قوات الصحوة؟

 

 علاء مهدي- سدني

alamahdi@optushome.com.au

(على ضوء النهوض المفاجئ لتنظيمات ما يسمى بالصحوة)

 ليس لدي شك في أن الحالة العراقية قد أصبحت أكثر تعقيداً هذه الأيام من سابقاتها. أقول ذلك وكلي ثقة أن مجريات الأمور تكاد أن تكون متجهة نحو هدف لن تصله حتى وإن كان كما يعتقد البعض في متناول اليد.

 أقول ذلك وأنا استعرض خزين ذاكرتي ، فالبعث العفلقي جاء العراق بقطار أمريكي حسب تصريح علي صالح السعدي وبـ " ثورة سلمية " قتلوا فيها خيرة رجالات العراق بعيداً عن العدالة. ثم نشروا غلمانهم في شوارع العراق يعيثون فساداً ويستمتعون بصيد الكلاب السائبة في شوارع بغداد بقصد أرهاب العراقيين وإشاعة الرعب في قلوبهم بعد أن أستمتع العراقيون بحرية لم تدم لأكثر من أربع سنوات لم يعهدوها منذ أستقلال العراق في بداية القرن الماضي.

 كانوا يسمون غلمانهم بـ "الحرس القومي" وهؤلاء لم يكونوا سوى رعاع ، واصحاب سوابق ، وشقاوات تم تدريبهم في أزقة موبئة على كل أعمال الرذيلة والخساسة. حتى أن ربيبهم "العارف الأول" قد فضح أعمالهم بكتاب نشرته وزارة ثقافته سموه " بالكتاب الأسود " مقارنة بأعمالهم السوداء. ( هذا الكتاب غير متوفر حالياً في المكتبات العامة أو الشخصية ويبدو أنه قد تم سحبه بقرار حزبي بعثي). تصوروا أن صديق الأمس الذي وضع يده بيدهم من أجل أغتيال ثورة الفقراء والمهمشين ، يستجمع أعمال حرسهم اللاقومي – كما كان يحلو له تسميتهم في " كتاب أسود " فبماذا سيصف المواطن العادي تلك الأعمال؟

 يعود البعث ثانية بعد إجازة قصيرة تمتع فيها الأخوان عارف بفترة نقاهة ، ليغيروا وجه " الحرس القومي " القبيح بتنظيم آخر اسموه " الجيش الشعبي " ، رغم أنف الشعب العراقي الذي كان مازال يعاني من تبعات الحرس القومي وأعماله القبيحة. لم يختلف جيشهم الشعبي عن حرسهم القومي بشئ عدا أن الأخير قد تمت العناية به ليكون جيشاً ثانياً وربما مفضلاً على الجيش العراقي النظامي. لكن الحرس القومي والجيش الشعبي كانا قد مارسا نفس الأعمال الإجرامية والقمعية ضد الشعب العراقي. ولا أدري لماذا لم تصدر وزارة الثقافة أو الإعلام الحالية كتاباً أسود عن ممارسات الجيش الشعبي أو ربما على الأقل إعادة طباعة الكتاب الأسود المتضمن " أنجازات الحرس اللاقومي؟"

 بتطور ملحوظ، طفت على مسرح الأحداث تنظيمات جديدة وبمسميات جديدة تتناسب مع الوضع الجديد بعد الإحتلال ، وأقسم أنني لم أعد قادراً على حفظ الأسماء الجديدة لتعقيداتها وكثرتها. هذه التنظيمات لم تختلف في ممارساتها عن تلك التي مارسها الحرس القومي أو الجيش الشعبي وربما بأسلوب أكثر بذاءة وهمجية وبصورة تتناسب أو تفوق ممارسات أجهزة المقبور صدام ضد الأبرياء والوطنيين والمخلصين من العراقيين.

 كل هذا ولا يزال في العراق شعبا يتحمل المآسي وينظر لمستقبل مجهول لا أمد له. فأي ظلم هذا الذي يعيشه العراقيون وهم لا يعلمون ما الذي سيحدث في اليوم التالي أو الساعة القادمة؟

 تنظيمات دينية وعقائدية وحزبية وإسلامية وجهادية ونضالية وتحررية وقومية وطائفية وعشائرية وقبائلية وسياسية وإجرامية وحكومية وعربية وأجنبية . . كلها تدعي الوطنية وتنادي بالتحرر والإستقلال والثأر من المحتل... وكلها تنهش بالجسد العراقي المنهك أصلاً . . . وآخر الصرعات " تنظيمات الصحوة " التي ثبت لنا من خلال الأسم أنها فئة كانت في سبات طوال العهود السابقة ثم " صحت " بقدرة قادر لتحارب أرهابيي القاعدة والمجرمين وشذاذ الآفاق ممن يستهدفون أمن وأمان العراق والعراقيين. هذه الفئة المخلصة لم – تصحُ – على أنين العراقيين المعذبين في دهاليز البعث ولم تصحُ يوم كان الأبرياء يدفنون في مقابر جماعية، ولم تصحُ على أصوات المتفجرات التي كانت تدس في جيوب المهمشين الأبرياء بغية تفجيرهم وهم أحياء.

 أتمنى أن تكون صحوة حقيقية ولو أنني أعتقد أن في التسمية إهانة للشعب العراقي. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com