(1-2)

 كاتب هذه السطور ليس ممن يحبون المشاركة في سجالات وتبادل ردود حول أي موضوع من المواضيع المتداولة في الإعلام بمختلف أنواعه،والالكتروني منه على وجه الخصوص، فضلا عن أن يتدخل في سجال بين الآخرين.

 هذه ملاحظة أولى ضرورية قبل الدخول في صلب الموضوع ، وملاحظة ثانية هي أنه لا يعرف السيد د. عبد الله مجاهد العبد الله ولا يُظن أنه يعرفه أيضا، وإن كان الطرف الآخر في السجال وهو السيد غالب الشابندر معروفا له، ومن المؤمل أن لا تؤثر هذه المعرفة في موضوعية هذه السطور بصدد السجال القائم حاليا بينهما، لأن المهمة المطلوبة ليست تأييد أي من المتساجلين ، بقدر إيفاء الموضوع المهم شيئاً من حقه على الجميع..!!

 تصدى السيد العبد الله مرتين في مقالتين نشرتا على الشبكة الالكترونية.. مرة للرد على السيد الشابندر صراحة وبدون مواربة وبالاسم، ومرة آخرى للرد على مقالة كتبها السيد د. فخري مشكور على موقع "وسط أونلاين" تحت عنوان " المشغولون بالأهم" ولكن دون أن يشير إلى اسمه أو مقالته.

 وجوهر الموضوع هو المطالبة بحقوق الشهداء وعوائلهم ، أولئك الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم دفاعا عن العراق وأهله وعن المبادىء والقيم، وهؤلاء الذين عانوا الأمرين من الطغيان و المطاردة والحرمان من الحقوق وربما السجن والنفي والهجرة أيضا..على أيدي جلاوزة النظام الصدامي.

 وحين طويت صفحة ذلك النظام ( أو هكذا يُظن...!) لم يلمس أحد بشكل واضح وصريح أي اهتمام أو تقدير أو تكريم سواء للشهداء وذكراهم بما يليق بتضحياتهم العظيمة، أو لعوائلهم بما يرفع عن كواهلهم مخلفات الظلم و الاضطهاد والمطاردة عنهم..!! وتلك حقيقة بارزة لكل ذي عقل ونظر وإحساس بالمسؤولية الشرعية والوطنية ، وتبدو المكابرة في إنكارها أو محاولة تلطيفها أو تبريرها أمراً مخالفاً للموضوعية وللصدق والحقيقة.

 يشمّر السيد العبد الله عن ساعد جد قلمه للدفاع عن الحكومة ومشاريعها وقوانينها، حتى تلك التي لا يعلمُ بها أحد.! كمؤسسة الشهيد ، التي وباعترافه لا يعلم بها كثير من الكتاب والإعلاميين... (كذا..!!) وهنا ستبرز علامة استفهام صارخة وكبيرة... كيف سيعلم بها البسطاء من أبناء شعبنا العراقي ومعظم – ان لم نقل كل – عوائل شهدائنا منهم..؟! وكيف سيصلون إليها للحصول على حقوقهم...؟!

 ورغم مجهولية الغاية التي دفعت السيد العبد الله إلى ردوده تلك..وهل هي تنفيذاً لواجب وظيفي كُلف به؟! أم شعوراً منه بالمسؤولية الشرعية والوطنية للدفاع عن الحكومة الشرعية المنتخبة من قبل الشعب العراقي ، ضدّ من يَعتقدُ (خطأٌ..!) أنهم يحاولون الإساءة بشكل من الأشكال إلى تلك الحكومة..؟! فلا بد من إلفات نظر السيد العبد الله إلى أنه ليس هناك من تلازم منطقي ولا موضوعي بين النقد والعدواة، بل ربما العكس هو الأكثر دقةً، فلا ينطلق النقد الصادق والمخلص إلا من محبة وحرص واهتمام..!! أليس في مأثورنا الديني "رحم الله من أهدى إليّ عيوبي" و "المؤمن مِرآة أخيه المؤمن" بل وصلت العرب إلى أكثر من ذلك في قولها "صفعة الناصح خير من قبلة الغاش"...؟! فليس ضروريا أن يكون المدافع وظيفيا أو تطوعيا أكثر إخلاصا من الناقد الموضوعي..!! كما أنه ليس هناك تلازم منطقي أو موضوعي بين الدفاع أو النقد وبين الخندق الذي ينطلق منه ذلك الدفاع أو النقد...ولا بأس من تذكير السيد العبد الله أن السيد الشابندر و السيد مشكور يقفان في نفس الخندق الذي يقف فيه هو..

 في احترام الحكومة وتقديرها والحرص عليها للوصول بها إلى أقصى درجات التطابق والتماهي مع مطالب شعبنا العراقي المضطهد وبالخصوص تلك الشرائح التي عانت ما عانت من ظلم وقسوة وسطوة النظام الصدامي ، وجدير بالذكر أن عوائل الشهداء تقف على رأس هؤلاء جميعا..!!

 كما لابد من تنبيه السيد العبد الله ان استخدامه لتعبير "المتاجرة بعوائل الشهداء" لم يكن موفقا ولا يليق به استخدامه!! فليس كل ناقد متاجراً..! و بالخصوص من أمثال السيد الشابندر أو السيد مشكور وهم من جملة جيل كامل من شعبنا العراقي قدم ما يستيطع وضحى بما يملك وحُورب وعُذب وطُورد ونُفي من وطنه..وخسر كل شيء إلا إيمانه بالله والعمل في سبيله لتخليص العراق من جاهلية البعث الصدامي وكوارثه التي أحرقت الحرث والنسل في العراق... ثم لم يحصلوا حتى أبسط حقوقهم في حكومة ما بعد صدام والتي يدافعون عنها بالنقد والتوجيه وطلب الاهتمام بالشعب وقضاياه، تماما كما يُدافع السيد العبد الله عن الحكومة – وظيفياً أو تطوعيا – بالردود المستميتة والدفاع حتى عن الأخطاء..!! وهذا ليس دفاعا عن شخصين أو عدة أشخاص موضوع السجال الدائر الآن..بل دفاع عن جيل كامل لا يزال مستوطنا المنافي المختلفة رغم سقوط جلادهم وطاغيتهم الذي كان سببا في نفيهم بعيدا عن الوطن..!!

 هذا سؤال كبير آخر يُضاف إلى سؤال الشهداء وعوائلهم..؟! ولا حاجة لإجابة أو رد أو دفاع..!!

 مع شديد الإعتذار..وللحديث بقية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com