|
كانت حصيلة الوضع فى العراق سنة 2007 هوزياده في الوضع المأساوى و تردي حياة الشعب العراقى فى ظل تواصل سياسة الاحتلال الامريكى البريطانى التى ثبت فشلها وعجزها السياسى والعسكري، والغريب انه رغم هذا الفشل الذريع فإنالمسؤلين في الادارتين الامريكيه والبريطانيه لم يقتنعوا بجدوى المغادرة والانسحاب لأن أى اعتراف بالانسحاب هو اعتراف بالخطأ وبفشل المهمة وببطلان الاحتلال...وحتى ان مثل هكذا قول يمكن ان يخرج من جعبة حكومة بريطانيا مثلا فى نهاية السنة فإنها لا تريد تسميته بالخطأ حفاظا لماء الوجه ولذلك سمتها إعادة انتشار للقوات البريطانيه فى محاولة للتخفيف من ردود الافعال المتوقعه. ورغم هذا الاعتراف فإن الفشل الآخر الذى رافق الوضع فى العراق فهو فشل العملية السياسية من الداخل التي بقيت أكثر شرذمة من أي وقت مضى، وأن آمال "المصالحة" ذهبت أدراج الرياح في وقت تزداد فيه مطالب العراقيين بضرورة انهاء الاحتلال وقد اشارت الى ذلك بوضوح الاستطلاعات التي اجرتها شبكتي ABC\BBCالاعلاميتين حيث اظهرت النتائج أن 98% من (السنة) و 84% من (الشيعة) أعربوا عن رغبتهم بخروج كافة القوات المحتلة من العراق نهاية العام 2007 أى أن الحكومة العراقية ذاتها لم ولن تتلمس الخطى نحو الطريق الصحيح وبأقل ما يمكن من الخسائر المادية والمعنوية، وأمام سلسلة الفشل التى ميزت سنة 2007 فإن سنة 2008 سوف تكون فى نفس الاتجاه بل هناك من يرشح حدوث بعض التطورات التى ربما تغير المعطيات بصفة جوهرية سواء مايتعلق منها باستمرار الاحتلال أو فى علاقتها بظاهرة المقاومة العراقية التى لن تتراجع عن مواقعها المتنامي داخل المشهد السياسى العراقي ومن هنا فأن ادعاءات بوش بأن هناك تحسن في الوضع في النصف الثاني من العام 2007 يكذبه واقع الحال في العراق الذي يعيش أسوأ أوضاعه لاسيما بعد نشر المزيد من القوات في العراق(بلغ عدد هذه القوات 175 ألفاً، وهو أعلى رقم لانتشار القوات) حيث كان الهدف المُعلن هو تحسين الوضع الأمني في بغداد و محافظة الانبارالتي كانت أكثر المناطق عنفاً "، وتوفير الوقت لـ "المصالحة" السياسية...في حين تستمرالاداره الأمريكية بالحديث عن نيتها سحب بعض هذه القوات، ومع ذلك فأن عدد القوات المتواجدة على الأرض يُناقض تلك . لقد شهد عام 2007 تحولا في الاساليب الامريكيه التكتيكيه الملتويه في العراق بعد تسليم زمام الامور بيد الجنرال ديفيد بتراوس والجنرال جيمس ماتيس وخاصة تلك التي تستهدف المقاومة ،وصاحبها نشرمزيد من القوات الاميركية مما ادى إلى حدوث انخفاض(وقتي )في مستويات العنف. ومع ذلك فإن هذا التقدم العسكري بني على اسس مهزوزة فأدارة بوش كي تتلافى الانتقادات الموجهه اليها تتظاهر بانها تريد تحسين الوضع كي تتمكن من سحب عدد من قواتها الا ان الذي يحصل على الارض مخالف تماما فحكومة الهالكي تعاني من الشلل وغياب الرؤية وإذا لم يحدث التغييرالمطلوب في العراق فإن احلام بوش ستتحطم وسيصبح هو ومشروعه الامبريالي الصهيوني في خبر كان. ان العراقيين وربما معهم الشعب الاميركي يريدون ان يتعرفوا بشوق الى ما تتضمنه اجندة السيد بوش بشأن العراق وما الذي يخطط له للخروج من المازق العراقي وكيف يمكن له ان يحافظ على المصالح الاميركية الكثيرة في المنطقه ولتنفيذ ادعاءاته بانه يحارب الارهاب وفي طليعته تنظيم القاعده ...