|
هل نصمت ..؟ إذن نستحق ..!! هادي فريد التكريتي/ عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد لقد هال إحدى زميلاتنا في اتحاد الكتاب العراقيين في السويد، ما تداولته وسائل الإعلام السويدية عن واقع الطفولة في العراق، فكتبت رسالة إلى الهيئة الإدارية، بهذا العنوان " هل نصمت ..إذن نستحق "...؟ مستغيثة ومستحثة زملاء الاتحاد للقيام بما يمليه عليهم الضمير والواجب،لمعالجة هذا الواقع الخطير، والحد من تدهور الأوضاع المعاشية والصحية لحياة للعائلة العراقية، والوقوف موقفا جادا من المأساة التي تعاني منها الطفولة،من سوء رعاية، وعدم اهتمام من نظام الحكم، وهي تباع بالمزاد العلني، من أجل لقمة عيش أو حبة دواء، وما قالته في بعض فقرات الرسالة "هل نستحق أن نأكل من ثمن بيع بناتنا لأجسادهن على الأرصفة... ؟" الحقيقة أن هذا الواقع المزري الذي استفز الزميلة، وما اشتكت منه، هو تدهور أخلاقي وأمني وصحي ومعاشي، لمئات، بل لآلاف العائلات العراقية، منذ قيام سلطة البعث، وحتى من بعد سقوطه، وكأنه أصبح قدرا نتعايش معه.. من المعلوم إن هذا الواقع لم يكن وليد اليوم، كما لم يكن أمرا غير مألوف أو غير معروف، في عراق الأمس واليوم، وليس مجهولا عن أنظار العالم ووسائل إعلامه، فالنظام البعثي الساقط، قد أسس وأرسى قواعد التدهور لقيم الشعب العراقي،منذ تسلمه السلطة في العام 1968، وعمق المأساة وزاد عليها، الاحتلال بما يملك من خبرة ونفوذ في التعامل مع شعوب الأرض، ومع شعبنا يخوض التجربة، من خلال حكام طائفيين وعنصريين، خلقهم وهيأهم، لتنفيذ ما جاء بهم من أجله إلى السلطة، فهم، أي حكامنا، باسم الطائفية والعنصرية، أكلوا منذ احتلال العراق وسقوط البعث في العام 2003، ولازالوا يأكلون ليس "من ثمن بيع بناتنا لأجسادهن على الأرصفة"، بل من إباحة حرية وكرامة الشعب العراقي بأجمعه، إلا أن هذا الواقع وحتى اللحظة، لم يتح للحكام فرصة تحقيق كامل أهداف الاحتلال الأمريكي بعد، فالمعركة بكامل أسلحتها لا زالت قائمة، والشعب لم يستسلم بعد، لا للاحتلال ولا لحكم المحاصصة، الغير وطني، رغم كل خسائر، وفشل القوى الوطنية والديموقراطية، التي منيت بها قبل الاحتلال وبعده .. الكثير من الكتاب العراقيين، من داخل وخارج العراق، أسهموا بمعالجة هذا الواقع المأساوي، كما عالجه كثرة كاثرة من كتاب عرب آخرين، ومن غيرهم ..والفضائيات المختلفة قد نقلت أفلاما مصورة عن فضائح وجرائم الأمريكان والحكم،في العراق، فالكل يتذكر فضائح جيش الاحتلال في " سجن أبو غريب " وغيره، كما فضيحة "دار الأيتام" ببغداد، عندما سرق ممثلو الحكم الطائفي، أرزاق وتخصيصات، اليتامى والمشردين، رغم قلتها، ورداءة نوعيتها، ولم يتركوهم جياعا فقط، بل وعرايا، مقيدين بسلاسل وحبال،تعيقهم حتى عن استخدام دورات المياه، ناهيك عن المعاملة السيئة والمفرطة في اللا إنسانيتها، أرتنا إياها عدسات الإعلام المختلفة، ولم نجد من " نوابنا " الصناديد و"الغيارى" على الشعب وحقوقه، في مجلس النواب،غير السكوت المطبق عن هذه الجرائم، كما لم تتحرك " شَعْيرَة " واحدة من شعائر الإيمان ـ الطائفي، التي يتمشدق بها حكامنا المؤمنون، أزاء " أحباء الله " الأطفال، ولم تهز الجريمة المرتكبة " شَعْرَة " من شوارب أهل النخوة، عربا كانوا أم غيرهم، من رجال الحكم القابضين على مصيرنا، والمتحكين برقابنا، والسارقين لثرواتنا.. وهناك جرائم أخرى، وغيرها الكثير، أُسدل الستار عليها وعلى مرتكبيها، كالتي ارتكبت في أقبية جيوش ومليشيات الحكم، ولم يجد الحكام والناطقون باسمهم، على كافة درجاتهم،ومستوياتهم، ما يستوجب التحقيق والإدانة، رغم وعودهم التي بذلوها، وتهديد بعض الساسة بالكشف عنها، دون مصداقية لتهدياتهم، بالكشف والمصراحة، لأنهم جميعا في حالة اللاوعي،" صم بكم عمي " فهم لا يبصرون، مبهورين وغير مصدقين بما أغدقه عليهم الاحتلال، من جاه زائف، ومناصب تافهة، وثروات مسروقة، فالشعب ومصير الوطن لا يساوي عندهم، أكثر مما نثره عليهم الاحتلال من رشاوى، للتستر على كل الجرائم التي حدثت، وتحدث اليوم، حتى وإن كانت في محيط منطقتهم "الخضراء" التي يتحصنون بها...!! ما يجب أن نفعله تضامنا مع شعبنا وأطفالنا في العراق، ليس الإعتصام فقط، وليس التنديد بالأمم المتحدة المساهمة في جريمة الحصار، كما ليس مطالبة منظمات حقوق الإنسان، بالكشف عن كل الجرائم والفضائح المرتكبة والتي تُعرف تفاصيلها من قبل هذه المنظمات، وعلينا أيضا وهو الأهم، أن نعلن براءتنا علنا، من ممثلينا في البرلمان، ومن كل الحكام، في مؤسسات الحكم، بسلطتيه القضائية والتنفيذية، ونعلن أيضا أنهم، غير عراقيين وغير مسلمين، كما يدعون، سواء كانوا عربا أم كردا أو تركمانا ...وغير جديرين بأن يمثلونا، في أي محفل دولي أو إقليمي، جراء نهجهم اللاوطني واللاأخلاقي من قضايانا العراقية، والمغاير لكل مواقفنا وتقاليدنا الوطنية والقومية، المعلنة بعض منها في الدستور، ولسكوتهم عن جرائم مليشياتهم،عن طريق العنف والقتل وهتك الأعراض، التي طالت مختلف النساء والرجال، من كل الأديان والقوميات والطوائف، هذه الجرائم تسببت في تهجير العشرات بل المئات من العوائل العراقية، في داخل العراق وخارجه، وأدت إلى تمزيق وحدة العائلة، وتفريق شملها، انعكست آثارها سلبا، على الطفولة ورعاية الأم والعائلة لها، فاليتم والتشرد والجوع والحاجة والمرض، كلها نتائج موضوعية وقاهرة، لسياسة الحكم، وللواقع الاقتصادي المزري، الذي يعاني منه عموم العراقيين، حصيلته مآسِ اجتماعية وخلقية لحقت بالأطفال، تخلي البعض من الأهل عنهم، خوفا أو كرها، لبيعهم، وفي الحالتين، نتيجة إملاق وقهر ومرض،وكلها من مسؤولية الدولة و حماية الحكم، هذا الواقع استثمرته قوى ومنظمات، في الحكم وخارجه، تملك المال للمتاجرة بكل شيء، لتكديس الملايين بل المليارات من الدولارات، عن طريق شراء وتهريب هؤلاء الأطفال، ذكورا وإناثا، واستثمارهم كسلعة، لمختلف الأغراض والأهداف، والجنس بالدرجة الأولى، سوق رائجة لمثل هؤلاء المستثمرين، داخل العراق وخارجه، ينهض به المتاجرون بالرقيق الأبيض، في عراق تحكمه محاصصة دينية ـ قومية ..ولكن السؤال، هل السلطة قادرة على وضع حد لمثل هذا الواقع البائس لحياة المواطن العراقي ؟ وهل تتوفر لها الإمكانية المادية، لمعالجة النتائج المتدهورة والخطيرة، لشريحة اجتماعية هي أمل العراق المستقبلي ..؟ وسلطة المحاصصة الطائفية ـ العنصرية، وهي تسيطر على مداخيل كل الثروات العراقية، البالغة مئات المليارات من الدولارات، هل هي قادرة على معالجة أمر الطفولة، والحد من الجرائم المرتكبة بحقها وحق العائلة ككل ..؟ نعم هي قادرة، ليست لمعالجة أمر الطفولة وانتشالها من هذا الواقع المؤسف، فقط، وإنما هي قادرة على معالجة كل ما يعاني منه الشعب العراقي من مشاكل، عن طريق إشاعة الديموقراطية الحقيقة في الحكم، وإطلاق الحريات العامة، وعدم الخلط بين السياسة والدين، وتسليم مقدرات البلد للأكثرية الفائزة، عن طريق انتخابات حرة ونزيهة فعلا، تحكم وفق برنامجها، من خلال ممثلين جديرين بتحمل مسؤولياتهم، وترك المجال الحقيقي للمعارضة لآن تقوم بدورها، في مراقبة السلطة ونهجها، وإشراك الشعب في مراقبة سلوك وأداء ممثليه في البرلمان والسلطة، لمتابعة تطبيق السلطة لبرنامجها الذي تقدمت به للحكم، دون خلط أوراق لتقاسم السلطة مع قوى أخرى، لا تشاطرها المنهج ولا الأسلوب، تحت أسماء مزيفة بعنوان "حكومة وحدة وطنية" لخداع الشعب، وليتم التستر على النهب، وتقاسم السرقات، على قاعدة" شيلني واشيلك " التي نعيش نتائجها اليوم، أوصلتنا لما نحن فيه، حيث نعاني من ضعف ونقص في كفاءة وزراء ومسؤولين كبار، لا مؤهل يؤهلهم، لتقلد أدنى سلم وظيفي في الدولة، ولا قدرة لرئيس الحكومة على استبدالهم أو إقالتهم من مواقعهم، هذا الواقع هو لب الفساد، وجوهر ضعف الحكم، الحلفاء ـ الأعداء، المتسم بفقدان الثقة فيما بينهم، وعدم تعاونهم في البحث عن قواسم وطنية مشتركة، لحل ما استعصى عليهم من مشاكل يعاني منها الشعب والوطن .. الشعب العراقي، يبقى هو صاحب المصلحة الحقيقة لتغيير أوضاع شاذة سائدة، التي أوجدها الاحتلال الأمريكي، و قوى حكم متعاونة معه، فشلت في تحقيق كل ما وعدت به الشعب العراقي، فلا الاحتلال انتهى، ولا الأمن استتب، ولا وئام بين القوى حصل، ولا صيانة تحققت لوحدة شعب ووطن، وهذا ما يجب أن نجهر به بوجه حكومة المحاصصة ..!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |