|
أفهم أسباب فرح أمريكا باستشهاد المجاهد الكبير عماد مغنية، فأمريكا سيدة الحكام العرب الغاصبين المتسلطين، التي تدعي زوراً وبهتاناً نصرة الديمقراطية في الوقت الذي تزود الطغاة العرب بكل أنواع الدعم المالي والسياسي والعسكري، أمريكا عرابة الكيان الصهيوني، تفرح هذه الدولة الشريرة لأحزاننا، وتحزن لأفراحنا، قبل أكثر من عام ابتأست أمريكا لانهزام الكيان الصهيوني، على أيدي فئة قليلة مؤمنة بالله ووعده الرباني بنصر المؤمنين، واستاء معها عبيد أمريكا من حكام العرب وساستهم واشباه رجالهم. في 1967م شاركت في مظاهرة مناوءة لأمريكا في بيروت، ورميت السفارة الأمريكية بالحجارة، ومنذ ذلك الحين تتجدد كراهيتي لأمريكا، ولا يكاد يمر يوم من دون أن أرميها في عقلي ومخيلتي بالحجارة، وياليتها كانت مسومة مثل تلك التي أفنت سدوم وعمورة، لم كل هذا الكره لأمريكا؟ لأنها تقتل الأبرياء من العرب والمسلمين، فلولاها لزالت حكومات الطغاة في العالمين العربي والإسلامي، وهل يستطيع إنسان فيه ذرة من ضمير أن لا يحقد على أمريكا وهو يشهد يومياً جريمتها الكبرى بحق الإنسانية جمعاء، أي الكيان الصهيوني الغاصب المجرم؟ هذا الكيان المسخ الذي منحته الحكومة الأمريكية حق احتلال واستيطان أراضي الفلسطينيين وقتلهم وتشريدهم، إن كل يوم يمر وشبر من أرض العرب والمسلمين يحتله الصهاينة دعوة مستجدة لمناصبة العداء لأمريكا، وهو واجب شرعي على كل من ينتمي لدين الإسلام. لا خيار للعراقي الوطني الأبي سوى كراهية أمريكا، لأنها كانت النصير الأول للطاغية صدام حسين ونظامه البعثي البائد، في حربه العدوانية على إيران الإسلامية، وهل ننسى دعوتها للشيعة للانتفاض على نظام صدام المنهزم؟ فصدقوها، فتبين بأن سفك دم الشيعة كان الثمن الذي دفعه صدام لكي يبقي الأمريكان على حكمه ولو إلى حين، ثم اتخذوا استمرار النظام في السلطة ذريعة واهية لفرض حصار تجويعي وتخريبي على الشعب العراقي، ولما أوشك نظام حليفهم بالأمس على الانهيار احتلوا العراق لئلا تخلفه حكومة إسلامية وطنية، ثم باشروا بتنفيذ مؤامرة خبيثة لتدمير العراق من خلال دعوة الإرهابيين للمنازلة على أرضه والتحريض على الفتن الإثنية والطائفية والتوطئة لتأسيس نظام حكم عراقي ضعيف، منقوص السيادة نتيجة الاحتلال والخنوع للأمريكان، تسخره لخدمة مصالحها النفطية وتنفيذ مخططاتها العدوانية، ولكي يكون ظهيراً للكيان الصهيوني، وخط الدفاع الأول ضد العمق الإسلامي إلى الشرق، والسد الفاصل بين القوى المعادية لأمريكا وسيدتها الصهيونية في المنطقة. ليس خاف على أحد موقف الحكومة العراقية من أمريكا، فقد أجمعت الفئات المشاركة فيها من شيعية وسنية وكردية على القبول باستمرار الاحتلال، ولم تعترض هذه الحكومة على التدخلات السافرة للمحتلين في الشؤون الداخلية، وكان موقفها الثابت أمام الإملاءات الأمريكية هو الإذعان المشين، واكتفت بالتفرج على الأمريكان وهم يقسمون البلد فعلياً إلى كانتونات عرقية وطائفية، ويعودون به إلى تخلف الحكم العشائري، وهكذا فقد اختارت هذه الحكومة والقوى الممثلة فيها التخندق مع أمريكا، والوقوف صفاً واحداً مع النظم العربية العميلة لأمريكا، وكتفاً إلى كتف مع الكيان الصهيوني، قرة أعين أمريكا وحلفائها المستكبرين ,أعداء الإسلام الذين لا يكلون ولا يملون من نشر الأكاذيب والسخف حول ديننا ونبينا. أشد ما يفجعني هو أن يكون رئيس هذه الحكومة شيعي، وأن يكون معظم أعضائها من الشيعة، فقد كنت أعدهم مع المجاهدين المؤمنين، وأحسبهم من أتباع سيد الشهداء والأحرار الإمام الحسين (ع)، كنت عاقداً الآمال عليهم لطرد المحتلين بالحجارة إن ندر السلاح، أو بالفتوى والكلمة لو خلت أرض العراق من الحجارة، فإذا هم بين ناعق بمطالبة الأمريكان بالبقاء مدة أطول ومدافع عن إرساء تحالف أمني معهم، هم يدركون بأن أي تحالف أو إتفاق أمني مع أمريكا هو بالاستعاضة والنتيجة تحالف مع أعداء الله الصهاينة، الذين احتلوا جنوب لبنان عقدين من الزمن وقتلوا وشردوا أخوانهم الشيعة، لكن وللأسف فقد تبين بالدليل القاطع بأنهم لا يكترثون لغير تحقيق هدفهم في التسلط على شيعة العراق، وما ارتداءهم العمائم والجبب سوى نفاق ورياء، واشتد عجبي منهم وأنا أشاهد قناتهم "الفراتية" وهي تبث نقلاً حياً لمراسم تشييع المجاهد عماد مغنية، وبالأمس فقط كانت تتصدر نشرات أخبارها زيارة الحكيم للبيت الأبيض والإتصالات الهاتفية بينه وبين ورئيس العصابة الأمريكية بوش، التي بأموالها وأدواتها وسندها أغتيل المجاهد مغنية. لولا بقية من الشيعة العراقيين الرافضين للإحتلال الأمريكي لخجلت من كوني شيعياً عراقياً، ولكني واثق من أن شيعة أمريكا، هم ورثة شيعة صدام، في إخلاصهم المطلق لمصالحهم الشخصية وتفريطهم بقيم ومباديء أهل البيت عليهم السلام، ويرد إلى ذهني جواب الفرزدق على سؤال الأمام الحسين (ع) عن أهل الكوفة: قلوبهم معك وسيوفهم مع يزيد، فهل قلوبكم يا شيعة أمريكا مع الشهيد عماد مغنية وأخوانه المجاهدين في حزب الله وسيوفكم مع أمريكا؟ لقد برهنتم بأن سيوفكم مع أمريكا عندما قبلتم بمشاركة قواتكم العسكرية والأمنية في قتل واعتقال معارضي الآحتلال من الشيعة، ولأني بشر لم اطلع على خبايا نفوسكم لا بد لي من الحكم على الظاهر والاستنتاج بأن قلوبكم وعقولكم أمريكية أيضاً.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |