|
تبنى العراق دستوريا في العام 1925 علم الوحدة العربية الكبرى، ليستبدله في تأريخه الحديث بأربعة أعلام لم يتفق العراقيون عليها إلا في علم 14 تموز، (العلم والشعار صاغهما الفنان الخالد جواد سليم ويمثلان كل مكونات الشعب العراقي)، وكانت النجمتان السباعيتان في العلم المذكور ترمزان إلى أربعة عشر محافظة، وبالمناسبة هذا هو العلم الذي يرفعه الأكراد اليوم باعتباره العلم الوحيد الذي يعترف بالشعب الكردي، عبر الشمس الصفراء داخل النجمة الحمراء التي أثارت جدلا واسعا بعد ثورة 14 تموز باعتبار أن الحزب الشيوعي العراقي يتبنى الشمس الحمراء!! كذلك لم تعطَ نجمة واحدة تمثل التركمان (في العلم الذي صادق عليه مجلس النواب قبل قليل)، وهم طالما اشتكوا عدم تمثيلهم في العلم العراقي، بينما هم دستوريا القومية الثالثة في البلاد! ومادام الحديث عن النجوم التي لم تنر طريق العراق بعد، فقد زيدت نجمة إلى العلم في سنة 1963 فأصبحت ثلاثا رمزا للوحدة الثلاثية مع سوريا ومصر، ومعلوم أنه هذا العلم هو علم مصري تخلت عنه مصر نفسها بعد انفراط الوحدة الثلاثية! بعد سقوط صدام ونظامه طرحت حكومة علاوي سنة 2003 مشروع تصميم العلم العراقي الجديد، واثار التصميم الذي تقدم به المعماري العراقي رفعت الجادرجي سجالا طويلا ايامذاك، لأن العلم الجديد يشبه العلم الاسرائيلي!! وإذا كانت الأعلام في الأصل هي رايات الحروب ثم تطورت إلى أعلام دول، تمثل الشعوب وتتوحد تحتها، فإن العراقيين مع شديد الأسف، مازال يمثلهم علم غير متفق عليه، لأنه يرمز إلى العروبة والاسلام أكثر مايستلهم حضارة العراق! ويوم قال صدام قولته الفاشية الأشهر، بأنه سيسلم العراق ترابا فإن الكثير من المشاكل انبعثت بالفعل من ركام التراب والرماد الذي خلفه عهده العاصف الدموي، ويتحمل أعباءه العراق الجديد شعبا وحكومة وحاضرا ومستقبلا، ففي 14 يناير/1991 كتب وبخط يده الآثمة كلمتي (الله أكبر) على علم العراق، وذلك بعد غزو الكويت ليضمن ولاء الدول العربية والاسلامية، حتى أن الكثير من الأحزاب والنخب السياسية العراقية وجدت صعوبة بعد الغيير، في إزالة لفظ الجلالة والعراق هذا هو حاله! ولطالما كتب الباحثون والمثقفون العراقيون حول ضرورة تبديل العلم العراقي، الذي يرمز لحكم البعث البائد وحروبه ومقابره الجماعية، وإبادة الجنس البشري وتهجير العراقين وتغييبهم وتدمير ممتلكاتهم ومصادرتها، لكننا فوجئنا قبل قليل أن مجلس النواب يُصادق على قانون تغيير العلم العراقي، بما لم يمت بصلة لكل تلك النداءات وعشرات التصاميم التي قدمت ونشرت بأيدي عراقية مخلصة! في الحقيقة أنه لم يتغير شيئ كثير في شكل العلم ومحتواه، وجاء القرار متسرعا ومخيبا للآمال، فقد أزيلت النجمات الثلاث وأبقي على كلمتي الله أكبر، وواضح أن الكتل النيابية التي تمثل الأحزاب الدينية في مجلس النواب، وجدت في التحرج في إزالة لفظ الجلالة، مأمنا للمرور إلى مستقبلها السياسي في الانتخابات والامتيازات ورفعها الشعارات، وبقائها في دست الحكم والسيطرة على مسار الدولة الدينية في العراق، ولايهمها شيء سواء توافق العراقيون على علم جديد أم لا، لأنها بالأساس لاتملك برنامجا وطنيا يأخذ بيد العراق الجديد، والبداية من العلم الذي يوحد مكونات الشعب العراقي كافة!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |