|
أولا: الى موكب العباسية في كربلاء مع الود والإكبار على الرغم من أن الموضوع قد يكون متأخرا لمرور أكثر من أسبوع على العاشر من محرم , إذ تواردت إلي الأخبار متأخرة لصعوبة الاتصال بالأهل والرغبة في معرفة الردات الحسينية لموكب العباسية في مدينة كربلاء في عاشوراء هذا العام باعتبار أن الأشعار التي يعتمد عليها موكب العزاء هذا تؤخذ من نبض الشارع وتحدد المشاكل الآنية بدقة. أود أن أسجل ودي واحترامي لموكب شباب العباسية, وهو كما عودنا ينطلق بردات حسينية تفوق في تأثيرها ما يكتبه الإعلاميون ويطلقه السياسيون من شعارات , وما تكتبه الأحزاب من بيانات, إنها تصب في مجرى معاناة العراقي البسيط وتسلط الضوء على همومه بطريقة تنبع من إحساس صادق مجرد من الدعاية والتطبيل, فمحاور الشكاوى تنصب على الحصة التموينية , وعلى سرقة النفط وعلى حال المعلمين, عرّوا المنافقين من المتاجرين بالدين الذين يكوون جباههم بالنار ولعلها المكواة ليتظاهروا بالأيمان ويخدعوا البسطاء وحتى يقال عليهم (سيماهم في وجوههم من أثر السجود), فهذا الموكب الذي عرف بوطنيته وقدرته على الاستقطاب وحيازته إعجاب الزوار الذين ينتظرون ساعات حتى يستمعوا إليه يلاحقونه بأجهزة التسجيل ليس اليوم بل من سنوات طويلة لا زال بريقه وعنفوانه المستمد من الحس الوطني الذي يمتلكه أبناء هذا الحي العريق في كربلاء المقدسة. لقد حول هذا الموكب عواطف الجماهير من مجرد اللطم والبكاء وجلد الذات الى تظاهرة يعبر فيها الشارع عن معاناته وهمومه ورفضه للظواهر السلبية فاختلط الزائرون المتفرجون بأصحاب الموكب فالقضية قد لامست عقولهم وقلوبهم . إن ماتركه شعراء هذا الموكب من تراث غني هو تدوين لتاريخ العراق الحديث بانتصاراته وهزائمه وتحدياته .كما أن مساهمة الشخصيات التي لها تاريخا نضاليا مشرفا قد أضافت لهذا الموكب هيبة فبقي متفردا بين المواكب الحسينية كل الود والحب لشعراء وأبناء موكب العباسية . وردة على قبورمن كان يتصدر هذا العزاء من الوطنيين المناضلين حسن عبد الأمير , علي الشبيبي ووالدي وغيرهم . مقترحات من ابنة هذا الموكب لعاشوراء المقبل - أن تدرج قضية المرأة ومعاناتها وما تتعرض له من أذى يصل حد إزهاق الروح من قوى التخلف والظلام . - أن تلغى كراد يس اللاطمين من الموكب والاكتفاء بالمرددين (كما كان يظهر موكب عزاء الطلاب سابقا في الستينات) فهو تمييز للموكب عن بقية المواكب وإبراز دوره التعبوي والتربوي أكثر فيكون مثالا يحتذى لتخليص هذه المناسبة الجليلة من الصوات والطم والعواطف المنفلتة.
