|
أخذت في الآونة الأخيرة تنتشر أنواع جديدة من العلاقات الاجتماعية بين الذكور والإناث يطلق عليها أسماء غريبة عجيبة مثل زواج المسيار وزواج السفر والزواج السري والزواج العرفي فضلا على زواج المتعة المعروف منذ القدم. إن هذه الظواهر السلبية تعد انحرافات اجتماعية خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي العربي والإسلامي بالمزيد من التمزق والتفكك لم تأتي من فراغ ولابد أن تكون ثمرة إشكاليات جدية واجهت الناس في إقامة العلاقات الاجتماعية السليمة التي تتجسد بالزواج الصحيح. وقد كشف الكثير من الباحثين عن بعض هذه الإشكاليات حيث أكدوا أن العامل المالي يأتي في مقدمة الأسباب التي تضطر الناس إلى ابتكار أنواع جديدة من الزواج. فلكي يستطيع أي شاب أن يفكر مجرد التفكير بالزواج ،عليه أن يضع نصب عينيه توفير الصداق والأثاث والسكن وقبل كل ذلك مصدر رزق للعائلة الجديدة التي ستضم الزوجة على الأقل هذا إذا افترضنا أن بالإمكان تأجيل إنجاب الأطفال لحين تدبير مصدرا ثابتا للرزق مما أدى إلى بقاء أعداد هائلة من كلا الجنسين بدون زواج مع كل مايرافق هذا الوضع من معاناة عاطفية ونفسية لايستطيع تحملها أي إنسان سوي. ويأتي عدم الانسجام بين الأزواج لأسباب عاطفية وعضوية ونفسية ومالية وثقافية بالدرجة الثانية وهو مايدفع بالأزواج إلى إنهاء حياتهم الزوجية والبحث عن أزواج جدد أو دفع الذكور فقط إلى الاقتران بنساء أخريات بعلم زوجاتهم أو بغير علمهن حفاظا على تماسك الأسرة ولا سيما عندما يكون هناك أطفال. أما السبب الثالث فهو زيادة نسبة الإناث على الذكور في المجتمعات العربية والإسلامية ليس بسبب إنجاب إناث أكثر من الذكور فحسب بل وبسبب الحروب التي قتلت وأعاقت أعدادا كبيرة من الذكور وخلفت أعدادا مماثلة من الأرامل فضلا على تزايد حالات الطلاق. كل هذه الأسباب أدت إلى نشوء حاجة إلى تلك الأنواع الجديدة من العلاقات بين الذكور والإناث أطلق عليها اسم زواج أيضا لإضفاء شيئا من الشرعية عليها بديلا عن الزواج الصحيح الغير قادرين على إتمامه. و لبيان الاختلاف بين الزواج الصحيح وبين الأنواع الأخرى المستحدثة والآثار السلبية الخطيرة المترتبة على انتشارها لابد من تعريفه وبيان صفته وشروطه. فالزواج الصحيح هو الزواج الذي يهدف إلى بناء أسرة تتوفر فيها المعايير العلمية للمتانة والتماسك لأنها تشكل اللبنة الأساسية للبناء الاجتماعي لذا فان متانة البناء الاجتماعي تعكس المتانة والتماسك في العلاقات الأسرية التي تربط أفراد الأسر ولا سيما الزوج والزوجة. ولكي تتحقق هذه المتانة يجب أن يكون الزواج صحيحا وسليما من خلال توفر شروطه وفي مقدمتها الإيجاب والقبول وحد أدنى من التكافؤ الثقافي والعلنية وعقد زواج رسمي يكفل مصالح المرأة أولا والأطفال الناتجين عن الزواج ثانيا وفي الأخير الزوج بنسبة 100% لان الأنثى تكاد تكون المتضرر الأول والوحيد من فشل العلاقة الزوجية ويليها الأطفال أما الذكر فان الأضرار التي تلحق به لاتكاد تذكر أو تقارن بتلك التي تلحق بالأنثى والأطفال. ومن هنا يكتسب الزواج الصحيح شرعيته الدينية والقانونية لان كل قول أو فعل يلحق ضررا بالنفس أو بالآخرين يعد أمراً محرماً في شرع الله فكلما ابتعد عن تلك المواصفات كلما ابتعد عن تلك الشرعية لكون الآثار الوخيمة المترتبة على انتشار الأنواع الجديدة ستؤدي إلى انهيار كارثي للبناء الاجتماعي ، ولذلك يتطلب أن يساهم جميع المثقفين والمفكرين والباحثين في توعية وتثقيف الناس ولاسيما فئات الشباب على هذه المخاطر والبحث عن حلول عملية لهذه الإشكاليات التي تتحمل الحكومات العربية والإسلامية كامل المسئولية القانونية والأخلاقية والوطنية عن ظهورها وتقع على عاتقها أيضا مسئولية إيجاد الحلول العاجلة لاجتثاثها من خلال توفير فرص العمل للعاطلين وتقديم المنح والقروض بشروط مخففه وتوفير السكن المناسب وتشجيع الزواج المبكر والزواج بأكثر من زوجة وتعويض الزوجات الأوائل عن الأضرار النفسية التي تلحق بهن من جراء اقتران أزواجهن بنساء أخريات بمنح مالية مجزية لان المصلحة العامة وخطورة الظواهر المشار إليها تتطلب إعطاء أسبقية أولى لموضوع الزواج على كل المجالات الأخرى وتشديد العقوبات بحق كل ذكر يثبت قيامه بإجراء عقد زواج خارج الجهات الرسمية المختصة إضافة إلى ولي أمر الأنثى الذي علم أو سمح بذلك واعتباره وثيقة مزورة تهدد الأمن الاجتماعي للبلد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |