حراك سياسي ...أم صحوة سياسية ..!؟

 

هادي فريد التكريتي/ عضو

اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

gaffar_1370@yahoo.com

 منذ أكثرمن أربعة أعوام والسلطة السياسية بيد أقوى تحالف، ديني ـ طائفي وقومي ـ عنصري، تحالفوا فيما بينهم، دون أن يعلنوا عما اتفقوا عليه، للشعب العراقي، أو للقوى التي يمثلونها، وظلت بنود اتفاقهم سر من الإسرار، في وقت ساد فيه القتل والتفجير والاختطاف والترحيل والتهجير، كل أبناء وشرائح المجتمع العراقي، كما شاع النهب والفساد، كل مرافق الدولة ومؤسساتها، التي تقاسم سلطتها المتحالفون، ورغم تعالي أصوات الوطنيين الأحرار والديموقراطيين، من مفكرين وكتاب وسياسيين، المطالبين بوضع حد لهذا التدهور، ومعالجة نتائجه، إلا أن الحكم لم يبذل أي جهد لوقف ما يجري، من نزف لدماء البشر، في أغلب المحافظات، أولمحاسبة المسؤولين عن نهب ثروات البلد، و منذ ذلك الوقت، بقي الوضع العراقي ينحدر من سيئ لأسوء، في الوقت نفسه تحققت لأغلب قادة الحكم ورموزه، سلطة عريضة وثراء فاحشا، والشعب العراقي،الذي كان ينتظر من وعودهم حلا لمأساته، خرج بخفي حنين، رغم انتخابه لهم لدورتين متتابعتين ...

بعد فشل هذا التحالف من تحقيق الأمن ولقمة العيش للمواطن، وتحرر واستقرار الوطن، الذي أرهقه الاحتلال وتدخل دول الجوار، من العرب والعجم، حاليا، بدأت كل القوى على الساحة السياسية،تفتش عن تحالفات جديدة، لتغيير هذا الواقع، فاختلطت الأوراق، حابلها بنابلها، وتغيرت المفاهيم والإصطفافات، بين كثير من القوى السياسية، وانتقلت كتل وقوى قومية وطائفية من مواقع " الفيدراليات " بالمفهوم التقسيمي، لمواقع مغايرة ومعارضة لهذا المفهوم، وبدأ حراك ليشمل كل القوى السياسية، داخل مجلس النواب وخارجه، من المساهمين في الحكم ومن المقاطعين له، ودخلت هذا " الحراك " قوى أخرى كانت مهمشة، أولم يكن لها تمثيل أصلا في كلا المؤسستين، التشريعية والتنفيذية .

كل القوى السياسية، بما فيها قوى الحكم، وبضمنهم، أولئك الذين انتفخت بطونهم من سرقة أموال الشعب، اتفقت، ولأول مرة في تاريخها بعد سقوط النظام، على إدانة هذا الواقع الفاسد، مطالبة بتغييره، من وجهات نظر وزوايا مختلفة، والكل يدعو إلى إعادة تشكيل الحكومة، تحت واجهة " حكومة وحدة وطنية "، وكأن حكومة "المحاصصة " القائمة لم تُطلق على نفسها، هذه التسمية، ولم تكن هي المتسببة بهذا الواقع القائم ..

فشل الحكومة في تنفيذ برنامجها، الذي تقدمت به عند تشكيلها، كان من الأسباب الجوهرية في نشاط القوى السياسية . فتغيير الواقع العراقي البائس، وإعادة صياغة التحالفات بين القوى السياسية من جديد، وعلى أسس وطنية، داخل مجلس النواب وخارجه، كان مثارجدل و حوارات بين نخب مثقفين لقوى وطنية وديموقراطية وقومية،عطل تفعيل كل هذا، عمل الحكومة المشلول، وتأثيره السلبي على الواقع السياسي، ومجمل حياة المواطنين، بسبب مقاطعة كتل " عربيةـ إسلامية ـ سنية وإسلامية ـ شيعية، " لاجتماعات مجلسي الوزراء والنواب، وخلافات القوى الكوردية ممثلة، بالسيد مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان، والسيد جلال الطلباني، رئيس الجمهورية، ووزراؤهم في الحكومة المركزية، ونوابهم الكورد في المجلس النيابي، مع حكومة المالكي، وبعض الكتل التي يمثلها، بخصوص أمور كثيرة،منها ما يتعلق بتنفيذ المادة( 140 ) من الدستور العراقي، حول محافطة كركوك، كما يطالبون بحقهم في التصرف بثرواتهم النفطية،وعدم عرقلة تنفيذ اتفاقياتهم النفطية التي أبرموها مع الشركات الأجنبية . الحكومة المركزية، لا ترى حقا لإقليم كوردستان، في إبرام مثل هذه الاتفاقيات، متذرعة بما ينص عليه الدستور العراقي ـ الذي شرعته حكومة " المحاصصة " وهم، الكورد، شريك لهذه الحكومة فيما شرعت ـ في مادته 108، التي تقول إن عائدية " النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات ..." والمادة 109 نصت على : " تقوم الحكومة الاتحادية بادرة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافطات المنتجة، على أن تُوزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد ....." ومن هذه النصوص، استنتجت الحكومة المركزية، عدم أحقية حكومة كوردستان بالانفراد والإستئثار بالمنتوج النفطي في منطقتهم، أو في المناطق المختلف عليها، كما في كركوك،ولحكومة الإقليم حق فيما ينتج من نفط في باقي مناطق العراق، ولا يحق لها، لحكومة الإقليم، إبرام اتفاقيات مع شركات أجنبية، فعقد الاتفاقيالت مع دول أجنبية شأن من شؤون الحكومة الإتحادية، وليس من حق الفدراليات،كما هو منطوق المادة 107 ـ التي نصت " تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية : أولا : رسم السياسية الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وإبرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية ." كما لا يحق لإقليم كوردستان (كما تقول الحكومة المركزية، وميؤيدوها من التكتلات النيابية المختلفة، قومية عنصرية ـ عربية، وإسلامية ـ طائفية) الإستئثار بثروات هي ملك لكل الشعب العراقي، حتى وإن كانت في أرض الفيدراليات ...هذه الأمور، وأمور سرية، وعلنية، مختلف عليها ـ تتعلق باستحقاقات مالية لإقليم كوردستان، لم يوافق على تنفيذها، رئيس الوزراء، وأخرى يؤخر صرفها، باقر صولاغ، وزير المالية، ولدت مشاكل اقتصادية للإقليم، و خلافات أخرى، سياسية وحدودية جغرافية، باعدت في الشقة بين الكتلتين الشريكتين في الحكم، وبدلا من اللجوء إلى الدستور، الذي توافقت عليه الكتلتان عند تشريعه، للاحتكام إلى المحكمة الاتحادية العليا، في حل الخلافات، بدأت، هذه، الأطراف المتنازعة، تُصًعد من لهجة حوارها المنفعل، داخل الحكم وخارجه، مما أضعف من تحالفاتهم وفاقم خلافاتهم، ونزع مصداقية تعاونهم، وراح كل منهم يبحث عن شركاء لدعم مواقفه، على حساب وحدة الوطن وأمن وسلامة الشعب .

صراع " لي الأذرع " الدائر حاليا، بين رئاستي الدولة والسلطة " الإتحادية "، ومن ورائهما القوى الداعمة لحراكهما، من قوميين وطائفيين،غير مضمون النتائج والآفاق، وإن اتسع وتجاوز ما رسمه الدستور، والحوار الودي والديموقراطي، فلن يحقق أمنا ولا استقرارا للعراق بكل مكوناته، وتحسبا لما يفرزه هذا الواقع من تعقيد أكثر للوضع السياسي والاجتماعي، تنادت قوى سياسية وطنية وديموقراطية، في السلطة وخارجها، ووجهت " نداء من أجل بناء دولة ديموقراطية مدنية في العراق" لكل قوى المجتمع، هذا النداء، يمثل محتواه " صحوة سياسية " ذات أهداف وطنية وسياسية، تعزز من التوجه الوطني لبناء حياة ديموقراطية، وتحقق خطوة جريئة لمصالحة وطنية، يمكن تفعيلها وتطويرها، لترسخ سلما أهليا،افتقده المجتمع العراقي طويلا، بكل طوائفه وقومياته .

العراقيون بكل قومياتهم ومللهم وطوائفهم، مدعوون لممارسة ضغوطهم، بكل شكل ووسيلة، على الحكم وكل فصائله ومكوناته، لأن يلتزموا تبني هذا النداء وتوجهاته، لحل كل القضايا الخلافية العالقة بين القوى السياسية، من ديموقراطية وقومية ودينية طائفية، والتزام مصلحة الشعب العراقي، في كل ما يهدفون ويرسمون له، فإن حققت " صحوة العشائر" نجاحا في حماية أحياء سكنية ومدن معينة، كما يقول الأمريكان وحلفاؤهم، فهل سيحقق نداء الوطنيين والديموقراطيين " صحوة سياسية " لكل القوى السياسية، وبقوى وطنية عريقة، لتبني عراقنا على أسس عصرية ومدنية، وتلجم صراعات قومية وطائفية، سبق وأن اختبرها شعبنا، ولم يجن منها سوى خرابا ودمارا، واحتلالا عاث في العراق فسادا ...!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com