حتى يغيروا .. 6

 

 

نــزار حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

الرقابة أولا

قراءة في حلقات

 بالثقافة الجديدة، نبني العراق الجديد.

 هذا ما اتفقنا عليه في الحلقات الماضية من هذه القراءة.

 وقلنا بان من الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد، هي؛

 اولا: ثقافة الحياة

 ثانيا: ثقافة التعايش

 ثالثا: ثقافة المعرفة

 رابعا: ثقافة الحوار

 خامسا: ثقافة الجرأة

 سادسا: ثقافة الحب

 سابعا: ثقافة النقد

 النقد شرط التكامل، ليس للانسان والاعمال والمشاريع، فحسب، وانما حتى للاشياء.

 فاللوحة الزيتية، مثلا، لا تكتمل محاسنها اذا لم ينقدها صاحبها، والعلم لا يكتمل اذا كان بعيدا عن النقد، وهذا الانسان واعماله ومشاريعه، مرورا بكل شئ، وصولا الى الحكومة والمسؤول والمتصدي للشان العام، الذي من طبيعته التراخي في مهامه اذا لم يحس ان هناك من قد يوجه اليه النقد في اية لحظة.

 والنقد يعني امران:

 الاول، ان تشخص الخطا او النقص، والثاني، ان تقدم الحل او البديل المناسب لما يجب ان يستبدل به هذا الخطا او النقص، اما النقد الناقص وهو الذي يشخص خطا ولا يقدم بديلا، فهو عادة ما يكون مهدما وليس بانيا، في الوقت الذي يفترض ان يكون فيه النقد بناءا وليس هداما.

 فمتى يكون النقد بناءا، ومتى يكون هداما؟.

 قبل ان نتحدث عن شروط النقد البناء، يلزمنا ان ننتبه الى نقطة في غاية الاهمية، الا وهي؛

 ان للنقد ما قبله، وهي الرقابة، فمن يريد ان ينقد عليه ان يراقب اولا، حتى يعرف النقص ويشخص الخطا.

 فاذا سال الفنان احدنا عن رايه بلوحته الفنية، فعليه، قبل ان يتسرع ويصدر حكمه عليها، ان يراها ويراقبها ويتمعن فيها، ثم بعد ذلك سيكون قادرا على ان يصدر قراره لها او عليها.

 وبالمراقبة الدائمة والمستمرة، يكون المرء عارفا بالامور لا تلتبس عليه القضايا، قادر على تشخيص الخطا او النقص في الرجال او المشاريع والمسؤوليات اذا ما اراد ان ينقد.

 ولهذا قال الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام {العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس} ومن الواضح فان المرء لا يكون عارفا بزمانه، اذا لم يراقب ويتابع ويلاحق، الاحداث ورجالها.

 هنالك صنف من الناس يترك حبل الامور على غاربها، فلا يتابع الامور العامة، ولا يراقب الاحداث، الا انه ليث غاب وصل واد، اذا ما حضر مجلسا خاض فيه الحضور حديثا في النقد وجهوه للحكومة او لمسؤول فيها، ولذلك تراه يتخبط في الكلام ويشرق ويغرب في الحديث، وقد يفتري او يتهم من دون روية او دليل، وتاليا، قد يمارس سياسة التسقيط ضد هذا المسؤول او ذاك، ليس الا لمجرد انه يريد ان يشارك في النقد، على اعتبار ان النقد شجاعة وانه بطولة، هكذا.

 وان من اهم ما يجب ان يراقبه المرء الذي يريد ان يساهم في عملية النقد، هو الظروف المحيطة بالحدث، والملابسات التي تحيط بالشئ، اذ كيف يمكن لنا ان ننقد قرارا او مسؤولا، ونحن غير مطلعين على الظرف الذي يمر به، او الذي احاط بالقرار عند صدوره؟.

 والناس من النقد صنفان؛

 الاول؛ هو الذي ينقد نفسه قبل ان ينقده الاخرون، اما الصنف الثاني فلا يتجرا على نقد نفسه، فتراه عرضة لنقد الاخرين دائما.

 الاول هو الذي يتهم نفسه دائما، فيحاول ان ينقدها ويحاسبها بعد ان يراقبها، اما الثاني فلا يراقب حاله ابدا، ولذلك تراه لا يقوم من سقطة الا ويقع في اختها، وهو كثير النقد من الاخرين.

 الاول، يبدع ويحسن في الاداء دائما، اما الثاني، فيتصور انه قد احسن صنعا، وانه هو افضل من خلقه الله في اداء الاعمال، ولذلك لا يتطور ولا يبدع، بل قد يتراجع دائما، فيفشل.

 ولان محاسبة النفس واتهامها ومراقبتها من قبل الذات، وليس من قبل الاخرين، صفة انسانية وحضارية مهمة، وهي حجر الزاوية في احترام الانسان لنفسه، واحد اهم اسباب تقدم المرء، لذلك فان الاسلام حث عليها، وحرض عليها في الكثير من النصوص سواء القرآنية منها او تلك الواردة عن الرسول الكريم وائمة اهل البيت عليهم السلام.

 ففي الحديث عن رسول الله (ص) انه قال {ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم وكل ليلة} وفي حديث آخر {حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا}.

 السؤال هنا، هو؛

 لماذا يحاسب البعض انفسهم دائما، فيما يتجاهل آخرون انفسهم، فليس في حياتهم اية محطات للمحاسبة الذاتية؟.

 الجواب، ربما بسبب ان من لم يحاسب نفسه يظن بان الناس (دبش) على حد قول المثل العراقي المعروف، اي انهم لا يفهمون وانهم يقبلون بكل ما يفعله، فلماذا يحاسب نفسه على تقصير او فشل او خطا؟.

 كما ان اعتداد المرء بنفسه، ورضاه عنها بكل الاحوال، سبب من اسباب عدم محاسبة المرء لنفسه، ولذلك حذر امير المؤمنين عليه السلام من هذه الصفة بقوله {من رضي عن نفسه، كثر الساخط عليه}.

 واحيانا تاخذه العزة بالاثم، حتى ازاء نفسه، فلا يتجرأ على محاسبتها او مراقبتها.

 وفي احيان اخرى، يظن المرء، المسؤول المتصدي للشان العام على وجه التحديد، ان الموقع قضاء وقدر سيبقى فيه أنجح ام فشل، فلماذا المحاسبة اذن؟.

 وفي احيان كثيرة تهون نفس الانسان عليه، فاهون عليه ان يحاسبه الاخرون على ان يحاسب نفسه، وكانه فقد حياءه، فتراه ينتظر متى يحاسبه الاخرون ومتى يتهمونه.

 برايي، فان ذي الكرامة، ومن يشعر بالمسؤولية ازاء الله تعالى وازاء من ائتمنه على المسؤولية، يبادر الى اتهام نفسه ومراقبتها ومحاسبتها دائما، ليتجنب التقصير اولا، وليتجنب نقد الاخرين ثانيا، ولذلك حث الاسلام على نقد الذات ومحاسبتها قبل محاسبة الاخرين.

 هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان هناك من المتصدين للشان العام، من تراه مستعدا للمحاسبة او للنقد، الذاتي او من الاخرين، ولكن ليس عندما يكون في موقع المسؤولية، وانما بعد ان يترك الموقع، وهذه من المهازل التي يجب ان لا يرتكبها المتصدي المسؤول الشريف والعفيف، اذ ما فائدة ان ينقد المرء نفسه واداءه بعد ان يترك موقع المسؤولية؟.

 ان هدف النقد هو الاصلاح وتحسين الاداء، ولذلك يجب ان يقبله المسؤول وهو في موقعه، ليصلح ما افسد، فما فائدة النقد اذا كان المسؤول قد غادر موقعه؟.

 ان من المهم جدا ان ندقق في توقيت النقد، فمثلما يجب ان نعرف على وجه الدقة ماذا نريد ان نقول عندما ننقد، علينا كذلك ان نعرف على وجه الدقة، متى نوجه النقد، وكذلك متى نقبله على وجه الدقة.

 ومن اجل ان يكون النقد بناءا وفعالا، يلزم على كل المتصدين للشان العام ان يكونوا مستعدين لقبول النقد، او على الاقل للاصغاء الى الناقد، بغض النظر عن صحة النقد من عدمه، فان مجرد تمرين المسؤول نفسه على الاصغاء الى نقد الناقدين، يعد بمثابة رياضة معنوية يمارسها الانسان المتصدي، تعلمه على قبول النقد، وهذا من شروط نجاح المسؤول ونجاح المشاريع.

 ان بعض المتصدين يضيق ذرعا من كل كلمة نقد توجه له، وكانه معصوم لا يجوز لاحد ان ينقده على ما يفعل، فيتضايق من النقد ويحبس انفاسه ويزمجر غضبا من النقد، وكل ذلك خطا فضيع على كل من يتصدى للشان العام ان لا يتورط فيه، بل عليه ان يكون مستعدا لسماع النقد في كل آن، من خلال التسلح بالروح الرياضية وسعة الصدر والقدرة على الاستيعاب، ولنتذكر جميعا قول الامام امير المؤمنين عليه السلام {من حذرك كمن بشرك} ومعلوم فان النقد تحذير، ولذلك فهو بشارة لمن يوجه له، لانه يعينه على تصحيح الخطا والعودة عن الباطل.

 يجب ان يبدي المسؤول استعدادا منقطع النظير لقبول النقد {فانه من استثقل الحق ان يقال له، او العدل ان يعرض عليه، كان العمل بهما اثقل عليه} كما يقول امير المؤمنين عليه السلام.

 اما شروط النقد البناء، فهي؛

 اولا، ان يكون الناقد منصفا، فلا يتعسف في توجيه النقد، او يظلم من ينقده، او يضخم النقد.

 كذلك، فان على الناقد ان لا يامر غيره بما لا يفعل، او ينهى الاخرين عما يفعله، فان الناقد مثله كمثل الامر بالمعروف والناهي عن المنكر، يجب ان يامر الاخرين بما يقول ويفعل، كما انه لا ينهى غيره عن امر ما، اذا لم يقرر ان ينتهي عنه.

 يقول الامام امير المؤمنين عليه السلام واصفا مثل هذه النماذج {وكيف يذمه بذنب قد ركب مثله} وفي قول آخر {لعن الله الامرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به}.

 وان الناقد كالمعلم يجب عليه ان يبدا بنفسه قبل غيره، فيعلمها ويؤدبها وينقدها فيصحح لها، قبل ان يتوجه لغيره، يقول امير المؤمنين عليه السلام {من نصب نفسه للناس اماما فليبدا بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تاديبه بسيرته قبل تاديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها احق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم} ولو لم نلتزم الا بهذا القول، لكفانا رادعا عن ارتكاب خطا او انحراف، ولكفى المتصدين للشان العام رادعا عن التجاوز على حقوق الناس، والتقصير في مهامهم ومسؤولياتهم، والتقاعس في خدمة الناس، والعجز في تنفيذ المهام المنوطة بهم، ولكانت السيرة الحسنة هي المعلم قبل اللسان، فالسيرة درس عملي، اما اللسان فدرس نظري، فيه الكثير من الشعارات التي لا تغني، عادة، ولا تسمن من جوع.

 ثانيا؛ ان يكون النقد للتكامل وليس للذم او القدح او الانتقام والتشفي.

 هنالك صنف من الناس لا هم لهم الا تتبع عثرات الناس ليطلقوا ضدهم حملة تسقيط وتشهير لها اول وليس لها آخر، بمجرد ان يخطأوا، فان هذا الصنف من الناس ليس همه النقد من اجل البناء والتكامل، وانما همه التسقيط والتشهير، والحريص لا يفعل ذلك ابدا، انما المريض هو من يمارس مثل هذا.

 يقول امير المؤمنين عليه السلام {يا عبد الله، لا تعجبل في عيب احد بذنبه، فلعله مغفور له، ولا تامن على نفسك صغير معصية، فلعلك معذب عليه، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، وليكن الشكر شاغرا له على معافاته مما ابتلي به غيره}.

 ثالثا؛ ان يكون النقد عن علم ومعرفة لا عن جهل.

 فالناقد يجب ان يكون على علم بمادة النقد، ليتمكن من تقديم الادلة والبراهين وتاليا البديل والحلول، من جانب، ومن اجل ان يكون هناك نوع من التكافؤ والتوازن بين الناقد وبين من يوجه اليه النقد، من جانب آخر.

 لقد اوصانا الله تعالى ان نفتي بعلم، فننقد بعلم ونتحدث بعلم ونبرر بعلم كذلك، كما في الاية المباركة {افتوني بعلم} من اجل ان يكون قولنا ونقدنا وراينا والبديل الذي نقدمه علميا ومنطقيا، منطلقا من المعرفة، فيكون كل شئ بناءا وفعالا.

 ومن اجل ذلك، يجب ان يفكر احدنا جيدا قبل ان ينقد او يلوم، وهذا يتطلب منا التاني وعدم الاستعجال، حتى لا نندم على ما نقول او نتراجع عن النقد، وتلك هي صفة العاقل الذي يقدم قلبه على لسانه، اي يفكر قبل ان يقول، وليس كالاحمق الذي يقول ثم يفكر، يقول الامام علي بن ابي طالب عليه السلام {لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الاحمق وراء لسانه} او في قول آخر بنفس المعنى {قلب الاحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه} ولقد سئل عليه السلام مرة، متى سيرفع الخلاف بين الناس؟ فاجاب {اذا سكت الجاهل، زال الخلاف} والسؤال، هل هناك من يعتقد انه جاهل؟ اي لا يعرف بهذا الامر، مثلا، او ذاك؟ فالحمد لله، فان كلنا جميعا علماء فطاحل نفهم في كل شئ، اليس كذلك؟.

 رابعا؛ ان يكون النقد عاما وليس خاصا، اي ان نوجه النقد للجميع وليس لفئة دون اخرى، او لمسؤول دون آخر، فليس هناك من هو فوق النقد، وفوق المساءلة.

 ان التمييز في النقد يعمق الحزبية والطائفية، وهو لا يحل مشكلة، لانه يحرض على الدفاع الاعمى، ولذلك يجب ان يكون نقدنا عاما وشاملا لكل خطا او نقص او تلكؤ.

 وان من اسباب التمييز في النقد، هو المحاصصة التي ابتلينا بها، فنجد ان كل فئة مستعدة لنقد الاخرين الا انها غير مستعدة لنقد وزيرها او المسؤول المحسوب على قائمتها، وهذا خطا كبير يرقى الى مستوى الجريمة الوطنية.

 ان النقد اذا لم يكن شاملا لكل مفاصل الشان العام ولكل المتصدين للشان العام، لم يكن بناءا، بل قد يتحول بذاته الى جزء من المشكلة، ولهذا السبب يجب ان نغض النظر عن هوية المسؤول عندما نريد ان ننقده، حتى لا نتردد او نتراجع عن النقد اذا ما عرفنا انه من جماعتنا او محسوب على قائمتنا، بل يجب ان نبادر الى نقد (صاحبنا) قبل نقد غيره.

 لقد راينا كيف ان بعض اعضاء مجلس النواب العراقي يدافع بشدة عن ارهابي يلقى عليه القبض بالجرم المشهود، ربما ليس ايمانا منه بالارهاب، وانما فقط لان هذا الارهابي محسوب على جماعته او من طائفته او منسوب الى قائمته البرلمانية، فاين المصلحة الوطنية العليا، اذن، من مثل هذه الممارسات؟ اوليس من اللازم ان ينبري الجميع لنقد ولوم كل من يرتكب خطا، بغض النظر عن هويته او انتمائه ومذهبه ودينه؟.

 ان الخطا واحد لا يمكن ان يتجزا، فنقبله من هذا ولا نقبله من ذاك، والخطا لا يمكن ان يكون صح في كل الظروف، بغض النظر عمن ارتكبه، فالخطا ليس بسبب ان زيد ارتكبه، ولو كان عمرو قد ارتكبه لكان صح، ابدا، انما هو خطا لانه يضر بالصالح العام، فحسب.

 خامسا؛ ان يكون النقد بالتي هي احسن، فالمنطق وطريقة العرض والاسلوب، ان كل ذلك، يلعب دورا مهما واساسيا في انجاح عملية النقد، هذا اذا كنا نريد ان نقدم نقدا بناءا ومؤثرا، اما اذا اردنا ان ننقد للنقد فقط، فلنقل ما نشاء وباية طريقة نشاء، شريطة ان لا ننتظر تاثيرا في المسيرة.

