|
يعرف علماء الأخلاق الإيثار على انه ارفع درجات الجود والسخاء وهو ان يجود بالمال مع ألحاجه إليه وقيل هو – أي الإيثار – تفضيل الإنسان غيره على نفسه , واعتقد ان الإيثار من الناحية المنطقية يكون على درجات فالإيثار بالمال درجة وأعلى منها الإيثار بالتضحية بالأحبة وأعلى مراتب الإيثار التضحية بالنفس وكما قال الشاعر ((الجود بالنفس أقصى غاية الجود)) فقد قال تعالى ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) سورة الحشر آية (9) وقد روي عن النبي محمد (ص) انه قال ( من اثر على نفسه اثر الله يوم القيامة الجنة ) كما روي عن أمير المؤمنين(ع) يقول (( الإيثار أعلى المكارم: وقال أعلى الأيمان: وقال أفضل السخاء الإيثار (( كتاب غدر الحكم ......... الخ من المجلدات الكثيرة التي نقلت الأحاديث أهل البيت (ع) في الأخلاق . ومن الجدير بالالتفات أن رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) وفاطمة الزهراء(ع) والحسنان (عليهما السلام) قد أنزل الباري عز وجل سورة الإنسان عليهم وبحقهم بسبب روح الإيثار التي تصدقوا كل واحد منهم(بقرص شعير) فكيف بمن ارخص روحه وتصدق بها لإعلاء كلمة الحق ورفض أعداء الإسلام الذين أرادوا أن يرجعوا الإسلام الى ما قبل البعثة . ونحن اليوم في رحاب أبي الفضل العباس (ع) الذي مثّل أروع صور الإيثار في قمة المستويات لروح التضحية والإيثار فنحن عندما نقف على أعتاب واقعة عاشوراء فان كل لحظه من لحظاتها هي دروس وعبر لتاريخ الإنسانية وكل شخصيه من شخصيات الركب الحسيني هو تاريخ للإنسانية جمعاء وعلى رأسهم رجل الإنسانية والرحمة أبي عبد الله الحسين (ع) فتلك الثلة المؤمنة من ((السابقون السابقون أولئك المقربون)) قد كتبت تاريخها بأحرف من نور ونحن اليوم في رحاب عمود من أعمدة الركب الحسيني وحامل لواء معسكر الأمام الحسين(ع) تلك المنزلة التي حصل عليها في ساحة الوغى والكل يعلم ان الأمام الحسين أمام معصوم لا يتعامل بالفكر العصبي والقبلي ولا الميولات الشخصية لكن وجده أهل لذلك فعندما نقف على ساحل هذا البحر المتلاحم الأمواج فنحس منه نسيم الحرية ورياح العزة والشموخ فنتناول هذا السيد العلوي لا يمكننا أن نخوض في غمار بحره ولكن تقول الحكمة ((من لا يدركه كله لا يتركه جله)) فان هذا العلوي الطاهر هو سليل الدوحة المحمدية والوقفة العلوية التي عرفت بمواقف العزة والأباة فهو تربى في بيت الوصي وسلك نهجه. فأن الدروس التي نتعلمها عديدة وكثيرة ومنها على نحو الاختيار لا الحصر: أولا : روح الإيثار فعندما يقف الأمام الصادق(ع) ويزور جده العباس عليه السلام يقول ( أشهد أنك مضيت على ما مضى عليه البدر يون والمجاهدون في سبيل الله) وقول المعصوم حجه فقد سار كما سار عليه أبيه أمير المؤمنين (ع) عندما آثر على نفسه وبات على فراش النبي محمد (ص) وكما سار عليه شهداء بدر الذين اثروا بعضهم على البعض بشرب الماء حتى قضوا جميعاً عطاشى والقصة معروفة تاريخياً وكذلك شهداء غزوة تبوك بنفس الموقف فالعباس (ع) قد نشأ في بيت يحمل كله روح الإيثار كيف لا وهو يرى أخيه الإمام الحسين(ع) الذي نزل بحق جده وأبيه وأمه وأخيه وحقه سورة ((ها آتى)) …نتيجة روح الإيثار العالية التي يحملوها فمن الطبيعي أن يمتلك تلك الأنفس والمواقف لأنها من أفعال دينه التي تربى عليه فعندما نزل المشرَعَه وأحس ببرد الماء وأراد ان يشرب فتذكر ببرد الماء فأنشد يقول (ع): يانفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت ان تكوني هذا الحسين وارد ألمنوني وتشربين بارد ألمعيني تالله ما هذا فعال ديني ثانيا :- روح الأخوة التي أصبحت مثلا ً يقتدي به فأن أخوة الحسين والعباس(عليهما السلام) تمثل الأخلاق المحمدية العالية فقد روى المؤرخون والتاريخ أن العباس (ع) لم ينادي الحسين )ع)) (أخي ((إلا لحظه واحده وهي عندما هوى الى الأرض صريعاً وكانت لحظة الوداع فكان نعم الأخ المواسي لاخيه كما ورد في زيارته )ع( عن الأمام الصادق )ع( على الرغم ان المعروف اجتماعيا أن الأخ من الأب فقط لا تكون الروابط والأواصر الأسرية كما لو كان الأخ من أمه وأبيه لكن واقعة الطف قد جسدت أروع صور العلاقة الأسرية والاجتماعية الذي أعطى للمجتمع دروساً في علم الاجتماع وعلم الأسرة فقد قال أحد الباحثين الإنكليز في علم الاجتماع (( أن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي )) فأن مواقف عائلة الحسين من أبناء عمومته وأخوته من بني هاشم قد جسدوا أروع الصور في العلاقات الاجتماعية والأسرية النابعة من الأسس السليمة وكذلك أنصار الحسين الذين جسدوا أروع صور الطاعة لأهل الطاعة من أولي الأمر . والله أن قطعتموا يميني إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمامٍ صادق اليقين نجل النبي الطاهر الأمين والدروس كثيرة ويحتاج مجلدات بحد ذاتها فمواقف الشجاعة والثبات ومواقف الصبر والأيمان والعقيدة وغيرها لا يمكن أن نستوعبها بهذه الأسطر القليلة . وشاءت الحكمة الإلهية أن يكون لأبي الفضل قبرا منفردا ولم يدفنه الإمام السجاد (ع) مع الصحابة كما فعل حبيب بن مظاهر(ع –( شيخ الأنصار – لان المواقف التي جسدها جعلته صرحاً منفردا بذاته لكي تشد الرحال إليه(ع) . فسلام عليك يا أبا أفضل يوم ولدت وسلام عليك يوم استشهدت وسلام عليك يوم تبعث حيا وكما قال الشاعر : يا أهل عاشوراء يا لهفي على الدين خذوا حدادكم يا آل ياســـــين اليوم شقق جيب الدين وأنتهـــــبت بنات أحمد نهب الروم والصين اليوم نالوا بنوا حرب طواليــــها مما صلوه ببدر ثم صفـــــين
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |