هل يجب أن نغير علمنا

 

غفار العراقي

gaffar_1370@yahoo.com

العلم هو رمز الدولة وشعارها في المحافل الدولية المختلفة ، ولكل شعب في العالم رمز يعتز به ويحبه ويموت في سبيله أيضا . وهذا الرمز أو العلم يشترك في صياغته أبناء الشعب جميعا من خلال استفتاء أو قرار للتصويت أو بالتوافق من قبل الأكثرية ، وشكل هذا العلم وألوانه ورسومه تعبير عن أطياف الشعب المختلفة أو رموزه الجغرافية أو ذكرى قومية ووطنية أو رمز ديني أو انعكاس لتاريخه وحضارته أو غير ذلك من التعبيرات المتنوعة وكل حسب رأيه وميوله وثقافته .

العراق احد الشعوب التي اختلف منظر ومظهر علمه وتبدل أكثر من مرة وهو صاحب أعرق حضارة عرفها التاريخ ، حضارة زاخرة بمنجزات خالدة في مجالات العلم والفن والمعمار والتشريع والفلك فكان أن تغير خلال ثمانين عاما أربع مرات حيث اشتمل الدستور العراقي الصادر في 21 مارس آذار من عام 1925 على وصف العلم العراقي الأول، علم العهد الملكي.وبسقوط النظام الملكي وتأسيس الجمهورية، صدر علم عراقي جديد في السابع والعشرين من يونيو حزيران لعام 1959.ثم كان العلم الثالث مرتبطا بالتوقيع على ميثاق الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسورية، واحتوى ثلاثة نجوم في إشارة للدول الثلاث.وهو نفس العلم الذي أضاف له صدام حسين عبارة الله أكبر في عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية حين ابتكر مسرحية الحملة الإيمانية . في رابع تغيير لشكل العلم.

وفي أيام مجلس الحكم بعد سقوط النظام أعلن عن تغيير العلم العراقي وتفاجأ الشعب بعلم مشوه وليس فيه أي فن أو فكرة أو رمز و اجمع فنانو العراق التشكيليون بل والمواطنون العاديون انه لا يمثل بالنسبة للعراقيين شيئا لخلوه من أي رمز قومي أو تاريخي لا للعرب ولا لعراق سومر وأكد وبابل وآشور وغيرها، بل يوجد إجماع على أن فيه إيحاء ومحاكاة للعلم الإسرائيلي بخطيه الأزرقين رغم أنهم حاولوا أن يوحوا بان الهلال هو رمز الإسلام إلا أن الشعب رفضه رفضا باتا وعبر عن ذلك بان رفع كل عراقي العلم الحالي فوق سطح داره أو زين به سيارته أو رصّع به صدره فلم يصر مجلس الحكم عليه خوفا من الالتحام مع الشعب فتأجل البت بموضوع تغيير شكل العلم إلى ما بعد إقرار الدستور الدائم.

والجدير ذكره ان أكثر من تحمس لتغيير شكل العلم الحالي هم الأكراد الممثلين برؤساء الحزبين الرئيسيين جلال الطالباني(دام ظله) ومسعود البارزاني(دام عزه) الذي يكره كل شي يذكره ببغداد – حسب قول بريمر في مذكراته – ويصر دائما على رفع علم كردستان بدل علم العراق حتى في المناسبات الرسمية ويتحجج بان هذا العلم سقط تحته الكثير من الشهداء الأكراد وانه رمز لصدام وحكمه رغم إن مسعود نفسه كان قد زار بغداد أكثر من مرة في زمن صدام ليتحالف معه ضد الطالباني أيام سنوات النار بين الحزبين بمعنى انه قد شارك في قمع الأكراد الذين يتباكى عليهم اليوم ، وكذلك فان مسعود أول من اصدر عفوا شاملا عن البعثيين ومن كانوا يتعاملون مع نظام صدام من الأكراد الذين يسمونهم بالفرسان أو الجحوش وأيضا فان مسعود البارزاني من أكثر المقربين لدعاة إعادة البعثيين للسلطة الحالية وممارسة العمل السياسي بجميع مراتبه فهل يمكن تصديق حجته بعد كل ذلك !!

وحتى لو اقتنعنا بوجهة نظره تلك فليت شعري الم يكن لهذا العلم ذكريات عزيزة على قلوب العراقيين ، الم يرفع أبناء الشعب العراقي هذا العلم عاليا حين فاز المنتخب الوطني ببطولة كاس العالم العسكرية وبطولة كاس العرب والصعود إلى نهائيات كاس العالم والكثير من البطولات العربية و الدولية وآخرها بطولة أمم آسيا بكرة القدم ، الم يرفعه عاليا الكثير من الأدباء والفنانين والشعراء حين حصدوا الجوائز الغالية للعراق ، الم يرفع هذا العلم في أضخم التظاهرات المليونية المطالبة بخروج الاحتلال وهذا بحد ذاته فرحة للعراقيين بأنهم اتحدوا في نفس المطلب ، الم يرفع هذا العلم حين طرد المحتلون الانكليز بعد ثورة العشرين وكذلك بعد تسلم الملف الأمني قبل أيام في البصرة .

الكثير من المناسبات الجميلة والمفرحة التي يفخر بها كل عراقي أصيل وشريف تهمه وحدة هذا الشعب وتوحده ضد الأفكار الانقسامية والانهزامية التي يطلقها بين الفينة والأخرى رجالات السياسة الذين باعوا وطنهم واستقلالهم من اجل الكراسي .

اعتقد ان قرار تغيير العلم أو أي قرار له تماس مباشر مع أفراد الشعب يجب أن يتم وفق ضوابط ومعايير تأخذ بنظر الاعتبار رأي الشعب ومدى التأثير الذي سيخلفه وهل ستكون هناك فوائد أو ثمار ايجابية منه لا أن تنفرد جهة معينة أو رأي شخصي ومزاج متلون في التلاعب بتاريخ وذكريات وأحلام شعب بالكامل .

ملاحظة:

لم يعطي أي كاتب أو صحفي أو سياسي أو مواطن أي سبب مقنع أو هدف مهم أو ثمرة طيبة من تغيير العلم الحالي وربما يكون أفضل مقترح هو الأخير والذي لا يغير من الشكل العام وإنما هو إرضاء غرور من أصرّ على التغيير ولكنه اصطدم بجدار الرفض فلم يجد بدّا من الإذعان لهذا الرفض ولله في خلقه شؤون.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com