ثانيا : عاشوراء واستعراض النفوذ والقوة: أعداد غفيرة من الجماهير التي تشكل المواكب الحسينية في مدينة بغداد تتقاطر على مجلس السيد عبد العزيز الحكيم معبرة عن ولائها وتأييدها له , صور للسيد نفسه وصور عائلته الوالد سيد محسن الحكيم والسيد باقر الحكيم وبيارق وأعلام وهتافات تنادي بالبيعة والجدارة له دون غيره في حمل اللواء (لواء الزعامة) والسيد تفصله شاشة من الزجاج لاأدري هل هي شاشة تمنع عنه التلوث كحماية له من الأمراض كالأنفلونزا باعتبار أن وضعه الصحي لايسمح بالإصابة بمثل هذه الأمراض , أ و لعله واق من الرصاص لحمايته من الاغتيال منذ السقوط وهذا المشهد المتكرر سنويا وفي كل عاشوراء وليس الشارع فقط هو الذي يقدم واجب العزاء بل كذلك السياسيون والحكومة المتمثلة برئيس الوزراء والسادة الوزراء . إن تكرار هذا المشهد والتجمهر بالآلاف يعيد الى الأذهان المقبور صدام والتجمعات المليونية التي يبتكرها يوميا لينتشي بهتافات المغلوبين على أمرهم الزاعقين بتمجيده .والداعين بطول العمر والمبايعين له كزعيم للأمة مدى الحياة . الصورة نفسها هي هي مع تعديلات بسطة تتعلق بالمظهر العام والخطاب فعوضا عن الأزياء المتناقضة التي كان يرتديها الدكتاتور الأسبق من العقال والصد يري الى رداء الجنرالات مرورا بملابس الصيد ورعاة البقر. والتغني بأمجاد يعرب الى عمامة وعباءة ومسبحة ونظرة تشع إيمانا وطيبة وتستعيض عن الرغبة الدنيونية في خطاباتها بالحياة الآخرة وحب آل البيت المجرد والزهد من الحياة الفانية . وطننا اليوم معرض الى صناعة دكتاتوريين من كل صنف ولون وأخطرها الصنف المخفي الذي يستغل الدين والعقيدة والحس العفوي للناس . هذا الصنف الذي لاتستطيع المساس به باعتباره من المقدسات والاقتراب منه يجعلك قريبا من الإقصاء ويحكم عليك بالخروج عن الدين , والشواهد كثيرة فما يعصف في مدن الجنوب من أحداث غامضة وظهور مرسلين وحجج وأعلام تجعل البسطاء من الناس يقلبون أيديهم ويفكرون وراء من سنسير ومن هو دكتاتوري المفضل !! تحذير!! أرى من واجب القوى الوطنية المخلصة والأقلام الشريفة أن تتوقف عنده وتكشف الحقائق التي تميز الدين عن السياسة وتعري من يستغل الدين لأغراض سياسية أقلها كسب صوت الناخب في الانتخابات القادمة . بمناسبة عاشوراء المخابرات العراقية تقيم مأدبة غداء في مدينة الصدر : خبر صحفي مصور نقلته إحدى الفضائيات العراقية عن قيام المخابرات بإقامة مأدبة غداء على شرف مناسبة العاشر من محرم . صور الموائد المصفوفة والسرادقات ووجوه جامدة خالية من التعبيرات والأحاسيس . بالنسبة للبعض قد يكون الأمر عاديا, أما بالنسبة لي وللكثيرين ممن مروا بأقبية الأمن والمخابرات وأقيمت لهم حفلات في دهاليزها وخبروا أخلاق رجالاتها المتجردين من كل المثل والأعراف الإنسانية , والتحلل من كل الروابط حتى الأسرية والتنفيذ الأعمى لأوامر تصدر إليهم , ليس مهما من يكون الضحية وليس معنيا بتقاسيم الوجه وتعابير الألم بل سوط ينزل بحقد هو حقد مستعار من جلاد يرتدي ملابس أنيقة ويجلس خلف مكتب ويتخفى ببسمة رقيقة , نظيف اليدين طاهر الذيل , غالبا ماكان هؤلاء الجلادون أو لنسمهم الأيادي تختفي خلف أقنعة لأن الضحية لايمكنها النسيان تبقى تتذكر حتى وإن فارقت الحياة تبقى صورة القاتل ملتصقة في إنسان كشهادة حية ودليل إثبات الجريمة . أما اليوم وفي ظل ظروف الصراع الحاد الذي يصل الى مستوى الدموية وعلامات الاستفهام التي توجه الى رجال الأمن والمخابرات المتنوعة والمتعددة في تبعيتها تشير الى تورطهم باختراق بنود لائحة حقوق الإنسان والتعذيب وسلخ الجلود الذي يظهر إعلاميا كفضائح لممارسات الأجهزة الأمنية والمخابراتية لايمكن أن نصدق بتسويق رجال المخابرات لنا كأناس عاديين يمكنهم أن يشعروا بالألم ولديهم عواطف إنسانية ومبادئ وقيم ويستذكروا مصيبة الحسين وثورته المبنية على القيم الإنسانية النبيلة خاصة وأنه ماتزال نفس المقاييس تتبع في الاختيار لهذه العناصر أساس الولاء للحزب أو الطائفة ودون أن ترافقها الكفاءة والتدريب العالي على أسس علمية يدرس فيها المخبر أو الأمين مبادئ التعامل الإنساني وفق المقاييس التي تقرها لائحة حقوق الإنسان المقرة دوليا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |