تحضرني قصة طريفة حدثت في منطقة سكني  أثناء فترة التسعينيات وفي شدة الحصار الاقتصادي على العراق، هذه القصة ذكرتني بقضية العلم العراقي وأنا أطالع خبر تغييره والأسباب الموجبة لذلك وردود الأفعال المتباينة.

 فقد قام  احد الأشخاص بدعوة عددا من أقربائه لتناول طعام الغداء، وكان بين المدعوين رجل على درجة كبيرة من الطرافة والذكاء لدرجة  أن كلماته وأقواله بقيت بعد وفاته - رحمه الله - مثلا في التندر. وعندما جلسوا في غرفة الاستقبال ببيت صاحب الدعوة وكان قد بناه على النمط الغربي الغير مألوف في مناطقنا سأل الرجل  الطريف صاحب البيت عن غرفة غير مألوفة له مفتوحة على غرفة الاستقبال فقال له: "ما هذه الغرفة؟

أجابه: "إنها تسمى غرفة الطعام "فرد عليه بتهكم وسخرية ممزوجتين بالغضب :"ليأخذك عزرائيل ، أين هو الطعام؟... اجلب لنا الطعام وسنأكله في تلك الأرض المحروثة"، وكانت بجوار البيت قطعة ارض محروثة فانطلق الحضور بضحك متواصل لكنه كالبكاء بسبب المرارة التي خلفها الحصار على الناس ولا يزالوا   يتذكروا تلك الحادثة .

 واليوم تتكرر الحادثة بشأن العلم العراقي ، فقد أعطى العديد من المواطنين العراقيين والعرب من مختلف المستويات الثقافية موضوع تغيير العلم العراقي مساحة اكبر من حجمه ، وذلك لما يحملون من مشاعر وطنية وقومية ممزوجة بمشاعر الألم والحزن على حال العراق اليوم وما يمثله العلم السابق من معاني ويجسد لهم من قيم . 

ونحن لسنا بأقل منهم اهتماما بهذا الموضوع، إلا أننا نعتقد أن الوقت غير مناسب لإعطائه هذه المساحة من الاهتمام دون جدوى وبلا أسباب ، فنحن  وقبل كل شيء يجب أن نعلم أن العلم يرمز لمعاني وقيم مقدسة في مقدمتها الحرية والاستقلال والسيادة ، واليوم نعيش ظروفا أخرى لا تصلح لرفع علم يعبر عن تلك القيم والمعاني كما نتمنى ولذلك فإننا كمواطنين يجب أن ندع هذا الشأن لأهله وندعهم يرفعوا ما يشائون من أعلام تتفق مع المرحلة. وعندما تتحقق الظروف والأوضاع التي تستحق رفع  العلم ، حينها علينا أن نفكر بشكل العلم وألوانه مع انه لا يهم حينها على أي شكل أو لون يكون، فالمهم أن يكون البلد كما نحب أن يكون مستقلا وحرا وذا سيادة كاملة غير منقوصة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com