في البداية أحب أن انوه إلى شيء هو إن الكثير والكثير من الكتّاب ومن يمارسون كتابة المقالة يضنون أو يعتقدون بان هدف كتابة أي ركن من أركان الصحافة هو فقط توجيه التهم والانتقادات والذم والشتم (هجوما) أو المدح والتمجيد (دفاعا) لشخص الذي يقوم بشيء معين (مثلا لقاء أو مؤتمر أي مادة أخرى ) والذي هو سبب يدفع الكُتاب ومن يُسَمَون بالكُتاب بكتابة مقالة أو خبر أو غير ذلك , أي أما التقليل من المقابل ولرفع جهة معينة أو رفع المقابل إعلاميا لسباب مجهولة ولكن هذا في لغة الصحافة والإعلام وخصوصا الصحافة المقروءة غير مقبول , حيث إذا كان نوع هذا النتاج الصحفي خبر فيجب نقل الخبر بكل حذافيره دون زيادة أو نقصان , أما إذا كانت مقالة فيجب فهم المادة التي تكتب عليها المقالة فهما جيدا بعيدا عن العنصريات والطائفيات والتحزبيات وبعيدا أيضا الكراهية والحقد المتواجدة الآن في مجتمعنا , أي تكتب مقالة وتذكر الصفات السلبية وايجابية لشيء معين ومن ثم تحليل هذه الصفات تحليلا ينصف كل الأطراف بعيدا عن الميول الطائفية والعرقية .

هناك الكثير من المقالات التي كتبت عن اللقاء الذي أجراه الدكتور موفق الربيعي مع جريد عكاظ السعودية حتى وصل عدد المقالات حوالي ثلاثة عشر مقالة وهذا عدد كبير بالنسبة للقاء يقوم به سياسي عراقي يملك منصب الآن في الحكومة العراقية , حيث اعتقد بان الشارع العراقي أصبح في حالة ملل من اللقاءات والبرامج التي تستضيف شخصيات وخصوصا رجال السياسة لان الشعب العراق في طبيعته يكره السياسة ورجال السياسة لأنهم لم يقدموا أي شيء يذكر له طوال السنين التي عاشها منذ أول حكومة عراقية في العشرينيات من القرن الماضي والى يومنا هذا حيث عانى ويعاني من ويلات السياسة والسياسيين , أما الآن فالوضع يختلف عما كان في الماضي ( ولكن ليس بالكثير )  حيث إن الحكومة اليوم جعلت للمواطن العراقي دور في الحكم وفي العلمية السياسية تختلف عن الحكومات في الماضي حيث كان المواطن العراق منعزل عن الحكومة , وبما إن الكْتاب هم جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي وشريحة مهمة من شرائح ومكونات هذا الشعب , فان تأثر هذه الشريحة بحدث معين دليل على تأثر الشعب العراقي به .

أما تعليقا على هذه المقالات والردود التي وكما ذكرت حيث وصل عددها حوالي ثلاثة عشر مقالة منها ما أخذت من مادة هذا اللقاء التي يفيدها وتركت الباقي , ومنها ما قامت بتحليل هذا اللقاء تحليلا تفصيليا وغيرها من مدح ونذم .... الخ , من هذه الردود نلاحظ الكثير من المفارقات التي يجب أن تذكر واعتقد إنها حقيقة ولكن أنا لست متأكد بان القارئ سوف يتفق معي عليها ولكن هذا من رأيي أنا الشخصي أما المفارقات فالتالي :.

 أولا . هناك شيء يجب الاعتراف به هو إن هذا العدد من المقالات والردود تحسب للقائمين بهذا اللقاء بغض النظر عن ماهية هذه المقالات وأنواعها من حيث مدح أو ذم أو غيرها من الصفات التي نجد الكثير من المقالات تكتب من اجلها , وتحسب لهذا اللقاء لماذا ؟؟؟؟؟ لأنها تناولت قضية حية والدليل إنها تركت اثر في الرأي العام وأدت إلى كتابة العديد من مقالات .

 ثانيا . هناك بعض الالتزامات والأمور التي يجب على الكل التحلي بها بغض النظر عن هو شخص يمارس مهنة الكتابة أو أي شخص الأخر وإضافة إلى ذلك إن الكُتاب يجب أن يكونوا قدوة حسنة وأي كلام غير لائق يعد خطأ كبير لا يمكن السكوت عنه لأنه سوف يؤثر على لياقة الكلام وخصوصا عند وصف بعض الأشخاص بأوصاف بذيئة ومما يدفع الجهة الأخرى إلى ردود على شكل شتم وتجريح واهانات وتتحول من ساحة رأي ورأي آخر إلى ساحة ألفاظ نابية يندى لها الجبين . 

 ثالثا . إن هناك أساسيات يجب على كل شخص يمارس كتابة المقالة معرفتها فهي أساس للكتابة يمكن الحصول عليها من أي شخص تجده أمامك حتى لو كنت في الشارع ( فلا اقصد تلك الأساسيات التي يتعلمها الصحافي في كلية الإعلام عن كيفية كتابة المقالة لان هذا بعيد عن كُتابنا الأفاضل في هذه الأيام لأنهم يمارسون الكتابة دون أدنى معرفة بقوانين الكتابة وشروطها ) ولكن معلومات استطيع وصفها بأنها بديهيات , فمثلا هناك كُتاب لا يميزون بين المناصب في الدول ولا يعرفون أسماء السياسيين ممن يحكون الآن في العراق فتجدهم مثلا لا يفرقون بين وزارة الأمن الوطني ومجلس الأمن الوطني وبين وزير الأمن الوطني شيروان الوائلي وبين مستشار الأمن القومي موفق الربيعي , فهناك مقالة من المقالات التي كتبت عن اللقاء تصف موفق الربيعي بأنه وزير الأمن الوطني فتصور إن الكاتب لا يعرف منصب موفق الربيعي أصلا فكيف يكتب مقالا يمدح ويذم ويقيم فلان وعلان , كما قال احد الكُتاب في إحدى المقالات التي كتبت في موضوع اللقاء حيث كان نص إحدى الجمل هي ((( هي بإعلان موفق الربيعي ( وزير الأمن الوطني ) باستعداد حكومة المالكي إطلاق سراح الإرهابيين السعوديين ))) , فقد تجاهل مستشارية الأمن القومي وتجاهل أيضا شيروان الوائلي !!!!!! .

 رابعا . إن اغلب الكُتاب ( وأنا أتكلم عن اللذين شاركوا في كتابة مقالات حول هذا اللقاء ) لم يقرءوا اللقاء أصلا ولم يطلعوا إليه وتصل بهم الدرجة أن يكتبوا مقالاتهم بالاعتماد على ردود ومقالات الكُتاب الأخريين كما فعل فلان من الكتاب ( أنا لا أريد أن اذكر أسامي البعض منهم لكي لا تذهب مقالتي غير المنحى الذي أسعى له ) حيث من خلال قراءة المقالات المتعلقة بهذا الموضوع وجدت إن ثلاثة مقالات منه أو أربعة تستخدم نفس التعابير والمفردات ولكن بغير صياغة وهذا يدل على إن كاتبيها لم يأتوا بمقالاتهم من عمق أفكارهم وإنما من الاعتماد على مقالات أخرى واستخدام تعابيرها .

 خامسا . النوع الأخر من الكتاب منهم من اطلع على اللقاء وقرأه بكل إمعان وعرفوا أدق تفاصيله ولكن التوجه لا شعوري لدى الكاتب يدفعه إلى فهم اللقاء بصورة خطاءة وتفسير الأجوبة بغير تفسيرها الحقيقي , فمثلا قراءة موضوع معين تجد فيه مادة غير ملائم لأهداف كاتب معين وغير متطابقة لأفكاره وتوجهاته الشخصية , فان هذا التوجه اللا شعوري لديه يدفعه إلى فهم هذه المادة بطريقة مختلفة بعيدة كل البعد عن حقيقة هذه المادة وكما فعل فلان من الكتاب حيث نقل بعض من اللقاء وقام بتفسيره حسب رؤيته , حيث هذه بعض من مقالته . ((( "" أنت تحدثت عن ثلاثة محاور جوهرية وتدابير مفصلية اتخذتها المملكة في حربها على الإرهاب .. لكن ماذا فعلتم من جانبكم أنتم كحكومة عراقية في التصدي للإرهاب ؟ "" , _ هذا جزء من اللقاء _ أما تحليله فهو ...

بمعنى نحن نحرب أن مملكتنا قد أنجزت الكثير في حربها ضد الإرهاب ، فماذا عنكم ، فلا تتبجح بما قطعناه من شوط طويل وهات ما عندك .

أو "" وهل هناك مدى زمني محدد لتحقيق نصركم الكبير على فلول تنظيم القاعدة في العراق ؟ "" _ وهذا السؤال الثاني من اللقاء _

أما تحليله هو ...

لاحظ كيف استهزء الصحفي بالنصر على الإرهاب الذي بشر به الربيعي رغم أن صفة "الكبير" لم تأتي ضمن سياق كلامه ))) , أما بالنسبة لي فالتفسير هو التفسير العام للقاءات العادية بعيدا عن الأمور المؤامراتية فالسؤال الأول هو سؤال وارد لدى الكثير من اللقاءات وهو عن توضيح الانجازات لكي تكون قريبة للمشاهد (( وهو احد الأسئلة التي يقام عليها أي لقاء صحفي - ويقابله السؤال بأداة الاستفهام ماذا وهو احد الأسئلة الخمسة الرئيسية لإقامة اللقاءات الصحفية )) , فلماذا التفسيرات الشيطانية ؟؟؟ !!! , هذه تشبه النظرية المعروفة بنظرية المؤامرة والتي تجعل أمريكا وراء كل الأحداث التي تحدث في العالم  , حتى عندما تموت سمكة في قاع البحر يكون سببها أمريكا .

أما السؤال الثاني فهو عرضي أيضا ولا يعبر عن أي استهزاء كما يصف كاتب المقال حيث هو عن زمنية انتهاء الإجراءات الأمنية أي وضع توقيت زمني للقضاء على الإرهاب والإرهابيين, ((وهي أيضا إحدى الأسئلة الخمسة وتقابلها أداة الاستفهام متى)) .

 سادسا . هناك بعض الكتاب يستخدمون مفردات بعيد عن واقعنا مثلا يصفون بعض سياسيينا وخصوصا أصحاب المناصب في الحكومة بصفات غريبة مثلا (((البعثية والقومجية والناصرية))) كما قال احد الكتاب يصف موفق الربيعي وهذه صفات بعيدة عن الربيعي ليس دفاعا عنه وإنما الواقع يقول هذا .   

 سابعا . هناك بعض كتاب يكتبون بطريقة طائفية عنصرية كبيرة وواضحة وضوح البدر في ليلة ظلماء حيث إنهم لا يكونون واقعيين في كتاباتهم وتجدهم يتكلمون على لسان طائفتهم ويطالبون وكأنما هم مخولون للحديث عن طائفتهم وتمثيلهم للمطالبة بحقوقهم كما قال احدهم في إحدى تساؤلاته (((لماذا لا يكون للعراق مذهب رسمي جعفري شيعي ، كحال تونس التي مذهبها الرسمي سني مالكي ، والسعودية مذهبها الرسمي سني وهابي))), فعندما يتطلع القارئ إلى مثل هكذا مقالات سوف يلاحظ الطائفية المرسومة على هذا المقال مما يدفعه إلى ترك المقال وخصوصا عندما يكون القارئ من غير طائفة الكاتب .

وأخيرا أحب أن أقول إن مهنة الصحافة من أنبل المهن التي تمارس في العالم ولها شرف كبير يجب على كل من يمارسها أن يصون هذا الشرف العظيم وأي خلل في نقل أي معلومة يؤدي إلى إحداث الكثير من الأمور .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com