إن التراجع اليومي المستمروالمخيف للأوضاع الأمنية وغياب التنظيم القانوني للمجتمع, فقدان السمة الحضارية للمجتمع العراقي وانهدام بنيته التحتية والفوقية بعد مرور خمس سنوات على سقوط أشرس نظام دكتاتوري ووقوع العراق تحت الاحتلال ، تفاقم الأوضاع المأساوية في العراق ، خلق ورسخ أسباب النظرة التشاؤمية عند الكثير من المختصين والسياسيين والخبراء في إمكانية تحسن الأوضاع في العراق,خاصة وضع المرأة.

يعيش الشعب العراقي ألان في أجواء من الفقر وأوضاع معيشية واقتصادية مزرية ، وانعدام الخدمات الاجتماعية والصحية والحرمان من ابسط الحقوق البدائية للحياة، الانفلات الأمني الفظيع، صراع القوى والأحزاب السياسية الطائفية والقومية والاثنية، حيث أصبحت العصابات والميليشيات هي الحاكمة الحقيقية في شوارع المدن العراقية دون أي رقيب . تتعرض الأقليات الدينية لحملات القتل والترهيب وإحراق الكنائس وتفجيرها في كثير من المدن العراقية.

إن ما نسمعه ونقرأه ونشاهده يوميا في الصحافة العالمية والمحلية والقنوات الفضائية، تحليلات الكتاب والكاتبات والصحفيين المحليين يدعونا إلى رفع الأصوات عاليا ضد المأساة التي يعيشها الشعب العراقي.

أوضاع المرأة

الأكثر مأساويا وعارا للبشرية ما تعانيه المرأة العراقية من اضطهاد وظلم وتميز يومي داخل الأسرة والمجتمع على كافة الاصعدة ، فتراجع دور ومسيرة نضال المرأة إلى الوراء بشكل كبير يشكل احد ملامح المجتمع العراقي الحالي، حيث تتعرض المرأة إلى القتل والخطف والإهانة والاغتصاب اليومي ، مما يؤدي إلى تقليص فرصها في التحصيل الدراسي والمهني ومساهمتها الطبيعية كانسان في الحياة اليومية، ومن ثم ابتعادها عن المشاركة والانخراط في مسيرة تقدم المجتمع, وما لحق بشخصية المرأة في معظم مدن وبشكل خاص مدينتي البصرة والعمارة على أيدي قوى الظلام والقتل وفي وضح النهار يشهد على هذه الوضع المأساوي.

لقد اختفت مظاهر التمدن والحضارة وذلك بفرض الحجاب وتهديد النساء غير المحجبات بالقتل والعنف من قبل فصائل مسلحة، كما تفشت ظاهرة البغاء في معظم مدن العراق وخاصة الجنوبية تحت اسم زواج المتعة وبمباركة رجال الدين وفتا ويهم الرجعية, وحسب تقارير صادرة من منظمة العفوالدولية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية أن المرأة العراقية تتعرض داخل السجون العراقية إلى اعتداءات جنسية وعمليات الاغتصاب من قبل السلطات العراقية والقوات الأمريكية أيضا.

ابرز الانتهاكات القانونية التي فرضت على المرأة العراقية بعد سقوط النظام الفاشي واحتلال العراق

- مشروع القرار الرجعي رقم 137 الذي اقترح من قبل مجلس الحكم بتاريخ 29ـ12ـ 2003 من قبل عبد العزيز الحكيم رئيس مجلس الحكم آنذاك والداعي إلى إلغاء قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959, وفرض الشريعة الإسلامية في قضايا الزواج،الطلاق النفقة،......الخ.

- الكثير من بنود الدستور العراقي المتعلقة بحقوق المرأة العراقية ومنها المادة السادسة والتي تنص على (تكفل الدولة الحقوق الأساسية للمرأة ومساواتها مع الرجل في الميادين كافة طبقا لإحكام الشريعة الإسلامية وتساعدها على التوفيق بين واجباتها نحوالأسرة وعملها في المجتمع).

- تغيير تاريخ اليوم العالمي للمرأة بيوم ولادة فاطمة الزهراء (ابنة محمد نبي المسلمين وزوجة علي بن آبي طالب) من قبل مجلس الحكم الانتقالي.

-عدم منح جواز السفر للمرأة العراقية بدون موافقة ولي الأمر من قبل وزارة الداخلية العراقية.

- العشرات من القرارات الإدارية والتي تحد من دور المرأة في الدوائر الحكومية وتفرض عليها نوع معيين من الملابس والتصرفات.

- ....... الخ

حملة الحوار المتمدن من أجل العمل المشترك بين القوي اليسارية والعلمانية التقدمية

أن الحملة التي دعا إليها " الحوار المتمدن" قبل أكثر من سنتين للعمل المشترك بين جميع القوى اليسارية والعلمانية التقدمية وأي جهة تعمل على بناء مجتمع مدني بعيدا عن التعصب الطائفي والقومي،مجتمع يحترم حقوق الإنسان ووحق المواطنة في مساواة تامة على أسس إنسانية لأي مواطن بغض النظر عن توجهه السياسي وانتمائه الديني والقومي .

إنها مسؤولية تاريخية الان وتقع على عاتق جميع تلك القوى لطرح وتحقيق البديل الآخر لقوات الاحتلال والحركات الإسلامية والقومية ،بديل متحضر يليق بشعب عانى أكثر من أربعة عقود من الدكتاتورية والحروب الدامية والحصار الاقتصادي.

ومنذ دعوة الحوار المتمدن تلك لم تلعب الشخصيات النسوية دورا متميزا في تقوية تلك الاتجاهات وعملها المشترك من اجل تعزيز قضية حقوق المرأة ومساواتها، عدا عدد محدود جدا منهن، ما أرى فيه قصورا ونقصا كبيرا وعكس ان السياسة والأحزاب وقراراتها وقيادتها شأن رجولي ، ومن هنا أدعوالشخصيات النسائية الناشطة إلى تفعيل دورها والمشاركة الفعالة ومطالبة الأحزاب والقوى السياسية بالعمل معا من اجل بناء مجتمع مدني علماني . ومن الواضح أن قضية المرأة لا تقتصر على النساء فقط وهي ليست قضية اجتماعية فحسب, بل أنها أهم قضية سياسية أساسية ومهمة من قضايا المجتمع الذي تتجاوز نسبة النساء فيه 60%.

اقرأ- المزيد

http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=36

تشتت اليسار والقوى العلمانية يؤدي إلى تشتت المنظمات النسائية التحررية

بالإضافة الى الأوضاع السياسية في العراق وسيادة الاستبداد لعقود وغياب ثقافة المجتمع المدني واليات عمل المنظمات الجماهيرية المستقلة، فأن تشتت قوى اليسار وعدم التوجه إلى العمل المشترك سوف يفسح المجال لقوى الاحتلال وقوى الظلام والحركات الإسلامية التي لا تفهم أية لغة متمدنة وحضارية سوى لغة القتل والذبح وتقطيع الإنسان إلى أشلاء، والتفجيرات الانتحارية وزرع روح الرعب والخوف وبث روح التعصب الديني والقومي والطائفي . ومن الواضح جدا انعكاس تشتت القوى اليسارية وصراعاتها على حركة المطالبة بحقوق المرأة ومساواتها بحيث أدخلت وحشرت المرأة المنتمية لتلك الأحزاب والمنظمات النسائية التابعة لها في صراعات سياسية تنظيمية معلنة وغير معلنة مع الأحزاب اليسارية والمنظمات النسائية الأخرى والتي بشكل عام هي انعكاس لسيطرة الفكر الرجولي المتعصب مهما كانت يساريتها. وهذه السياسات الغير ناضجة هي احد الأسباب الرئيسية في تشتت الحركة النسائية وضعفها، حيث كان الصراع بينهن على الاتجاهات الحزبية التي ينتمون إليها واضحا وكبيرا وضعف التوجه للعمل المشترك بين تلك المنظمات وخاصة لمعظمها سياسات متقاربة ومشتركة وتجمعها القناعة والعمل وفقا لقيم اليسار والاتفاقيات الدولية حول حقوق المرأة ومساواتها.

العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية التقدمية وبين المنظمات النسوية

العمل المشترك بين تلك القوى اليسارية والعلمانية التقدمية وبما فيها منظمات حقوق الإنسان والمنظمات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة ومكتسباتها ، والمنظمات والحركات العمالية وكذلك جميع منظمات المجتمع المدني هي الضمان لقلب توازن القوى لصالح بناء دولة عراقية مدنية يضمن الحقوق المتساوية للجميع.. إن تقوية القوى اليسارية والتقدمية والعلمانية والنسوية يضمن تقدم وتطور مسيرة المرأة وصراعها من اجل المساواة،ويؤدي إلى إمكانية فرض مطالبها وتحقيق إصلاحات ومكتسبات كبيرة لها،وفرض دستور مدني وحضاري بعيد عن النزعات القومية والدنية والطائفية.

إن تغيير توازن القوى لصالح التمدن والتحضر يؤدي إلى رفع وعي المجتمع لاحترام حقوق المرأة والعمل على إلغاء القوانين الرجعية البالية التي تتناقض مع روح العصر.

والجميع شاهد على دور القوى والجهات اليسارية والتقدمية والعلمانية والحركات النسوية للدفاع عن حقوق المرأة ومطالبيها ومساواتها الكاملة ودعم وتنظيم المظاهرات والاحتجاجات ضد جميع القرارات والانتهاكات التي جاء التذكير بها سابقا ضد المرأة .

فلتتعامل القوى والجهات اليسارية والتقدمية،العلمانية بمسؤولية اكبر تجاه الأوضاع في العراق وتركز على النقاط المشتركة المتعلقة ببناء مجتمع مدني وحضاري يضمن المساواة الكاملة للمرأة في كافة المجالات،سيادة قانون متمدن،احترام حقوق الإنسان،احترام الأقليات, تقليص دور الحركات والاتجاهات الإرهابية،تشجيع عمل منظمات المجتمع المدني،تقبل الرأي الآخر والابتعاد عن روح الفكر الشمولي والتعصب الأيدلوجي الذي يحتكر الحقيقة المطلقة ويرفض الأخر.

من الضروري جدا أن تعمل المنظمات النسوية أيضا داخل العراق معا من اجل صياغة برنامج عمل مشترك بعيدا عن برامج الأحزاب السياسية والتي لنا تجارب كبيرة معها في استخدام قضية المرأة لأجندتها السياسية وحتى تواجدها الشخصي لصالحها، والتي يقودها بشكل عام العنصر والفكر الرجولي ودورهم الشبه المطلق في صنع القرار .

على تلك المنظمات النسوية الابتعاد عن روح التشتت والعمل الانفرادي، بل التماسك والاتحاد والتمحور على الحقوق القانونية والمدنية للمرأة، المطالبة بزيادة نسبة التمثيل النسائي في البرلمان العراقي، رفع دور المراة في مواقع صنع القرار،التوعية السياسية للمرأة لتمكين قدراتها على المشاركة الفعالة في الساحة السياسية، تغير قوانين الأحوال الشخصية وفرض ذلك على الجهات الرسمية، ولابد من الضغط وجر الأحزاب اليسارية والعلمانية التقدمية إلى تبني قضية المرأة بشكل اكبر وترسيخ والحفاظ على استقلالية المنظمات والاتحادات النسائية .

العمل المشترك بين المنظمات النسوية من الممكن أن يستند إلى أسس ومقررات المواثيق العالمية لحماية حقوق المرأة والتي اعتقد إنها لابد أن تنعكس في الدستور والقوانين العراقية

مثلا:

إعلان القضاء علي التمييز ضد المرأة

http://www.pcwesr.org/ar/show.art.asp?aid=27140

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

http://www.pcwesr.org/ar/show.art.asp?aid=404

إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة

http://www.pcwesr.org/ar/show.art.asp?aid=5930

اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة

http://www.pcwesr.org/ar/show.art.asp?aid=403

النساء لا زلن يواجهن انخفاض الأجور والتفرقة في مجال العمل

http://www.pcwesr.org/ar/show.art.asp?aid=16390

اليوم الدولي للمرأة

http://www.un.org/depts/dhl/dhlara/womenday/index.html

إن الشعب العراقي بشكل عام والمرأة بشكل خاص في حاجة ماسة إلى بديل إنساني آخر, يدعمه في أن يقرر مصيره، ويحدد مسيرته التاريخية المستقبلية، ويتحرر من لعب الأدوار الهامشية، ومن تلاعب سلطات الاحتلال والجهات والقوى السياسية الطائفية والقومية والرجعية بمصيره ومستقبله وكرامته الإنسانية ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com