الديوان الثقافي في الفهود....... سمفونية الهور.. بلحن سومري

 

 

عدنان النجم
alnajim5@hotmail.com

 الديوان الثقافي في الفهود.... سمفونية الهور.. بلحن سومري

منذ أول حديث لي مع الزميل الإعلامي جواد كاظم إسماعيل كانت الفكرة في إنشاء بيت أو ديوان ثقافي في الفهود قد أينعت ثمارها بلا غرس... حيث نبتت على العقول دون الأديم وهذا ما أجج الحماس في النفوس.... وقد يكون الاندفاع نتيجة حرقة الفؤاد لدى الاخ الاعلامي ماجد الكعبي.. التي طالما حدثني عنها الاخ جواد وما عاد الامر حديثا وتداولا في الرؤى.. بل تعداه ليكون تطبيقا حيا وممارسة فعلية.

وكلما نظرت ُ حولي أجد أنامل الزميل الصحفي جواد كاظم إسماعيل وهي تنضد عملية تكوين هذا البيت بهمة عالية وحرص دؤوب وكأنه يحضر إجمالا لعرس ابدي..

فليس الفهود كمدينة بمنأى عن مضامير الثقافة دون أن تكون عرين فحولها ، في الوقت الذي يمتزج بشذاها ندى الاهوار.. وكيف لا وصوت النوارس يشحذ همة العقول فتنشط مستعينة بهدير المساحات الشاسعة من فضاءات الخضرة والماء والوجه الحسن...

ومن هنا تأقلمت في أعماق بعض خيارها من أهلها المثقفين فكرة إنشاء البيت الثقافي وقد تكون الفكرة أسوة بأخواتها من قبيل ما تحقق من نجاح ساحق في مدينة قلعة سكر رغم أن البيئة تختلف والميدان ربما أكثر اتساعا ليشمل مدينة الفهود باعتبارها بوابة الولوج إلى عالم القصب والبردي وارجوزة المشحوف..

ومن حقها كمدينة أنجبت العمالقة أن تتفيأ بظلالهم.. وان تتخذ من اكفهم وسادة تهنأ فيها بلذة تفوق ونشوة إبداع.. وتوشمت جباه المثقفين فيها بعناء الظهور العسير من قبيل النسيان والإهمال.. فراحت تلك النخبة الخيرة تظهر ثأر الثقافة التي طالما حاولوا وأدها بمرور السنين بأساليب شتى وطرق عديدة ولذلك اتخذ الكثيرون من أهلها المبدعين وسيلة الاغتراب خطة للتخلص من براثن الضياع.. فكان البيت الثقافي مأوى إبداع ٍوملاذ انعتاق..

في الوقت نفسه.. هو رافد من روافد الثقافة التي تصب عموما في النهر السومري العريق (مدينة الناصرية)، غير أن هذا الرافد مختلف برائحته حيث ندى الهور.......وبشكله حيث اخضرار الطبيعة... وبكثافته حيث شموخ النخيل..
وحينما قرأت ُ على واجهة مدرسة الخزرجية أنها أسست عام 1932 خطر في البال إن ست وسبعين عاما كفيلة بأنها صنعت مزيدا من الرجال فقلت ُ بحسرة.. أين هم ؟ ربما أكلتهم أفواه الإهمال أو أنهم مستترين بجدران الآخرين.. وقد تتجرأ الذاكرة أحيانا لتعيد عمالقة أهلها من كتاب ومؤرخين وشعراء وأساتذة وهم بلا مأوى.. بعضهم من اتخذ من أوراقه المبعثرة فراش يأس.... وآخرين ابتلعوا كلماتهم لتستقر في بطونهم إلى الأبد..

وقد يصيبني الفخر حيث تنطلق سيارة نقل الأساتذة الجامعيين من ناحية الفهود الى جامعة ذي قار وهم كلهم من شباب الفهود ولم يتوقف الأمر هنا بل ما أوقد السرور في النفس أن رئيس الجامعة الأستاذ الفاضل علي إسماعيل عبيد هو ممن أنجبتهم ثانوية الفهود للبنين.. وكثيرا ما كانت تعتصر نفوسنا جميعا المرارة حين نتذكر المرحوم الأديب عبد الأمير محسن وهو يغادر الحياة دون أن يجد له مكانا في بيتنا الجديد.. أو أننا ننادي بصوت كله حنين إلى أولئك العمالقة الذين نأت بهم السبل في ديار الغربة أمثال سهر العامري وكريم الاسدي وابو طالب محمد سعيد وآخرين في أن يشاركونا عملية تثبيت لبنات هذا الصرح الذي كلنا أمل انه يتقادم نحو الأفق بمرور الأيام وهمة رواده....

وان شخصنا البصر.. فالعنان شاهد احتضان لمراجع الدين ممن توضئوا بنهر (اللعيوسية) امثال الشيخ مطر الخفاجي صاحب الرائعة التي مطلعها :

لألئ بباب علي ايها الذهب......

والسيد علي النبي المرجع الكبير صاحب المؤلفات الكثيرة.. وقد تمتد الأنامل بعيدا بمدى شاهق نحو فحول الشعر امثال المرحوم ملا عبود شبيلي الاسدي والمرحوم جبر علاوي والحاج عمران عنبر وكأني اسمعه حين يقول :

حولة لندن.. دولة الروس الفهود وكونك مجذب تعال اقدم لك شهود وكثيرون قد عانقوا التراب يتبعهم الاحياء امثال الشاعر ميثاق الهلالي ولقاء مولى الجابري وصبار العامري وأبو عقيل الناصري والسيد يوسف الكوبعي وليت العد يحصي ما أريد إحصاؤه.. غير انها للاشارة قبل ان تكون للتفصيل..

وما احوجنا اليوم لموطن نترجم فيه اعماقنا فكان بيتا عسى ان تدوم قوائمه..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com