يبدو ان الشأن العراقي مازال غامضا على المتتبع، فكلما احسست اني افهم ما يجري هناك يتضح لي ان الامر مازال مبهما علي، فبعد انسحاب الكتل السياسية من الحكومة على اختلاف اسبابها تصل للمتتبع قناعة كافية ان هناك خلل ما في ادارة الدولة العراقية ولعل من ابرز هذه الانسحابات، هو انسحاب جبهة التوافق العراقية  الكتلة السنية في الحكومة فبعد ان اعلنت عن مطالب تعزز بقاءها في الحكومة ان فُعِلت، قرأت كل مطلب بتمعن و كانت احد عشر مطلبا اعلن في بيان علقت فيه الجبهة مشاركتها في الحكومة، وكان اول تلك المطالب هو طلب العفو العام الذي قامت عليه الدنيا ولم تقعد وكأن الجبهه طالبت بالافراج عن الارهابين الذين عاثوا في العراق فسادا الا ان المطلب كان واضح جدا للجميع أن العفو يشمل فقط من لم تثبت ادانتهم أذ لايعقل ان يتحول العراق في زمن الديمقراطيه والحريه الى سجن كبير، شباب في السجن أكثر ممن هم بخارجه!!! حينها رأيت أن المطلب منطقي جدآ ورغم ذلك لم تستجب اليه الحكومة وكأن من في السجون هم ابناء اعدائها، واستمرت مطالبة الهاشمي نائب الرئيس العراقي لهذا الامر والرجل له عذره فبعد ان حمله المعتقلون امانه في عنقه كي لايتركهم، لم يهدأ له جفن والحق ان صور المعتقلين اثرت في عين حتى من لادين له !!! والحكومة لم يهزها هزاز!! وظل الرجل يراوح بمطلبه هذا وكأن لا عمل له غيره ولا هم له الاهمهم. واستمر يصرح هنا ويفاتح الرئاسة هناك ولا مجيب. المفاجأة ان يظهر السيد رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي يعلن فيه انه قد رفع توصية الى الدائرة القانونية للنظر في اصدار العفو العام لكن توقيت اعلانه هذا كان بعد اقالة وزراء جبهة التوافق!!! أي ان المالكي لم يرد ان يذكر شيئا عن العفو قبل ذلك لسببين اولهما الا تحسب عليه استجابة فعلية لمطلب جبهة التوافق الاول  والثاني ضمانه ألن يكون للتوافق سبب يرجعهم لمقاعدهم فأقالهم اولا (ولم يقبل استقالتهم في البدء).  لماذا هذا التأخير والمماطلة اذن ؟؟ لماذا لم يدخل معهم في حوار يوضح انه سيستجيب عاجلا ام اجلا . نقطة تحسب عليه، هل اراد الا يكون لهم تأثير في الحكومة؟؟؟ فمن بقى فيها لا يؤثر على سير البلاد(حسب رأيه) فيكون منفردا في اتخاذ القرارات لا منفذا لها فقط!! هل يستطيع ذلك في دولة الديمقراطية المنشودة؟ وكأن بقاء منصب نائب الرئيس العراقي للتوافق لا يؤثر ابدا كونه منصب تشريفي فقط كما صرحت بذلك السيدة مريم الريس مستشارة السيد رئيس الوزراء وقت سابق وقد استفدت انا شخصيا من هذا التصريح لان ردة فعل مجلس الرئاسة ان اظهر للعلن جزء من صلاحياته التي كنت اجهلها لتقصير مني ولم ارى ان هذه الصلاحيات تشريفية كما ذكرت السيدة اذ يبدو انها لم تكن ملمة بجميع تلك الصلاحيات، فمجرد قراءة الصلاحية التي تقول ان على مجلس الرئاسة المحافظة على سيادة واستقلال البلاد هذا لوحده يجعل من مجلس الرئاسة المحرك الاول للملف الامني من حقهم دستوريا التدخل بتنفيذ كافة الخطط الامنية ضمن الدستور وليس حكرا على السيد رئيس الوزراء.

وبعد زيارة الهاشمي للسجون العراقية اقبل السيد نوري المالكي على الاعلام مانعا أي مسؤول(الا وزير التربية!!!) من زيارة السجون وانا اتسائل اليس واجبا على مجلس الرئاسة ان يسهروا على تنفيذ الدستور؟؟؟ وهي ضمن صلاحياتهم الدستورية؟؟ اليس الدستور مخترقا في المعتقلات؟؟ ارى ان من الواجب، بل الفرض على مجلس الرئاسة ان يقفوا حقيقة على الخرق الفاضح في المعتقلات والسجون. فهم ليسوا متفضلين على احد بل واجب عليهم زيارة المعتقلات، ولا اعلم على أي بند من الدستور استند المالكي لمنعه هذا؟؟؟؟.

 لم اكتب مقالتي هذه حقيقة لاتهم السيد المالكي في شيء ابدا بل عكس من ذلك فالرجل انصف مجلس الرئاسة هذه المرة، وابدى رأيه صريحا واضحا للعلن يعترف ان بامكان مجلس الرئاسة ان يوقف عمل البرلمان ويتدخل فيه ويوقف مشروع أي قانون لا يستهويه، وبذلك يكون السيد المالكي قد نسف كليا ما قالته السيدة ريس حول صلاحياتهم التشريفية، فالدستور اعطاهم الحق بنقض أي مشروع قانون!!!مهما كان هذا القانون ولا رادع للامر لانها صلاحيات دستورية، فلماذا يعترض السيد رئيس الوزراء على نقضها ويتهم الهاشمي بالعرقلة، او يصفه سامي العسكري بالدكتاتور؟؟ وهو حقه الدستوري؟؟.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com