|
كثيرا مايطرح المواطنون العراقيون في الداخل والخارج سؤالا محيرا لن يجدوا عادة جوابا شافيا له: كيف يعيش غالبية أبناء بلد مثل العراق عيشة ضنكى منذ أمد بعيد، أزدادت سوءا بعد سقوط النظام الصدامي في عام 2003، في بلد يمور بالثروات الهائلة ويحتضن النفط والغاز والمياه والزرع والطاقات البشرية المتميزة والتنوع البيئي الرائع؟ ولعل على رأس الأسباب المطروحة أستشراء ظاهرة الفساد الأداري منذ زمن غير قصير!! ونقول هنا: لعل من اهم الأسباب الكامنة وراء هذه المأساة السرمدية تهميش دور المثقف عموما وأزاحته من الدرب السالك وأيكال الأمور الى أشخاص لايتمتعون بالمؤهلات المناسبة للنجاح في المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهم، وهو مانراه ماثلا للعيان في المناصب العليا والدنيا في عراق اليوم! اليوم نرى بأم العين الآلاف من الجهلة والرعاع يمتلكون الثروات غير المعقولة التي (ينعمون) بها داخل البلاد وخارجها ، في حين يعيش المثقفون على حافة الأنهيار ويكابدون الكثير حتى شمل الأمر أمورهم الجوهرية مثل الكتب ومصادر القراءة الأخرى. وهنا لابد أن نتذكر دوما الدوافع التي أدت الى أنطلاقة دول أوربا الى أمام تاركين الآخرين وراءهم بمراحل طويلة والتي يأتي في مقدمتها وضع العالم والمثقف في مقدمة الركب لنرى اليوم حالهم الراقي المتطور وحالنا المنهار المنكفيء دوما!! ولأن الوقت لم ينفد بعد نرى أن تعمد الدولة الى سن التشريعات والقوانين التي تشدد على أعتبار الكفاءة الحقيقية للمرء هي المعيار الأساس لتبوأ المسؤوليات المهمة، والا كيف نفسر ماآل اليه حال العديد من وزاراتنا وما أدى ذلك الى ألحاق أفدح الضرر بالمواطنين؟ لابد أذن من أعتبار مبدأ (الرجل المناسب في المكان المناسب) هو المعيار الحقيقي دون مواربة أو أعتبار للجانب الحزبي أو الديني أو الطائفي. مثقفو العراق عموما يتطلعون الى من يلتفت اليهم ويعوضهم عما مضى من حيف وقهر. كما يتطلع الجميع الى الأهتمام بالثقافة من خلال بناء صروح ثقافية بارزة المعالم في كل محافظة عراقية تتناسب ودورها الثقافي والأدبي خاصة. فهل يعقل أن يلتفت مجلس محافظة ذي قار ، من دون سائر محافظات العراق، الى بناء صرح ثقافي متميز في أحدى نواحي المحافظة في وقت تفتقر بغداد والبصرة والموصل الى أماكن لائقة يرتادها المثقفون؟! أنها وصمة سلبية كبرى لن تزال ألا بالعمل الجاد والدؤوب لدعم العلم والثقافة: بناء مراكز ثقافية عصرية وجامعات علمية رصينة وحقيقية ودور نشر متطورة يرافقها دعم مادي ملموس للعالم والمثقف.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |