الحسين لازال يفكر بالثورة

 

اثير الخاقاني/ باحث ومحلل

atheertaher@yahoo.com

الحلقة 1

مقالي ليس لمن يبكي على الحسين في كربلاء لانه قتل هناك ولازال دمه فيها ويتصور عظمته من تقطع أشلائه وأهل بيته في مشهد مأساوي .. لان أولئك يبحثون عن الثواب مرة بالحسين ومرة بالمسواك!! كلامي لمن يريد الحسين لانه حسين القران وجزءً أساسي من الرسول الأعظم (ص) ..

لقد انطلقت ثورة الحسين من صميم الاسلام واستمدت قوتها وديمومتها من مبادئ القران الكريم ولذلك لم تندرس هذه الثورة! ولم ينس ِ اختلاف الأزمنة وتغير الظروف يوم الطف، وليتصور أي منصف قيمة يوم واحد في كربلاء هزم جميع الايام الاخرى وحقيقته سرت في كل عاقل على اختلاف المذاهب والاعراق وأثرت فكرته المكتبة البشرية بالمثال الحيوي للإنسانية لاشك ان هذا الثائر وقف ليعالج مجموعة من الأمراض في الأمة العربية والإسلامية أهمها:

1. مرض الشك والريبة بالمصلحين وأهل الفكر ..

2. الخوف المتأصل في النفوس من شخصية الحاكم ووضوح صفة التبعية في شخصية المحكومين ..

3. عدم التناسب بين الإقبال على وتطبيق الإسلام والعمل به كواقع للمسلمين وبين الخوض في الإسلام من باب الشعارات والإيمان الكلامي والتعمق في النظرية المجردة ..

4. الافتقار الشديد الى الثقة بالنفس فالأمة كانت مستعدة للانهزام أمام أفراد يحملون عزما وسلاحا بسيطا رغم كثرة هذه الأمة وقلة تلك الجماعة ..

حينما قرر الحسين الثائر الهجرة من الحجاز متجها إلى العراق إلى ميدان الثورة
الاولى الثورة التي ارتبطت بزمن الطف ومكانه التاريخي، يريد إسقاط العرش الأموي أولا كمثال يرمز للباطل أو للسلطة الجائرة كان يتلقى من كل صوب وحدب النصائح من عقلاء المسلمين أو من يسمون يومئذ بعقلاء المسلمين الذين يؤثرون التعقل على التهور ..كيف يعقل ان هؤلاء العقلاء أجمعت كلمتهم على ان هذا التصرف من الإمام الحسين ليس تصرفا طبيعيا كانوا يخوفونه بالموت كانوا يقولون له : كيف تثور على بني أمية وبنو أمية بيدهم السلطان والرجال والمال وكل وسائل الإغراء والترغيب والترهيب؟ كانت بني امية امبراطورية من المستبعد حتى لدى العقلاء ان تلويها كفُ القيم والمعنويات وتسقطها كلمة الاسلام التي جاء بها الحسين آنذاك، في صراعه مع بني أمية كانوا يمنونه السلامة كانوا لا يتصورون أن التضحية يمكن ان تكون بديلا لحياة بالإمكان الاحتفاظ بها وبالخصوص لعربي مرموق في العلم والنسب والوجاهة كالحسين هذه النصائح لم يتلقها هذا الثائر من رعاع أو من عوام وإنما تلقاها من سادة المسلمين من الأشخاص الذين كان بيدهم الحل والعقد في المجتمع الإسلامي تلقاها من أشخاص من قبيل عبد الله بن عباس ,  وعبد الله ابن عمر بن الخطاب وعبد الله بن جعفر الطيار ومن قبيل أخيه محمد بن علي ابن ابي طالب ومن قبيل غيرهم من سادة الرأي في المجتمع الإسلامي حتى ان عبد الله بن جعفر الذي هو ابن عمه _ ابن أخي علي ابن أبي طالب _ بالرغم من ارتباطه النسبي الوثيق بالخط كان منهارا نفسيا إلى الدرجة التي أرسل فيها رسالة إلى الإمام الحسين حينما سمع بعزمه على سرعة الخروج من مكة : ان انتظر حتى الحق بك وماذا كان يريد من هذا الانتظار؟ الإمام الحسين لم ينتظره فحينما وصل عبد الله بن جعفر إلى مكة كان الإمام الشهيد قد خرج منها فذهب عبد الله بن جعفر رأسا إلى والي بني أمية في مكة واخذ منه كتاب الأمان للحسين وذهب بالكتاب إلى الحسين وهو يرى انه قد استطاع بهذا ان يقضي على كل مبررات خروج الحسين لماذا يخرج الحسين من مكة؟ لأنه خائف فيها وقد جاء الأمان له من سلاطين بني أمية. هذه النصائح كانت تعبر عن نوع من الانهيار النفسي الكامل الذي شمل زعماء وسادة المسلمين فضلا عن الجماهير التي كانت تعيش هذا الانهيار مضاعفا في أخلاقها وسلوكها وأطماعها ورغباتها هذه السلبية والبرود المطلق الذي كان يواجهه الإمام الحسين أو تواجهه حركة الإمام الحسين بالرغم من قوة المثيرات هذا البرود المطلق في لحظات ترقب العطاء الحقيقي كان يعبر عن ذلك الانهيار النفسي على مختلف المستويات . 

روي : إن الامام الحسين عليه السلام لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام خطيباً فقال : «الحمد لله، وما شاء الله، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله، وصلَّى الله على رسوله وسلّم. خُطَّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة. وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي يقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملأن منّي أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفّينا اُجور الصابري .«ان الموت الذي يطلب الخلائق قسرا طلبه الحسين مختارا وبزيادة من الشوق والوله وهذا تعبير في غاية التصوير لشدة الحب للاخرة ولكن أي اخرة!! انها اخر يوم مع النفسية العربية الانهزامية أمام أدنى المواجهات كما أنها آخر عهد مع المجتمع الاسلامي الفارغ من أي مضمون ممكن ان يمثل ولو بجزء يسير ذلك الكيان الإسلامي العظيم، لقد شاهد الحسين كيف ان السياسة افسدت الدين؟!! ولذلك حارب مثل هذا الدين المسيس.. حارب يزيد وهو خليفة رسول الله في نظر دول وحكومات، جابه هذا الامام الثائر ثلاثة لازالوا امامه الى الآن ..!! الفتاوى الجاهزة من فقيه يحلل ويحرم آليا مع السلطة وحركة السياسة الالتوائية!!العدو الاخر هو الإعلام العجيب!! فضائيات مختزلة في خيال وأوهام من عاشوا مع الحسين لقد صوروه خارجيا!! لقد جعل هذا الاعلام البعض يرقص ويغني في بلاد الشام لا لشيء إلا لئن هناك رمز ديني علمي ثقافي رجل صاحب نسب وحسب انسان كريم محترم قتله يزيد!! يقال ان راس الحسين كان يتكلم بعد مقتله وبعد حزه عن جسده ومع ذلك لم يقنع ذلك من كان يرقص ويغني!! الاعلام لازال يصور الحسين قضية فقهيه بائسة انتجت فقيه مخطأ كـ يزيد وضحية لهذه النيران الصديقة هو الحسين بن علي ابن ابي طالب سبط نبي الامة!!واما العدو الثالث الذي قاتل الحسين ولازال إنها الأمة التي تعيش مع عظمائها كالحسين!! كما تعيش هذه الامة ذاتها مع الله الخالق في عبادتها وافكارها وتصوراتها في خداعها وقصوها وتقصيرها في لعب الشيطان في عقولها باتجاه الذنب والاثم والجريمة مع الله فكيف بالحسين ... لقد أوشكت حكومة يزيد أن تمحو الإسلام وتضيع جهود النبي ( ص ) المضنية وجهود مسلمي صدر الإسلام ودماء الشهداء، وتلقي بها في زاوية النسيان، وتعمل ما من شأنه أن يضيع كل ذلك سدى لولا ثورة الحسين ودمائه واهل بيته التي اعادت للاسلام هيبته ووقاره وثبتت ثقة الناس بأسلامهم وبنبيهم ولو نوعيا لا كميا وعرفتهم قضية شهادة هذا الثائر ... ان الحسين اعز مخلوق على وجه الارض عند رسول الله ص وجزء لايتجزء من كيانه الشريف لم يبخل به على الاسلام حين نادى هذا الدين بصوت مبحوح من من من ينقذ الدين ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com