حتى أنت يا أمم يا متحدة‍!

 

 علي توركمن اوغلو

sanaelgerawy@hotmail.com

الامم المتحدة منظمة عالمية تمثل جميع دول العالم وتعمل حسب ميثاقها الخاص، ومن اهدافها العمل على اقرار الامن والاستقرار العالمي، وترسيخ علاقات حسن الجوار بين جميع دول العالم، والمساهمة الفاعلة في حل المشاكل التي تستعصي على الدول المتنازعة حلها، والدفاع عن حقوق الانسان اينما وجد. وقد انيطت لها في السنوات الاخيرة مهمة لم تكن مدرجة في مهامها وبعيدة عن فلسفة قيامها، وهي شرعنة احتلال الدول الصغيرة والسيطرة على مواردها واسقاط حكوماتها المنتخبة وغير المنتخبة لخدمة ولصالح الدول العظمى والتي تقودها الولايات المتحدة الامريكية.

 وكنتيجة منطقية لما اوردته عن التحديث الذي اجري على مهام هذه المؤسسة الدولية يصعب علينا التصديق بأنها تعمل بوحي والهام من مبادئ العدالة والمساواة والحق التي تأسست بموجبها، ويسهل علينا بالتالي الاعتقاد بأن هذه المؤسسة مسيسة تأتمر بمن يسيرون امور هذا العالم في الخفاء وفقا لخرائط مرسومة واجندة موضوعة، وعليه فهي مرغمة على اغماض عينها حينما يقتل الملايين من الافارقة المعدمين والالاف من المسلمين الافغان ومئات العرب الفلسطينين وعشرات التركمان التلعفريين، وملزمة بفتح عينيها بكل وسعتها عندما ... والباقي من الظلم والتعسف تتركه هذه المؤسسة لنا نحن الكتاب وللشعراء والادباء كمادة دسمة لنكتب فيها ونسترزق منها بدلا من ان نقعد ملومين محسورين مفلسين .

  وبعد ان امضينا عاما أو يزيد في خضم المادة140 نناقشها ونتحدث بها، فنقارع الحجة بالحجة، وندفع المقالة بالمقالة ونجيب على التصريح بالتصريح، يبدو اننا نحن التركمان على موعد جديد مع هذه المؤسسة لنبدأ سنة صراع جديدة معها هذه المرة ولتكون فرصة مؤاتية يتعرف فيها شعبنا التركماني عن كثب بالامم المتحدة بعدما قضى سنين طويلة يراقب ممثليها من شاشات التلفزيون، وهم يتدافعون لرفع ايادهم لنصرة الظالم وسحق المظلوم! ان الجبهة التركمانية والاحزاب التركمانية الوطنية والتي تمثل الشعب التركماني والتي كانت تنادي في كل مناسبة ولا تزال تفعل ذلك من اجل أن تفتتح الامم المتحدة مكتب لها في كركوك للحد من الانتهاكات الانسانية التي يتعرض لها شعبنا التركماني ولابعاد شبح الحرب الاهلية فيها لم تلقى دعواها اذانا صاغية، فاذا بنا والامم المتحدة تفتح مكتبا لها في اربيل! الا يعني هذا بأن الامم المتحدة لا تعير اهمية لحقوق الانسان وبالذات حقوق الشعب التركماني في العراق. أم ان الامم المتحدة دخلت ايضا في لعبة تهميش التركمان في العراق، وهضم حقوقهم المشروعة، ولتصبح رأس حربة لمؤامرة جديدة!

أو ليست الامم المتحدة معنية اخلاقيا بالحفاظ على الدول ارضا وشعبا؟ فاذا كان الجواب بالايجاب،عندئذ يكون العمل على تقسيم البلد وتحت تأثيرات معينة مهمة خفية مناطة لها يجب على الشعب التركماني الانتباه اليه منذ الان! ولذلك يحق لي ان اسأل مسؤول مكتب الامم المتحدة في اربيل السؤال التالي: هل يجوز ان تعقد اجتماعا مع ممثلي ادارة الشمال والتي تعتبر وفق الدستور العراقي ادارة تابعة للحكومة المركزية  تحت علم ما يسمى بعلم الكرد، بعد ان منع رفع العلم العراقي؟ لقد شاهد العالم السيدة رايس  تقف امام ذلك العلم عندما التقت السيد مسعود البرزاني فيما مضى، ولكننا قلنا انذاك بأن الولايات المتحدة الامريكة وهي الدولة العظمى انما تتوجة بلفتة مجاملة للاخوة الاكراد، ولكن وقوف ممثل المؤسسة الدولية تحت أو امام علم اخر غير علم تلك الدولة التي يقف على اراضيها فضيحة سياسية، ودليل صارخ على أمرين، اما ان تكون هذه المؤسسة منحازة الى ادارة الشمال ضمنا أو علنا او تكون مرتشية، فلقد سمعنا قبلا بفضيحة رشوة نجل السيد الامين العام للامم المتحدة السابق كوفي عنان الذي عمل في مجال برنامج النفط مقابل الغذاء انذاك، لذلك سوف لن يكون مستبعدا ان يتكرر ما حدث سابقا في اربيل، وانني والله اتمنى في قرارة نفسي ان يصح الاحتمال الثاني فهو أهون لدي من الاحتمال الاول!

وعندما كان الشعب التركماني ينادي بتدخل الامم المتحدة لحل النزاع القائم حول تطبيق المادة 140 والخاص بتطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها ومن اهمها كركوك كانت القيادات السياسية تمانع من تدخل الامم المتحدة في هذا الموضوع، بدعوى أن هذه المادة مادة دستورية، وانها شأن عراقي . ويبدو ان الولايات المتحدة الامريكية الدولة العظمى التي كانت تعتقد بأنها دولة عظيمة (والعظمة صفة تخص الله سبحانه وتعالى) وانها عندما تقول للشيئ كن فيكون ايقنت ان قضية كركوك سوف لن تحل ضمن التشابك السياسي المعقد للعراق، فقررت ان تنتظر احتضار المادة 140 في31 / 12 / 2007  لتسحبه من المطبخ العراقي ولتودعه المطبخ الدولي، فتستخدمه ورقة مربحة تضغط بها على تلك الدولة وتبتز هذه وفق قاعدة السياسة الدولية ( خد وهات) . ويبدو ان الاخوة الاكراد قد وان لم يفقدوا الامل في الاحتفاظ بقضية كركوك في المطبخ العراقي عبر المحاولات الحثيثة لاسقاط حكومة المالكي والاتيان بمن يعتقدون انه مستعد لمنحهم كركوك مقابل التأييد السياسي، ومن جهة اخرى بدأوا بتوجيه سياسيين معينين للعمل على الخط الثاني، الا وهو خط تدويل قضية كركوك . فبدأنا بسماع غزل كردي بدأ لحنه في التصاعد حول دور الامم المتحدة فيها، واخر المتغازلين مع دور الامم المتحدة هو السيد تيفورعارف نائب رئيس البرلمان العراقي، اذ قال أن تطبيق المادة 140 مطلب جماهيري والامم المتحدة توافق على تمديدها 6 اشهر!

 وهنا اخاطب السيد تيفور عارف من اين اتيت بجملة مطلب جماهيري هذه؟ انني ياسيدي سوف اجيب عنك فأقول فليكن كذلك : ان المطلب الجماهيري ياسيد تيفور هو ماتطلبه غالبية الكتل السياسية ومن ضمنها كثير من النواب في الائتلاف الموحد بعدم تطبيق هذه المادة لانها بركان خامد سينفجر، وهو بلا شك سوف لن يخدم السيد بوش ولا قيادات الحزب الجمهوري في عشية الانتخابات الامريكية الذين يرون في تهدئة الفرن العراقي فسحة من الامل لاعادة انتخابهم امام الديمقراطيين، فهو اذن مطلب جماهيري امريكي ايضا، وكذلك مطلب جماهيري لكثير من اخوتنا اكراد الذين يرون عدم تدخل من هم ليسوا من اهالي كركوك في هذا الموضوع .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com