استراتيجيات العراق الفيدرالي

 

 

عبد الرزاق السلطاني

بعد ان تركت ازمة الثقة بصماتها على تحديد المواقف واعلان الهواجس التي فرضتها السنوات الاربع الماضية على الواقع العراقي بكل تداعياتها مما يجعل تحمل المسؤولية تتوزع على الجميع بنسبها على اكثر من ملف, ولايمكن اجتزاؤها او تسطيحها, ولاينظر الى هذه الملفات بمعزل عن الموقف الاقليمي الضاغط على الشأن العراقي او دول الجوار على اختلاف ابعادها, وكل هذه الجهات لها وجهة نظر مغايرة وتنظر الى مصالحها بطريقة معينة وتعمل على الارض العراقية بطرقها الخاصة, كما لايمكن النظر الى الحالة العراقية بكل ما يحيط بها بمعزل عن الظروف الدولية المعقدة.

ان معطيات المقاربات الاخيرة بين الساسة العراقيين بلورت تصورات جديدة ووضعت اليد على المشاريع المعطلة التي لها مساس مباشر مع المواطن, كما انها تنسجم مع الثوابت والمبادئ التي اقرها الدستور لتأسيس معادلة تصنع الفرص المتكافئة للجميع من خلال التوازن السياسي الحقيقي لدعم الاتحادية لضمان افضل فرص الادارة, بعد ان سببت المركزية الكثير من المشاكل والتلكؤ الواضح في اعادة بناء البنى التحتية, فقد ذابت وتبددت هواجس دعاة الانفصالية بعد ان رفع اقليم كوردستان العلم الجديد مما اكد على ان الخارطة الاتحادية الادارية العراقية لا تتاثر بالجيوبولتيك, وهذا ما يتطلب تفهما داخليا واقليميا ودوليا, فهنالك اكثر من سبعين دولة تدار اتحاديا وهي تعيش اعلى حالات الرخاء والانماء, فضلا عن مركزة القرارات التي تمنع مشاركة الجميع وحصرها كل الامكانات والقرارات الوطنية في العاصمة, اذ لا بد من تاكيد حتمية المشاركة الفاعلة لبناء وحدة وطنية رصينة قائمة على ضمان حقوق جميع المكونات العراقية, فان المنجز السياسي الدستوري يسوغ ما تحتاجه الشرعية الدستورية التي تمنع القفز على الحالة الوطنية وتقبر الراديكالية(المتشددة) والتي تنشد الاحادية المغلقة التي تفضي الى ثقافة الكراهية والعنف والارهاب, فعقلنة هذا الخطاب هو باشاعة روح التسامح والاعتدال والبناء بدل الضجيج والزعيق المتخلف, غير ان اعداء العراق لم يتوانوا في ضرب كل مقدراته اذا سنحت الفرصة بذلك لا قدر الله, فتاكيدنا البناء المؤسسي الدستوري الاتحادي يمثل ابرز الاولويات الاستراتيجية لاستشراف الرؤى الوطنية بخطوات جريئة لصنع قفزات ديمقراطية والتقدم بمسيرة الرقي واحترام حقوق الانسان لضمان بناء مقومات ترسيخ مفهوم المواطنة وتعزيزها, ولابد من القول ان ذلك لا يتحقق الا في اطار دولة القانون، وحمل السلاح لا يمثل خيارا وطنيا لبناء العراق المؤسساتي ولا حصانة لمن لا يحترم القانون الذي يعتمد الشعارات المجوفة لتسقيط الاخرين ومجانبته الحقيقة, اذ تقع على جميع العراقيين مسؤولية الاخفاقات التي تقع هنا وهناك، ولابد من وضع الاسس الصادقة والمعالجات الموضوعية التي تنطلق من توحيد الثوابت المستقبلية للعراق الفيدرالي التعددي الدستوري الآمن.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com