الحالة الفرعونية لدى الانسان – الحلقة الثامنة

 

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

الحالة الفرعونية لدى القادة الرؤساء والملوك

 رؤساء وملوك الدول والحكومات

 عندما نتحدث عن الحالة الفرعونية للرؤساء والملوك والحكومات لانقتصر في حديثنا عن الحال الحاضر وانما نتكلم عن الحال من قبل ومن بعد ولانشير الى اشخاص معينين وقد يكون فيهم الصالح والطالح.. فمن الملوك الصالحين سليمان وداود عليهم السلام، وهم انبياء .. ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان على راس هرم الدولة الاسلامية.. وكذلك الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، وفي الوقت نفسه حكم الظالمون من قبل ومن بعد.. فقد حكم فرعون مصر، وحكم النمرود بارض بابل، وحكم معاوية ويزيد في ارض الشام والعراق و.. ولايزال الصنفان يحكمان مادام الحق والباطل في صراع وحتى مطلع فجر الحرية والعدل الكاملين وحتى مغيب عالم الظلم في افق الحرية.

 ان كثيرا من رؤساء الدول والملوك والحكومات عندما يصلون الى السلطة يعلنون عن شعارات وبرامج تدغدغ مشاعر الناس ليكسبوا ودهم ومساندتهم في الوقت الذي يخفون فيه تطلعاتهم الحقيقية.. فهؤلاء عندما يصلون الى السلطة تبدا خططهم للسيطرة ونهب الاموال والممتلكات، وتقييد الحريات، واستخدام العنف والبطش، واشاعة الارهاب في النفوس، وزج الناس في السجون، وتعذيبهم وقتلهم بحيث يحرقون الاخضر واليابس للهيمنة واستعباد الضعفاء، وخلق قوى غاشمة تساند السلطة وتعمل على تقويتها لتحقق غاياتها، واشباع رغباتها غير المشروعة.

 ان اشد البلاء عندما يعتلي السلطة حاكم فاسد، ظالم، مستبد لايفهم من الحياة الا اشباع نزواته وغروره وطمعه بسبب اهتزاز النفس وعدم تلقيها التربية الصحيحة والتي لم تجد الجو المناسب لتتلقى تعاليم السماء وتتفاعل معها.

 

ادم وابناءه

 نشئت الدكتاتورية اول نشؤوها في عصر ادم عليه السلام عندما قتل قابيل اخاه هابيل بسبب الحسد وحب الذات، وكره الخير لغيره مع الاستحقاق.. ونستطيع ان نعبر عن كونها اول دكتاتورية صغيرة اختطت على يد قابيل وهي الروح العدوانية وروح الاستئثار والملكية والاستبداد والغاء الاخر.. ولقد اعتبره الخالق العظيم ذلك فسادا كبيرا لانه اشاع روح القتل واستخدام العنف ضد اخيه وكرهه للمسالمة والعيش في جو الحب والامان. ومن هنا ابتدات شريعة القتل العدوانية المنكرة واصبحت مثلا سيئا لحياة الانسان على الارض.

 

نوح وابنه وقومه

 لقد مثلت حياة نوح عليه السلام صورة مهمة للصراع بين الحق والباطل بصورتيه الفردية والجماعية، فكان الصراع على اشده بين غرور القوم الظالمين وهم قوم نوح الذين اصروا على الاستهزاء والاستصغار بالمصلح العالمي متمثلا بالنبي المرسل نوح عليه السلام وهؤلاء المغرورون لم يمثلوا الا الباطل والذين اصيبوا لهذا السبب بنهاية ماساوية ذلك لانهم انكروا مسيرة الحق واصروا واستكبروا وطغوا وتلك نهاية الظالمين.

 كما ان نوح النبي المرسل عليه السلام ابتلي بابنه حام الذي عاند الحق وركب الباطل ولجا الى قمة الجبل ولم يمنع ذلك من لقاء حتفه.. وكذلك فان وصول الظالمين المستكبرين الى اعلى المناصب ومع توفر الحماية العالية الا ان ذلك لم يمنع من سقوطهم وانهيار حكمهم.

 

الحكام عبر التاريخ

 ولايهمنا ان نعدد حالات العنف والقسوة وسياسة الالغاء عبر تاريخ الحكام فلطالما كان الحكام على هيئة دكتاتوريات صغيرة او كبيرة جرت العالم والناس معها الى الدمار والدماء، واهلكت الحرث والنسل ومنذ مطلع التاريخ وحالة استباحة الارواح وسفك الدماء التي تجري انهارا ليلا ونهارا، سرا واعلانا لم تقف لحظة خلال الحقب الزمنية لافي القرون الماضية ولا خلال التاريخ المعاصر.

 

جالوت.. و.. داود وطالوت

 الامثلة في القران الكريم هي امثلة نموذجية بالقدر الذي يمكن ان نستوعب من خلال العرض القراني العبر والدروس والتجارب الماضية للشعوب والقادة، والاستفادة منها وعدم تكرار اخطاء من سبقنا من الامم والافراد الذين جروا شعوبهم وبلادهم الى النكبات والويلات والمصائب العظيمة.

 ومن الامثلة التي ساقها الكتاب المجيد هي جبروت جالوت ووقوفه امام الحق الذي تمثل بداود النبي عليه السلام فقد مثل جالوت غرور الجبابرة والشعور بالعظمة واستصغار شان المصلحين ممن يدعو الى الحق والى الفضيلة، حيث مكن الله سبحانه وتعالى في النهاية داود عليه السلام من جالوت على يد القائد العسكري المنتصر طالوت.

 

نمرود الطاغية وابراهيم الرسول عليه السلام

 اما نمرود فهو احد ابرز الخاسرين في معركة الحق والباطل، واما ابراهيم عليه السلام فلقد كان على راس الفائزين المنتصرين رغم كل استعدادات نمرود وغطرسته وغروره واعداده لمحو ذكر ابراهيم الا انه غاب وخسئ وقد خاب من افترى.. فقد الحق الله سبحانه وتعالى الهزيمة النكراء بنمرود وافشل كل خططه لان صاحب القوة ومالك كل شئ هو الذي يسبح بحمده كل شئ . فحتى النار فقدت قابليتها على الاحراق ولم تؤذي ابراهيم عليه السلام، وحتى السماء والارض لم تعودا تستجيبان للقوانين التقليدية لان الله الغى قدرتهما واوقف قابليتهما وعكس فاعليتهم. ا وهكذا يفقد المغرورون اسباب قوتهم لانهم بالاساس فاقدين القدرة، ولانهم اعجز من ان يوقفوا حركة الحق وان يعطلوا ارادة الخالق القادر المسيطر المهيمن الذي يخضع له كل من في السموات. وكل اتيه يوم القيامة فردا.. وهكذا ينتهي كل جبار عنيد لايؤمن بالحق ولايؤمن باليوم الاخر.

 

 اصحاب الكهف والرقيم

 ان اصحاب المواقف البطولية الصعبة دائما كانوا المثل الاعلى للوقوف ضد الباطل وضد الحالة الطغيانية الجبروتية، وكان اصحاب الكهف والرقيم قمة تلك المواقف التاريخية التي حدثنا عنها القران الكريم لتكون عبرة للفئة الصابرة الممتحنة التي مثلت قلة العدد المؤمن بقيمه ومبادئه وحبه للحق والتضحية من اجله ومن اجل حركة المستضعفين في الارض .. ولابد لنا ان نقف عند هذا الموقف البطولي، وان نتخذ من تلك الحركة التي قادها اصحاب الكهف والرقيم نموذجا يحتذي به المصلحون من اجل اعلاء كلمة الحق، ومن اجل انتصار الفضيلة في المجتمعات التي تفتقد الى قيم العدل والاستقامة وتتخذ من مناهجها القسرية طبيعة الحكم الدموي و اخضاع الناس الى الاهواء واستعباد المستضعفين واستغلالهم لارواحهم الشيطانية.

 

 موسى عليه السلام وفرعون

 جميع المصلحين في العالم مثلوا حملة الدعوة الى الحق والدفاع عن حركة المظلومين المستضعفين في الارض وحملوا مشاعل النور .. فقد وقف موسى عليه السلام في وجه فرعون مصر موقف المذكر الناصح لعله يذكر او يخشى او تنفعه الذكرى لكنه ابى واستكبر وعصى." كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الاوتاد " سورة ص - سورة 38 - آية 12.

 

عيسى والمكذبين

كان عيسى عليه السلام على راس قائمة المصلحين في العالم مع نوح وابراهيم وموسى ومحمد عليهم السلام، فقد قادوا حركة الحق في المستضعفين في العالم، وقد نجحت حركتهم في صفوف الجماهير الواعية المؤمنة بربها، المستقيمة في حركتها والتي ترجو رحمة الله في اليوم الاخر ولاتريد ان تشارك الظالمين ظلمهم.

 محمد صلى الله عليه وسلم النبي والرسول والقائد

لقد ختم الله سبحانه وتعالى النبوة والرسالة بمحمد صلى الله عليه واله وسلم، ولقد اراد الله سبحانه وتعالى لاولي العزم من الرسل ادم ونوح وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام قيادة حركة التاريخ وحركة الاصلاح والوقوف ضد الفساد والظلم، والعمل على تطهير الارض من عمل الظالمين، والوقوف ضد حركة المستبدين.. واراد لكلمة الحق ان تعلوا وكلمة الباطل ان ترفض، واراد لهؤلاء النخبة الطاهرة ان تمهد لليوم الموعود الذي تظهر فيه كلمة الحق وتنتصر على الباطل، في يوم يعز بها الحق واهله، ويذل به النفاق واهله.

 

الدولة الاموية والعباسية والعثمانية

 بعد جهود كافة المصلحين من الرسل في العالم بدا من حركة الحق الاولى لادم ودعوته الى الله سبحانه وتعالى وامره ابناءه بعبادة الله سبحانه، واتباع الحق وانكار الباطل.. ومرورا باولي العزم نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ضيعت دولة بني امية ومن ثم دولة بني العباس وبعدها الدولة العثمانية كل الجهود التي اقامها المصلحون، وحولوها الى ممالك وامبراطوريات تدعو للسلطان، وتخضع الرقاب والعباد الى الاستبداد والظلم، وحولت الخلافة الاسلامية للرسول صلى الله عليه وسلم الى ملك عضوض فساعد ذلك على انتشار الفساد في الحكم والسلطة، والميل الى الفتوحات لجمع الاموال واخضاع الناس الى المملكات العريضة التي سعت الى جباية الاموال ليتنعم بها السلطان واعوانه.. ولما كان بنيان تلك السلطات على اسس ومفاهيم واطماع واهواء سقطت تلك الامبراطوريات.. ولم تخلو بصورة عامة بعض الفترات من وجود حركات اصلاحية ضعيفة لم تقوى على الصمود امام الخط العام لتلك الامبراطوريات.

 

الامبراطورية الروسية

 الامبراطورية الروسية حلها حال بقية الامبراطوريات التي لم تؤسس على اسس العدل الالهي ومن اجل سعادة الناس وتحقيق حياة افضل، فكل الامبراطوريات عموما قامت على اساس ظلم الناس واستضعافهم واستعبادهم واستغلال الاموال والثروات والخلق.. وتعطيل الطاقات البشرية عن الاستفادة من حريتها بعد سلب ارادتها واختيارها .

 

 الدولة الفرنسية

 ماتميزت به الدولة الفرنسية وبقية الدول الاووربية هي تحقيق انتصارات عسكرية واستعباد الخلق وسلب الحريات والممتلكات واستعمار البلاد الضعيفة لذلك تحركت شعوبها لتحريرها من هذا الطغيان، كما تحركت الشعوب المستضعفة لاجل نيل حريتها والتخلص من الهيمنة بشتى اشكالها وصورها.

 

الحروب العالمية

 بالمقياس التقليدي فان هناك حربين عالميتين قد حدثت عامي 1914 و 1941 ميلادية وقد كانت المعارك الكبيرة قد دارت بين الاقطاب الحاكمة للدول الكبرى كالمانيا وايطاليا ووامريكا وفرنسا وبريطانيا واليابان وكذلك الاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول، وكانت نتائج هذه الحروب دمار شامل لاتزال ذكرياته في مخيلة الانسانية التي عانت من اثار هذه الحروب والتي استخدمت فيها القنابل الذرية التي رميت على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان والتي كان من جملة تاثيراتها العصف الذي عصف بالبنايات وادى الى دمارهاوالاشعاع الذي سبب الموت والامراض وارتفاع درجات الحرارة التي سببت الحروق.. كل ذلك يحدث بسبب الطغاة والظلمة والمستبدين ونتيجة لسياساتهم غير المتزنة وتهورهم في قراراتهم التي اودت بحياة الملايين من الناس جراء اعمال العنف والاقتتال لارضاء شهوة القتل وارضاءا لغرورهم.

وبالمقياس التاريخي فانه قد حدثت حروب شملت الكثير من البلدان وكانت نتائجها كارثية، ولكن لم تكن هناك قنابل ذرية او نووية بل اسلحة عادية كالسيوف وغيرها، وفي مراحل متاخرة وبعد اختراع البارود تم استخدام المسدسات والبنادق والمدفع والديناميت الى غير ذلك من الاختراعات حتى تم صنع القنابل الذرية والنووية بعد ان توصل العالمي الرياضي الفيزيائي الالماني البرت اينشتين من ايجاد العلاقة التكافؤية بين المادة والطاقة وتوصل الى امكان استخدام كتلة صغيرة من مادة ثقيلة الوزن الذري والنووي الى طاقة هائلة.

 

دولة الحق واليوم الموعود

 لقد شهد العالم القديم والعالم الحديث شتى انواع الدكتاتوريات ممن نطلق عليهم الطغاة والجبابرة لدول ذات مسحة طغيانية جبروتية واطلقنا على هذه الحالة بالحالة الفرعونية والدول التي تميزت بحكم من هذا النوع بالدول الفرعونية.

 ان البشرية جربت كل انواع البشر الذين يدعون الاصلاح او الصلة بالسماء والعدل والحق وعلى مختلف المسارات والتوجهات وقد اثبتت التجارب زيف ادعاءات هؤلاء المدعين الذين مان وصلوا الى السلطة والحكم تفرعنوا واستبدوا.

 والبشرية على مختلف العقائد والاديان والطوائف والاتجاهات تنتظر المصلح والمنقذ الحقيقي الذي سيقود العالم الجديد تسنده فئة مؤمنة باهدافها مضحية بالغالي والنفيس من اجل اعلاء كلمة الحق ومن اجل رفع الظلم وتحقيق العدالة.

 ووفق المنظور الديني سيكون القائد معبرا عن خلاصة التاريخ البشري وقمة العدل وتحقيق السعادة المنشودة يساعده رجال علماء اكفاء مقتدرين خبراء بامكانهم ان يقودوا العالم بنجاح والشكل الطبيعي الموضوعي المقترن بالعلم والخبرة والاستقامة وهذا اليوم هو اليوم الموعود الذي تتحدث عنه البشرية سابقا على لسان المصلحين ولاحقا ايضا وهو يوم سيسعد به الناس وهو يوم انتصار الفضيلة وانتشال الانسان من واقعه المؤلم المليئ بالاحزان والمشاكل والفقر والمرض والذل الى واقع مضئ وسعيد يضمن الحقوق ويدفع عن الانسان شرور الظلام.

 

المصادر

 القران الكريم

 المنقب القراني لموقع السراج في الطريق الى الله لتدقيق الايات القرانية الكريمة

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com