 علينا ان نتعلم اخلاقيات النقد، فنتعلم كيف نتحدث مع المسؤول، والعالم والقائد، فالنقد لا يعني التهتك والاستهتار، كما لا يعني السعي لانتهاك كرامة الانسان والتعدي على مكانته الاجتماعية او السياسية او اية مكانة اخرى، وكلنا سمع وقرا قصة سبطي رسول الله (ص) الحسن المجتبى والحسين الشهيد عليهما السلام، عندما رايا شيخا عجوزا لا يحسن الوضوء، فارادا ان يعلمانه وهما صغيرين لا يحسن ان يقولا له مباشرة بانك على خطا ونحن على صواب، فابتكرا طريقة اخلاقية رائعة لتنبيه العجوز الى خطئه في طريقة الوضوء، فسالاه ان يحكم بينهما ايهما يتوضأ افضل من صاحبه، ولما رآهما العجوز يتوضآن قال لهما (بابي انتما وامي، كلاكما توضأ بطريقة صحيحة، اما انا فلم احسن الوضوء، وها انا ذا قد تعلمت منكما).

 حتى فرعون، اوصى الله تعالى به خيرا، عندما ارسل اليه نبيه موسى واخاه هارون، فاوصاهما بقوله {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى}.

 يجب ان ناخذ بنظر الاعتبار شخصية من نوجه له النقد، وكذلك منزلته ومكانته في المجتمع ودوره وتاريخه، وعلمه وما انجزه، فان كل ذلك يساعدنا في ان نبلور النقد بطريقة افضل وباسلوب احسن، فالنقد الذي نوجهه للمرجع، مثلا، يختلف بطريقته واسلوبه، عن النقد الذي نوجهه للسياسي، وكذلك، فان النقد الذي نوجهه للوزير الناجح صاحب التاريخ الناصع في النزاهة والحرص والمسؤولية، يختلف باسلوبه وطريقته، عن النقد الذي نوجهه للوزير الفاشل المعروف عنه تورطه بالصفقات المشبوهة وتلاعبه بالمال العام، وهكذا.

 ان ذلك يتطلب منا ان نكون متوازنين في توجيه النقد، فلا نتطرف فنظلم (بفتح النون) او نمسك فنظلم (بضم النون) يقول الامام علي عليه السلام {لا ترى الجاهل الا مفرطا (بسكون الفاء وكسر الراء) او مفرطا (بفتح الفاء وتشديد الراء وكسرها)}.

 يجب ان نتعلم النقد بادب، وبلا تجريح، فالاسلوب سبب مهم من اسباب قبول او رفض بعض الناس للنقد الذي يوجه لهم، اذ ليس كل الناس يتمثلون قول القائل (لا تنظر الى من قال، بل انظر الى ما قال) عندما يسمعون نقدا موجها لهم، فالبعض ينظر الى من قال وكيف قال، قبل ان يقبل او يرفض النقد، قد يكون ذلك خطا، ولكنه الواقع الذي يجب ان لا نسعى لتجاوزه، ولذلك علينا ان نكون حريصين بهذا الصدد لنؤثر عندما ننقد.

 يجب ان ننتبه فلا ننتهك حرمة، بحجة النقد، ولقد قال امير المؤمنين عليه السلام {ان الله حرم حراما غير مجهول، واحل حلالا غير مدخول، وفضل حرمة المسلم على الحرم (بضم الحاء وفتح الراء) كلها} حتى يقول ليشمل بالحرمة كل الناس في ظل النظام السياسي العادل {اتقوا الله في عباده وبلاده} وهي اشارة الى لزوم صيانة حرمة كل الناس بلا استثناء.

 اخيرا، ليس بالضرورة ان يكون النقد لتصحيح خطا، بل قد يكون النقد من اجل اماطة اللثام عن حقائق مجهولة، او للكشف عن معلومة، ولذلك فان استعداد المسؤول لقبول النقد يساعده في احيان كثيرة على الدفاع عن انجازاته التي قد يجهلها كثيرون، ولذلك يعادونه ويعادون موقعه وتصديه، من باب (الناس اعداء ما جهلوا).

 يتبع

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com