|
تركمان العراق بين المعادلة العراقية- العراقية والمعادلة العراقية- الدولية .. الجزء الأول
علي توركمن اوغلو مع انقشاع غبار الحرب العالمية الاولى عن العراق في نهاية 1918م، اصبحت خارطة التوزيع السكاني للعراقيين مطابقة الى حد بعيد لخارطة الاقاليم الجغرافية العراقية الاربعة وكالاتي : العرب الشيعة يشكلون الغالبية المطلقة في اقليم السهل الرسوبي (باستثناء وجود العرب السنة في البصرة والزبير، فضلا عن المسيحيين من الكلدان)، والعرب السنة يشكلون الغالبية العظمى لاقليم الهضبة الغربية والجزيرة، والتركمان يشكلون الغالبية في المنطقة المتموجة مع وجود بعض القرى الكردية اطراف اربيل فضلا عن المسيحين الاثوريين والارمن في كركوك والعرب السنة والشيعة في سهل ديالى، والمنطقة الجبلية حيث يشكل الاكراد الغالبية فيها مع وجود اعداد لابأس بها من العشائر الاثورية واليزيدية). والجدير بالذكر ان مناطق واسعة من المنطقة الجبلية العراقية كانت قد الحقت بالحدود العثمانية الشرقية، والتي تشكل الحدود الشمالية الشرقية الحالية للعراق حسب معاهدة ارضروم سنة 1847 م حيث بادلت الامبراطورية العثمانية عربستان الشيعية بالمنطقة الجبلية التي كان يسكنها الاكراد السنة الجبليون، تحت تأثير احلال التوازن المذهبي بين الامبراطورية العثمانية التي تبنت المذهب الحنفي السني، والدولة الفارسية التي تبنت المذهب الامامي الجعفري .ومنذ ذلك التاريخ ازداد الثقل السكاني الكردي في شمال العراق الحالي وانتقل مفهوم وتسمية كردستان ( كناية للارض) من ايران الى العراق . اما المنظر السياسي من زاوية التركمان (حكام العراق بالامس) فكان تقسيمهم بين ثلاثة دول هي العراق وسورية وتركيا بعد ان تم رسم الخارطة الجديدة للدول القومية التي انشأت على اشلاء الامبراطورية العثمانية الاسلامية، واذا ما اضفنا تركمان قبرص واوربا يكون التركمان قد تم تقسيمهم فضلا عن الدول الثلاثة التي ذكرتها الى قبرص واليونان وبلغاريا وصربيا ..الخ غير ان النواة والكتلة الكبيرة للتركمان هي التي استطاعت من جديد تأسيس دولة جديدة معاصرة بقيادة المرحوم مصطفى كمال اتاتورك وزملائه من العسكرين العلمانيين والاسلاميين على حد سواء . ان الاخوة من القوميين الاكراد ما انفكوا يدعون في المحافل المحلية والدولية بأنهم ذهبوا ضحية انشاء هذه الدول، وهم الوحيدون الذين تم تقسيمهم بين هذه الدول وفق مؤامرة دولية لتقسيم (وطنهم كردستان) مشيرين الى المنطقة المحصورة بين مرتفعات حمرين جنوبا وجبال شمال دياربكر شمالا، ناسين أو متناسين بأن هذه البقعة الجغرافية كانت مهدا ونواة لستة من اصل سبعة دول وامبراطوريات اسسها التركمان والتي كان اخرها الامبراطورية العثمانية بقيادة عثمان بن ارطغرل زعيم قبيلة قايي التركمانية بعد ان انفصل عن سلاطين ال سلجوق التركمان في قونية في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي. وهذه البقعة الجغرافية هي نفسها التي ظهرت في خريطة نشرت على صفحات الانترنيت حيث وثقها جغرافي غير تركماني تحت اسم توركمانيا . اننا وعلى عكس الاخوة الاكراد، نقول ان هذه الارض التركمانية عاش فيها ولايزال فضلا عن التركمان الاكراد والعرب والاشوريين والكلدان واليزييدين والارمن في وئام وسلام لمئات السنين، الا ان حل يوم التقسيم بنزع ولاية الموصل التي لم تخسرها الامبراطورية العثمانية عن الوطن التركماني الكبير والحاقها بما تم احتلاله من العراق لتصبح جزءا منها . كما اننا نقول ايضا ان هذا التقسيم لم يفصل العشائر والمدن والقصبات التركمانية بعضها عن بعض فقط وانما قسم العشائر العربية والقصبات والمدن وكذلك الحال بالنسبة للعشائر الكردية وقصباتها والمسيحين اثوريين وكلدان. وبالتالي فان هذه الارض وفقا للمنظور السياسي الحديث لايمكن ان تتحول وطنا قوميا لاية فئة او قومية من القوميات الاربعة والخمسة التي عددتها اطلاقا لوجود عامل التوازن العرقي والديني والمذهبي فيها، وبالتالي لايصح علميا تسميتها بأسم قومية بعينها . أما تركيا، الدولة التركمانية الجديدة، فأنها وتماشيا مع اساسيات الدولة القومية المعاصرة والتي بدأت بالنموذج الفرنسي فقد تخلصت من كامل الارث الاسلامي للامبراطورية العثمانية، فاصبحت الجمهورية الجديدة تسمى شعبها الذي ساهم في تشكيل تلك الجمهورية بعد اربعة سنوات من حرب التحرير ضد القوى الاستعمارية المتجبرة بالاتراك (التسمية القومية القديمة) بدلا من التركمان والتي تسمت بها قبائل الاوغوز التركية عند هجرتها غربا نحو العراق وايران والاناضول وقبولها للدين الاسلامي الحنيف بداية القرن الحادي عشر الميلادي. وبالرغم من الكثير من العشائر المنتشرة في جميع ارجاء الاناضول والتي احصى عددها البرفسور الدكتور يوسف حلاج اوغلو( رئيس مؤسسة التاريخ التركي) في اخر دراسة نشرها بثمانية وثلاثون الفا عشيرة تركمانية من اصل اثنا واربعون الف عشيرة دخلت الاناضول بين الاعوام 1500-1600م تتسمى بالتركمانية، بالرغم ان العديد من نواب مجلس الامة التركي، فضلا عن وزراء ودبلماسيون عديدون في الخارجية التركية مازالوا يحملون لقب توركمن أو توركمن أوغلو، الا ان هذه التسمية المباركة (ترك + ايمان = تركمان) اغتربت لأول مرة عن اهلها فلم تجد من يحملها غير تركمان العراق وسوريا .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |