|
في المجتمعات الديموقراطية يعد جميع العاملين على اختلاف اختصاصاتهم ومواقعهم في أجهزة الدولة أجراء لدى المواطن لخدمته مقابل أجور شهرية محددة طبقا لنوع ومقدار هذه الخدمة . فهم لم يستدعهم الشعب من بيوتهم ليقوموا بذلك لوجه الله تعالى أو بدافع إنساني وإنما تقدموا بأنفسهم للعمل بمحض إرادتهم و معظمهم سعى بطرق غير مشروعة للحصول على العمل عند الاضطرار كالوساطات والرشاوى عندما يتوفر من يتعاطى ذلك في الدوائر . ولذلك تقع على عاتقهم مسئولية قانونية فضلا على المسئوليات الوطنية والأخلاقية في أن يقدموا للشعب خدمات تعادل الأجر الذي يتقاضونه من نواحي النوع والكم . و من يخالف ذلك يعد خائنا للأمانة التي اؤتمن عليها وقبل ذلك للقمته ولقمة عائلته . إلا أن هذه الظاهرة تكاد تكون شائعة في أجهزة الدولة ليس في العراق فحسب بل في العديد من دول العالم إن لم يكن جميعها بدرجة أو بأخرى لعدم إمكانية بناء المجتمعات الديمقراطية نتيجة لعجز الأغلبية المسحوقة عن انتزاع القرار السياسي من أيدي الأقلية على الرغم من وجود أشكال من الممارسات التي تبدو ديموقراطية في الظاهر ولكنها في الواقع دكتاتورية في الباطن لمقتضيات التضليل وإضفاء الشرعية الشعبية على الاستيلاء على السلطة واحتكارها من قبل الأقلية الثرية أو الأفراد الأثرياء . ولذلك فان الموظف والعامل في الدولة يبقى متهما بنظر المواطن وتبعا لظروف كل بلد ولاسيما عندما يعاني الشعب فقدان أو ضعف أو تردي الأمن والخدمات كما في العراق اليوم وتتناسب درجة الاتهام مع منصب الموظف و مع توفر تلك الخدمات فكلما توفرت تلك الخدمات انخفضت حدة الاتهامات وكلما اتسعت دائرة مسئولية الموظف كلما ازدادت حدة اتهامه. وعلى هذا الأساس فان جميع المسئولين في العراق اليوم هم موضع اتهام من قبل الشعب بسبب الأوضاع المأساوية الحالية . إلا أننا يجب أن نؤشر التحسن الملحوظ في المجال الأمني أواخر عام 2007 والذي يعد مفتاحا للتحسن في المجالات الأخرى . لكن يبقى على الموظف حتى في ظل الأوضاع الاعتيادية أن يثبت للشعب كفائتة ونزاهته من خلال توفير صورة شفافة لعمله بحيث يطلع المواطن بنفسه على طبيعة عمله من خلال وضع دائرته تحت نظر مؤسسات الرأي العام وعرض كل نشاطاتها عبر وسائل الأعلام بطريقة لالبس فيها لتؤكد نزاهته وكفائتة والا سيبقى في موضع الاتهام بل وأحيانا موضع الإدانة. ويتحمل عادة رؤساء الدوائر كامل المسئولية عن دوائرهم لان وجود أي خلل في أداء دائرة ما يعني أن الخلل موجود في الرأس كما يقال في الجيش أن "الوحدة العسكرية بآمرها". وفي المجتمعات التي تفصل بين السلطات تقع المسئولية القانونية كاملة على عاتق السلطة التشريعية لان أول الأسباب الموجبة لإنشائها هو النيابة عن الشعب في تعيين السلطات والهيئات الأخرى ومن ثم مراقبتها ومحاسبتها واستبدالها عند الضرورة فضلا على وضع القوانين التي تسير عليها تلك الجهات . فطالما هناك إهمال أو تقصير أو وقوع انتهاكات فان المسئولية القانونية تقع على السلطة التشريعية في مختلف المستويات الجغرافية. وبذلك تبقى المتهمة الوحيدة بنظر المواطن مالم تثبت براءتها برغم حصول الإهمال والتقصير أو الانتهاكات من قبل الجهات التابعة لها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |