اين الدستور من ثقافة الصفقات

 

 

محمود المفرجي/ كاتب واعلامي

 almifarji55@yahoo.com

بالرغم من الفرحة العارمة التي غلفت ارجاء البرلمان، وتبادل التهاني بين المتخاصمين في داخله، بمناسبة اقرارهم للقوانين الثلاث التي اثارت الجدل، وانتهاء الازمة الكبيرة التي كادت ان تودي بالعملية السياسية برمتها، الا ان طريقة اقرار القوانين هذه تثير اكثر من تساؤل وتنبئ بمستقبل برلماني معتم ومخيف، في طريقة التوافقات بين الكتل السياسية التي غلبت عليها ثقافة الصفقات بتقديم الامتيازات والرغبات الحزبية على الدستور الذي من المفروض ان يكون هو صاحب كلمة الفصل في أي اختلاف يحدث بين الكتل السياسية، وهذا ما اكده النائب اسامة النجيفي "بان الكتل السياسية تتمسك بالدستور عندما تتفق مواده مع مصالحها، واذا اختلفت هذه المواد مع مصالحها فلا اعتبار للدستور، وهذا عامل خطير في رفض الدستور في مرحلة لاحقة" وهذا ما يدفعنا الى التساؤل بان هذا البرلمان هل هو مؤهل باصدار هذه القوانين ام لا، واذا كان مؤهلا فيجب حينئذ ايجاد طريقة معينة تضمن الارتكاز والاحتكام الى الدستور بدلا من تغليب الحس الكتلوي والتمثيلي على الشرعية الدستورية التي همشت مع الاسف الشديد في هذا المورد .

صحيح ان قوانين الميزانية، والعفو العام، والمحافظات الغير منتظمة باقليم، هي من القوانين المهمة للشعب العراقي، الا ان طبيعة الاتفاق عليها يدعونا الى الخوف على مستقبل قوانين واتفاقيات عالقة مثل المادة 140، والفدرالية التي قد تكون من اكثر النقاط خلافا وتقاطعا ليس على مستوى الكتل السياسية فحسب، بل على مستوى الشارع العراقي الذي هو بحد ذاته منقسم على نفسه بهذا الموضوع.

وعليه لابد من اعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الكتل السياسية والتفكير بحلول ناجعة تمنع هذه الطريقة من طرق الاتفاقيات على قوانين في غاية الاهمية، من اوضحها هو الرفع من شأن الدستور العراقي الذي ضحى الشعب العراقي من اجله واعطى الدماء من اجل تثبيته واحترامه، وايضا الاعتماد كليا على الرأي البرلماني الفردي وليس اعتماد الرأي الكتلوي المسيطر عليه من جهة شخص واحد متمثلا برئيس الكلتة، وهذا لا يحل الا عن طريق اسلوب التصويت السري الذي تحدثنا عنه مرارا وتكرارا.

فطريقة التصويت بهذه الطريقة الغريبة او ما يسمى بطرقة الصفقات قد راق للكتل السياسية التي تملك حضورا كبيرا من ناحية التمثيل، وبالتالي فانه سيكون مرتكزا عمليا لهم وحلا مقدما على باقي الحلول حتى لو كانت تلك الحلول هي حلولا دستورية وشرعية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com