إن بوش يتحدث كما لو ان الأجهزة الاستخبارية الاميركية لم تتمكن حتى الآن من رصد اعادة تجميع كبار قادة القاعدة لأنفسهم ولمقاتليهم على الحدود الافغانية ــ الباكستانية عدا ما يحدث الان من تداعيات داخل الباكستان احد اهم حلفاء بوش في المنطقه لاسيما وان التقارير التي ظهرت في الاونه الاخيره توضح ان تهديد القاعدة لم يعد يشمل العراق فقط بل داخل الولايات المتحدة نفسها.. ...وعلاقة كل ذلك بالخطة العسكريه الجديدة التي وضعها كل من الجنرال بتراوس والسفير الاميركي رايان كروكراكبر مسؤلين امريكيين في العراق المحتل...هذه الخطة التي يبدو وكأنها ستبقي القوات الاميركية متورطة في القتال في العراق الى ما بعد عام (2010) وهذا ما اكدته الخطة الداعيه الى ابقاء القوات الاميركيه المحتله في العراق لمدة عامين اضافيين على الأقل يضاف اليها مبررات بوش لاستمرار احتلاله للعراق بأنه بوابة لحربه على الارهاب وهذا يعني استمرار اراقة الدماء الاميركية واهدار المال الاميركي من أجل الاستمرار في شن هذه الحرب . إن اطالة أمد الاحتلال الامريكي للعراق لن يحقق احلام بوش المريضه، لانه ببساطه يعني المزيد من الخسائر في الارواح وتراجع اكبر لامريكا دوليا عدا فقدان فرص وامكانيات يفترض انها توجه لخوض الحرب الحقيقية على الارهابوهذه مهمه بالغة الخطوره يجب على بوش ادراكها لإن هناك واجبا أخلاقيا يتوجب عليه بموجبه ان يعيد تقييم استراتيجيته ليس من باب الترف، بل من باب الحقيقة المرة وان لم يفعل فان على من انتخبهم الشعب الامريكي (الكونغرس) ان يجبروه على ذلك. إن رهان بوش على القوات والمليشيات التي انشؤوها بعد الاحتلال لتحمل المسؤوليه في المستقبل القريب و تخفيف العبء عن القوات الاميركيةهو رهان فاشل لاسيما وان بتراوس وكروكر أكدا في خطتهما انه ليس بوسع القوات المشكله اساسا من مجموعات من المتطوعين خوض حربا مطولة دون ان يتعرض لخسائر جسيمة تصيبها في مقتل من ناحية النوعية والجاهزية والمعنويات كما انه ليس من مصلحة الاداره الاميركيه ان تسلم زمام الامور لاناس غير قادرين على تحمل مسؤولياتهم لتقرير مستقبل العراق السياسي ومن هنا فان على القاده الميدانيين الامريكيين ان يتحملوا وزر اخطائهم المستمره و انهم لن يجدوا أمامهم أي خيارات سوى الترقيع لسياسات يشوبها الكثير من القصور... فكل الوقائع على الارض تشير الى فشل السياسات المعمول بها في العراق وان الاصرار على انجاحها يأتي من قبيل الامنيات أو أحلام اليقظة. وامام هذه الصوره المعتمه يزداد تشاؤم الشعب الامريكي وتزداد معه مصاعب سوق الأسهم الامريكية و سوق العقارات الامريكية والعالمية وهي نتاج وبلا شك من الفقاعة الأكثر كبرا في السنوات الاولى للقرن الجديد فمصاعب المزاج القومي الامريكي تكبروالامريكيون غارقون في مرارة سوداء ومظاهر الضيق والازمة تحاصرهم ويدركون ان عصرهم الذهبي قد ولّى وتشير استطلاعات الرأي التي أُجرتها عدة جهان معنيه مثل "وول ستريت جورنال" وشبكات الـ ان.بي.سي و سي.بي.اس التي توصلت الى نتائج سوداويه حيث يعتقد 70 في المائة من الامريكيين بأن بلادهم ذاهبة نحو الضياع وان أكثر من ثلثي المواطنين الامريكيين على قناعة بأن الركود الاقتصادي العميق قد وصل، رغم المعطيات الاقتصادية المحلية الايجابية وليس هناك من يحول دون قدوم هذا الركودكما ان 32 في المائة فقط من الامريكيين، أي أقل من الثلث، أعطوا الرئيس بوش علامة ايجابية على أدائه وتعتبر هذه الدرجة في الحضيض لكل الأزمنة في شعبية الرئيس اما الكونغرس الذي يعتبرحجر الزاوية للديمقراطية الامريكية فانه يعاني من صورة أكثر تردياحيث يحترم 3 في المائة فقط من مواطني الولايات المتحدة عمل مجلس الشيوخ. ولم يعد احد في الولايات المتحده الامريكيه في شك من امره باعتبار ان احتلال العراق هوالمصدر الاول لتشاؤم الامريكيين هو لاسيما وان اخفاقاتها تُخيم على كل المجالات حتى مستوى مكانة امريكا الاعتبارية في نظر مواطنيها ذاتهم وبسسب العراق يعتقد الامريكيون ان امريكا لم تعد دولة عظمى قائدة وناجحة هذا عدا ان 44 في المائة من مواطني الولايات المتحدة قلقون، جدا، من النفقات الصحية الباهظة ومن عدم وجود تأمين صحي شامل وان34 في المائة قلقون من فرار الاعمال الجيدة للدول ذات الأجر المنخفض وان 22 في المائة قلقون من الفجوة بين الأغنياء والفقراء20 كما ان كثير منهم قلقين مما يحدث في البورصة كما ازداد التشاؤم وعدم الثقة والاحتقار لسلطات النظام الديمقراطي والرأسمالي وتغلغل عميقا في وعي الجمهور الامريكي ويرى كثير من الامريكيين في جسور امريكا الآيلة للسقوط تعبيرا ملموسا عن الاهمال المتواصل للبنى القومية التحتية الأساسية بناءا على ذلك، وانها رمز لانهيار المؤسسات الريادية في داخل المجتمع الامريكي فالامريكيون سيشهدون "اياما سوداء" غير قليلة ومصدرها ليس في البورصة فقط لان المسألة لا تتعلق بالاقتصاد هذه المرة. . إن كثير من المسؤلين في ادارة بوش من دعاة احتلال العراق لم يتصوروا حجم الفوضى التى ستخلفها نظرية الفوضى الخلاقة، وأن الفوضى التى أطلقوها سترتد عليهم لاسيما وأن العراق اصبح ملتقى للتدخل الإيرانى والتركى والصهيوني، فضلا عن تمركز القاعدة التى عولمت المواجهة فى العراق وأفقدت المناورات السياسية الأمريكية جدواها. لقد بات الأمريكيون أنفسهم نادمين على احتلالهم العراق وانهاء النظام الوطني الذي كان يقوده المرحوم صدام حسين، و يشعرون بجسامة الخطأ الذى ارتكبوه حين أطاحوا بسلطة متماسكة وذات شعبية وزرعوا بدلها عملية سياسية يجمع أغلب السياسيين على وصفها بالمشوهة لجمعها بين فرقاء لا مشترك بينهم سوى محاولة ملء فراغ ما بعد صدام، فأغلبهم بلا تجربة وتسيطر عليهم الانتماءات الطائفية والتجاذبات الخارجية.. ولا وجود للعراق في حساباتهم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |