براءة اختراع بامتياز
 

 

 علاء مهدي- سدني

alamahdi@optushome.com.au

(بطاقة تهنئة لمجلس النواب العراقي بمناسبة تغيير علم البعث!)

الغريب أننا معشر العراقيين لا زلنا نأمل ونحلم بدولة القانون والديمقراطية ونتوقعها أن تولد كل صباح على غرار توقعاتنا طوال فترة حكم البعث من أننا سنصحو يوماً على صوت المذياع والبيان رقم واحد . والأغرب منذ ذلك أننا اصبحنا نصدق أحلامنا وكأنها حقيقة. فمنذ أن سقط الصنم قبل نحو خمس سنوات ونحن نجتر أحلامنا الملونة متناسين بإصرار أخطاء جسيمة مارستها الحكومات المؤقتة والدائمية، المعينة والمنتخبة ، ولا ننسى مجلس نوابنا العتيد ومساهماته القيمة والمتميزة طوال الفترة منذ انتخابه حتى الآن ، بدءً من "ديمقراطية القندرة" حتى "قانون اقرار العلم العراقي" الأخير.

بحثت فلم أجد علماً للعراق قبل تأسيسه في بداية عشرينيات القرن الماضي ، وكان للعراق علمٌ يمجد ويرمز للعائلة المالكة المستوردة من الحجاز، بعدها هلَّ علينا علم "الجمهورية العراقية" الذي لم يترك شيئاً عراقياً إلا ورمز له. جاء البعث بعلم عروبي أكثر من أن يكون عراقياً تحقيقاً لأهدافهم في تحقيق الوحدة العربية وهو نفس السبب الذي \"اغتالوا\" الزعيم عبد الكريم قاسم من أجله. حمل علمهم ثلاثة نجوم رمزوا فيها إلى وحدة العراق ومصر وسوريا، وعندما طغت أحلام السلطة على أفكارهم الوحدوية أعادوا تفسير النجوم فأصبحت تمثل أهدافهم في الوحدة والحرية والإشتراكية. تلك الأهداف التي ليس فقط انها لم تشهد تطبيقاً واقعياً بل أن نظامهم مارس أضدادها بحق العراق والدول العربية وغير العربية.

وأخيراً عندما تفجرت مشاعر الإيمان الديني لدى القائد الضرورة بسبب من انتصاراته المتتالية في حروب دحر المجوس والعرب على حد سواء ، تكرم فخط بيده عبارة "الله أكبر" على العلم رمزاً للأنتصارات العظيمة (التي حققها في ميادين الاذاعة والتلفزيون وفي أناشيد فرقة الغالي وليس في جبهات القتال) .

المتعارف عليه أن أعلام الدول هي رموز لكل منها وتختار الدول أعلامها على ضوء تأريخها وحاضرها فتحافظ عليه وتكرمه وتبرزه في كل المناسبات داخل وخارج بلدانها. 

لقد أخفق مجلس النواب العراقي في تغيير علم "البعث" لعدة مرات وهذا دليل ضعف ليس للبرلمان والأعضاء فقط بل للناخبين أيضاً. ولم يكتف بهذا الإخفاق بل توجه بإقراره القانون الجديد الذي تم فيه رفع النجوم وتغيير الحرف العربي في عبارة "الله أكبر".  قراءتي لمضمون التعديل تضمنت التالي:

• رفع النجوم الثلاث لم يغير من تبعية العلم للبعث.

• العراق دولة متعددة الحضارات والثقافات وفيه من الأطياف القومية والدينية ما يتعارض مع تواجد عبارة التكبيرعليه.

• اقرار التعديل نتيجة للضغوط الكردية بعدم رفعه عند انعقاد مؤتمر البرلمانيين العرب في مدينة أربيل لا يكفي سبباً لهذا التعديل المبتور، فالقبول بمثل هذه الضغوطات ينفي الحاجة لوجود علم سيادي للعراق، كان الأفضل تغيير مكان انعقاد المؤتمر بدلاً من إجراء هذا التعديل.

• وضع مدة لصلاحية العلم بعام واحد خطوة غير مسبوقة قللت من قيمة العلم ودلَت على ضعف القانون وعدم الثقة. عدا أن فيها من الإحراج الدبلوماسي الكثير في المحافل الدولية. 

• في العراق من التشكيليين والفنانين والمصممين والمبدعين ما يكفي لإعادة تصميم العلم العراقي والشعار العراقي وفق معطيات التطور المنشود.

• إذا كانت الدولة العراقية قد صمدت طوال الفترة الماضية بعد سقوط النظام تحت ظل علم البعث فلماذا يتم إجراء تغيير جزئي وعقيم في ظل دولة لم تتمكن من توفير أسس الأمان والعيش الكريم لشعبها؟

وأخيراً ، فليكن لكل قومية وطائفة وحزب وديانة علمٌ خاص بها وفق معتقداتهم وليكن لهم الحق في رفع أعلامهم متى وأين ما شاؤوا لكن علم العراق المنشود يجب أن يمثل كل العراق وفي كل الأوقات ولا يتم تغييره عند أنعقاد كل مؤتمر. العلم أيها النواب ، رمز للوطن والشعب وصلاحيته غير محدودة فهو ليس بطعام معلب أو قنينة دواء. أنتم تستحقوق براءة أختراع على قانونكم الأخير.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com