|
البعث وشباط الأسود ... والقطار الأمريكي ..! هادي فريد التكريتي/ عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد على الرغم من قصر ساعات أيام شباط، وقلة أيامه عمرًا، مقارنة بأشهر السنة المختلفة، إلا إنه من أثقل الأيام واشدها حزنًا وبؤسَا،على الشعب العراقي، ففي14 شباط من العام 1949، أقدم النظام الملكي العميل، بتحريض من الدوائر الاستعمارية البريطانية، على إعدام ثلاثة، من أصلب رموز قادة الحركة الوطنية العراقية، المتمثلة بقيادة الحزب الشيوعي العراقي، فهد وصارم وحازم، للبدء بتصفية مكاسب وثبة كانون في العام 1948، التي ألغت معاهدة بورت سموث، ولتمرير اتفاقيات لتصفية القضية الفلسطينية المبرمة، بين الملك عبدالله بن الحسين، والحكومة الإسرائيلية ... لن نـأتي بجديد إن قلنا، كل المشانق والإعدامات، التي نفذتها الحكومات العراقية، قبل و بعد ثورة 14 تموز الوطنية،هي حكومات عميلة للأجنبي، نُفذت بأمر ومشيئة الحكومة البريطانية أو الأمريكية، وهذا التشخيص دلل عليه واقع الحكم الملكي، والمعاهدتان 1922و1930 التي أبرمتهما بريطانية مع الحكم الملكي،وبموجبهما تم استباحة الأراضي العراقية، وسُلبت حرية الشعب، ونُهبت خيرات الوطن وثرواته، وكبلتا الشعب بقيودهما الثقيلة والمجحفة، فالمعاهدتان تنطقان بتفاصيل عبودية وخنوع حكام النظام الملكي، للمستعمرين الإنكليز ..( فليراجع بنودهما وملاحقهما، كل من كان عنده شك بما نقول )..! و8 شباط من العام 1963 يوم آخر من أيام الشهر الكريه " شباط الأسود "، تحالفت فيه قوى غير متجانسة، قوميون عرب ـ عنصريون، وبعثيون عفالقة، وزمر من إسلام ـ سياسي طائفي، بنوعيه،آلفت المخابرات ألـ CIA الأمريكية، فيما بينهم، ونسقت مع، بعض من قوى، غير عربية، مشكلة من الجميع، جبهة رجعية واسعة، لإسقاط حكومة ثورة 14 تموز، تحت شعار أمريكي المحتوى والدلالة " يا أعداء ثورة 14 تموز، ويا أعداء الشيوعية، اتحدوا"، هذا التحالف الرجعي صادف نجاحا، عندما تحقق للانقلابيين، في 8 شباط، اغتيال ثورة 14تموز الوطنية،واستشهاد أغلب قادتها، المتمثلة بعبد الكريم قاسم ووصفي طاهر وماجد محمد أمين وفاضل عباس المهداوي وجلال الأوقاتي، وغيرهم المئات من المقاومين لهذه المؤامرة، من العسكريين والمدنيين، وعند اشتداد المقاومة الوطنية والشعبية لهذا الإتقلاب الفاشي، أصدر الحاكم العسكري العام رشيد مصلح التكريتي (*الصباغ) البيان رقم 13، سيئ السمعة والصيت، وبموجب هذا البيان تم استباحة دماء كافة العراقيين، تحت واجهة " إبادة الشيوعيين " حيث تم قتل واغتيال آلاف الوطنيين، من النساء والرجال العراقيين، دون تمييز، كما تم اعتقال الآلاف من المواطنين والمواطنات، في معتقلات كثيرة ومتنوعة، أشهرها معتقل رقم واحد، في معسكر الرشيد، ومعتقل قصر النهاية، حيث كان مسلخا بشريا حقيقيا، لتعذيب وقتل المئات من قيادة وكوادر الحزب الشيوعي العراقي، اُرتكبت فيه، أفظع الجرائم وأقبحها، تمثل فيها الحقد الشوفيني البغيض، على الشيوعيين وعلى كل الوطنيين، عندما أقدم الفاشست،من القادة البعثيين، على التمثيل بجسد الشهيد الوطني، والبطل الخالد، قائد الحزب الشيوعي، سلام عادل( حسين أحمد ألرضي) وتقطيع أوصاله،عضوا، عضوا، قبل أن يفارق الحياة، وبمثل هذا الأسلوب البشع، تم اغتيال الكثير من قادة الحزب الشيوعي وكوادره وأصدقائه، تحت التعذيب .. ارتباط قوى 8 شباط "الأسود" بالمخابرات الأمريكية، ليس إدعاءً ندعيه، كما هو ليس من عندياتنا، فأمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الإشتراكي في العراق، على صالح السعدي، أعلن عشية انقلاب تشرين في العام 1963، قائلاً :" جئنا إلى السلطة ( في 8شباط 1963)بقطار أمريكي " ومثل هذا ما اعترف به، طالب شبيب وزير خارجيتهم، كما قاله قادة آخرين في حزب البعث..ودليل مادي آخر، ربما لا زالت تحتفظ به وزارة الدفاع في أرشيفها، وأرشيف الضباط المحالين على التقاعد في 9 شباط 1963، ما يسمى بـ " قائمة السفير " وهي قائمة الضباط المحالين على التقاعد، التي حملها سفير الولايات المتحدة الأمريكية، وقدمها لمجلس قيادة الثورة، والتي صدرت في 9 شباط 1963، وأُطلق عليها آنذاك " قائمة السفير"الأمريكي، وهذا دليل على قدم وعمق علاقة حزب البعث بأمريكا، وأمريكا هي من جاءت بهذا الحزب مرة أخرى إلى السلطة في العام 1968، بعد أن جدد قيادته على الصورة والهيئة التي حكم بها البكر ومن بعده صدام،وبما يتلائم وأهدافها في العراق والمنطقة، حيث نفذ لها الكثير من المهام نيابة عنها في المنطقة، إلا أنها عملت على إضعاف وزوال حكم البعث، لأسباب كثيرة، بعد أن وجدت أنها قادرة على تغيير خريطة الشرق الأوسط،وفق مخططاتها الهادفة للسيطرة على المنطقة، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، فاحتلالها العسكري للعراق، لم يكن مؤقتاً، وليس لمساعدة الشعب العراقي على قيام حكم ديموقراطي، وليس، كما تدعي، لإقامة أنظمة ديموقراطية في المنطقة،بل لإقامة منظومة دول تابعة،تحقق لها بقاءً دائما في المنطقة، والعراق هو ما بدأت به، ولن تسحب منه قواتها، باي شكل من الأشكال، حتى وإن تحسن الوضع الأمني، رغم المعارضة المصطنعة التي تبديها قوى عراقية وأمريكية، ضد سياسة الرئيس بوش، ومطالبتهم إياه بسحب قواته من العراق .. الزيارة الأخيرة التي قام بها بوش للمنطقة، ألهبت وأججت الصراع بين القوى اللبنانية المتنازعة، كما أفسحت في المجال لإسرائيل بفرض الحصار على قطاع غزة، وتكثيف غاراتها على قوات حماس، وإسرائيل، زادت من تعنتها في مواقفها التفاوضية مع الرئيس الفلسطيني، عباس، وبعد إقامة بوش بعض أيام في ضيافة الملك عبدالله، في الرياض، " خطفت رجلها " كونداليزارايس إلى العراق، واجتمعت بساسة سياسيين من عرب وكرد وتركمان، ورجال صحوة، في بغداد وكركوك، إلا انه بعد عودتها، إزدادت تفجيرات الإرهابيين،في كربلاء وفي بغداد وديالى وكركوك والموصل، إلا أن أشدها وأعنفها كان في بغداد، سوق الغزل، وأحد أسوا ق بغداد الجديدة، وحتى في الجوامع، ذهب ضحيتها المئات من القتلى والجرحى، بعد الإنفجار مباشرة، كثرت التصريحات عن القائمين بالعملميات،وتشخيص هوياتهم، فوزيرة الخارجية، كونداليزارايس، علنت، وفي وقت واحد تساوقت معها تصريحات،لعسكريين ومدنيين أمريكان، وأيدها في الحال، مسؤولون عراقيون، بأن منفذي العمليتين كانتا من النساء المعاقتان عقليا، كما أن التفجير قد تم عن بعد، وقد عُثر في مكان الانفجار على جهازي الهاتف النقال اللذين استخدما لتفجير المرأتين ...!!الإعلام الأمريكي، والعراقي الرسمي، لا ينطقان إلا عن الهوى،خصوصا إذا كان، هذا، الهوى أمريكي، المصلحة والهدف، فإذا كانت مخلفات الانفجارين جثث مشوهة واختلطتا لأشلاء مع عشرات أخرى مع بعضها من جثث القتلى، والحريق أتلف العديد من السيارات التي تبعد عن الحادث عشرات الأمتار، كيف تم التعرف على أن المرأتين بأنهما معاقتين عقليا ؟ وكيف تم جمع حطام جهازي الهاتف، النقال، بحجميهما الصغيرين، ودقائق محتوياتهما ..؟ الرئيس بوش صرح خلال جولاته الشرق أوسطية والخليجية، " أن أي قرار حول سحب المزيد من القوات، الأمريكية، مرتبط بالوضع على الأرض، وبقرار الجنرال ديفيد بترويس، قائد القوات في العراق .." هذا التصريح يكشف عما تريده الإدارة الأمريكية، وما تقوم به المخابرات الأمريكية، والمنظمات التي تجندها، لأن تعمل المستحيل من أجل أن تبقى القوات الأمريكية في العراق، فالتفجيرات التي ُشخص القائمون بها، تشخيصا دقيقا، والواسطة التي تم بهما التفجيران، على صغر حجمهما،تثيران الشكوك،وما يؤيد هذه الشكوك،تطابق تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين، الأمريكان والعراقيين،وفي وقت واحد، حول الحادثتين، وهذا دليل لا يقبل الشك، من أن التفجيرات لم تكن بعيدة عن إعدادات مطبخ المخابرات الأمريكية، من أجل دعم الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة، ولبقاء القوات الأمريكية،في العراق، حتى وإن تم إبرام المعاهدات والاتفاقيات التي تريد فرضها على العراق، والتي يهيأ لها مكتب الرئاسة العراقي، ورئيس الوزراء المالكي، الظروف الملائمة لتمريرها ... أمريكا كان حلمها أن تكون في العراق، منذ خمسينات القرن الماضي، فصدام ونظام حكمه، كانت له علاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية، وكان رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي السابق، أحد مستشاريه، إلا أنه لم يكن جريئا، أو شجاعا، لأن يعلن عن مثل هذه العلاقة معها، كما لم يكن قادرا على عقد أية اتفاقية، أو الإعلان عنها، إن حصلت، فتجربته مع شاه إيران،وموقف الشعب العراقي منها معلوم، إلا أن حكام المحاصصة، الطائفيون والعنصريون، أكثر جرأة وشجاعة من صدام ونظامه، بإعلانهم الموافقة على عقد معاهدات طويلة الأمد،وتقديم كل ما يحقق لأمريكا حلمها في العراق والبقاء، طالما تُحقق أمريكا لهذه التشكيلة من الحكام، دعما عسكريا وسياسيا، يضمن لهم ديمومة البقاء ... حكومة المحاصصة الطائفية،تلعب بمصير الشعب العراقي على المكشوف، وستكون هي أول من حققت لأمريكا، المعنى الرائع، للمثل الشعبي العراقي القائل " جيرة بكصيرة "** .. 7 شباط 08 --------------------------------------- *(مصلح الصباغ "التكريتي" ربيب خيانة وعمالة للإنكليز، عندما دخل الجيش البريطاني العراق في العام 1914 كان دليله على بيوت المقاومين لهذا الاحتلال) والحاكم العسكري "رشيد مصلح التكريتي" ابنه، أخذ مهنة الخيانة، عن أبيه، البعثيون، حكموا بالإعدام على رشيد، بتهمة الخيانة والعمالة، بعد مجيئهم للسلطة ثانية في العام 1968 .) **(الجيرة، معناها قطعة من القير، والكصيرة، تعني القميص أو الثوب الناصع البياض)
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |