المخابرات.. ورجال المخابرات / ح2

 

جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا

عضوألأتحاد الدولي للصحافة وعضومنظمة العفوالدولية

tcharmaga@hotmail.com

الحلقة الثانية/ التحقيق

المخابرات ورجال المخابرات .. سلسلة من الذكريات ألاليمة .. أتذكرها طالما أنا حي .. فهي اليوم ولربما غدا وحتى مماتي جزء من تأريخ حياتي المرير .. أنقلها بكل أمانة، الغريب أن بعض ألأخوة كانت لهم أراء متباينة حول المقدمة والحلقة ألأولى.. لذلك لابد أن أوضح :

كتاباتي ورأيي بالحكومة والبرلمان (الحالي) شىء .. ومذكراتي شىء أخر.. لا أكيل بمكيالين.. الرأي رأي والمذكرات مذكرات.. كيف يريدونني ؟... أمدح المخابرات ؟؟ أمدح منتسبوا معتقل / الحاكمية؟؟ أمدح الجلادون الذين لاضمائر لهم ولاقلوب ؟؟ مع ذلك لا أظلمهم.. أنقل الحقائق كما رأيتها لابل عشتها .. وأعتقد أن كل الذين أعتقلوا قبلي وبعدي يشهدون على الحالة هناك ويؤيدونني على صحة ما أكتب .

أوضح هذا لكوني تلقيت رسالة من أحد ألأخوة يتعجب من كتاباتي ومذكراتي ويعتقد أنني أكيل بمكيالين !! ويتسائل ويتعجب ويقول : إذا كنت مضطهداً كيف وصلت الى سويسرا!!؟؟.

للرد أقول : وياترى كيف وصل الملايين من العراقيين الى الخارج؟؟ هل بواسطة الخطوط الجوية العراقية ومن / مطار بغداد الدولي؟؟ أم حالتي أستثنائية وأختلف عن بقيةخلق الله من أبناء شعبنا ..؟؟؟.

مع ذلك أحترم رأيه.. وأشكره وبارك الله فيه وهنا هو حر يقتنع أم لاء؟؟؟. ..

لذلك وجب التوضيح ...وأخيراً أشكر ألأخ الفاضل ألأستاذ / أسماعيل سيتو من النمسا على ملاحظاته القيمة حول ألأخطاء النحوية.. أقول له:

في أكثر من مكان أعترف بأنني كثير الهفوات في لغة الضاد.. ما العمل بأن العربية بحر وأنا كوردي متطفل على لغة القرآن الكريم .. سبحان الذي لايخطأ ... تمام ياعزيزي يا / أبوحقي؟؟، أشكرك وبارك الله فيكم..

اللهم أحفظ العراق ... وشعب العراق .

-------------------------------------------------

التحقيق بالنسبة الى المتهم بمثابة (جهنم) بمعنى الكلمة .. لكون الذين يحققون مع المتهم أناس من دون قلب ولارحمة أنهم ذئاب ووحوش كاسرة .. يحاولون وبشتى الوسائل أنتزاع ألأعتراف من المتهم وحينها يعتقد بأنه قد حقق أنتصاراٌ و(يتباهى) أمام أقرانه بأنه أستطاع أنتزاع ألأعتراف من كذا واحد... وهنالك حوافز للمحققين الذين ينجزوا تلك العملية بسرعة.. بالمناسبة هنالك عدداٌ من أولئك الذئاب يشهترون بكونهم أكثر قساوة من البقية لذلك تحال اليهم القضايا المهمة والمستعصية !!.... المحققون كثيرون ولكل محقق كذا قضية ومتهم وعليه ألأنجاز لكون هنالك متهمون أخرون ينتظرون التحقيق!!!...أنها قصة لاتنتهي!!.

يتم أختيار المحقق بين العشرات، أذ يجب أن تتوفر فيه مجموعة صفات في المقدمة القساوة وعدم المجاملة والشفقة والرحمة ... قلبه كالصخر ..والمحقق عادة يكون ظابط في الجهاز وله العديد من ألأمتيازات والصلاحيات لذلك يرى نفسه متميزاٌ عن ألأخرين !!.

التحقيق عادة كان يتم في الليل، بعد المغرب ويستمر حتى الفجر.. وكالأتي:

أولاٌ / ينادون رقم المتهم .. وحينها على المتهم الذي يعرف رقمه أن يرد:

ـ نعم أنا هنا في الغرفة المرقمة كذا..!!.

بعدها يأتون عدد من الرجال ألأقوياء.. يعصمون ألأعين بواسطة (قطعة لاستيك أي جوب سيارة) وتوثق ألأيدي من الوراء أو ألأمام بواسطة (حبل أو قطعة قماش) وعلى المتهم أن يمسك العصا الذي يحمله الشخص الذي أمامه ورأسه الى ألأرض ومن دون أي كلام !!.

يتخذون المصعد وينزلوا به الى الطابق ألأرضي حيث غرف المحققون وبالمناسبة يسمعونه أقسى العبارات من الشتائم للأهل والقومية وألأقارب.. ناهيك عن الضرب المستمر على الرأس .

ثانيأ / بركلة يدفعون المتهم الى داخل غرفة .. وهناك (كرسي دوار) يأمرك بالجلوس والمحقق واقف ومساعده يكتب ويدون ألأسئلة وألأجوبة ... بالمناسبة ألأعين وألأيدي كما كانتا .. مشدوة وممنوع من رفع الرأس حتى وأن كنت لاترى قد تتعرف على المحققين!!.

آخ .. كم قاسية تلك الفترة حيث الخوف من المصير المجهول وألأهم ألأهانات المستمرة والضرب وأنت مقيد ومتبسمر على الكرسي!!!.

في البداية يتم التحقيق على مهل وبأغراءات و(أنواع القسم) فيما أذا أعترفت سيخلي سبيلك بعد ساعة من التحقيق!!.

هنالك من يصدق أقوالهم و(قسمهم) فيبدأ بالأعتراف وفي بعض الحالات أعترافات غير صحيحة ..السبب لكونه يريد النجاة بأية وسيلة كانت .. ولكنه (ساذج ومغفل) أنه حفر قبره بيده !!!.

وأذا أستمر في العناد ... حينها ينقلب ذلك المحقق (المؤدب) الى حقيقته، أي الى (بن شارع) ويتفوه بكلمات لاتذكر.. مع الشتائم يبدأ الضرب بواسطة (كابل) وعصا من أكثر من جهة وحتى ألأغماء!!!.

بعد أستراحة وبعد أن تمضي نصف ساعة أو أكثر يبدأ المحقق بالتهديد :

ـ أنظر ياهذا... هذه كانت مقدمة بسيطة صدقني سنعمل كذا وكذا بك.. أعترف أفضل لك ولأسرتك ..أذا لم تعترف سنجلب زوجتك وأمك وشقيقاتك ونفعل بهن (كذا............. وكذا) وأنت تنظر اليهن!!!.

يا الهي... كم كانت قاسية تلك العبارات والجمل وألألفاظ... كل واحد يتمنى الموت ولايرى تلك المناظر!!!.

حينها يأمر بأعادتك الى الزنزانة وغداٌ ستبدأ جولة جديدة من نفس ألأستعراض!!!.

ياترى كيف ستمضي تلك الساعات ؟؟ وماذا سيحدث ؟؟؟ هل سيفعلونها ويجلبون النساء ...؟؟.

تمر أيام وأيام ... وكان الله في عون الذي يستطيع الصمود.. وأما الذي ينهار فتلك مصيبة أخرى لكونهم يطلبون المزيد من ألأعترافات ... فأين المفر..؟؟.

أذا أستمر الحال ومن دون أعتراف فهنالك وسيلتين :

1 / التعذيب بشتى أنواع الوسائل .. والتعذيب يتم في الطبقات السفلى من بناية الحاكمية حيث قاعات كبار شيدت لتلك ألأغراض وفيها كل أنواع الوسائل .. ولكن أقساها :

ذلك الزنجيل المربوط بسقف القاعة ... يربطون ألأرجل بها وتبدأ الة برفع المتهم الى عدد من ألأمتار.. وهناك وبسرعة البرق يخلون الزنجيل ويسقط المتهم على ألأرض أما على رأسه أو على بقية أجزاء الجسم ففي كل الحالات هنالك كسور ورضوض.. وهنالك حالات وفاة !!!.

أما الضرب والفلقة فتلك من المسائل الثانوية !!.... هنالك (حجر) والحجر عبارة عن غرفة صغيرة بحجم (غرفة للكلاب) يدخلون المتهم ويقفلون الباب .. غرفة صغيرة جداٌ يبقى هناك لمدة 24 ساعة لا أكل ولاشرب ولاخروج .. يقضي حاجته في مكانه .. ومع ذلك هنالك أصوات مزعجة موجهة وبأصوات محتلف الحيوانات!!.

يخرج المسكين (منهار) جسدياٌ ومعنوياٌ ... يأخذ مباشرة الى المحقق وحينها يكرر مايريده ومن دون تحقيق ويعطيه مجالاٌ أخراٌ ... والسبب في عدم أجراء التحقيق لكون المتهم بحاجة الى (غسيل) وتبديل الملابس وغيرها!!.

2 / جلب أحد أفراد العائلة من النساء.. والتهديد يكون مباشر:

ـ تعترف أم ... نفعل كذا وكذا؟؟؟.

ياترى أين المفر .. حينما ترى الشقيقة أو الزوجة أو البنت تتوسل بك وتطلب منك ألأعتراف والا سيهاجمها قطيع من الذئاب الجائعة ... أين المفر ...؟؟.

حتى لو أعترف ..!!! أين الخلاص...؟؟؟.

الحكم بالأعدام ... أو الحكم مدى الحياة .... في الحالتين ينتهي أمره وحياته وأسرته ..!!!.

هنا تبقى على / المحقق وقناعته.. هنالك تحقيقات تستمر شهور وشهور.. وهنالك تحقيقات قد تطول شهر أو شهران وحينها يكتب المحقق رأيه بالمتهم ويرفعها مع توصيته الى مديره ألأعلى الذي يقوم برفعها الى جهة عليا وهكذا.. ولكن تبقى قناعة المحقق ألأهم.. على ضؤ توصيته تصدر ألأحكام !!.

هكذا كان التحقيق في دائرة الحاكمية، التابعة الى جهاز المخابرات والتي كانت تقع في بداية شارع / 52 مقابل دائرة الجوازات والسفر .

ـ هنالك حلقات أخرى ــ

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com