كل ذكرى والأمة حسين

 

غازي الجبوري

gh_ob2yahoo.com

تستذكر امة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم في العاشر من شهر محرم من كل عام هجري الواقعة التاريخية المشهودة التي راح ضحيتها أحب الناس إليه ... فلذة كبده وسيد شباب وشهداء الجنة ... ذلك هو ريحانته الكريمة الحسين عليه وعلى جده واله الصلاة والسلام . واليوم تمر هذه الذكرى والأمة لازالت تعيش اسود أيامها حيث الاحتلالات الأجنبية تجثم على صدور أبنائها منذ مئات السنين وهم يتراجعون من سيء إلى أسوء دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى وجود ضوء في هذا النفق الطويل والمظلم . ومن هنا فان استذكار ملحمة الحسين عليه السلام تثير فينا خليط من   المشاعر والأحاسيس الجياشة والمتناقضة . ففي الوقت الذي تثير فينا مشاعر الحزن والألم على حال هذه الأمة التي أصبحت لقمة سائغة بيد أعدائها ومثارا لسخريتهم واستهزائهم فإنها تحفز فينا قيم الشجاعة والبطولة والإيثار التي نفتقدها والتي جسدها الحسين وصارت مصدر الهام لجميع الأباة والأحرار المستضعفين في العالم وليس العرب والمسلمين فحسب ، للنضال بلا هوادة من اجل بسط مباديء العدالة والمساواة على الأرض وهو ما يتطلب قبل كل شيء توحيد الصفوف إذا ما أردنا أن نحقق شيئا اسمه "النصر" على الأعداء الذين أمعنوا في إذلالنا و تدنيس مقدساتنا والاستيلاء على بلادنا ونهب خيراتنا لمجرد أنهم استخدموا سلاحهم الوحيد الفعال ضدنا... سلاح"فرق تسد". وفي المقابل فان هناك مشاعر أخرى تتسم بمعاني الفخر والاعتزاز بالانتماء إلى الأمة العربية التي أنجبت أمثاله وأمثال أجداده وآباءه العظام ما يجعلنا نفرح لفرحه بما فاز به من درجات في الدنيا والآخرة لا يحلم بها احد من البشر . فقد رفع الله تعالى ذكره فوق كل الذين كانوا على عهده وجاءوا من بعده إلى يوم الدين وغمره برضاه ومحبته وجعله في الآخرة سيدا للشباب الشهداء من الذين انعم عليهم بالجنة . فيما خيمت الشجون ومشاعر الحزن التي يبديها البعض من أحبته في كل مناسبة فلها ما يبررها بسبب ماتثيره هذه الواقعة من ذكريات أليمة لما أصاب الحسين عليه السلام وأهل بيته الطاهرين على أيدي المجرمين أعداء الله  الذين لم يثنيهم عن الإقدام على فعلتهم الشنيعة لا انتماءه إلى الإسلام ولا إلى سيد البشر الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما يكنونه له ولآبائه ولأجداده ولقومه ولكل العرب من قذارات الحسد والحقد والكراهية التي لم يجتثها انتمائهم للإسلام لأنه كان انتماء المنافقين المزيف... انتماء الغدر والخيانة والتآمر . ولكننا يجب أن يكون عزائنا جميعا نحن أحباءه السائرين على ماسا ر عليه ... في ما ناله من الله عز وجل من كرامات ودرجات يتمناها ويفرح بها كل إنسان شريف وغيور فطوبى للحسين وأهله وأحباءه وطوبى لمن يستطيع السير على نهجه وحشرنا الله تعالى وجميع الخيرين واسكننا معه في عليين . وعلينا أن نتذكر دائما شيئا مهما وهو أننا لو جمعنا كلنا حبنا للحسين مع حب آباءه وأجداده وال بيته لم يبلغ قطرة من بحر من حب  الله تعالى له ، ولو كان في ما حصل له ولأهله في كربلاء شرا له ولهم في الدنيا والآخرة لما سمح بذلك فهو قادر على حفظهم وحمايتهم من كل مكروه ولكن الله اختصه كما يختص أحباءه الذين يصطفيهم من عباده الصاحين ليغدق عليه مالا عين رأت ولا أذن سمعت . ومن هنا فإننا على يقين أن الحسين وال بيته الأطهار عليهم الصلاة والسلام الذين نالوا شرف الشهادة معه كانوا أكثر الناس فرحا بالاستشهاد لما أراهم الله تعالى في تلك اللحظات من مواقع تنتظرهم في رياض الجنان فضلا على كونهم ليسوا أموات ليحزنوا أو نحزن عليهم أحبتهم كما إنهم لم يشعروا بالآلام التي توهم الأعداء أنهم عانوا منها  كأي شخص   يموت قتلا أو على الفراش بل أحياء عند ربهم يرزقون . إن الإنسان يجب أن يحزن عندما يموت احد أعزاءه وأحبته موتا عاديا أويموت وهو ظالم ولكن أن يقتل في ساحات الوغى وفي معركة غير متكافئة بمستوى معركة كربلاء فإنها والله معركة لا تليق إلا بالحسين وال بيته الأبطال... أليس هو ابن بنت الذي وقف وحده في لحظات العسرة في معارك احد وحنين حين رجفت قلوب الرجال فزعا ... أليس هو ابن الذي فتح باب حصن يهود خيبر حينما أصبح عصيا على الصناديد . فالأولى إذن أن نغتنم ذكرى استشهاده لشحذ الهمم ورص صفوف امة جده الكريم لتحرير البلاد والعباد من نير الاحتلال الأجنبي الذي اخترق الصفوف من ثغراتها الواسعة ... وكل ذكرى والأمة حسين .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com