أتوقف...!

 

 

د. مراد الصوادقي

alsawadiqi@maktoob.com

أتوقف

في لحظة مشحونة بانفعال إنساني مركز وتتمتع بكثافة وجدانية عالية ذات قدرة على إلغاء مفردات المستحيل  من قاموس الرؤى والتصورات العالية...!

أتوقف

على حافة وهدة تختزن الآمال والطموحات والأفكار والرغبات وقد تراكمت في زاوية تلتقي بها نهايات البدايات المنطلقة مع نبضات كل القلوب المتمسكة بأنغام الحياة والمتفاعلة مع أنفاس الأكوان...!

أتوقف

عند غيبوبة شاملة حيث يتخلص البدن من الروح وتتبعثر أواصر التفاعل ما بين القوى اللامعلومة في دياجير دائرة الوجود الإنساني الجميل, فيبدو البشر على أنه نقطة مركزة في قلب نقطة الانبثاق الأكبر...!

أتوقف

على أغصان شجرة بلا أوراق, تتدثر بالثلج وتحلم بربيع جديد, يستخرج ما فيها من براعم الارتقاء إلى حيث ضفاف السماء التي تقبلها أمواج الميلاد المتلاحق للصيرورات الكثيفة في عالم تتميع فيه جواهر المكنونات...!

أتوقف

فوق رأس مملكة اللاجدوى, وأتأمل اضطراب خطوات المصير, وصولات الأقدار المحكمات التدبير, وأنظر إلى أقدامي فأراها مكبلة بثقل تراب الأرض وممنوعة إلا من الدوران مع جسد بلا حدود...!

أتوقف

بين أنغام الموسيقى الصداحة المنبثقة من حنجرة الحياة المنسجمة مع نبضات أعماق الإرادة الكونية, حيث تتناغم ضربات أوتار الأبد مع إيقاع نغمات الأزل...!

أتوقف

في محطات لا تعرف الذكرى ولا تدري النسيان, وأبقى مذهولا ومشدودا أمام أعين المعنى العاري الذي يتدفق من ينابيع الفحوى واليقين...!

أتوقف

قرب أشلاء الآمال والطموحات وأرنو نزيفها الذي أغرق أركان التراب وكسا الأنظار بغشاوة حمراء, فأدرك أن التقدم إلى أمام يترك آثارا جسيمة المعنى وأثيرة الصراخ...!

أتوقف

على شفاه نهرين مغرمين بالذوبان ببعضهما ويجريان بكل ما فيهما من قدرات الاندماج نحو لحظة تتحرر فيها المشاعر والطاقات من قيود الرغبات وتفنى في جوهر الأمنيات...!

أتوقف

مثل طير يغرد على غصن زيتون تداعبه أصابع الرياح وتحاول القبض على روحه, لكنه يصرخ ويلوذ بأمه التي تريد الحياة وتواصل الإنجاب, ولا يعنيها صراخ غصن صغير رغم ما يبعثه من ألم في جذورها, لكنها تتحدى صولات الفناء بالإنجاب والعطاء ولهذا فهي تبقى لمئات السنين رغم كل صولات الطبيعة وفتك البشر بها كفتكه بالبشر الحيران...!

أتوقف

مشدوها بمعنى اللامعنى وإرادة اللاجدوى, وسلطة العبث ومسيرات الإنهاء وتفاقم الأخطار والتداعيات, وأبحث عن معنى في نفايات اللامعنى التي تغطي مسامات الأرض وتمضي بترقبٍ إلى غاية المجهول الكامن في صدر معلوم بليد...!

أتوقف

على سوح الوغى ومآسي الحروب التي تسقي الأرض بالدماء والدموع وتطعمها بالأشلاء وأتساءل عن معنى القتل والدمار, ولماذا يفتك الإنسان بالإنسان, ولماذا يتلذذ البشر بالدموع والأحزان ويكره الفرح والابتسام والبهجة والسعادة ويحارب أخاه عندما يراه فرحا وفي أجمل حالات الجذلان...!

 أتوقف

على بئر تسقيه دموع البشرية التي يسبح فيها البشر وأتساءل كم نهرا تصنع أحداق البشر..

إنها تغذي الغيوم والأنهار والبحار وتسقي الصحارى وتبقى تجري وتفيض من عيون الأطفال والنساء وتكون كالوابل الثقيل على وجه السعادة والأمل...!

 أتوقف

والحياة لا تتوقف والأرض تدور, كقلب الأحياء الذي منحته إجازة النبض الدوار وعدّت له ضرباته وأحكمت نهايته ومدى سفره على ظهرها الترابي المتنوع الجميل. وبرغم ما تفنيه فأنا أردد معها أني أدور وأتفاعل رغم زوابع الأوجاع والشرور...!

 أتوقف

لكي ألد ذاتي وأنشر أعماقي على أديم التطلعات المتفاعلة مع قلب المجهول والصاعدة إلى آفاق العلا, وأكتب على صدرها لحن حيرتي وتشردي وتساؤلي عن بؤرة الانطلاق ولحظة الانتهاء في كهف المصير...!

أتوقف

مثل البحر المقيد بأكتاف الصخور والرمال والذي يحاول أن بتحرر من قيده وقدره بلعبة الأمواج وصراخ الهيجان والغضب الشديد الذي لا يصنع إلا النحيب...!

أتوقف

عندما يتحرك الزمن وفقا لاتجاه بوصلة الأعماق وتفاعلات المفردات المؤدية إلى بناء حقيقي لمسيرة الأجيال البشرية على وجه كرة التراب الدوارة...!

 فهل أنا أتوقف أم أبقى أدور...؟!!

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com