الإنتقالية) من الدستور وتقول ما يلي: أولاً: يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي، مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصيات بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها. ثانياً: تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتعد مُقرة بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس. ثالثاً: تطرح المواد المُعدَّلة من قبل مجلس النواب وفقاً لما ورد في البند (ثانياً) من هذه المادة على الشعب للإستفتاء عليها، خلال مدة لا تزيد عن شهرين من تأريخ إقرار التعديل في مجلس النواب. رابعاً: يكون الإستفتاء على المواد ناجحاً، بموافقة أغلبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر. خامساً: يستثنى ما ورد في هذه المادة من أحكام المادة (126) المتعلقة بتعديل الدستور الى حين الإنتهاء من البت في التعديلات المنصوص في هذه المادة. (المقصود بالمادة 126 هو ما يتعلق بطريقة تعديل الدستور في الظروف الإعتيادية). إن هذه المادة المهمة جداً لم يتم تنفيذها لحد الآن، فهي موضوعة بشكل بحيث يمكن حتى عدم تنفيذها بالمرة، إذ لم تحدد هذه المادة المدة التي يجب على مجلس النواب البت بها وفقط حددت مدة تقديم اللجنة لمقترحاتها والبالغة أربعة أشهر، على إفتراض إن "بداية عمل المجلس" المشار إليها في أولاً يعني أول عمله له بعد إنعقاده. أما المادة الثالثة فإنها تحدد فترة شهرين من تاريخ إقرار التعديل في مجلس النواب، ولكن لم يذكر ما هي الفترة المحددة لمجلس النواب لإقرارها هل هي بالشهور ام بالسنوات!!. وهناك أمر غريب في ثانياً من هذه المادة، فقد تفهم أن التعديلات يجب أن تُقَر بدفعة واحدة. وهذا يعني إذا كان هناك (20) تعديل فيجب قبولها أو رفضها كلها مرة واحدة، بالرغم من أن بعض النواب قد يقبل البعض ويرفض الآخر، وهذا الأمر ينطبق على الإستفتاء أيضاً. إن هذه المواد المراد تعديلها كانت قد خلقت "الحيرة" أصلاً عند تفسير الدستور، "والحيرة" عند النواب وبقية افراد الشعب الذين يؤيدون بعض التعديلات ويعارضون الأخرى، وهم بالتأكيد الغالبية العظمى من النواب والشعب، هذه الحيرة تدفع على العموم بإتجاه رفضها، أو يكون قبولها ليس عن قناعات شخصية وإنما لتأثيرات أخرى مختلفة. على أية حال لم يتم حل هذا الأمر لحد الآن ولا نعرف متى يتم!!؟. إن هذا الأمر هو الذي جعلني أُغير شكل المناقشة الدستورية لقانون النفط والغاز، وكما موضح في كتابي المشار إليه، ففي دراستي الأولى في 31/1/2007 كنت أتكلم عن ضرورة تعديل الدستور للوصول الى قانون صحيح، أما في دراستي الثالثة التي نشرت في 9/5/2007 فلقد افترضت إن الدستور لن يعدل وعليّ النقاش ضمن ما موجود حالياً، وهذا هو نفس الطريق الذي سأسلكه في هذه الدراسة. علماً إن السؤال دائماً يطرح نفسه هنا، وهو كيف يبت بالمادة (140)، ويصدر قانون للنفط والغاز، ولم ينته البت بالمادة (142)؟؟، إذ من المفروض إنهاء المادة (142) كأول عمل لمجلس النواب. ب- إن المادة (140): أيضاً ضمن الفصل (الأحكام الإنتقالية) من الدستور، كذلك المادة (141) المتعلقة بالمادة (140): * المادة (140) تقول: اولاً: تتولى السلطة التنفيذية إتخاذ الخطوات اللازمة لإستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحة الإنتقالية، بكل فقراتها. ثانياً: المسؤولية المُلقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الإنتقالية والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية، تمتد إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب الدستور على أن تنجز كاملة (التطبيع، الإحصاء، وتنتهي بإستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول سنة ألفين وسبعة. * المادة (141): تقول: يستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في إقليم كردستان، وتعد القرارات المتخذة من حكومة إقليم كردستان – بما فيها قرارات المحاكم والعقود – نافذة المفعول، ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها حسب قوانين اقليم كردستان، من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة للدستور. من أعلاه نرى وجود تحديد تأريخ واضح لإنهاء تنفيذ المادة (140) وهو 31/12/2007، ولم تكن سائبة كالمادة المهمة جداً (142). إن المادة (140) ايضاً مهمة جداً، وخصوصاً ما يتعلق بهذه الدراسة، فهي تتعلق "بكركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى"، وهذه المناطق بمجملها تقريباً، مناطق منتجة حالياً للنفط او توجد فيها حقول معروفة ولكن غير مستغلة، أو تحوي تراكيب ذات توقعات عالية لوجود النفط فيها. إن المادة (140) لم تنفذ لحد الآن ونحن في نهاية سنة 2007، ولأسباب عديدة ليس هذا مكان مناقشتها، إلا إن وجوب تنفيذ أو طلب تأخير أو عدم تنفيذ هذه المادة كان أحد أسباب التوتر بين السلطة الإقليمية المستقرة نوعاً ما، والسلطة الإتحادية المحملة بمشاكل جمة ليست المادة (140) في أولياتها، وهي بالواقع لا تستطيع أن تكون سلطة فعلية في المناطق المتنازع عليها لفرض هيبتها، ولهذا حلت محلها في أماكن مختلفة القوات العسكرية الكردية (البيشمركة) لحماية الأمن. ونتيجة ضغوط كبيرة داخلية وخارجية، آخرها من ممثل الأمم المتحدة تم تأجيل تنفيذ هذه المادة الى موعد لا يتجاوز 30/6/2008، علماً إن السيد عدنان المفتي رئيس برلمان كردستان العراق قال في صحيفة الشرق الأوسط في 21/12/2007 بأن برلمان كردستان سيناقش اقتراح التمديد... وإذا حدث التمديد هذه المرة فلن يحدث في مرة ثانية. ولقد وافق برلمان الإقليم على التمديد لمدة ستة أشهر. ولغرض إتمام الصورة لهذه المادة علينا الإطلاع على المادة (58) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، والمادة (58) هذه تتكلم عن أمور عديدة تخص المهجرين وسلب العقارات والأمور المشابهة التي تمت في العهد السابق، وسنذكر هنا ما يتعلق بموضوعنا... ومنها الفقرات التالية: أ- .... بإتخاذ تدابير من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق والمتمثلة بتغير الوضع السكاني لمناطق معينة بضمنها كركوك... ب- لقد تلاعب النظام السابق أيضاً بالحدود الإدارية وغيرها لأغراض سياسية... والمطلوب معالجة تلك التغيرات غير العادلة. ج- تؤجل التسوية النهائية للأراضي المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، الى حين إستكمال الإجراءات اعلاه، وإجراء احصاء سكاني عادل وشفاف حين المصادقة على الدستور الدائم. يجب أن تتم التسوية بشكل يتفق مع مبدأ العدالة، آخذاً بنظر الإعتبار سكان تلك الأراضي. عند النظر ملياً في المادة (140) من الدستور الدائم، والمادة (58) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، يظهر لنا إن الوضع يجب أن يبقى على حاله السابق، (او كما تقول القاعدة الفقهية المعروفة: يبقى الحال على ما كان عليه لحين إتخاذ قرار بوضع قانوني مخالف). وهذا يعني وبكل وضوح، إن المناطق المتنازع عليها وبضمنها كركوك، ولحين اجراء الإستفتاء عليها ومعرفة النتيجة، تبقى بيد الحكومة الإتحادية جميعها وبدون إستثناء. ولهذا من الناحية الدستورية لا يمكن خلق أية حقائق جديدة على الأرض من قبل حكومة الإقليم. وفيما يخص موضوعنا فإن حقل كركوك وبضمنه قبة خرمالة يقع في المناطق المتنازع عليها، ولهذا فهو تحت السيطرة الكاملة للحكومة المركزية لحين إجراء استفتاء ومعرفة نتائجه. ونلاحظ هنا، إن حقل كركوك مثلاً يقع في المناطق المتنازع عليها حصراً، فكركوك مذكورة نصاً، وليس هناك تأويل آخر. لهذا فإن الإنتاج منه وتحسينه وتطويره هو حصراً بيد الحكومة المركزية، وضمن هذه الأعمال تطوير قبة خرمالة، سيما وإن جميع المعدات كانت قد وصلت، وإن هذا التطوير سيزيد الإنتاج من حقل كركوك. لذا فإن منع سلطات الإقليم، بأي شكل من الأشكال، لكادر وزارة النفط من إكمال نصب وتشغيل والإنتاج من خرمالة هو خرق فاضح للدستور العراقي، وهو خرق حتى لو لم يتمدد تنفيذ المادة (140) الى منتصف السنة القادمة، إذ كان من المفروض أن يكمل العمل خلال سنة 2007. والأهم من هذا فإن إحالة قبة خرمالة، والواقعة ضمن المناطق المتنازع عليها، الى شركة النفط الوطنية لكردستان العراق، هو خرق آخر أكثر فداحة من الأول، إذ خلق وقائع جديدة على الأرض ولوضع الحكومة الإتحادية امام الأمر الواقع. وهذا الخرق الكبير للدستور لا يشمل قبة خرمالة فقط وإنما المشكلة الكبرى إنه شمل عقد شركة هنت الأميركية إذ تجاوز الى محافظة نينوى وبعقود مشاركة بالإنتاج!!!، وكذلك من المحتمل أن يشمل الحقل الغازي كورمور، والذي أحيل إلى شركة دانا غاز بعقد خدمة. إن هذه الخروقات الدستورية من قبل حكومة إقليم كردستان لم تتوقف عند هذا الحد. فلقد أعلن برلمان كردستان صراحة في الفقرة رابعاً من المادة (19) من قانون النفط والغاز لإقليم كردستان، الذي صودق عليه في آب الماضي، "إن على الحكومة الإتحادية أن لا تمارس أية عمليات نفطية جديدة في المناطق المتنازع عليها دون أخذ موافقة حكومة الإقليم لحين اجراء الإستفتاء بموجب المادة (140) من الدستور..." ولم يمنع حكومة الإقليم ايضاً من ذلك، وفي الواقع اعطاها الحرية في العمل، وكأن الإستفتاء هو أمر شكلي وليس أمر دستوري. إن الدستور، وفي المادة (140) بالذات، يقول العكس تماماً. فإن السلطة الإتحادية لها مطلق الصلاحية للعمل النفطي ولا يوجد أية صلاحية مهما كانت صغيرة للسلطة الإقليمية. إن هذا التصرف من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لإقليم كردستان في أخذ الأمور بيدها، وبالقوة، أمر غريب. إنني عندما اقول بالقوة لا أبالغ بالأمر، إذ أن القوة العسكرية الضاربة لسلطة الإقليم (اي البيشمركة) موجودة على الأرض، في المناطق المتنازع عليها، وهو امر غير دستوري بالطبع، ولا تستطيع الحكومة المركزية أن تعمل شئ. والمضحك المبكي إن القوى الحاكمة في كردستان لها دور كبير جداً في الحكومة الإتحادية هي ليست ثانوية وإنما لها دور فاعل جداً في السلطتين الإتحاديتين التشريعية والتنفيذية، وركن أساسي في تشكيلة الدولة العراقية الحالية!!. أما بالنسبة للمادة (141)، فكما يفهم منها أنها تتكلم عن التشريعات الصادرة منذ عام 1992 لحين تشريع الدستور، مالم تلغى او تعدل حسب قوانين إقليم كردستان وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور. أي كل قانون أو نظام إقليمي كردستاني صدر سابقاً، أو يصدر بعد صدور هذا الدستور يجب أن يكون وفق هذا الدستور، وسنرى إن كان الأمر كذلك!!. 2- المواد الدستورية 112 و115 و114 و121 وكذلك 110: تذكر قيادات إقليم كردستان، وكذلك قانون النفط والغاز لإقليم كردستان، المادتين 112 و115 بكثرة، وتذكر أيضاً المادة 121 من الدستور. وسنذكرهم أدناه. كما أذكر هنا أيضاً المادة (110) المتعلقة بالصلاحيات الحصرية للحكومة الإتحادية، لأن المادة (115)، تطرقت إليها وتعمل بها. أ- المادة (112): أولاً: تقوم الحكومة الإتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء العراق، مع تحديد حصة محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون. ثانياً: تقوم الحكومة الإتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الإستراتيجة اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الإستثمار. ب- المادة (115) والمادة (114): تقول المادة (115) "كل ما لم ينص عليه في الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الإتحادية والأقاليم، تكون الأولوية لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما". أما المادة (114) فهي للإختصاصات المشتركة بين السلطات الإتحادية وسلطات الإقليم (أو المحافظات)، وتتضمن: أولاً: إدارة الكمارك. ثانياً: تنظيم مصادر الطاقة الرئيسية وتوزيعها. ثالثاً: رسم السياسة البيئية. رابعاً: رسم سياسات التنمية والتخطيط العام. خامساً: رسم السياسة الصحية العامة. سادساً: رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة. سابعاً: رسم سياسة الموراد المائية الداخلية، وتنظيمها بما يضمن توزيعاً عادلاً لها. ج- المادة (121): سأذكر هنا فقط الفقرتين أولاً وثانياً من هذه المادة، والمتعلقتين بموضوعنا، وهما الفقرتان التي يشير اليها قانون النفط والغاز لإقليم كردستان. أولاً: لسلطات الأقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لأحكام هذا الدستور، بإستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الإتحادية. ثانياً: يحق لسلطة الإقليم، تعديل تطبيق القانون الإتحادي في الإقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الإتحادي وقانون الإقليم، بمسألة لا تدخل في الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية. د- المادة (110): وهذه المادة تحدد الإختصاصات الحصرية للسلطة الإتحادية (اي المركز)، وهي عدة نقاط أذكر ما يتعلق بموضوعنا: أولاً: رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والإتفاقيات الدولية، وسياسة الإقتراض والتوقيع عليها وإبرامها، ورسم السياسة الإقتصادية والتجارية الخارجية السيادية. ثالثاً: رسم السياسة المالية، والكمركية، وإصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية، وإنشاء البنك المركزي وإدارته. سابعاً: وضع مشروع الموازنة العامة والإستثمارية. هـ- مناقشة المواد الدستورية أعلاه: من قراءة الفقرات أعلاه قراءة دقيقة نجد ما يلي: اولاً: ضمن السلطات الإتحادية الحصرية في المادة (110)، لا نجد النفط ضمنها نصاً، ولكن نجد ما يلي: - "المعاهدات والإتفاقية الدولية". وهنا بالتأكيد تدخل منظمة أوبك، المنظمة الدولية النفطية وكذلك منظمة أوابك، ضمن ذلك، وإلا اين نضعهما؟ هل نضعهما ضمن صلاحية الأقاليم أم ضمن صلاحية الحكومة الإتحادية. الواضح أنها ضمن صلاحية الحكومة الإتحادية. كيف يمكننا الإلتزام بمقررات أوبك حول تحديد سقف الإنتاج والتصدير والأسعار بدون السيطرة الإتحادية على الإنتاج والتصدير للنفط؟ - "سياسة الإقتراض والتوقيع عليها وإبرامها". ونحن نعرف إن كل عقود المشاركة بالإنتاج، هي عقود إقتراض لأننا لا ندفع إلا بعد إنتهاء العمل والبدء بالإنتاج وإعطاء حصة من النفط كتسديد لهذه القروض التي استثمرت في العراق لتطوير الصناعة النفطية. - "رسم السياسة الإقتصادية والتجارية الخارجية السيادية". النفط اساس السياسة الإقتصادية في هذا البلد وبغيره لا توجد سياسة اقتصادية أو سياسة تجارية، فهو المحور الأساس، بل الوحيد في هاتين السياستين. فهو الحاضر الفعلي والغائب الأسمى في الصلاحيات الحصرية هذه. - "رسم السياسة المالية"، وهل يمكن أن يتم ذلك بدون السيطرة على سياسة الإنتاج النفطي وتصديره. كيف تعمل الحكومة الإتحادية بدون أن تسيطر على هذين العاملين المهمين. - "رسم السياسة الكمركية"، إن عقود المشاركة بالإنتاج تتضمن الكثير من السماحات أو عدم السماحات الكمركية، وهذا الأمر محصور بالسلطة الإتحادية. - "وضع الميزانية العامة للدولة". كيف يمكن أن توضع الميزانية بدون سيطرة الحكومة الإتحادية على سياسة إنتاج وتصدير النفط. - اما الفقرة سابعاً "وضع مشروع الموازنة العامة والإستثمارية" ليفسر لي أحد كيف يمكن للحكومة الإتحادية ان تقوم بذلك، وجميع الأقاليم والمحافظات لها قوانينها الخاصة للنفط، وتتعاقد مع من تشاء وبشروط ما تشاء، وتعطي وتهب لمن تشاء وبغير حساب من قبل بقية الشعب العراقي متمثلاً بمجلس النواب الإتحادي والحكومة الإتحادية. إن السياسة النفطية هي لب مشروع "الموازنة العامة"، و"الموازنة الإستثمارية". ولا يمكن أن تكون إلا بيد الحكومة الإتحادية والبرلمان الإتحادي، حيث يوجد في كليهما ممثلي الأقاليم والمحافظات. هذا وسنرى ضمن الفقرة (3) أدناه مواد أخرى تجعل مسألة "النفط" مسألة إتحادية مركزية حصراً وحسب مواد الدستور. ثانياً: إن الفقرة اولاً من المادة (112) تتحدث عن توزيع الموارد المالية، وينظم بقانون. وهذا ما يعمل عليه في "قانون توزيع الموارد المالية" وحيث بلغت حصة اقليم كردستان 17% من الواردات النفطية. بالرغم من أن لدي تعليق وتحفظ في هذا القانون ولكن هنا ليس المكان المناسب لتبيان ذلك. أرجو من القارئ أن يلاحظ الفقرة (ثانياً)، وهي "تقوم الحكومة الإتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز". لم أطّلع بالمرة على أن قانون النفط والغاز لإقليم كردستان، أو العقود الموقعة من قبل إقليم كردستان قد تمت مناقشتهما سوية بين الحكومة الإقليمية والحكومة الإتحادية، بل كان الأمر مفاجئ للحكومة الإتحادية وجهازها المختص وهو وزارة النفط. كما يظهر أن حكومة الإقليم أرادت ان تضع الحكومة الإتحادية "امام الأمر الواقع"، بينما الدستور يقول غير ذلك بالمرة، إذ يجب أن تتم المناقشة قبل ذلك. وحتى لو اعتبرنا ان مسألة السياسة النفطية هي مسألة "غير اتحادية حصرياً"، وهو امر نرفضه رفضاً باتاً، ولكن نذكره هنا كفرضية، فإن المادة (115) لا يمكن تطبيقها، إذ في هذه الحالة بالذات لا يمكن أن "تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم"، حيث كما ذكرنا أعلاه إن هذه المواضيع المهمة والأساسية للحياة السياسية والإقتصادية لجميع العراق لم تتم مناقشتها مع وزارة النفط او الحكومة الإتحادية، وإن هاتين الجهتين سمعت بهذه الأمور، التي هزت العالم، من وكالات الأنباء العالمية وليس من حكومة اقليم كردستان. والأدهى من ذلك إن حكومة إقليم كردستان لم تكن مهتمة بالمرة برأي الحكومة المركزية، وإرسال رئيس وزراءها والوفد المرافق له الى بغداد، في منتصف كانون الأول 2007، لولا المشكلة المهمة والحاسمة التي جابهتها وهو ماذا ستفعل بالنفط المنتج، فحتى لو اكمل نصب المصافي بعد سنتين سيكون هناك فائض كبير للتصدير. كيف ستصدر النفط؟ قد يقول البعض إن هذا الأمر ليس آنياً، "ويحله الف حلاّل" بعد سنوات!. ولكن هذا القول غير صحيح فالمسألة آنية إذ أن الإنتاج التجاري من حقول الشركة النروجية سيكون في الفصل الأول من عام 2008 ويمكن حتى القيام به الآن، كما وإن انتاج خرمالة الأولي سيكون خلال شهور قليلة. ما العمل؟. لنذهب الى بغداد ونضعهم امام الأمر الواقع. سأتطرق في الفقرة (4) أدناه الى تصريحات السيد رئيس الجمهورية العراقية والسيد رئيس اقليم كردستان والسيد رئيس البرلمان الكوردستاني بهذا الخصوص. ثالثاً: إن المادة (114)، وكما بينا أعلاه تتحدث عن الإختصاصات المشتركة بين السلطات الإتحادية وسلطات الإقليم. ولو أخذنا هذه المادة مع المادة (115)، فهذا يعني في حالة الإختلاف بين السلطة الإتحادية والسلطة الإقليمية، يؤخذ بما جاء في المادة (114)، إلا إذا وجدت في المادة (110) – أي الفقرات الحصرية بالحكومة الإتحادية – . إننا نرى إن النفط غير موجود في المادة (114) – الإختصاصات المشتركة – ، ولكن موجود في المادة (112) – وهي أيضاً من الإختصاصات المشتركة ولكن مختصة بالنفط. من الناحية العملية، تكون المادتان (112 و114) مختصة لجميع الإختصاصات المشتركة، والذي يعني تعامل بنفس المعاملة، وذلك بما يتعلق بالعلاقة بين السلطة الإتحادية والسلطة الإقليمية، أي الرأي النهائي هو للإقليم أو المحافظة في حالة وجود الإختلاف بين هاتين السلطتين. لو رجعنا للمادة (114)، ونظرنا إليها بنظرة سطحية، دون الدخول بالتفصيل، لوجدنا أمراً عجيباً. فمثلاً الفقرة رابعاً (من المادة 114)، تقول "رسم سياسات التنمية والتخطيط العام". هل هنا نتحدث عن سياسات التنمية والتخطيط العام لكل العراق؟!. بالتأكيد، لا، إذ لا يمكن أن يؤخذ رأي "إقليم" أو "محافظة"، ونعتبره الرأي النهائي بالموضوع، ونهمل رأي الحكومة الإتحادية. لهذا هنا المقصود عند مناقشة الخطة العامة للعراق لرسم سياسات التنمية والتخطيط، تتم المناقشة مع المحافظة أو الإقليم في المشاريع التي تقترحها الحكومة الإتحادية، (والتي وضعت الخطة أصلاً)، في ذلك الإقليم أو المحافظة، وضمن الموارد المالية المخصصة لها، وإن رأي الإقليم/ المحافظة، تعديل أو تبديل عليها، فيؤخذ رأي الإقليم/ المحافظة. وهذا الأمر نفسه يطبق على الفقرة ثانياً (مصادر الطاقة الرئيسة)، وخامساً (السياسة الصحية العامة)، وسادساً (سياسة الموارد المائية الداخلية). هنا نتحدث عن جزء يخص الإقليم/ المحافظة، من السياسة العامة. هذا الأمر نفسه ينطبق على المادة (112) المتعلقة بالنفط والغاز. إذ إن السياسة العامة تضعها الحكومة الإتحادية، لكن لو مثلاً، إقترحت في الخطة أن يكون التنقيب أو الإستكشاف في منطقة أحد أقضية السليمانية، وإرتأت الحكومة الإقليمية أن يكون في احد أقضية أربيل، وبعد النقاش يؤخذ بالرأي النهائي للإقليم، وذلك ضمن خطة عامة للعراق، تضعها وزارة النفط. إن خطة وزارة النفط للإنتاج والتوسع تكون محكومة بقرارات أوبك، والميزانية العامة للعراق، والخطط الإستثمارية العامة للعراق، والنقد الواجب وضعه كإحتياطي في البنك المركزي، والديون الواجب دفعها... إلخ من الأمور التي هي محصورة بالحكومة المركزية. ولكن عند الدخول في التفاصيل لكل إقليم/ محافظة فعند ذاك تتم المناقشة وعلى ضوئها يكون القرار النهائي للإقليم/ المحافظة. 3- المواد الدستورية (27) و(111): أ- تقول المادة (27) من الدستور: "اولاً: للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن. ثانياً: تنظم بقانون، الأحكام الخاصة بحفظ اموال الدولة وادارتها وشروط التصرف فيها، والحدود التي لا يجوز النزول عن شئ من هذه الأموال." ب- تقول المادة (111): "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات." من قراءة المادتين أعلاه نجد ما يلي: ج- مناقشة المواد الدستورية أعلاه: اولاً: بما يتعلق بالمادة (27)، فإنني اتوقع ان يتفق معي السادة في حكومة إقليم كردستان، إن "النفط" هو جزء من "المال العام". وبالواقع، وبنظري، إنه عملياً "كل المال العام"، والبقية وخصوصاً بعد تخريب العراق من قبل النظام السابق بالتنسيق والتعاون والإلهام والتدمير المباشر من قبل الولايات المتحدة الأميركية. لا يوجد حالياً في العراق شئ ذا قيمة مهمة من المال العام سوى "النفط"!!. إذا كان هذا الأمر صحيح فإن للنفط حرمته، والتصرف به يتم بقانون. ولكن من يصدر القانون؟ لا يمكن أن يصدر هذا القانون من إقليم او محافظة (إذ الغريب في دستورنا انه يعامل الإقليم معاملة المحافظات والكل يستطيع ان يصدر قوانينه!!). إن القانون المتعلق بحرمة هذا المال، اي النفط، لا يمكن ان يصدر إلا عن مجلس النواب الإتحادي. واذا كان لسبب أو لآخر إن يرفض هذا المجلس اصدار قانون للنفط والغاز في الوقت الحاضر، والإكتفاء بالقوانين النافذة الحالية بتطوير الصناعة النفطية، أو أراد أن يؤجل اصدار القانون لسبب محدد مثل إن الظروف الراهنة ليست مواتية لإصدار قانون يخدم الشعب العراقي، وإن بموجب القوانين النافذة يمكن اجراء كل التطويرات النفطية اللازمة، عدا توقيع عقود المشاركة بالإنتاج والملتزمة بها حكومة إقليم كردستان قلباً وقالباً، ولأسباب لا اعرف كنهها إذ شملت حتى حقل طق طق!!. إذا اراد مجلس النواب الإتحادي أن يرفض أو يؤجل او يغير فهذا من حقه وليس من حق أية جهة في الأقاليم والمحافظات اصدار اي قانون يغاير ذلك، او ان يفرض رأيه على موقف الشعب العراقي متمثلاً بمجلس النواب فهذا عمل ليس فقط ضد الدستور العراقي، بل يستهين بالدستور والشعب العراقي. لهذا السبب كنت أخاطب دائماً مجلس النواب الإتحادي والحكومة الإتحادية برفض مسودة القانون المعروضة والإنتظار لظروف افضل لإصدار قانون افضل، ويمكن تطوير الصناعة النفطية بالقوانين الحالية. يرجى ملاحظة الفقرة ثانياً من هذه المادة فإنها تلمح وبصورة واضحة عدم التنازل عن هذه الأموال، و"الحدود التي لا يجوز النزول عن شئ من هذه الأموال". ثانياً: ماذا تعني المادة (111) من الدستور، هل هي جملة طافية وزائدة في الدستور، فهي تقول "النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات"، فهل هذا يعني أن كل شخص يستطيع ان يحفر بئر بإعتباره هو جزء من الشعب العراقي. أو إن أي إقليم (او محافظة) يستطيع أن يتعاقد مع أية جهة اجنبية للحفر والإنتاج، باعتبار الإقليم/ المحافظة جزء من الشعب العراقي، ويدعي أنه يعمل بإسمه، فيأخذ حصة الإقليم او المحافظة حسب الدستور، ويرجع الباقي للحكومة المركزية ويعتبر نفسه قد أدى مهمته تبعاً للدستور، وهذا ما يقوله عملياً المسؤولون في حكومة إقليم كردستان وبعض الآخرين حالياً، وقد يقوله مسؤولون في البصرة أو ميسان أو الناصرية غداً، وبمبادرة أو مؤازرة بعض القوى السياسية، مثل المجلس الإسلامي الأعلى، الداعية الى فيدرالية الجنوب وما شابه ذلك، إن هذا الفهم ليس فقط خاطئ وغير دستوري وانما خطر على الكورد أولاً، وعلى بقية العراقيين، وعلى وحدة وسلامة العراق. إن المهم في تنمية وتطوير الصناعة النفطية في العراق هو مركزية القرار وسلامة قانون النفط والعقود النفطية وإلا ستكون الفوضى النفطية العارمة التي ستهدم البيت فوق رؤوسنا، وهذا سنوضحه اكثر في الفقرة (5) أدناه. إن مفهوم المادة (111) واضح، إن لكل فرد عراقي حق "دستوري" في كل بئر يحفر في أي منطقة في العراق (في كل الأقاليم والمحافظات)، فالنفط المنتج في بئر في دهوك له حق فيه العراقي الموجود في بغداد والأنبار والبصرة، أو ما نقوله في العراق "من زاخو لحد الكويت"، والعكس صحيح بالضبط، إذ إن أي عراقي من أقصى إقليم كردستان له حصة من النفط الموجود في أقصى منطقة في جنوب العراق. بنفس الوقت تقول المادة أن النفط للعراقي ولا توجد فيه حصة للأجنبي، ولا يمكن دستورياً أن يشارك فيه غير العراقي، ومعنى المشاركة هنا مطلقة، إذ لا يمكن لغير العراقي أن يشارك حتى بقطرة واحدة من النفط أو بنسمة واحدة من الغاز. ولهذا تكون عقود المشاركة بالإنتاج عقود غير دستورية، ويجب تعديل هذه المادة من الدستور ليمكن إدخال عقود المشاركة بالإنتاج. وطبعاً الخزي كل الخزي لمن يحاول أن يعدّل هذه المادة. من هذا نرى إن المواد 112، 115، 121 تتعلق بكل شئ في النفط عدا الخطة الإنتاجية والتوسعية والتصدير والتعاقدية فهذه حصة الحكومة المركزية حصراً، وتنفيذ بقية الأمور يكون من حصة الأقاليم والمحافظات وبالتنسيق مع الحكومة المركزية. هذا هو الدستور العراقي الحالي. ثالثاً: أحب ان اوضح أن القانون النفطي الوحيد النافذ حالياً في العراق هو القانون رقم (84) لسنة 1985 بإسم قانون "الحفاظ على الثروة الهيدروكربونية"، ولو إن هدف هذا القانون هو بالأساس المحافظة على الثروة الهيدروكربونية من التلف والهدر وإستغلالها وفق الأسس العلمية السلمية فنياً واقتصادياً، كما جاء في المادة الأولى (أولاً) منه، فهو واضح بشموله جميع عمليات الإستكشاف والتقييم (المادة التاسعة وجميع الفصل الثاني)، وانشاء المرافق الخدمية والإنتاجية (المادة السادسة)، وعمليات الحفر (جميع الفصل الثالث)، وتطوير المكامن الجديدة (جميع الفصل الرابع)، والإنتاج والمكامن (الفصل الخامس)، وغيرها من الأمور النفطية التي جميعها مشمولة بهذا القانون. والأهم من ذلك إن المادة الثانية من القانون تقول في أولاً: تكون وزارة النفط الجهة المسؤولة عن تنفيذ هذا القانون. وثانياً: تحدد بتعليمات تصدر عن وزير النفط الأمور التالية... أي أن القانون حدد مسؤولية جميع العمليات النفطية قاطبة بوزارة النفط وبوزير النفط. حسب جميع المعلومات التي لدي فإن هذا القانون لم يتم إلغائه ولهذا فهو نافذ لحد اليوم، وإلى أن يصدر قانون النفط والغاز الإتحادي والذي يجب أن يلغي هذا القانون لكي يعتبر غير نافذ. من هذا نرى إن تصريحات السيد جمال عبدالله المتحدث بإسم حكومة إقليم كردستان في 25/11/2007 (نقلاً عن موقع صوت العراق)، من أن تصريحات السيد حسين الشهرستاني تفوق حجمه وصلاحياته، وأنه كان على الشهرستاني إنتظار صدور قانون النفط والغاز ليعرف صلاحياته. إذا كان هذا التصريح صحيح، فأقل ما يمكن أن يقال عنه إنه جهل بما موجود من قوانين والتي تعطي وزير النفط الإتحادي الصلاحية الكاملة الآن، وليس عند صدور القانون الجديد، ولا توجد صلاحية لأية جهة أخرى (طبعاً عدا السيد رئيس الوزراء) في العراق للعمل في الأمور النفطية بدون أخذ موافقته وضمن القوانين والدستور الذي لم يجرد الوزير من هذه الصلاحيات. إن موقفي من السيد حسين الشهرستاني واضح في كتابي فأنا ضد مسودة قانون النفط والغاز، وهو من كان يحاول أن يمررها، فنحن في تضاد في هذا المجال، ولكن في الأمور التي أثارها مؤخراً حول موقف حكومة كردستان وقانونها وعقودها النفطية، فإنني اعتبره موقف صائب من الناحية القانونية والدستورية ويستحق المؤازرة الكاملة، فهو هنا، وفي هذه المسألة، يعمل في مصلحة الشعب العراقي ككل. أما قول السيد جمال عبدالله في نفس تصريحه أعلاه "إن على الشهرستاني تقديم إعتراضاته وشكواه الى المحكمة الدستورية، المختصة بفض النزاعات بين الأقاليم والمركز وفقاً للدستور"، فهو تصريح متعالٍ متغطرس يريد فرض الأمر الواقع، نظراً لضعف الحكومة في بغداد. إنني لأول مرة أقرأ أو أسمع في حياتي أن تذهب الحكومة الفيدرالية للمحكمة الدستورية للإعتراض، إذ من المفروض أن تعترض الأقاليم على الحكومة الإتحادية في هذه المحكمة وليس العكس. 4- ملاحظات موجزة حول قانون نفط وغاز إقليم كردستان والفقرات المتعلقة بإقليم كردستان في مسودة 15/2/2007 لقانون النفط والغاز الإتحادي أود أن اوضح بأنني هنا أرجع دائماً الى مسودة قانون النفط والغاز الإتحادي المؤرخة في 15/2/2007 مع الملاحق، لأنها المسودة الأولى والوحيدة المقرة من مجلس الوزراء "بالإجماع" حسب بيان صادر من مجلس الوزراء في حينه. وهي التي ارسلت الى مجلس النواب، وكذلك أرسلت الى مجلس شورى الدولة لتعديل لغتها القانونية. وهي المسودة التي اشارت إليها (مع ملحقاتها) المذكرة المؤرخة في 26/2/2007 والمقرة من قبل رئيس الوزارة في الحكومة الإتحادية ورئيس إقليم كردستان. إنني أفترض إن الحكومة الإقليمية كانت قد وافقت عليها في البداية، (قد تكون الموافقة بدون الإطلاع الواعي على الملاحق)، وثم تراجعت عن الموافقة على صيغة القانون ككل. كما أود أن أؤكد مرة أخرى إنني ضد هذه الصيغة لأمرين أساسيين – بنظري –، وهما إن مركزية القرار غير واضحة وغير دقيقة، وثانياً لوجود عقود المشاركة بالإنتاج. وبهذا تكون معارضتي عكس المعارضة الحالية لحكومة إقليم كردستان للقانون، إذ أنهم يريدون أن ينهوا تماماً مركزية القرار، ويريدون كذلك أن يوقعوا جميع العقود الآن، وبصيغة عقود المشاركة بالإنتاج. آخذين أعلاه بنظر الإعتبار، أود تبيان الملاحظات التالية:- أ- إن المادة (40) من مسودة القانون الإتحادي المؤرخة في 15/2/2007، والتي وضعت تحت عنوان "العقود القائمة"، تتحدث عن كيفية حل مشكلة هذه العقود، إن كانت هناك مشكلة، إذ أن هذه العقود هي عقود مشاركة بالإنتاج، ومسودة القانون الإتحادي تسمح بذلك تحت نفس المسمى أو مسمى آخر ولكن بنفس المضمون. تقول هذه المادة: أ- تتولى الهيئة المختصة في إقليم كردستان مراجعة عقود التنقيب والإنتاج المبرمة مع أية جهة قبل نفاذ هذا القانون.... وذلك في خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر من صدور القانون. ويتولى مكتب الإستشاريين المستقلين تقييم العقود المشار إليها في هذه المادة بعد المراجعة ويكون رأيه ملزماً فيما يتعلق بالتعامل مع هذه العقود. ب- استثناءاً من أحكام الفقرة (أ) أعلاه، على الوزارة مراجعة جميع عقود التنقيب والإنتاج المبرمة مع أية جهة قبل نفاذ هذا القانون لتكون منسجمة مع الأهداف والأحكام العامة له وأن تعرضها بعد المراجعة على المجلس الإتحادي للنفط والغاز خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.... نلاحظ هنا ما سبق أن أكدناه عدة مرات في كتابنا من أن ما يسمى "عقود التنقيب والإنتاج" هي نفسها "عقود المشاركة في الإنتاج"، حيث إن حكومة إقليم كردستان كانت أكثر شفافية من الحكومة الإتحادية ووضعت الأسماء بمسمياتها ولم تتجنب تسمية "عقود المشاركة" سيئة الصيت. وهنا نلاحظ في الفقرة (أ) من هذه المادة تتكلم عن مراجعة "عقود التنقيب والإنتاج"، وهذا التعبير لم يرد في عقود الإقليم الأربعة التي موقعة لحد ذلك التأريخ، إذ كانت تحت إسم "عقود المشاركة بالإنتاج"، وإن العقود الجديدة التي وقعتها حكومة الإقليم تحمل نفس العنوان الأخير. أما المادة (41) – التعديلات في الحدود الإدارية – من مسودة قانون النفط والغاز الإتحادي في 15/2/2007 فتقول "في حالة إجراءات تعديلات إدارية على حدود الأقاليم والمحافظات المنتجة أو تأسيس أقاليم جديدة فسيتم التعامل مع المناطق التي سيشملها التغير وفقاً لأحكام هذا القانون فيما يتعلق منح التراخيص وإدارة العمليات النفطية". وأعتقد إن النص هنا واضح ويعني أن يبقى الأمر كما هو عليه الآن، أي بالنسبة للمناطق المتنازع عليها أو لإعتبارات أخرى، لحين تأسيس الحدود الجديدة. وهو تأكيد لما كنا قد ذكرناه سابقاً. ب- لقد كنت في دراستي في 31/1/2007 (والموجودة ضمن كتاب ثلاثية النفط العراقي)، قد إمتدحت مسودة القانون الإقليمي التي صدرت في 9/9/2006 باللغة الإنكليزية لرصانة لغتها القانونية ووضوح فقراتها وورود الكثير من الفقرات التي ترينا شفافية المسودة في إعطاء المعلومات وحماية حقوق المواطن، وإنتقدت فيها المسائل الأساسية التي اختلف معها وهي إستغلالها كل الثغرات الدستورية لتخرج من مركزية القرار النفطي، والإعتماد الكبير جداً على عقود المشاركة بالإنتاج مع الشركات الأجنبية والقطاع الخاص. ولكن يؤسفني أن أقول إن القانون الفعلي الصادر في 6/8/2007 جاء دون مستوى المسودة فيما يتعلق بالشفافية وحماية حقوق المواطن. ولن أدخل في التفاصيل ولكن أذكر فقرة واحدة من المادة (31) في المسودة، وغير الموجودة في القانون، إذ حذفت بالقانون في المادة (29)، والتي تعادل المادة (31) في المسودة. إن الفقرة خامساً من المادة (31) في المسودة تقول "بأن الوزارة سوف لن تمنح أية رخصة تتجاوز قيمتها أكثر من (50) مليون دولار، أو أي عقد من عقود المشاركة بالإنتاج، إلا إذا (أ) حصل على تقرير رسمي من لجنة تقييم العقود، والتي يتم تعيين أعضاؤها من البرلمان، وكذلك الحصول على (ب) موافقة مجلس الوزراء. من الناحية العملية إن هذه المادة تعني إن جميع العقود تقريباً تمر على اللجنة البرلمانية، أي على البرلمان وبالتالي يطّلع البرلمان على جميع عقود المشاركة بالإنتاج. هذه الفقرة رفعت في القانون وخسر البرلمان الكردي واجب الإطلاع على العقود قبل إبرامها. هذا وأود أن أوضح بان مسودة 9/9/ 2006 كانت تتضمن (78) مادة مع ملاحق عديدة بينما قانون 6/8/2007 تتضمن (61) مادة فقط. وأود أيضاً أن أشير للقارئ الى بعض مواد وفقرات القانون الإقليمي في 6/8/2007 والمتعلقة بالحكومة الفيدرالية. - لقد ذكرنا سابقاً حول المادة (19) وخصوصاً الفقرات رابعاً وخامساً، التي تمنع الحكومة الإتحادية من ممارسة العمليات النفطية الجديدة في المناطق المتنازع عليها. - الفقرة ثانياً من المادة (2) تقول "إستناداً لأحكام المادة (115) والفقرتين أولاً وثانياً من المادة (121) من الدستور الإتحادي لا يجري نفاذ أي تشريع إتحادي أو إتفاق أو عقد أو مذكرة تفاهم أو أية وثيقة أخرى إتحادية خاصة بالعمليات النفطية ما لم توافق عليها السلطة المختصة في الإقليم على نفاذه. وهذه فقرة غريبة جداً، فقانون النفط والغاز الإتحادي – إن تم تشريعه – سوف لن يكون له أي تأثير في كردستان العراق. لم أسمع في حياتي إن قانون إقليمي أعلى من قانون إتحادي ولنفس الموضوع!!، طبعاً إلا إذا ذكر ذلك بشكل واضح في القانون الإتحادي. - الفقرة ثالثاً (من المادة الثالثة)، تقول "تشترك حكومة الإقليم مع الحكومة الإتحادية في إدارة العمليات النفطية الخاصة بالحقول المنتجة قبل (15/8/2005) في الإقليم إستناداً لحكم الفقرة أولاً من المادة (112) من الدستور الإتحادي. لا أعرف لماذا من 15/8/2005 إذ من المفروض أن يتم ذلك منذ صدور الدستور في 28/1/2005، والمشاركة في الإدارة هنا لا تشمل المناطق المتنازع عليها. ومثلاً في كركوك فإن المشاركة في الإدارة تعني مشاركة مجلس محافظة كركوك أو محافظية كركوك، ولكن لا تعني بالمرة مشاركة حكومة إقليم كردستان لحين الإنتهاء من الإستفتاء ومعرفة نتائجه. - تقول الفقرة ثانياً من المادة السادسة "التفاوض وإبرام الإتفاقيات وتنفيذ جميع الإجازات ومن ضمنها العقود النفطية". هذا الأمر غير دستوري. علماً كنت قد أوضحت رأيي في الصفحات السابقة إن القانون كله غير دستوري أصلاً. - في الفقرة (29) من (المادة الأولى) تعاريف، فهو يعرف عقد مشاركة الإنتاج بما يلي: "نموذج العقد النفطي الذي قد يعرض ويعدل من وقت لآخر من قبل الوزارة، ويتضمن بالإضافة إلى أمور أخرى، على مخاطر إقتصادية وفنية يتعهد بها المقاول مقابل حصة بالإنتاج. من الواضح إن التعريف غير دقيق إذ لا يوجد عقد لا يتضمن مخاطر إقتصادية وفنية، وعقد المشاركة بالإنتاج هو عقد "مجازفة أو مخاطر عدم وجود النفط أو الغاز" وكما أوضحت تفصيلاً في كتابي. إعتراضي هنا على جملة "مقابل حصة بالإنتاج". إن الدستور يمنع إعطاء النفط بأية حصة إلى أجنبي حتى لو كانت برميل واحد من النفط أو متر مكعب من الغاز!!. 5- مناقشة بعض آراء السادة المسؤولين الكورد حول هذا الموضوع:- سأتتطرق هنا إلى بعض أقوال السادة المسؤولين الكبار بهذا الشأن مثل السادة رئيس جمهورية العراق ورئيس إقليم كردستان ورئيس المجلس النيابي الكردستاني، وقد أذكر في سياق المناقشة آراء بعض السادة المسؤولين الآخرين حكومة إقليم كردستان. أ- لقد صرّح السيد رئيس الجمهورية العراقية المحترم قبل حوالي الشهرين حول النقاش الذي دار في الصحافة بين السيد وزير النفط الشهرستاني وبعض السادة من مسؤولي حكومة إقليم كردستان، ومن ضمنهم السيد وزير الموارد الطبيعية في وزارة الإقليم السيد آشتي هاورماني. مع الأسف لم أعثر عند كتابة هذه الملاحظات على المصدر الأصلي للتصريح ولا تأريخه، ولكن أعاد موقع الملف برس في 20/12/2007 ذكر التصريح ولم يذكر تأريخه، وذلك ضمن مقالة حول كردستان العراق والنفط. يقول السيد الطالباني رئيس جمهورية العراق، والعهدة على ناقلي التصريح، "فيما يخص صفقات النفط التي أبرمها الأقليم فإنها لا تتعلق بإنتاج النفط وإستغلاله بقدر ما هي خطوات أولية للتنقيب عن النفط، وعندما نصل إلى الإنتاج والإستفادة من عوائده فعلينا أن نعود الى بغداد كما ينص البند (12) من الدستور العراقي. مما يعني أنه جرى سوء فهم للموقف الكردستاني. فالأكراد لم يطالبوا يوماً بإحتكار النفط وأرباحه." عند الرجوع إلى الدستور فإن المادة (12) تتعلق بالعلم العراقي، ولذا هناك سهو من قبل الصحفي الذي نقل الخبر وأعتقد المقصود المادة (112) التي تكلمنا عنها. أما السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق المحترم فإنه، نقلاً عن موقع راديو سوا في 8/2/2007، قد بحث قانون النفط مع نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الإقتصاد والطاقة روبن جفري، حول الخلافات مع الحكومة المركزية حيث دعى البارزاني حكومة بغداد إلى أخذ قراراتها وفق القوانين من أجل أن تحل كافة المشاكل العالقة حسب القوانين وعبر الدستور الدائم على حد قوله. وقال السيد مسعود البارزاني في 12/12/2007، والعهدة على موقع صوت العراق، وفيما يتعلق بالعقود النفطية التي وقعتها حكومة الإقليم فإنه أكد "إن تلك العقود قانونية ولا تتناقض مع الدستور والصلاحيات الممنوحة لسلطات الإقليم حسب الدستور... وإن أي خلاف حول العقود النفطية مع الحكومة الفيدرالية في بغداد يجب أن يُحل عن طريق الحوار وليس عن طريق وسائل الإعلام وإقحام دول الجوار في القضية". إن موضوع "إقحام دول الجوار في القضية" في إشارة إلى تصريح للسيد الشهرستاني سنتطرق له في فقرة لاحقة. في حديث للسيد عدنان المفتي إلى صحيفة الشرق الأوسط في 21/12/2007، فإنه قال وفيما يخص قانون النفط والغاز: "أعتقد حسن النية يجب أن تتوفر في أية مسألة ونحن نستند إلى الدستور العراقي الذي ينص على الثروات النفطية هي ملك الشعب، والدستور هو الحكم، عندما شرعنا قانون النفط والغاز في إقليم كردستان إنطلقنا من الصلاحيات المخولة لنا وفق الدستور العراقي"، و"إن قانون النفط والغاز في الإقليم سوف يخدم العراق عموماً". وأكد إن العقود المبرمة بين حكومة الإقليم وبعض الشركات الأجنبية مستندة إلى الدستور العراقي، لكننا نستغرب أن يعترض البعض في الحكومة الإتحادية ويرفض هذه العقود قبل أن يطّلع عليها، وعليهم قراءة هذه العقود وإقتراح تعديلها إذا كانت بحاجة إلى تعديل أو إضافة أو حذف بدلاً من رفضها قبل أن يقرأها ويتخذون مواقف سلبية منها ويقولون إن هذه العقود غير رسمية ومرفوضة". وقال ايضاً، "أن يعترضوا على مضمون العقد ويناقشوه فهذا أمر طبيعي، أما أن يلغوا حق الإقليم في إبرام هذه العقود ويقولون ليس من حق الإقليم إبرامها فهذا مخالف للدستور نفسه". وحمل المفتي "الحكومة الإتحادية ومجلس النواب والكتل السياسية التباطؤ في إصدار قانون النفط"، وقال "يجب على العراقيين أن يستثمروا النفط لدعم عمليات البناء والتعمير البلد وتطوير الوضع الإقتصادي للمواطن العراقي. كيف نصل إلى هذا الشئ بدون قانون للنفط وتطوير الصناعة النفطية". علماً إن السيد جمال عبدالله المتحدث بإسم حكومة الإقليم قد ذكر بنفس تصريحه في 25/11/2007 في (ج) من الفقرة (3) الذي سبق الإشارة إليه، حيث قال حول منع إقليم كردستان من تصدير النفط "إن الإقليم في مرحلة التنقيب والإستكشاف، ولن يتم التصدير دون الإتفاق مع بغداد... من قال إننا نقوم بتصدير النفط؟". ب- إن تصريحات المسؤولين المهمين أعلاه هي جزء بسيط مما صرحه سادة آخرون منهم السيد وزير الموارد الطبيعية وغيره، ولكن سأكتفي بما جاء في (أ) أعلاه ومناقشته. إذ كما يظهر لي إن هناك سوء فهم كبير جداً لما يجري في إقليم كردستان بهذا الخصوص، سواء في فهم نص وروح الدستور العراقي، وما هو القانون الإقليمي، ومحتوى العقود التي وقعت وسعتها ومدى المناطق التي شملتها. لهذا إضطررت التوسع في توضيح هذه العقود في الفصل الأول من هذه الدراسة. وأود أن أبين ما يلي حول ما جاء في تصريحات السادة في الفقرة (أ) أعلاه: أولاً: فيما يتعلق بدستورية القانون الإقليمي والعقود التي وقعت فلقد شرحت الكفاية في الصفحات السابقة، وأوضحت إن القانون الإقليمي والعقود الموقعة على ضوء هذا القانون هي غير دستورية، مشيراً إلى أنه يجب على المرء أن يأخذ جميع الفقرات المعنية في الدستور، وليس منتقياً فقرات وتاركاً الأخرى، وهي في مجملها تؤيد ما ذهبت إليه. علماً لم أر لحد الآن مقالة أو دراسة تبرهن كيف إن هذه العقود والقانون هي دستورية، وإنما فقط يقال هذا الشئ ككلام عام لا يدعمه أي تحليل للدستور وعموماً يشار إلى مواد ثلاثة من الدستور فقط. ولهذا سأكتفي هنا بما جاء سابقاً حول عدم دستورية جميع العمليات النفطية في الإقليم. ثانياً: إن العقود الموقعة والعمل الجاري هو ليس "خطوات أولية للتنقيب عن النفط"، كما ذكر السيد رئيس الجمهورية والسيد المتحدث بإسم حكومة إقليم كردستان. لو كان الأمر كذلك لما أثيرت هذه الضجة. إن العقود الموقعة هي عقود مشاركة بالإنتاج، أي تحري وتنقيب وتطوير وإنتاج وتقاسم أرباح. فجميع هذه العقود تصل إلى هذه النتيجة ولا تقف عند حد التنقيب أو التقييم. والأهم من ذلك نحن لا نتكلم عن عقد أو عقدين، فما يجري في كردستان العراق لم يجر في أي بلد في العالم قاطبة. إن السيد آشتي وزير الموارد الطبيعية في الإقليم قال في 6/11/2007 في التصريح المشار إليه سابقاً، إن هناك (20) شركة نفطية تعمل في كردستان (وفي حساباتنا هناك 16 عقد)، وقال أيضاً أن هناك (5) رقع إستكشافية blocks أخرى تنتظر إنتهاء المفاوضات لتوقيع عقودها، وأضاف أن هناك (24) رقعة إستكشافية أخرى تلاقي إهتماماً كبيراً من شركات النفط العالمية، وسيتم الإعلان عنها قريباً. والمضحك المبكي أنه صرح في واشنطن وتكساس في زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية بمعية السيد نائب رئيس وزراء إقليم كردستان، والعهدة على صحيفة الواشنطن بوست في عددها الصادر في 28/11/2007 حيث قال عن توقيع عقود المشاركة في كردستان العراق "نحن لا نحتاج إلى موافقتهم – يقصد الحكومة المركزية – ، وفي كل مرة نسمع غير قانوني نوقع عقدين آخرين". بالواقع لم أصدق إن السيد هاورامي يقول مثل هذا القول، ولو أنه قال أموراً مشابهة في مؤتمر دبي إستهزاءاً بالحكومة المركزية، والتي يشارك بها كورد العراق مشاركة فعالة جداً، كرئيس جمهورية العراق ونائب رئيس الوزراء الإتحادي وعدد كبير من الوزراء، بالإضافة إلى نوابهم في مجلس النواب الإتحادي. ولكن يجب أن أصدق الخبر لأن صحيفة "اخبار دلس الصباحية The Dallas Morning News" أعادت بعددها الصادر في 28/11/2007، أي بنفس التأريخ الذي كان فيه السيد آشتي هاورامي في دلاس، بأنه قال "في كل مرة نحن نسمع غير قانوني، نحن نوقع عقود جديدة". الفارق بين الصحيفتين هو أن الواشنطن بوست تقول أنه قال "نوقع عقدين"، وصحيفة أخبار دلاس تقول أنه قال "نوقع عقود"، ولم يحدد عددها!!!. لا أعرف هل هي معركة مع الحكومة الإتحادية، والسلاح توقيع عقود مشاركة مع الشركات الأجنبية؟!. هل هو تحدي للحكومة الإتحادية المؤتلفة أساساً من الحزبين الكرديين الرئيسيين مع الحزبين الإسلاميين الشيعيين. لماذا لا يريد أن يسمع "غير قانوني" من الغير. والعجيب لم أقرأ أو أسمع له جملة واحدة يقول فيها لماذا يعتبر عمله قانوني، أو لماذا "يستفز" لسماعه غير قانوني بحيث يقنع حكومته لتوقيع عقود أخرى تضر بالعراقيين وأولهم الكورد أشد الضرر، وكما أوضحنا ذلك في كتابنا السابق وكذلك في هذه الملاحظات. إن ما يسعى إليه السيد آشتي وحكومة إقليم كردستان هو توقيع جميع عقود الـ(45) رقعة إستكشافية blocks في كل كردستان العراق وكذلك المناطق المتنازع عليها، وذلك خلال 2007 والنصف الأول من 2008، وغالبيتها العظمى جداً هي عقود مشاركة، إن لم نقل تقريباً جميعها. إن حكومة إقليم كردستان ستدخل بالتأكيد، وبدون منازع، كتاب كينيز للأرقام القياسية، إذ لم يسبق أن وقعت دولة (وليس إقليم) مثل هذا العدد من عقود المشاركة خلال سنتين، ولم توقع أية دولة حتى ربع هذا العدد خلال مثل هذه المدة القصيرة. من سنة 2008 وإلى خمس أو ست سنوات أخرى ستكون هذه الشركات جاهزة للإنتاج التجاري والتصدير. ماذا سنعمل عند ذاك هل سنذهب إلى الحكومة الإتحادية ونرمي الطلب على الطاولة ونأمرها بفتح المجال للتصدير كأمر واقع؟!، وبدون مشاركتها أصلاً بهذا الأمر، حتى لو إفترضنا إن المادتين الدستوريتين (112 و115) تعملان لوحدهما (وهو ما أوضحناه إنه إفتراض خاطئ). أم سنقول للشركات الأجنبية "آسفين لا يسعنا التصدير وإن المبالغ التي صرفتموها ذهبت أدراج الرياح في الوقت الحاضر وإلى أن نجد سبيل لذلك!!؟". إن السيد وزير الموارد الطبيعية قد ورّط حكومته والحكومة الإتحادية والشعب العراقي ورطة كبيرة، ولا أستطيع أن أعرف السبب ولكن أستطيع أن أخمن!. غرور، تعالي، كبرياء، إنه يفهم أكثر من الموجود في الحكومة الإتحادية لا يتنازل لكي يناقش الأمور مع الحكومة الإتحادية وكما تقول المادتين (112 و115)، أو أن الحكومة الإتحادية ستوافق "غصباً ما عليها"!! هل هناك أسباب أخرى ليفكر القارئ معي بأسباب أخرى!! ثالثاً: أما القول "بأننا نستغرب بأن يعترض البعض في الحكومة الإتحادية ويرفض هذه العقود قبل الإطلاع عليها"، فهو قول يثير إستغرابنا نحن. إذ إن العملية برمتها غير دستورية وكما أوضحنا ذلك بالتفصيل، وحتى لو كانت دستورية حسب فهم حكومة إقليم كردستان للمادتين (112 و115)، فالواجب مناقشة وأخذ رأي الحكومة الفيدرالية قبل التوقيع، وإذا قالت الحكومة الفيدرالية لا أو طلبت تعديل لا يوافق عليه الإقليم، عند ذاك يؤخذ برأي الإقليم كما يقول الدستور!. لقد تمت مخالفة هذا النص الدستوري صراحة (وحسب فهم الإقليم للدستور)، إذ تم توقيع العقود النفطية وبدون أن تعرض على الحكومة الإتحادية أو تناقش معها، بأي شكل من الأشكال، أو حتى لم يطلع عليها البرلمان الكوردستاني، وغالبيتها لا تزال "سرية" جداً. رابعاً: أما القول "بأن أي خلاف حول العقود النفطية مع الحكومة الفيدرالية في بغداد يجب أن يحل عن طريق الحوار وليس عن طريق وسائل الإعلام"، فهو قول صحيح، وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال. ولكن لنسأل أنفسنا من الذي أدخلنا في هذه المتاهة. إن الحكومة الإتحادية ووزارة النفط سمعت عن الأمر أصلاً في وسائل الإعلام، ولما سألت وسائل الإعلامية السيد الوزير عن رأيه في هذه الأخبار التي نشرتها حكومة إقليم كردستان في وسائل الإعلام العالمية كان عليه الإجابة. هل يتوقع أحد منه أن يسكت ولا يبين رأيه فيها، أو في التصريحات التي تقول إن العقود ضمن الحقوق الدستورية للإقليم وفي صالح الشعب العراقي، إن من بدأ بطرح الموضوع في الإعلام العالمي وإستمر بطرحه ليس السيد وزير النفط، وإنما حكومة إقليم كردستان، وما قام به وزير النفط هو ردود فعل يجب أن يوضحها لأنه هو الوحيد في كل أنحاء العراق والمخول قانونياً للتكلم عن النفط وكما وضحنا سابقاً. ولو لم يجب ويبين رأيه لكنا وجهنا إليه الملامة والنقد لأنه لم يقم بواجبه القانوني. خامساً: لم أقرأ أو أسمع من أحد أنه قال "إن الكورد يطالبون يوماً بإحتكار النفط وأرباحه"، وهذه أول مرة أسمعها، علماً إنني متابع جداً لأخبار النفط العراقي منذ مدة طويلة، سواء عن طريق القراءة أو السماع أو المناقشة. هذا الأمر غير مطروق، وإنما ما يقال إن السياسة المطروحة من قبل حكومة إقليم كردستان تضر الشعب العراقي ككل وبالأخص الكورد. قد قلت ذلك في كتابي "ثلاثية النفط العراقي"، إن من حق الشعب الكوردي أن يكون له دولته الخاصة، وقد تسمح الجغرافية والتأريخ والظروف العالمية أن يتم ذلك في المستقبل خلال (10) أو (20) أو (30) سنة. أليس من الأفضل للشعب الكردي أن يحتفظ بالنفط الموجود لديه في مكامنه لأجياله القادمة، ويأخذ حصته الدستورية من العوائد من تطوير الحقول العملاقة في الجنوب بكلف إنتاج أرخص، وبدون الدخول بعقود مشاركة بالإنتاج أو فرضها على حقول الجنوب. ولو كنت شوفييني عربي لقلت دعهم ينهون نفطهم ونحن نأخذ حصتنا الدستورية منهم، وفي المستقبل سيركضون وراءنا بعد أن ينفذ نفط إقليم كردستان!!؟. أما لو كان الأمر هو فقط لتقييم النفط الموجود في كردستان العراق وليس إستغلاله وإنتاجه، لكان هناك فهم أوضح للمسألة. ولكن يأتي السؤال من أين نجد المبالغ اللازمة لهذا العمل؟ من الواضح إن هذا الأمر يكون ضمن خطة عامة لكل العراق وسيكون التقييم أبطأ. وقد يطرح البعض السؤال أنه ولأسباب ستراتيجية لإيراد الإعلان عنها الآن، فإن القيادات الكردية تريد أن تعرف بالضبط ماذا لديها من نفط وتريد أن تعرف ذلك الآن، وليس الإنتظار ضمن منهج مخطط لكل العراق. نود أن نوضح إن كلف التنقيب والتقييم ليست بعالية مقارنة لكلف التطوير والإنتاج والتصدير ويمكن أن تتم من المصادر المالية المتوفرة لدى كردستان، وفي كل الأحوال لا يعمل على التعاقد لجميع القطع وبعقود مشاركة بالإنتاج كما يتم حالياً. إن ما جلب نظري هو أن وزارة الموارد الطبيعية في كردستان إستمرت بتوقيع عقود المشاركة بالإنتاج للنفط فقط، ولم أسمع بتوقيع عقود مشاركة في إنتاج المعادن الأخرى المحتمل وجودها في كردستان العراق مثل الرصاص والزنك في دورى زركوزة، أو النحاس في ماوات وجوارته، أو المرمر الراقي ولجميع الألوان المتوفرة في كردستان. بالطبع إن IRR (معدل العائد الداخلي) لهكذا مشاريع سيكون ضمن الأرقام المعقولة أي بحدود 15%، وليس بالأرقام الخيالية للنفط!!. كذلك لم ألاحظ ضمن ما وقع في تطوير الثروة النفطية مشاريع عالية الكلفة والتكنولوجيا مثل بتروكيمياوية أو أسمدة نتروجية أو حتى مصافي متطورة تضيف للقيمة value added للمادة الأولية وهي النفط والغاز، وتشغل أكبر عدد من الأيدي العاملة، وتطور الذهن الصناعي في كردستان. سادساً: في إعتقادي إن القول "تحميل الحكومة الإتحادية ومجلس النواب والكتل السياسية التباطؤ في إصدار قانون النفط"، هو أمر غير دقيق ومجافٍ للوقائع. لقد إتفقت حكومة إقليم كردستان والحكومة الإتحادية على مذكرة مؤرخة في 26/2 تشير إلى ضرورة عرض مسودة قانون النفط والغاز المؤرخة في 15/2/2007، على مجلس النواب وإقراره قبل 31/5/2007. جاء السيد آشتي هاورامي إلى دبي ونقلاً وكالة أخبار CNN في 18/4/2007، وإثناء إجتماع دبي، رفض القانون هذا وإعتبره مخالفاً للدستور ودعى إلى رمي المسودة في "سلة المهملات" متهماً إياها بأنها "بعثية وقومية"، ثم قدم بيانه الشهير في 27/4/2007، والذي يمكن إيجازه "إما تأخذون برأينا بإعطاء كل الحقول، حتى العملاقة منها مثل مجنون او غرب القرنة، في عقود مشاركة في الإنتاج مع شركة أجنبية مع القطاع الخاص، أو سوف نرفض أي قانون لا يأخذ بذلك"!! ووضع مؤيدوا القانون في موقف حرج جداً، واستغل معارضوا القانون (ومن ضمنهم أنا) هذه الفرصة إستغلالاً كبيراً لإيضاح ونشر مضار قانون النفط والغاز الإتحادي والذي رفضته حكومة إقليم كردستان (بعد أن كانت قد وافقت عليه)، ولكن لأسباب معاكسة تماماً لرفضنا!!، ولهذا فإن الكثير منا يشكر حكومة الإقليم لإعطائنا الوقت الزمني الكافي لشن حملة لرفض القانون، وأعتقد نجحت هذه الحملة، عراقياً وعالمياً، وبكل المقاييس. الآن من هو المسبب في التباطؤ في إصدار القانون، إذ – بإعتقادي – لو لم تعارض حكومة الإقليم مسودة 15/2/2007 بعد أن كانت قد أقرتها، لكان القانون الآن في حيز التنفيذ على أكثر إحتمال، حيث لم يكن بإستطاعة المعارضة أن تصل إلى جميع القوى السياسية في ذلك الوقت القصير، ولم يكن القانون في ذلك الوقت إلا "أوراقاً سرية" بدأ البعض بفضح سريتها!!. سابعاً: كما إن القول "يجب على العراقيين أن يستثمروا النفط لدعم عمليات التعمير.... كيف نصل إلى هذا بدون قانون النفط وتطوير الصناعة النفطية"، أيضاً – بنظري – إن هذا القول غير دقيق، وخصوصاً "كيف نصل إلى هذ ا بدون قانون النفط". لقد أوضحت هذا الأمر تفصيلاً في كتابي المشار إليه. إننا نستطيع، وضمن القوانين الحالية، أن نطور صناعتنا النفطية وبالأموال المتوفرة لنا أو من خلال القروض، والشئ الوحيد الذي لا نستطيع عمله ضمن القوانين الحالية هو مشاركة الأجنبي في نفطنا. إن البنك الدولي ذكر في تقرير أرسله مؤخراً لوزارة النفط، يلمح إنه في الظرف الحالي ولشحة النفط، فإن الشركات الكبرى قد تكون مستعدة للعمل، في ضمن عقود الخدمة، للحقول الكبيرة، ومستعدة لتوفير التمويل (إن كانت هناك حاجة له)، مقابل عقود شراء طويلة الأمد. نحن بحاجة إلى قانون نفط ولكن ليس بالضرورة الآن، ويمكن التوسع بهذه الصناعة في ضمن القوانين الحالية. وسنشير في الفصل القادم إلى الموقف الجديد للسيد وزير النفط، والذي قد يتقارب الآن – بنظرنا – إلى الموقف الذي كنا قد طرحناه في كتابنا حول كيفية تطوير الصناعة النفطية في الظرف الراهن، لاسيما في حالة رفضه العمل وفق عقود المشاركة بالإنتاج. إن موقفنا يختلف بـ 180 درجة عن موقف حكومة إقليم كردستان في سياسة التطوير،وبنظري هو الموقف السليم والصائب؛ ناهيك والذي يخدم الشعب العراقي كله ولا يفرط في ثروتنا النفطية بإعطاء قسم منها للأجانب من خلال عقود المشاركة بالإنتاج، كما إنه يعتمد المبدأ السليم في مركزية السياسة النفطية ولا مركزية العمليات اللاحقة لوضع السياسة النفطية.
الفصل الثالث موجز لردود الفعل على ما قامت به حكومة الإقليم وخاتمة لما يجب أن يكون سيلاحظ القارئ إن جانب الحكومة الإتحادية يتحدث أيضاً عن الحقوق الدستورية والقانونية في "عدم شرعية" ما قامت به حكومة الإقليم، كما ذكرنا أيضاً ما قاله المسؤولون في حكومة اقليم كردستان في "شرعية" ذلك. وسوف لن نجد من تحدث بالتفصيل عن النصوص الدستورية وإحتمالات التفسير والتأويل فيها، وبالطريقة التي أوضحناها في الفصلين السابقين وخاصة في الفصل الثاني. إننا نجد شيئاً غريباً عند قراءة ما كتب بهذا الخصوص، إذ من الناحية العملية، فإن الصوت الوحيد تقريباً في الحكومة المركزية كان صوت السيد وزير النفط، فلم نسمع صوت السيد رئيس الوزراء أو نوابه، ولو أن السيد وزير النفط كان يقول أنه يتكلم بدعم من الحكومة، ولكن لم نر ذلك إلا في المحادثات الأخيرة، حين أتى السيد رئيس وزراء الإقليم إلى بغداد مع وفد كبير لحل أمور عديدة معلقة أهمها مسألة النفط. في نفس الوقت، وكما ذكرنا في بعض الأمثلة سابقاً، وسنذكر أمثلة أخرى في هذا الفصل، فإن جميع القادة الكورد تقريباً، سواء في الحكومة الإتحادية أو الإقليمية قد تكلموا في صالح إجراءات حكومة الإقليم بشكل أو بآخر. كانت هناك أصوات عديدة ومؤثرة في مجلس النواب الإتحادي تكلمت في صالح أقوال السيد الوزير، وأيضاً تحدث في صالح ما قاله السيد الوزير تقريباً جميع من كانوا ولا زالوا ضد مسودة قانون النفط والغاز، مثل نقابات عمال النفط وخبراء ونواب وشخصيات، والسبب واضح إن إجراءات حكومة إقليم كردستان هي النتائج الأولية للفوضى التي ستكون في حالة تمرير قانون النفط والغاز سواء كان بالشكل المطروح من حكومة الإقليم أو المطروح من قبل الحكومة الإتحادية، فالعصر الحالي في العراق، كما نلاحظ، هو عصر الفوضى والنصوص التوفيقية التي تساعد في الفهم المختلف لهذه النصوص وبالتالي الزيادة في شدة ومدة عصر الفوضى هذا!. الآن لنستمر في الدراسة ونأتي ببعض الأقوال والتفاسير والتوضيحات اللازمة لها: 1- ماذا قال السيد وزير النفط عن عقود إقليم كردستان لقد نقلت وكالة أنباء رويتر في 24/9/2007، رأي السيد الوزير بعدم شرعية جميع عقود حكومة إقليم كردستان الموقعة بعد شباط. إنه كان يتحدث عن عقد شركة هنت في حينه ولم تكن العقود الأخرى قد وقعت، وطبعاً هذا الأمر يشمل أيضاً عقد "دانا كاز" الذي وقع في نيسان/ 2007. والواضح إنه ذكر تأريخ شباط/ 2007 كحد فاصل، إذ أنه يشير إلى صيغة القانون الإتحادي الذي أتفق عليه في شباط/ 2007 مع حكومة إقليم كردستان والذي تضمن كيفية حل مشكلة العقود السابقة الموقعة من الإقليم قبل شهر شباط/ 2007. لقد قال الدكتور الشهرستاني في هذا التصريح لرويتر، "إن هذه العقود غير قانونية "، و"النفط المنتج منها لا يمكن تصديره قانونياً"، و"إن جميع هذه العقود لا يوجد لها أساس قانوني ولا تتلائم مع القوانين السائدة، ولا مع مسودة قانون النفط والغاز المتفق عليها"، وأضاف أيضاً لرويتر "إن ما يقلقنا حول هذه العقود هو سرّيتها"، والأهم إنه أكد "إن فقط لشركة سومو SOMO الحق في تصدير النفط العراقي... وإن ليس لحكومة كردستان أي حق في أخذ أي نفط عراقي بدون موافقة الحكومة العراقية، ولا يستطيعون التصدير من أية نقطة تصدير عراقية... إذ أن في القوانين السائدة ومسودة قانون النفط فإن سومو هي الجهة الوحيدة المسموح لها بتصدير النفط الخام... وإن أية طريقة أخرى لتصدير النفط، مثل تصدير هذا النفط، هو عمل غير قانوني ويعتبر تهريب". أما بالنسبة للعقود الأربعة التي وقعت قبل الموافقة على مسودة القانون لشباط، فإنه سيتم مراجعتها من قبل "المجلس الإتحادي للنفط والغاز"، وبالأخير قال "نحن نحمّل الشركات الأجنبية المسؤولية القانونية ونحذرهم بأنهم سوف يتحملون النتائج". تناقلت جميع وكالات الأنباء الخبر وذكرته بشكل أو بآخر، وكمثال فإن راديو سوا (الممول من الحكومة الأميركية)، ذكر في 25/9 هذه التصريحات. وأشار إلى عقد شركة هنت وأضاف "تعرض هذا العقد إلى إنتقادات وعلامات إستفهام لإرتباطه بأحد أكبر ممولي حملات الرئيس بوش الإنتخابية.... إلخ". ثم عاد الوزير وذكر في حديث له مع راديو سوا في 11/11/2007 بأنه "طالب حكومة إقليم كردستان بإلغاء العقود التي أبرمتها مع الشركات الأجنبية والإلتزام بالدستور العراقي، بإنتظار تشكيل المجلس الإتحادي للغاز والنفط الذي سيبت في قضية العقود النفطية مع الجهات الأجنبية"، وثم يشير إلى فحوى المادة (111) من الدستور، من دون أن يذكرها تحديداً، فيقول "إن الثروات الطبيعية هي ملكية مشاعة للشعب العراقي، ولا يجب التصرف بها بشكل منفرد من قبل أية شريحة أو مجموعة أي أي مكون من مكونات الشعب سواء في الإقليم أو خارج الإقليم، وعليه وجب إلغاء هذه العقود التي أُبرمت، وتشريع قانون النفط والغاز كما أتفق عليه في شباط والعودة إلى تطبيق القانون نصاً وروحاً". أما ما بثته قناة "العراقية" الرسمية في 3/12/2007، نقلاً عن أصوات العراق بنفس اليوم، أكد الوزير حول إعتبار هذا النفط إذ صدّر تهريباً له، وأضاف "إن ما حصل في كوردستان هو سابقة خطيرة، فلو نهجت البصرة وبقية المحافظات النفطية نهج كوردستان فستحصل كارثة في العراق وسيتفتت البلد، فليس من حق أي جزء منفصل في العراق تقرير مصير ثروته النفطية". كما حمّل الشهرستاني "حكومة إقليم كردستان مسؤولية عرقلة التوصل لقانون النفط والغاز". لعل أكثر أي تصريح أثار حفيظة مسؤولي الإقليم هو ما نسب إلى وزير النفط تصريحه إلى راديو مونت كارلو في 23/11/2007. بالواقع إنني لم أسمع هذا التصريح وأعتقد إنه استقطع من محتواه، وعلى كل حالة سنرجع إليه الفقرة (2) أدناه. إن التصريح أعلاه كما نقله موقع "صوت العراق"، أن الوزير أشار إلى "وجود إتفاق بين بغداد وأنقره وطهران ودمشق يقضي بمنع إقليم كردستان من تصدير النفط"!! ووصف المتحدث بإسم حكومة الإقليم، السيد جمال عبدالله، هذا التصريح بقوله "هذه تصريحات قديمة وبالية من حيث المحتوى، حتى العقلية التي تنتج مثل هذه الأنواع من التصريحات، هي عقلية ما قبل التاسع من عام 2003 للأسف الشديد أن نسمع هذه التصريحات التي هي قريبة من التصريحات البعثية". علماً إننا كنا قد أشرنا إلى بقية تصريحات السيد جمال عن دستورية العقود، و"على الشهرستاني تقديم إعتراضاته وشكواه إلى المحكمة الدستورية" في مكان سابق من هذه الدراسة. أما السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان، فلقد أشار إلى الأمر بلهجة أهدأ، حيث قال في 12/12/2007، نقلاً عن موقع صوت العراق "... إن أي خلاف حول العقود النفطية مع الحكومة الفيدرالية في بغداد يجب حله عن طريق الحوار، وليس عن طريق وسائل الإعلام وإقحام دول الجوار في القضية". والتصريح "الناري" الآخر أتى من السيد آشتي من الولايات المتحدة في زيارته الأخيرة، فحسب صحيفة "Dallas Morning News اخبار دلاس الصباحية" الصادرة في 28/11/2007، عندما أستفسر منه بأنه لا تزال هناك علامات إستفهام كيف سيصدر الكرد نفطهم بدون موافقة الحكومة المركزية، فإن السيد آشتي إعترف "بأن بغداد تستطيع إيقاف التصدير وإيصال النفط إلى ميناء جيهان التركي"، ويضيف "إن حتى صدام حسين لم يستخدم هذه التكتيكات". إنني سوف لن أعلق على "العقم الفكري"، عند إطلاق مثل هذه النعوت من أية جهة وعلى أية جهة، والتي كلما عجزت عن إيجاد الجواب، رجعت إلى "العهد الصدامي" و"الفكر البعثي"، و"الشوفيني" وغيرها! إذ كنت قد أجبت حول مثل هذه التصريحات ووعدت القارئ بأنني سوف لن أتطرق إليها ثانية، وذلك في كتابي "ثلاثية النفط العراقي" وذلك عندما تحدث كلا السيدين الوزيرين في الحكومتين الإتحادية والإقليمية بنفس الصيغة والتعابير. إن ما أثار إستغرابي، وإستغراب الكثيرين غيري، هو تصريح السيد برهم صالح نائب رئيس الوزراء – حسب ما تناقلته الأنباء في حينه –، في إستهجان ما قاله السيد الوزير الإتحادي، ولم أسمع منه أي تصريح في إستهجان توقيع العقود الإقليمية أو التصريحات "النارية" لوزير الموارد الطبيعية للإقليم منذ أن طلب في دبي برمي القانون المتفق عليه في شباط/2007 في سلة المهملات!!!، وما تبعها من تصريحات مستمرة منه تتهم كل من يخالف رأيه في إعطاء حصص من النفط للشركات الأجنبية بأنه من "النظام السابق"، أو "بعثي"، أو "صدامي"، أو "قومي وشوفيني". وأحياناً "أصفن" مع نفسي وأقول "ماذا ترك ممن يقولون مثل هذه الأقوال للشوفينيين العرب فعلاً؟؟". على كل حال، بالمقابل لمثل هذه التصريحات فلقد لقت تصريحات السيد وزير النفط تأييداً لهذا الموقف في الحفاظ على الثروة في العراق ككل، وذلك من الجهات التي وقفت دائماً ضد قانون النفط والغاز السيء الصيت ووقفت هذه أيضاً ضده لأنه كان داعية كبيرة لتمرير القانون. كذلك إستنكرت هذه القوى قيام حكومة إقليم كردستان بتوقيع العقود النفطية غير الدستورية. فلقد أصدر "إتحاد نقابات النفط في العراق" بياناً في أوائل كانون الأول/ 2007 موجة للشعب العراقي، وأرسله إلى مختلف نقابات العالم، يعتبر البيان عقود حكومة إقليم كردستان باطلة، ويطالب بوضع الشركات الأجنبية التي أبرمت هذه العقود في القائمة السوداء، ويطالب الحكومة بالضغط على الحكومة الأميركية بعدم فسح المجال أمام الشركات الأميركية للعمل في هذا المجال، وأكد على ضرورة أن يكون موقف الحكومة العراقية واضح وصريح إزاء هذه المسألة الخطيرة التي تؤدي إلى تفرقة الشعب العراقي. بالإضافة إلى ذلك رفع (60) مختص مذكرة الى السادة رئيس وأعضاء مجلس النواب في 26/11/2007، يشيرون فيها إلى تحذيراتهم السابقة في شباط وتموز من 2007 من خطورة تقسيم مسؤولية التفاوض والتوقيع على العقود، وضرورة حصرها بشكل مركزي من قبل وزير النفط وشركة النفط الوطنية، ويعتبرون إجراءات حكومة الإقليم غير شرعية، وأكدوا على ضرورة أخذ الملاحظات التي ذكروها سابقاً حول مسدوة قانون النفط بنظر الإعتبار وذلك بإعادة صياغة القانون الإتحادي وعدم التسرع في تشريعه. أرى هنا أن أذكر أيضاً بعض التصريحات التي صدرت من مجلس النواب، خصوصاً من السيد نائب رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس النواب عبد الهادي الحساني، والذي أشار في حديثه لصحيفة القدس العربي في 22/11/2007 من "أن المشاورات الستراتيجية بين المركز وحكومة الإقليم التي نص عليها الدستور لم يقم بها الإقليم بشأن النفط والغاز"، وهنا يشير – بصورة غير مباشرة – إلى المادة (112)، وسبق أن ناقشنا هذه الفقرة بإسهاب في الفصل الثاني. وأشار السيد حساني "إلى أن عقود المشاركة بالإنتاج التي وقعها إقليم كردستان مع الشركات الأجنبية غير منصوص عليها في الدستور العراقي"، وأضاف "إن نسبة الأرباح التي منحها إقليم كردستان للشركات عالية وفقاً للقياسات العالمية المعروفة". نحن نؤيد بعدم إمكانية توقيع عقود المشاركة بالإنتاج وفق نصوص الدستور، وأوضحنا ذلك أعلاه في كتابي أيضاً، ونأمل أن ينتبه الجميع إلى ذلك في القانون الإتحادي، والتي مسودته في 15/2/2007 تسمح بهذا النوع من العقود (ولكن بإسم آخر)، الأمر الذي يتعارض مع الدستور. وهنا يجب ان نوضح حول ذكر إن نسب الأرباح المعطاة للشركات عالية، ولكن هذا امر غير ذا أهمية هنا، إذ لا يمكن إعطاء أية نسبة أرباح، (أو حصة) مهما كانت صغيرة، طالما لا نستخدم عقود مشاركة بالإنتاج. إنني ذكرت هذا الأمر هنا لأن السيد حساني صرح إلى وكالة أنباء اصوات العراق في 21/11/2007 (والعهدة على الوكالة)، بأنه قال "إن الحكومة المركزية قادرة على منع تصدير النفط الذي ستستخرجه هذه الشركات عبر علاقتها الدولية مع دول الجوار"، واضاف "إن الربح الذي اعطته حكومة إقليم كردستان لهذه الشركات والذي يتراوح بين 15-18% خيالياً"، موضحاً، "إن المقترح المقدم من وزارة النفط العراقية هو إعطاء هذه الشركات نسبة ربح لا تتجاوز الـ 4%"، وقال أيضاً "إن العقود التي وقعتها حكومة إقليم كردستان مع الشركات الأجنبية هي عقود مشاركة بالإنتاج وليست عقود تطوير وإستخراج مشيراً إن القانون المطروح في مجلس النواب لا يتضمن عقود المشاركة". من الواضح إن المقصود هنا بحصة من الأرباح سواء 15-18% أو 4%، هو حصة من نفط الإنتاج، وهي إحدى أسس عقود المشاركة. كنا قد أوضحنا في كتابنا، إن "عقود التطوير والإستخراج" هي نفسها "عقود المشاركة بالإنتاج"، ولكن بإسم آخر تجنباً لذكر إسمها السيء الصيت، علماً إن الصيغة المعروضة لمسودة القانون الإتحادي في تموز/2007، قد ذكرت عقود المشاركة بالإنتاج بالإسم بأكثر من موقع. هل يحتمل أن ذكر ذلك كان سهواً!!؟. إذا لم يكن هناك عقود مشاركة بالإنتاج في الصيغة المعروضة لمسودة القانون، فكيف يمكن أن نعطي حصة في النفط الى الشركة الأجنبية (حصة من الأرباح كما جاءت في تصريح الدكتور حساني). على أية حال يجب أن نوضح إن نسبة 4% للشركات الأجنبية في حقل مثل مجنون او غربي القرنة أو شرقي بغداد، هي نسبة أكبر بالتأكيد من 15% في حقول صغيرة جداً بعيدة عن أماكن التصدير. وإن هذه الأرقام يجب أن توضح بدقة أكثر، وكمثال على ذلك، إذ لو دخلت حكومة الإقليم بـ 25% من رأسمال الشركة الأجنبية (وطبعاً سيتم ذلك بتمويل قابل للإسترداد من الشركة الأجنبية نفسها)، وذلك من حقها وفق العقود الموقعة من حكومة الإقليم، فإن حصة الشركة الأجنبية ستنزل بربح الـ 15%، أي 3.75% تؤول إلى حكومة الإقليم، وتصبح حصة الشركة الأجنبية 11.25%. إن الحصة النهائية للشركة تعتمد على مدى مشاركة الحكومة في رأسمال الشركة الأجنبية العاملة. إن هذا الأمر لا نناقشه الآن، لأننا ضد عقود المشاركة بالإنتاج (أو عقود تؤدي نفس الغرض وبإسم آخر)، وهو مبدأ عام بالنسبة لنا ويأخذ أهمية خاصة في الحقول المكتشفة، إذ أن هذه الحقول لا يمكن أن تخضع لعقود المشاركة وحسب تعريف هذه العقود والتي هي بالأصل جاءت من كونها عقود "مجازفة"!، وفي الحقل المكتشف لا توجد "مجازفة" عدم وجود النفط أوالغاز. إضافة لذلك، فإن كلام السيد الحساني الأخير قد يناقض أيضاً ما قاله السيد وزير النفط مؤخراً، من أننا نتفاوض مع الشركات الأجنبية حالياً وفق القوانين السائدة، التي لا يمكن أن تعطي حصة من النفط للشركات الأجنبية، وإنه ذكر أيضاً أنهم يتفاوضون على أساس عقود خدمة. وسنتحدث في الفقرة القادمة عن تصريحات السيد وزير النفط بهذا الخصوص. أما الدكتور علي بلو، رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس النواب الإتحادي، وعضو قائمة التحالف الكردستاني، فلقد كان له رأي مخالف لرأي نائبه، إذ حسب موقع صوت العراق في 24/12/2007، فإنه أعلن "إن عقود حكومة الإقليم قانونية والإدعاءات المغايرة لا أساس لها من الصحة"!!. قال أيضاً "إن الإدعاءات التي تقال هنا وهناك حول عدم شرعية عقود النفط التي تعقدها حكومة إقليم كردستان مع شركات أجنبية لا أساس لها من الصحة، وإن المسألة تأتي فقط على ضوء تحفظ وعدم تقبل البعض من العراقيين دخول حكومة الإقليم هكذا بقوة في هذا المضمار"، وطبعاً لم ينس ذكر المواد 112 و115 و121 حين أضاف: "في لجنة النفط أو الغاز يجب علينا كبرلمانيين أن نعمل في سبيل الحفاظ على الدستور وإن حدث أي خرق بخصوصه سنتصرف ونعلن ذلك لأنه لا علاقة بتصريحات السياسيين، ولذلك من يتمعن في المواد 112 و115 و121 من الدستور سيجد إن لحكومة الإقليم الحق في إبرام عقود نفطية وله الافضلية على القانون الفيدرالي في مواضيع حصرية تم الإشارة إليها في المادة 110 من الدستور". يظهر إن الدكتور بلو نسى أو تناسى ما جاء في المادتين (27 و111) من الدستور كأن هاتين المادتين لا معنى لهما، وإنهما مادتان فائضتان في الدستور، ولا يهم إن بقيتا أو تم حذفهما. وكذلك إعتبر إن فقرات المادة (110) ليس لها أية علاقة بالمورد المالي الرئيسي للعراق وهو "النفط" وكأنها تتحدث عن أن مصادر التمويل ستكون من "كنوز قارون" العراقية التي ليس من ضمنها النفط!!. اذا كان ما يقوله الدكتور بلو صحيح!، وأخذ الآخرون برأيه!، إذاً فلننتظر ماذا سيقرر مجلس محافظة ميسان أو محافظة البصرة أو الناصرية وغيرهم، ولنرى ماذا ستكون قوانينهم النفطية الإقليمية أو "المحافظية" فالدستور لا يفرق بين إقليم ومحافظة، وإذا كان إقليم كردستان قد وقّع لحد الآن مع عشرين شركة أجنبية، فإن هذه المحافظات، إن أخذت برأي الدكتور بلو، ستوقع أضعاف هذا الرقم، وستكون هناك فوضى ما بعدها فوضى، وأتساءل هل أن نص وفحوى الدستور يريدان الوصول إلى الفوضى النفطية؟! والبداية الحالية، بدأت من إقليم كردستان!. على أية حال كنت وضعت الموضوع بشكله القانوني والدستوري – وكما أراه ورآه غير قبلي وبعدي – ، وبتوضيح كبير لكي لا يكون فهمه حكراً على "القانونيين". وضعته أمام القارئ في هذه الدراسة، وقبلها في كتابي بشكل أكثر إختصاراً، وليحكم القارئ. بالواقع إنني وضعت هذه الدراسات أصلاً لأعضاء مجلس النواب، محاولاً ولا أزال أحاول أن أقنعهم بأن لا يمرروا قانون النفط والغاز بشكله الحالي أو في الظرف الحالي، فأمام أعضاء مجلس النواب مسؤولية تأريخية أمام شعبهم وأهلهم، في الموافقة على القانون وتمريره يؤدي إلى ضرر كبير للعراق، أو عدم الموافقة عليه وتأجيله إلى وقت آخر وبشكل آخر الأمر الذي يخدم العراق. 2- هل هناك "تغير" في موقف السيد وزير النفط من القانون؟! تناقلت وكالات الأنباء والصحف المحلية تصريحات عديدة خلال الثلاث أشهر الماضية، قد يفهم منها، (وخصوصاً في تصريحاته الأخيرة)، إن هناك "تبدلاً" في موقف السيد الوزير من مسودة قانون النفط والغاز، بضمنه الموقف من عقود المشاركة بالإنتاج، والإعتماد على عقود الخدمة، وإعتماد التشريعات الموجودة حالياً، والثقة بإمكانية التطوير الحالي من خلال هذه التشريعات الموجودة. ونظراً لأهمية هذا الموقف – إن وجد – رأيت من الواجب توضيح بعض جوانبه، وهو في كل الأحوال مرتبط بالمواقف التي إتخذتها حكومة الإقليم من موضوع النفط وعلاقة الحكومة الإتحادية به، وذلك منذ إجتماع دبي في نيسان الماضي. سأعتمد في هذه الفقرة على الصحيفة الرسمية للحكومة العراقية فقط، وهي صحيفة "الصباح"، إذ كانت قد نشرت في 4/12/2007 نص الحوار الذي أجرته مع وزير النفط، وكانت أيضاً قد نشرت قبل يوم واحد، أي في 3/12/2007، مختصراً لهذا الحوار. لهذا سأعتمد على هذا الحوار لأنني أعتقد إن السيد الوزير إطلع عليه قبل نشره في 4/12/2007، سيما وأن هناك إختلافاً بسيطاً مع المختصر. وبهذا يكون ما منشور في 4/12 يمثل رأي الوزير. أ- قال المحاور للسيد الوزير، "من إن رفضه للعقود المبرمة من قبل إقليم كردستان مع الشركات الأجنبية حظي بدعم حكومي وشعبي، إلا إن بعض الأطراف الكوردية إعتبرته قراراً خارجياً وإتهمتكم بالإستقواء ببعض دول الجوار". أجاب الوزير "وجهة نظر وزارة النفط ما هي إلا إنعكاس لوجهة نظر الحكومة لأن أمراً بهذه الخطورة لا يمكن لوزارة النفط الإنفراد به دون التداول مع القيادات السياسية ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، لاسيما وإن هناك قلقاً من أن يتم التعاقد على هذه الثروة من قبل بعض الأطراف بطريقة واضحة تعطي إمتيازات للشركات الأجنبية وهذا ما حصل في العقود المبرمة في إقليم كردستان". وأضاف "لقد نبهنا – أي حكومة الإقليم – بشكل هادئ وعبر مخاطبات مع الأخوة في الإقليم ما وضحنا لهم بأن أمراً كهذا لا يصح ولابد من أن يتم التداول مع الحكومة الإتحادية، ولكن ومع الأسف الشديد لم تكن هناك إستجابة ومضت حكومة الإقليم بإبرام العقود.... ولذلك كان علينا أن نعبر عن وجهة نظر الحكومة من هذا الأمر والذي يتوافق مع وجهة نظر أبناء الشعب العراقي لأنهم أصحاب الثروة الحقيقية وإن الدستور يشير إلى هذا الأمر وعليه لا يمكن السماح لأي طرف أن ينفرد بهذه الثروة وأن ينوب عن أبناء الشعب في التصرف وإن هذا الأمر يجب أن يشترك فيه الجميع". وهنا إشارة إلى المادة (111) من الدستور بدون ذكرها بالإسم. كما يجيب عن فقرة "الإستقواء بدول الجوار"، وحول هذه الفقرة بالذات أجاب مرة أخرى عن سؤال مباشر، وهو "هل طلبتم من دول الجوار أن لا تتعامل مع الإقليم في أمور النفط وتصديره"، أجاب "إن تصريحاتي كانت واضحة بأن النفط لا يمكن أن يصدر إلا من خلال الحكومة الإتحادية وشركة تسويق النفط، وأي إخراج للنفط خارج هذه الآلية هو غير قانوني ويعتبر تهريباً، وإن العمل التهريبي وفق العلاقات الدولية مرفوض وإن الدول تتعاون لمنع التهريب، وإن أي مسؤول عراقي يعترض على هذا الأمر، فإنه يقر بعمليات التهريب..." ب- عندما تم سؤاله عن فقرات العقود التي تتقاطع مع القوانين العراقية النافذة ومن هي الجهة المسؤولة وفق القانون عن هذا القطاع، أجاب "إن إعتراضنا على العقود المبرمة كان بسبب منح نسب من نفط العراق لشركات أجنبية بالدرجة الأساس خصوصاً إن العراق يعتبر من أقدم الدول النفطية في المنطقة... ولديه طاقات وإمكانات كبيرة وأصبح لدينا الأموال، فلماذا تلجأ حكومة الإقليم إلى التعاقد مع شركات أجنبية وتقوم بإعطائها نسباً من النفط العراقي لاسيما إن القطاع النفطي العراقي بأحسن حالاته منذ عشر سنوات إنتاجاً وتصديراً وإيراداً". وثم قال "... لقد عدنا إلى المسودة الأولى مع ملاحقها الأربعة – يقصد مسودة 15 شباط – وأبلغنا مجلس النواب بإعتمادها، وبعد ذلك قام الإقليم بتوقيع عقود المشاركة في الإنتاج قبل إقراره ما أثار حفيظة عدد من الكتل السياسية الذين أرادوا إضافة مادة تمنع عقود المشاركة في الإنتاج فحدث الخلاف بين من يؤيد إبرام العقود آنفة الذكر وبين من لا يؤيد ذلك، وإن وجهة نظر الوزارة أن يتم تبنّي المسودة الأولى بملاحقها الأربعة والتي أُقرت بإجماع من مجلس الوزراء ومن المستبعد أن يشرع القانون في ظل هذا الإختلاف، وإن هذا الأمر ناتج عن العقود المبرمة في الإقليم". نلاحظ من أعلاه من أن الموقف بصورة عامة يشبه ما كان عليه في شباط/ 2007، ولو وافقت حكومة إقليم كردستان على تلك المسودة الآن، فإن الوزارة ترحب بذلك، وإضافة لذلك فإنه يؤكد "إن المسودة تم الإتفاق عليها بين جميع الكتل السياسية وبحضور الوزراء التابعين لجميع الكتل في منتصف شباط الماضي". إن الوزير يؤكد إن مسودة القانون تسمح بعقود المشاركة بالإنتاج، وبنفس الوقت يؤكد عدم رغبة "عدد من الكتل السياسية" بهذا الأمر، لذا فإن هؤلاء "يريدون إضافة مادة تمنع عقود المشاركة"، ولكن كما يظهر فإن الوزير "متمسك" بالقانون كما في 15/2/2007 مع الملاحق، ولم يقل إنه يؤيد إضافة مثل هذه المادة، أي ما يمنع عقود المشاركة. فهو هنا، أي في مسألة تمرير مسودة 15/2/2007 مع الملاحق في مجلس النواب وإعتمادها كقانون للنفط والغاز، لم "يغير" موقفه. ولتوضيح هذه الفقرة فإنه يقول "... والآن بصدد الإنتقال إلى مرحلة متقدمة وكبيرة وهي إلزام الشركات النفطية الكبرى بتزويدنا بكل ما نحتاجه وبعقود خدمة ولا نمنحها أية نسبة من النفط العراقي وتدفع المبالغ لهم كأجور عمل أو إستشارات أو لقاء شراء المعدات،... والآن هناك وفد عراقي يفاوض شركات عالمية كبيرة لإبرام هذه العقود ومن المتوقع توقيع عقد خلال اليام القليلة المقبلة واعتبر إن عام 2008 سيكون عام الإنطلاق". نلاحظ من أعلاه كأن هناك تغير!، فإنه يؤكد على المضي في عقود الخدمة، لشراء كل ما نحتاج ومنها "المعرفة الهندسية"، إضافة لذلك فإنه يؤكد "وجود المبالغ اللازمة لذلك"، لهذا بالنسبة له لا توجد مشكلة مالية أو فنية في المسير في عقود الخدمة. وحول الغطاء القانوني لإبرام هذه العقود مع الشركات العالمية، فإنه يقول "إن قوانين وزارة النفط سارية المفعول منذ تأسيسها وما لم يشرع قانون النفط والغاز فسوف لا يسمح لأي جهة عدا وزارة النفط إبرام العقود". حسب فهمي لهذا الأمر فإنه يتكلم عن عقود الخدمة وليس غيرها، وآمل فهمي صحيح!!، غير إنه لا يقول ذلك بصورة قاطعة. وهو أمر أكدنا عليه في كل ما كتبنا من أن التشريعات الحالية تسمح بالعمل والتطوير عدا المشاركة الأجنبية، أي عقود المشاركة. الشئ الآخر الذي أود أن أؤكد عليه إن قرارات توقيع العقود يجب أن تكون مركزية ومسودة القانون غير واضحة بشكل دقيق بهذا الخصوص، لهذا كان فهم حكومة الإقليم مختلفاً. أود أن أضيف هنا، إذ بعد إنتهائي من كتابة هذه الدراسة، إنني إطلعت على تصريحات السيد الوزير، نقلتها "صحيفة العراقية الإلكترونية" في 9/1/2007، وطلب أن تنشر في موقع كردستان PUK media، حيث أبدى إستعداده لحضوره جلسة خاصة في برلمان إقليم كردستان، أو عقد حوار تلفزيوني مع الدكتور آشتي هاورامي، في موضوع العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية. من جملة ما قاله في هذا التصريح، "إننا كوزارة نفط وجدنا عقود المشاركة فيها تنازل عن نسبة من النفط العراقي، والدستور ينص على إنه ملك للشعب العراقي ككل، ووجدنا إنه ليس من صلاحية أحد إقرار منح تلك النسبة، فلابد من تفويض برلماني. ولا يكفي برلمان إقليم كردستان، وإنما البرلمان الإتحادي". وأيضاً بنفس المقابلة نوه بضرورة المضي بمسودة قانون النفط المؤرخة في 15/2/2007، مع الملاحق، والتي سبق أن وافق عليها مجلس الوزراء. ج- إن ما جاء عن السيد الوزير فيما تم ذكره أعلاه يعد خطوة للأمام تستحق الدعم والثناء، ولكن ليست الخطوة الجريئة الكاملة التي نتمناها. ولعل ما جعل بعض الكتّاب الذين يعارضون القانون، يعتقدون هناك تبدل جذري في موقف الوزير هو التفاؤل الكبير بأن موقف الوزارة سيبقى كما هو عليه الآن في الإعتماد على عقود الخدمة، وإن تمرير القانون سيتأخر جداً، إضافة لذلك هناك جمل منسوبة للوزير وموجودة في الملخص الذي نشر في 3/12/2007 في جريدة الصباح، والذي أشرنا عليه، قد تفسر هذه الجمل هذا التفاؤل، منها "شدد الشهرستاني على عدم أحقية أية جهة بالتصرف بنفط العراق... ما لم يكن بموافقة الحكومة الإتحادية والبرلمان الإتحادي، وعدم منح جزء من هذا النفط الى الشركات الأجنبية مثلما وردت في عقود إقليم كردستان، كون ذلك تخلياً عن السيطرة التامة على هذه الثروة، وإن الدستور كان واضحاً حينما نص على إن النفط والغاز هما ملك لكل الشعب العراقي"، وأضاف شارحاً مخالفات حكومة الإقليم بهذه العقود منها "عدم تحقيقها السيطرة الوطنية الكاملة". وأضاف أيضاً في ملخص 3/12/2007، "استبعد الوزير تشريع قانون النفط والغاز في وقت قريب بسبب الخلافات التي حصلت في مجلس النواب نتيجة العقود النفطية نفسها، موضحاً إن الكتل البرلمانية التي أجمعت بالموافقة على مسودة القانون في منتصف شباط الماضي، ترفض الآن التصويت على القانون وتطلب بإلغاء فقرة عقود المشاركة التي تضمنتها عقود إقليم كردستان". وهناك فقرة أخرى في الملخص في 3/12/2007، وهي التي تتكلم عن تطوير الإنتاج، إذ تنقل عن السيد الوزير قوله: "إن الوزارة تتبنى حالياً الإتفاق على عقود خدمية بصدد إبرامها مع شركات عالمية رصينة لتطوير الحقول النفطية بحيث تخضع الى السيطرة الوطنية وبالإفادة من الإمكانات الوطنية، وإن البرنامج والخطط الموضوعة في هذا الجانب من شأنها زيادة الإنتاج اليومي بواقع (500) الف برميل كل ستة أشهر، وصولاً إلى مستوى إنتاج أربعة ملايين برميل يومياً، صعوداً إلى ما يتناسب وإحتياطي العراق من النفط بحيث يبلغ الإنتاج اليومي ستة ملايين برميل". إن التصريحات الموجودة في 3/12/2007 مهمة جداً، ولكنها لم توجد في نص المحاورة الكاملة التي نشرت في 4/12، والتي أعطت مؤشرات فقط لها، ولكن ليس بنفس الوضوح. إن البعض يتساءل، هل إن من أعد الموجز فهم الحوار الكامل بهذا المعنى، أو إنه إضطر إلى تعديل الصيغ في اليوم التالي، وذلك بعد إطلاع الوزير أو غيره على الموجز، إن صيغ 3/12/2007 قد يفهم منها أمور مهمة، مثلما فهمت أنا ذلك!!. ما فهمته هو إن إعطاء "حصة" من النفط إلى شركة أجنبية في أي عقد، مثل عقود المشاركة بالإنتاج، هو "تخلي عن السيطرة الوطنية التامة لهذه الثروة"، وإن عقود الخدمة "تخضع النفط للسيطرة الوطنية"، بعكس عقود المشاركة. وأيضاً قد يفهم منها إن السيد الوزير سيستمر على عقود الخدمة للصعود إلى ستة ملايين برميل/ اليوم، وهذا الأمر يقال لأول مرة، إذ ما كان يذكر سابقاً إن عقود الخدمة تستعمل للصعود بالحقول المستغلة حالياً إلى (4) مليون برميل/ اليوم فقط، وما تجاوز ذلك سنضطر للعمل وفق عقود المشاركة. وهذا يعني تطوير حقول جديدة من خلال عقود خدمة، وهو أمر جيد كنا قد أكدنا عليه سابقاً. كل هذه الأمور تعني إن هناك "تغيير" في الموقف من بعض فقرات قانون النفط، وذلك في حالة تنفيذها فعلاً. في كل الأحوال أتمنى أن تكون كتلة السيد الوزير النيابية من الكتل التي ستطالب بذلك!!، والأفضل، طبعاً رفض تمرير المسودة المقترحة لقانون النفط والغاز الإتحادي وتأجيل الأمر إلى ظروف أفضل، إذ أن المسودة لا تتضمن أيضاً الوضوح الوضوح السيطرة المركزية للتخطيط والتطوير النفطي من قبل مجلس النواب الإتحادي والحكومة الإتحادية. لقد بدأت ضغوط جديدة في تمرير قانون النفط والغاز الإتحادي سواء من بوش وإدارته أو قبل السيد رئيس الوزراء، وتصريح نائب رئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية ونقلاً عن راديو سوا في 29/12/2007، من إن البرلمان سيقر عند إستئناف جلساته الأحد 30/12/2007 قوانين مهمة منها المساءلة والعدالة والنفط والغاز المثيرة للجدل!!!. وإذا كان المقصود تمرير مسودة 15/2/2007، مع الملاحق، والتي عارضتها فئات كبيرة من الشعب، سنرجع مجدداً إلى نظرية المؤامرة "أراويك الموت ترضى بالسخونة"، وسيفسر الأمر كأن ما قامت به حكمة إقليم كردستان، هو للضغط في تمرير القانون المرفوض والسيء الصيت؟! د- هل تتوفر معلومات عما يدور بين الوزارة والشركات الكبرى منذ أن صدرت تصريحات الوزير من إنه يتفاوض مع شركات كبرى وفق القوانين السائدة، وعلى أساس عقود خدمة، تحاول الجهات العالمية المختصة مراقبة مذا يجري. كذلك فإن الرأي العام العراقي المتابع يراقب وبحذر ماذا يجري، إذ إن جميع معارضي القانون يريدون النجاح لعقود الخدمة، ومع شركات عالمية، وبدون إعطاء حصة بالنفط أو عقد مشاركة بالإنتاج. ولكن هناك "حذر" والواقع يوجد "توجس"، يأتي أساساً من الخوف من "لعب" الشركات الكبرى والإحتلال وضغوطه وحيله. وكذلك أيضاً يأتي السؤال الدائمي "هل أن من كانوا يدفعون بقانون النفط والغاز قبل شهور، مستعدون الآن لإنجاح تجارب تثبت عدم الحاجة إلى عقود المشاركة والقانون الآن" وهنا يأتي دور عدم الثقة لدى "المتشائم"، والأمل بنجاح التجربة لدى "المتفائل". أما مثلي، وهو "المتشائل"، فيقول لندعم هذا الإتجاه، وبنفس الوقت نستمر في معارضة أي قانون لا يعمل وفق مصالح الجماهير، مثل مسودة القانون المؤرخة في 15/12/2007. سأذكر هنا بعض ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية، وصحة المعلومات على عهدتها، فمثلاً إن مجموعة Market Watch تقول إن من مدراء من شركة BP وشل قابلوا السيد وزير النفط في دبي بعد إجتماع أوبك، وإن platts، تقول إن كبار مسؤولي الشركات إجتمعوا مع السيد الوزير في عمان. كما يذكر "بين لاندو Ben Lando" محرر الطاقة في United Press International UIP وهو المحرر المتابع المستمر لأمور العراق النفطية، فيقول في تقرير له في 6/12/2007 بعنوان "تحليل: الشركات الكبرى ستوقع إتفاقيات مع العراق قريباً Analysis: Big Oil to sign Iraq deals soon". "بإن هناك نقاشات مستفيضة تجري بين وزارة النفط والشركات الكبرى وبهدوء كامل... وإن الوزارة لن تعلن عنها إلا بعد التوقيع". ويستمر ليذكر بعض المعلومات عن إهتمام الشركات، "مثلاً شركة شل Shell أعدت تقرير في سنة 2005 عن تطوير حقل كركوك، وBP عملت دراسة لتطوير حقل الرميلة في السنة الماضية. والشركات Shell and BHP Billition وراء حقل ميسان (لا أعرف ما المقصود إذ أن هناك حقولاً كثيرة في ميسان)، أما Exxon Mobile الشركة العملاقة الأميركية فإنها وراء حقل الزبير، وشركة DOME مع شركاء لها وراء حقلي صبة واللحيس. كما وإن الشركتين شفرون Chevron الأميركية وتوتال Total الفرنسية وراء حقل مجنون (الذي كان مطمح فرنسا). أما شركة كونوكوفيليبس ConocoPhillips الأميركية، فإنها تعمل مع لوك أويل Luk oil الروسية للحصول على حقل غرب القرنة، والذي كان قد أُعطي في العهد السابق إلى شركة لوك أويل الروسية. علماً إن كونوكوفيليبس تملك 20% من لوك أويل. إن ما يؤكد عليه التقرير إن العمل هو بعقود الخدمة، وتستطيع وزراة النفط توقيع مثل هذه العقود (بعد تأييد مجلس الوزراء). ويضيف إن التحرك الحالي للدكتور الشهرستاني يلاقي تشجيع من الدوائر الأميركية، ولو أنها لا تزال تدفع بإتجاه تمرير قانون النفط. كما يضيف "إن عقود الخدمة بحد ذاتها مجزية جداً للشركات، ولكن لو تستطيع الشركات الكبرى أن تحصل على عقود مجازفة أي عقود مشاركة فهذا أفضل لها، حيث إن الأرباح أكثر، والأهم وضع إحتياطيها النفطي الجديد في حساباتها وبذا تصعد أسهمها في الدول ستريت.."، ويؤكد "ولكن لا يمكن توقيع عقود مشاركة بالإنتاج في الحقول المعروفة والكبيرة في العراق، إذ لا توجد مجازفة أو مخاطرة في عدم النفط... وفي كل الأحوال أي عقد مشاركة سيحتاج إلى موافقة مجلس النواب، إذ أن القوانين الحالية لا تسمح بذلك". على أية حال لقد وعدنا السيد الوزير بعقود خدمة، كما أوضحنا، ونأمل إن هذه الوعود سيتم الإيفاء بها. 3- كلمة أخيرة، حديث مع حكومة إقليم كردستان أبدى وزير النفط معارضة واضحة وقوية لإجراءات حكومة إقليم كردستان، وأثيرت قضية النفط برمتها من خلال الرأي العام المحلي والعالمي، ولكني لم أقرأ أو أسمع تعاطف مع حكومة الإقليم خارج نطاق الإقليم. قد نرى إن البعض يحاول أن يقف على الحياد، أو يخفف من أهمية المسألة بإعتبارها أمر شخصي مع وزير النفط ولا يمثل رأي الحكومة الإتحادية. ولكن اللاعبين الأساسيين أدركوا خطورة اللعبة، وما "يُلعب" به قد يسبب "إنفجاراً" لا تعرف عواقبه. وأقصد باللاعبين، هم الشركات النفطية الكبرى، والإدارة الأميركية بضمنها وزارة الخارجية والسفارة الأميركية في بغداد. لقد أدركوا إن ما تقوم به حكومة الإقليم بالنسبة للأمور النفطية، سيضيع عليهم الأمر كله، وسيكون هناك رد فعل كبير في بقية أنحاء العراق، حيث "الكنوز النفطية العظمى"، وقد يؤدي إلى تعطيل القانون إلى أجل غير مسمى. وهذا ما بدأ حصوله فعلاً، ولهذا أسرعت الإدارة الإميركية في الإنسحاب من تأييد إجراءات الإقليم. أعتقد إن هذا الأمر لم يكن في حسبان الحكومة الإقليمية، خصوصاً بعد أن وقّعت عقدها مع شركة هنت أويل، حيث إن صاحبها راي هنت صديقاً حميماً لبوش وعلاقاته المخابراتية ذات إمتدادات واسعة. كان في إعتقاد حكومة الإقليم، إن ما تعمله يتماشى مع السياسة النفطية الأميركية المطلوب تنفيذها في العراق، والتي ثبتته اللجان المشكلة في حينه قبيل الإحتلال وأثنائه بإعتماد عقود المشاركة بالإنتاج في تطوير الصناعة النفطية الإنتاجية، وبالتالي العمل على "خصخصتها"، ولهذا إعتقدت حكومة الإقليم، أو على الأقل القيادات المهمة فيها، إن إجراءاتهم ستلاقي الترحيب من الولايات المتحدة. هنا دائماً يطرح الإحتمال التالي نفسه!!، وهو إحتمال كبير، من إن هذه العملية بدأت أصلاً بتشجيع الولايات المتحدة، وذلك بعد أن لاحظت التأخر في تمرير القانون، عند ذاك بدأت بتشجيع الجهات المسؤولة في حكومة الإقليم بالتحرك الذي تم للضغط على الحكومة الإتحادية والقوى الأخرى لتمشية القانون. إن هكذا نوع من "اللعب" هو من إختصاص السياسات الأميركية، وتكمل اللعبة بالتراجع السريع عندما ترى إن المعارضة قوية، وتظهر وكأنها لم تكن مؤيدة لهذه الأمور أصلاً. هل تم مثل هذا الأمر؟ بالواقع لا أعرف ولا يهمني أن أعرف، إذ إن النتيجة كانت عدم تأييد هذه الإجراءات النفطية الإقليمية ممن قبل الإدارة الأميركية. أ- ستراتيجية أميركا النفطية بالنسبة لي، وللكثير من المتابعين للشأن العراقي، والمسألة النفطية بالذات، إن العراق لم ولن يكن لقمة سهلة، وهذا يعني إن القانون وبالصورة المطروحة لن يمر بسهولة، وإذا إستطاعت بعض القوى تمريره، فإحتمال نقضه في المستقبل عالية جداً. وبإعتقادي إن الأميركان وفي سنتهم الخامسة من الإحتلال الفاشل، أدركوا ذلك، ونرى مؤشرات واضحة في السياسة الأميركية تريد مراجعة الموقف، فمسألة النفط هي "لب" الإحتلال. إن مشكلة النفط ليست مسألة بيع وشراء وأرباح فحسب، وكما يحاول أن يطرحها البعض، ويفشل في طرحه ذلك. لقد وضح وعلى نطاق عالمي، ولاسيما في السنوات الخمسة الماضية إن هناك شحة في النفط لا محال منها، وتزداد سنة بعد سنة، والعراق هو "المنقذ" الأساسي، أو بالأحرى المنقذ الوحيد. لذا على أميركا الحصول على نفط العراق بشكل أو بآخر. والنفط، ومهما قال البعض، هو سلاح سياسي إقتصادي كبير بيد الدولة العظمى، أميركا، ولا تريد أن تضيع ذلك وإنما تريد أن تعززه. إن أميركا تريد النفط لسد إحتياجاتها، والسيطرة على إحتياجات حلفائها الأوربيين وغيرهم، ومحاولة خنق القوى الصاعدة الجديدة ذات الحاجة العالية للنفط مثل الصين والهند. وهذه القوى الأخيرة تعمل ليل نهار، شمالاً ويميناً، للحصول على مصادر للنفط أوالغاز الخاصة بها تجنباً لما سيحدث حتماً في المستقبل من محاولة خنقها، وستكون هناك توترات كبيرة في هذا الخصوص. إن القضية الأهم من كل أعلاه، بالنسبة للولايات المتحدة، هو ضرورة إبقاء النفط والسوق النفطية تحت هيمنة الدولار الأميركي، وعدم السماح للعملات الأخرى بالتحرك في هذا المجال. من الناحية العملية، فإن النفط العالمي هو "الرصيد" للدولار!. فالدولار ومنذ سنة 1971 لم يعد مغطى بالذهب، أو بأي معدن ثمين، ولكن أليس من الغريب إن المطابع الأميركية مستمرة بطبع الدولار ولا يوجد له "غطاء". إننا نرى إن السعر الرسمي للنفط هو الدولار، وذلك في جميع البورصات في العالم، بضمنها بورصات أوربا التي تستورد من النفط أكثر من الولايات المتحدة. لا يوجد في العالم أية بورصة لا تسعر النفط ولا تبيعه بغير عملة الدولار. في الوقت الحاضر هناك تداول يومي بالدولار يزيد عن (4) مليار دولار وقد يصل إلى 5 مليار دولار لغرض تجارة النفط الخام ومنتجاته فقط. إن تبديل تسعير وبيع النفط إلى عملة غير الدولار يعتبر "خط أحمر" بالنسبة للولايات المتحدة، وإن محاولات العراق السابقة في 2002 للبيع باليورو، كانت خطوة للأمام ولكنها أجهضت بأول القرارات بعد الإحتلال. علماً لم تكن هذه الخطوة عملية متكاملة، فما طلبه العراق هو قبول التسعير بالدولار، ولكن يحوّل الدولار إلى يورو بأسعار نفس يوم البيع. ولقد خسر العراق مبالغ طائلة نتيجة تبديل هذا القرار بعد الإحتلال. الآن تحاول كل من إيران وفنزويلا السير بنفس الخط، إضافة لذلك هناك محاولات من إيران وروسيا والنرويج لإفتتاح بورصات لبيع النفط باليورو أو العملات الأجنبية الأخرى، ولكن تعمل الولايات المتحدة بجهد كبير لإفشال مثل هذه المشاريع في الظرف الراهن. لنتصور الآن إن تسعير وبيع النفط سيكون بالعملات الأجنبية الأخرى، وعلى الولايات المتحدة أن توقف طبع وتداول (4-5) مليار دولار يومياً (وبدون غطاء). إن هذا الأمر سيؤدي إلى إنهيار هائل للإقتصاد الأميركي، ساحباً معه كل إقتصاد العالم، حيث معظم خزينه من العملة الأجنبية هو الدولار. إن سيطرة الدولار على النفط تتأتى من السيطرة العسكرية والسياسية الأميركية، وليس من قوة الإقتصاد الإميركي الغارق في الديون الخارجية والداخلية، وستعمل الولايات المتحدة كل ما تستطيع لإبقاء هذه السيطرة. سنكتفي بهذا القدر من الحديث عن الدولار البترولي، إذ أن المسألة معقدة جداً، وتتعلق بالتجارة العالمية وإنخفاض سعر الدولار مقارنة بالعملات الأخرى، وبالديون الأميركية وسعر الفائدة للبنك الفيدرالي الأميركي والتضخم النقدي في العالم. ولكن نود أن نضيف إن سعر النفط الحالي الذي وصل (100) دولار/البرميل، قد تم قبوله من قبل الأسواق العالمية، وهو أمر يفيد الإقتصاد الأميركي في حدود محددة في زيادة طبع الدولار الخالي من الغطاء، وفسح المجال للتوسع في بدائل النفط، وفي كل الأحوال فإن هذا السعر يعادل (40) دولار/ البرميل بأسعار سنوات بداية الثمانينات. ما أردت قوله في كل ما جاء أعلاه إن الإدارة الأميركية الآن، وبعد الفشل العسكري المستمر، والمصروفات الهائلة على الحرب، فإنها مستعدة الآن أن تكون أكثر مرونة، ولو أنها مكرهة على ذلك. وحسب المعلومات المتوفرة، إن البنك الدولي قام بحث الحكومة العراقية مؤخراً، وذلك بعد أن ظهر بوضوح وجود معارضة قوية لمسودة قانون النفط، على إكمال قانون النفط والغاز وبأي شكل تراه الحكومة العراقية مناسباً، حتى لو رفض العراق إدخال عقود المشاركة بالإنتاج نصاً في القانون. وأكد من أن الشركات العالمية الكبرى والحكومات الأخرى قد تكون مستعدة أن تمد يد المساعدة المالية والفنية والإدارية، وعلى أساس عقود خدمة وخصوصاً في تطوير الحقول العملاقة، مع ضمان عقود تجهيز متوسطة أو طويلة الأمد. من المفروض إن تستغل القوى العراقية الوطنية هذه الظروف للحصول على مصلحة الشعب العراقي، وأن لا تفرط بجزء هنا وجزء هناك "خوفاً" من البطش الأميركي!!. لقد بطش الإحتلال ولم ينجح، والآن الدور على القوى الوطنية للحصول على الحقوق وأهمها الحقوق في النفط. يجب أن أوضح هنا إن موافقة الشركات الكبرى، والإدارة الأميركية والبنك الدولي على قانون قد لا يسمح بعقود المشاركة بالإنتاج، ليس تحصيل حاصل أو إنها مسألة منتهية منها. إن الأمر متعلق بصراع "الإرادة"، أي إرادة الشعب العراقي مقابل إرادة الإمبريالية وشركاتها، والظرف الراهن يساعد في نصرة إرادة الشعب العراقي. قد يقول لي البعض إن حتى الصين، مثلاً، لم تقبل بتبديل عقد المشاركة في حقل الأحدب بعقد خدمة. هذا قد يكون صحيح في هذا الوقت الذي لم يحدد الشعب العراقي "إرادته" بوضع حل نهائي. فلو كان هناك قرار من مجلس النواب العراقي برفض عقود المشاركة، وهذا يجب أن يصدر عن مجلس النواب، وهو الأمر الذي يمثل "إرادة" الشعب العراقي، سنجد إن أمام الجميع إما القبول به، أو ترك النفط العراقي، وهذا الخيار الأخير – أي ترك النفط العراقي – سوف لن يكون خياراً للشركات الأجنبية في ظروف "القحط النفطي" الحالية. أما لو فتحنا المجال لعقود المشاركة، فعند ذاك ستستخدم كل القوى في العالم "إرادتها" بالحصول على عقود مشاركة أسوة بمن يحصل على مثل هذا العقد في العراق. إضافة لذلك إن حقل الأحدب حقل صغير جداً، فلو عرض حقل مثل مجنون أو غرب القرنة أو غيره على الصين كعقد خدمة، مع ضمان تجهيز لفترة طويلة لكانت الصين، أو غيرها، لها رأي آخر. ب- أميركا لن تضحي بمصالحها من أجل سياسة حكومة إقليم كردستان النفطية عندما صدر قانون بايدن/غيليب في أيلول الماضي، أو ما يسمى عن حق "قانون تقسيم العراق" إلى ثلاثة أقاليم، كردية وسنية وشيعية وحكومة غير قوية في بغداد، كان أول من أيّد هذا القانون قيادة حكومة الإقليم بإعتباره ينسجم مع "الفيدرالية" الموجودة في الدستور. علماً إن الدستور يؤكد على الفيدرالية الجغرافية وهذا القانون يؤكد على الفيدرالية الأثنية. إنني هنا ليس في مجال مناقشة الفيدرالية أو قانون بايدن إلا بمقدار تعلق الأمر بالنفط. لو قرأ السادة أعضاء حكومة الإقليم القانون وتفسيراته وشروحات بايدن، لوجدوا أن مسألة النفط برمتها، من الخطط الإنتاجية إلى الإنتاج إلى توزيع الأرباح هي مسألة مركزية، تم وضعها بنفس موضع قضايا الدفاع والسياسة الخارجية. وللعلم إن قولي هذا لا يعني إني أؤيد قانون بايدن، فإني من أشد أعدائه، ولكن تطرقت إلى هذه الفقرة لأوضح، بأن هناك العديد جداً من واضعي السياسة الأميركية من يعتقد، إن التحرك الخاطئ في مسألة النفط، قد يحرم الولايات المتحدة من الثروة النفطية العراقية، وكمثال للتحرك الخاطئ هو الأسلوب الذي إستخدمته حكومة الإقليم، والذي سيخرب البيت على أهاليه وعلى السياسة الأميركية أيضاً. إنها سياسة الفوضى النفطية وكما شرحنا ذلك سابقاً، وهذا الأمر لن يفيد كردستان أو العراق أو سياسة النفط الأميركية. إن النفط يجب أن يطور من خلال سياسة مركزية، في حكومة إتحادية ومجلس نواب إتحادي، يكون فيهما للأقاليم والمحافظات حضور فعّال يجب أن تكون هناك سياسة نفطية تعتمد مركزية في التخطيط والميزانية العامة، وعدالة في التوزيع، ومرونة في تنفيذ الخطط والميزانية. والتخطيط يشمل قانون/ أو قوانين النفط والغاز وتوقيع والمصادقة على العقود. بعد الفشل المستمر للسياسة الأميركية في تحقيق نجاحات عسكرية أو سياسية في العراق، فإنها بدأت تدرك إنها يجب أن تركض وراء "العنب"، أما "الناطور" و"السلة" فإنهما يأتيان في مقامات متأخرة جداً. لذا تعمل الآن بكل الطرق التي تعتقدها من الممكن أن توصلها إلى نتيجة للحصول على "العنب/النفط". وهذا لا يتم إلا بوجود إستقرار في العراق، ومن خلال سياسة نفطية مركزية موحدة. وعلى القوى العراقية إدراك هذا الأمر، فالظروف كلها تساعدها للحصول على الحقوق الكاملة في هذا المجال لو قامت بالدور التأريخي المطلوب منها. لقد أرسلت حكومة إقليم كردستان في أواخر تشرين الثاني/2007 وفداً نفطياً عالي المستوى إلى أميركا، برئاسة السيد نائب وزراء حكومة الإقليم عمر فتاح حسين، والسيد وزير الموارد الطبيعية (أي وزير النفط) آشتي هاورامي، حيث تمت زيارة واشنطن ودلاس/تكساس (عاصمة النفط العالمي). لقد فُسّرت حركة الوفد في حينه بأنها طلب مساعدة وتأييد الحكومة الأميركية لإجراءات حكومة الإقليم النفطية، وكذلك في محاولة للحصول على شركات أميركية جديدة (بالإضافة إلى شركة هنت) للعمل في كردستان. إن ما جلب نظري، ونظر آخرين، هو التقرير الذي أعدته الواشنطن بوست في 28/11/2007 عن الزيارة، والذي كان بعنوان "الوزراء الكورد يسعون وراء (يتوددون) شركات نفط أميركية Kurdistan Ministers Woo US Oil Firm". حيث جاء في التقرير إن الإجتماعات الإولى للوزراء الكرد كانت في دعوة عشاء في 26/11/2007 في سكن السيد "ايد روجرز Ed Rogers"، والذي كان مسؤول الأمور السياسية في البيت الأبيض في زمن الرئيس ريغان، والآن يرأس شركة معروفة للدعاية بين أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ والحكومة الأميركية Lobbing، وإسم هذه الشركة هو "باربركريفين اندروجرز Barbour Griffin & Rogers". والذي يعني إن حكومة الإقليم تبحث عن تأييد الحكومة الأميركية والكونغرس في إجراءاتها وشرعية قانونها وعقودها، والوقوف ضد موقف وزير النفط الإتحادي. والذي يثير الإستغراب، إن الحضور الأميركان في هذه الدعوة، وكما ذكرت الصحيفة لثلاثة أسماء منهم، هم من الأسماء اللامعة للمحافظين الجدد أو القريبين جداً منهم. إن أول الأسماء المذكورة "ريشارد بيرل Richard Perle"، منظر المحافظين الجدد ورئيس اللجنة الأمنية للدفاع إبان الإحتلال الأميركي للعراق، ويسمى في الأوساط السياسية الأميركية "أمير الظلام"، (ومن يريد المزيد من المعرفة حول دور المحافظين الجدد ودور بيرل هذا، ليقرأ مقالتي "العراق، وفلسطين، وحكم المحافظين الجدد في الولايات المتحدة "ضمن كتابي مقالات سياسية إقتصادية في عراق ما بعد الإحتلال"). بسبب الفشل الذريع في العراق أُجبر ريشارد بيرل على الإستقالة، وبعده أُجبر مؤيدوه على الإستقالة من وزارة الدفاع مثل دوكلاص فيث وغيره وآخرهم الوزير رامسفيلد. أما الشخص الثاني الذي ذكرته الصحيفة فقد كان (لويس سكوتير ليبي Lewis “Scooter” Lippy)، الذي كان رئيساً لموظفي نائب الرئيس الأميركي جيني، وحكم عليه بالسجن (30) شهر وغرامة (250) ألف دولار، بسبب الكذب وتعطيل العدالة بمسألة فضح إسم عميلة المخابرات الأميركية "فاليري بالم Palme"، إنتقاماً من زوجها الذي فضح كذب البيت الأبيض من إن العراق إشترى اليورانيوم من النيجر في التسعينيات من القرن الماضي. في هذه الحالة، وتحت تأثير الصقور وقادة المحافظين الجدد، إستخدم بوش صلاحياته، وأعفى ليبي من عقوبة السجن، ولكن ليبي دفع غرامة (250) ألف دولار ولا يزال تحت المراقبة لمدة سنتين. أما الشخص الثالث فلقد كان "توني سنو Tony Snow"، الذي كان يكتب خطابات الرئيس في زمن بوش الأب، وأصبح في نيسان/2006 السكرتير الصحفي للبيت الأبيض وإضطر إلى الإستقالة لأسباب سماها "مرضية"، والصحافة تقول "إنه أراد أن ينقذ نفسه مما سيؤول إليه بوش، بالإضافة إلى الحصول على راتب عالٍ!!". كذلك إستطاع الوفد الكوردي أن يقابل نائب الرئيس الأميركي "ديك جيني"، أكره نائب رئيس أميركي بالنسبة للشعب الأميركي، وزوجته نشطة جداً في أوساط المحافظين الجدد. وهو أحد دعاة الحرب على العراق وإستمراها والآن يعمل على الحرب على إيران، وله إرتباطات واسعة بالشركات النفطية الكبرى، مع ماضي أسود فيما يتعلق بالفساد المالي (ويمكن الرجوع لكتابي "مقالات سياسية إقتصادية..." لمعرفة الكثير عن هذا السياسي الفاسد). قال السيد عمر فتاح حسين (نقلاً عن صوت العراق في 2/12/2007)، بأنه "قابل نائب الرئيس الأميركي ديك جيني ومسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع والبنك الدولي... وأضاف... إن الأميركيين طلبوا منا عدم التسرع في إبرام العقود النفطية، وقالوا: إننا نعرف بأن أوضاعكم سيئة وبحاجة إلى إستثمارات لكننا نرى إنه من المستحسن مراعاة قانون النفط العراقي"، وأضاف أيضاً، "دافعنا عن وجهة نظرنا لإستخراج النفط بغية إعادة إعمار القرى والمدن التي هدمها النظام السابق وعددها بالآلاف، كما وإن شعبنا يطالبنا بالخدمات من ماء وكهرباء ومدارس ومستشفيات ومصانع". أما وكالة انباء "أصوات العراق"، فلقد نقلت عنه في 11/12/2007، "إن الولايات المتحدة طلبت من حكومته عدم الإستعجال في إبرام عقود النفط بمعزل عن الحكومة الإتحادية، إضافة إلى تشديدهم على ضرورة التعاون مع الحكومة العراقية لإنجاز القوانين المهمة مثل قانون النفط والمساءلة والعدالة وغيرها". في نظري، إن الوفد الكوردي قد زار الأشخاص الخطأ الذين ليس لديهم مستقبل في السياسة الأميركية، بعد فشلهم، وبسبب العراق، وذلك عندما كانوا في القمة، والإحتمال الأكبر إن الآخرين لم يقبلوا إستقبالهم أو تجنبوا ذلك، ولم يبق غير المحافظين الجدد في الترحيب بهم. أما من إستقبلهم من الإدارة فنصحهم "بعدم السير بهذا الخط المتعالي المنفرد، وعليهم الرجوع إلى الحكومة الإتحادية للعمل معاً في الأمور النفطية!!!". عملياً لقد رجعوا "بخفي حنين". إن ما قاله الإستاذ فتاح "من إن شعبنا يطالبنا بالخدمات...إلخ"، فهو أمر صحيح سواء في الشمال أو في الوسط أو في الجنوب، ولكن ما علاقة هذه "المطاليب". بتوقيع عقود المشاركة بالإنتاج، أو التوسع الهائل بتوقيع العقود النفطية، فإن تنفيذ الخدمات المطلوبة يتم من خلال الميزانية المخصصة للإقليم، وإن المبالغ التي ستحصل من هذه العقود، (عند الإنتاج النفطي)، ستوزع حسب حصص متفق عليها، ولا فرق إن كان هذا الإنتاج من أي نقطة في العراق. إن "خلط الأوراق" قد يؤثر على البعض لفترة قصيرة، ولكن الأمر سيتضح عند التحليل الصحيح، وعند ذاك ستضيع القضية كلها، إذ سوف يشكك الآخرون حتى بالأخبار والتحاليل الصحيحة. على أثر نتائج زيارة الولايات المتحدة، طلبت حكومة الإقليم مناقشة موضوع النفط مع الحكومة الإتحادية، بعد أن كانت قد تجاهلتها بصورة تامة خلال الشهور العشرة الماضية، وسارت لوحدها بدون مداولة أو مناقشة أو إستشارة مع الحكومة الإتحادية، كما يطلب الدستور، أو تطلب إتفاقية 26/2/2007 الموقعة بين الحكومتين الإتحادية والإقليمية، وكما أوضحنا سابقاً. وفي إعتقادي، إن طلب الإجتماع هذا جاء نتيجة "نصائح" الإدارة الأميركية. لقد حضر السيد رئيس وزراء إقليم كردستان إلى بغداد بصحبة وفد لمناقشة أمور عديدة أهمها القانون الإقليمي والعقود النفطية التي وقعتها حكومة الإقليم مع الشركات الأجنبية، وكما يظهر فإن النتيجة كانت سلبية بما يتعلق بحكومة الإقليم، وحسب ما جاء في صحيفة الشرق الأوسط في 19/12/2007، فإن السيد فلاح مصطفى، رئيس العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم (بمثابة وزارة الخارجية)، والذي كان ضمن الوفد، فإنه قال "لقد عدنا أمس – يقصد في 17/12 – من بغداد بعدما إتضح إننا لم نصل إلى نتائج ملموسة، وكذلك لحلول الأعياد، ومن المقرر تستمر المباحثات بعد إنتهاء العطلة". وقال أيضاً، "إن المباحثات التي أجراها السيد نيجيرفان بارزاني في بداية الأسبوع لم تعط نتائج ملموسة... وإن البارزاني أكد على أن حكومة إقليم كردستان تعمل من أجل إرساء دعائم حكم فيدرالي يقوم على أساس تقاسم السلطة والمشاركة في الموارد الطبيعية"، وأضاف "إن موقف حكومتنا من قانون النفط هو مؤيد للدستور العراقي الذي إستفتى عليه العراقيون، حيث ينص الدستور على إن النفط هو ملك للشعب العراقي، ونحن حريصون على أن يستفيد...."، وأضاف في نهاية الخبر، "لقد توصلنا إلى حل يقضي بتشكيل لجنة من الخبراء لدراسة هذه العقود". سأكون صريحاً من أنني لم أفهم كثيراً من هذا الكلام، ففي الوقت الذي يقول "لم نصل إلى نتائج ملموسة"، يقول "توصلنا إلى حل يقضي بتشكيل لجنة لدراسة العقود". إذا كانت حكومة الإقليم قد حققت فعلاً في الجملة الأخيرة، فهذا "إنتصار للنتائج الملموسة!!!". إذ إن عملية العقود برمتها غير قانونية وتجاوز على القانون والدستور والسلطة الإتحادية، والمفروض ترفض أصلاً، وكما أوضحنا في هذه الدراسة. أما مسألة "حكم فيدرالي يقوم على أساس تقاسم السلطة والمشاركة في الموارد الطبيعية"!!، فأيضاً قد تفهم بأشكال مختلفة، هل إن "تقاسم السلطة"، يعني إهمال رأي الأكثرية ورأي الدستور والحكومة الفيدرالية، والعمل بالطريقة التي تراها حكومة الإقليم مناسبة طالما إنها تعمل ضمن الإقليم (والأراضي المتنازع عليها)، وليس من حق أي شخص أن يعترض على ذلك!!. علاوة على ذلك لم أفهم هنا القول "ينص الدستور على النفط هو ملك للشعب العراقي"، إذا كان كذلك فكيف تصرفت حكومة الإقليم به بمعزل عن الشعب العراقي؟ وهل يعتبر تخويل مجلس نواب كردستان هو تخويل من الشعب العراقي؟. بالواقع لم أفهم ماذا يريد أن يقول؟. كما يظهر لي أيضاً أن حكومة الإقيم لم تحصل على شئ، وهو أمر منطقي جداً، وإن رئيس الوزراء الإتحادي أكد موقف وزير النفط، ولم تقف الأمور عند التصريحات والكلمات، إذ اعلنت وكالات الأنباء عن الحكومة الكورية، إن الحكومة العراقية أعلمتها في 24/12/2007 إن التصدير سيتوقف إلى كوريا الجنوبية ما لم توقف الحكومة الكورية اعمال شركتها في كردستان العراق. إستمرت الأزمة في تصاعد، وسمعنا "أخباراً" في نهاية عام/2007 عن تهديد الحزبين الكرديين بإسقاط حكومة المالكي، وبنفس الوقت أكد النائب الكوردي محمود عثمان إن المفاوضات لم تنتهِ، وأكدت عدة جهات بأن هناك مفاوضات خلال الأسابيع القليلة القادمة. ج- كلمة أخيرة: ليس أمام حكومة إقليم كردستان إلا الإلتزام بالدستور وما يقوله غالبية العراقيين. من كل ما جاء أعلاه، وبعد دراسة الدستور العراقي، ورأي الشارع العراقي، والموقف الأميركي على ضوء الفشل الذريع الذي لحق بمشروعها في العراق، والواقع النفطي العراقي والعالمي، فإنني أرى إن على حكومة إقليم كردستان أن لا تنفرد بقراراتها وأن تتخذ الخطوات المذكورة أدناه، أو تسعى لإتخاذها بالتنسيق مع القوى المختلفة العراقية، لكي تكون ضمن العراق في فيدرالية دستورية ديمقراطية. علماً إن رأيي بالسياسة النفطية وقانون النفط الفيدرالي واضح، سواء في كتابي "ثلاثية النفط العراقي"، أو في سياق هذه الدراسة، وهو إن مسودة القانون المطروحة مضرة للعراق، وإنه يمكن تطوير الصناعة النفطية من خلال القوانين النافذة، وهناك حاجة لقانون ولكن ليست بأمر ملح، إذ هناك أموراً كثيرة أهم منها، والإعتراضات الرئيسية على المسودة المطروحة، هي عدم وجود وضوح كامل، وبدون لبس، في مركزية القرار في السياسة النفطية، إذ بدون هذه المركزية ستعم الفوضى النفطية التي ستهدم البيت على رؤوسنا، والمركزية هنا تعني قرارات مجلس النواب الإتحادي والحكومة الإتحادية. والأمر الثاني المهم في إعتراضي، هو الدخول في عقود المشاركة بالإنتاج، وهو أمر مرفوض دستورياً وإلتفاف على قوانين التأميم وإعطاء الأجنبي والقطاع الخاص العراقي حصة في الإنتاج، أي إنها خطوة، أو خطوات، نحو "خصخصة" إنتاج النفط العراقي. إن القانون يجب أن يكمل ولكن بظروف أفضل لتشريع قانون أفضل. وليس هناك علاقة بين صدور القانون وتطوير الصناعة النفطية، إذ يمكن تنفيذ الأخيرة بما موجود حالياً. أما ما يتعلق بحكومة الإقليم وموقفها من النفط، أرى إن عليّ كواجب وطني وحق دستوري القول بما يلي:- أولاً: إن الدستور رغم علاّته الكثيرة، هو وحدة متكاملة، ولا تؤخذ منه مواد محددة، وتترك الأخرى. وفي فهمي وفهم الآخرين للدستور إنه لا يسمح بالمرة بالفوضى النفطية، ولا يوافق على "خصخصة" الإنتاج. أي لا يسمح بقيام الأقاليم (أو المحافظات) بأمور تخرج عن السياسة النفطية المركزية، ولا يسمح بعقود المشاركة في الإنتاج. إن الدستور لم يكن ليُوافق عليه أصلاً لولا إضافة المادة (142)، أي تعديل بعض مواده، ولذا فإن هذه المادة يجب أن تنفذ في البداية، وثم تنفذ المادة (140)، وعلى ضوء ذلك سوف تُعرف الصيغة النهائية للفيدرالية وللحقوق والواجبات النفطية، وعند ذاك يمكن وضع قانون النفط اللازم. هذا لا يعني عدم إمكانية العمل النفطي الآن وبكل أشكاله، عدا مشاركة الأجنبي في حصة في النفط المنتج. إن الأمر هو العكس إذ بوجود القوانين النافذة والحكومة الإتحادية والبرلمان الإتحادي، على وزارة النفط أن تسرع في تمشية مشاريع التوسع اللازمة. ثانياً: إن الفيدرالية مرتبطة بالديمقراطية، وعلى حكومة وبرلمان الإقليم القبول بما يقوله الدستور والبرلمان العراقي. إذا رأى مجلس النواب العراقي أن لا يمرر المسودة المقترحة، وأتمنى أن لا يوافق على تمريرها، فعلى برلمان كردستان العراق والحكومة الإقليمية القبول بذلك. وإن رأى البرلمان الإتحادي رفض عقود المشاركة بالإنتاج، (وهذا ما يجب أن يقوم به)، فعلى برلمان وحكومة الإقليم إحترام وتنفيذ هذا القرار. إن عدم إحترام رأي الأكثرية من الشعب العراقي، وعدم إحترام الدستور بكامله، وإستغلال الظرف الصعب الذي تعيشه الجماهير في الوسط والجنوب في فرض الرأي، أو الأمر الواقع، أو خلق حقائق على الأرض، هذه الأمور ليست من الديمقراطية والفيدرالية التي أرادها الشعب العراقي. إن الدستور الحالي يسمح لأي عراقي إبداء رأيه في كل عملية نفطية تقع في أي مكان في العراق. لذا ما أقوله هنا ليس تدخلاً في شؤون الإقليم وإنما جزء من واجبي كمواطن عراقي، ونفس الأمر ينطبق على أي مواطن عراقي من إقليم كردستان العراق. ثالثاً: على ضوء ذلك، على حكومة الإقليم إلغاء جميع العقود التي وقعتها مع الشركات الأجنبية، وإن إبقاءها، (بالإضافة إلى كونها غير دستورية)، أمر يثير الشكوك والريبة والتفرقة، وإلا كيف يمكن أن نفسر توقيع عقد مشاركة بالإنتاج (أي إعطاء حصة للشركات) في حقل معروف مثل طق طق، ذو الإمكانيات العالية والنوعية الممتازة للنفط. إن الضرر في مثل هذه العقود يقع على الكورد قبل العرب. رابعاً: على حكومة الإقليم الرجوع عن قراراتها فيما يتعلق بكل العقود التي أبرمتها بالنسبة للمناطق المتنازع عليها، فهي حسب الدستور بيد الحكومة الإتحادية. وإن إستعمال السلاح أو القوة العسكرية لمنع الحكومة المركزية من إداء مهامها في هذه المناطق، هو أقرب إلى "العصيان المسلح" من أي شئ آخر. إن ضعف الحكومة لا يعطي التبرير لحكومة الإقليم بملء الفراغ، وإنما المفروض أن يتم العكس، وهو أن تساعد حكومة الإقليم الحكومة الإتحادية وتدفعها بإتجاه إكمال الأعمال المطلوبة منها في هذه المناطق. بالواقع إن هذا الأمر لا ينطبق فقط على المناطق المتنازع عليها، وإنما على جميع الأعمال النفطية في كل العراق إذ لا تزال وزارة النفط الإتحادية هي المسؤولة عنها. هذا الأمر ينطبق على تطوير حقل خرمالة، وكذلك على تطوير حقول الغاز في كورمور وجمجمال. وعند الإنتهاء من المادة (140) من الدستور، وكانت نتيجة الإستفتاء في صالح الإندماج مع الإقليم، وبعد صدور قانون للنفط، تحوّل جميع هذه الحقول إلى مسؤولية الإقليم لإدارتها وفق سياسة مركزية لتطوير هذه الحقول. خامساً: يجب أن يكون هناك أمراً واضحاً لكل العراقيين، إن الحكومة الإتحادية لا تعني حكومة "العرب"، وإنما هي حكومة كل العراقيين، وإن القيادة السياسية لإقليم كردستان لها دور مميز في هذه الحكومة. وهذا ينطبق على مجلس النواب الإتحادي، أو شركة النفط الوطنية، وغيرها. ولهذا فإن القول بالقرارات المركزية الإتحادية، يعني ضمنياً أخذ رأي ممثلي الإقليم في المؤسسات أعلاه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |