اياك ان تفرط بهذا القبر .. اتركه لي..!!
 

 

جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا

عضوألأتحاد الدولي للصحافة وعضومنظمة العفوالدولية

tcharmaga@hotmail.com

الشجاعة نعمة ربانية .. والشجاعة لاتعرف المذهب أوالدين أوالعمر .. الشجاعة موجودة أينما وجد البشر .. الشجاعة موجودة أينما وجدت قضية .. الشجاعة موجودة أينا وجد الظلم .. الشجاعة موجودة أينا وجد التحدي والشعور بالغبن .. الشجاعة موجودة في كل المجتمعات .. وحتى لاننسى حتى للشجاعة درجات.. هنالك شجاع بأمتياز يعتمد على الباري ونفسه وعقله وسلاحه الشخصي .. فهنيئاً للشجاع الذي يحسب له ألأعداء الف الف حساب!!.

في عراقنا سمعنا وقرأنا عن عدد كبير من الشجعان ..ياااه كم من (بن ملحة) يركض ويبحث عن الموت والموت يهرب منه مذعوراً..!!.

في كوردستان أيضاً هنالك قصص أشبه بالخيال لعدد من الشجعان ... نعم الشجاعة موجودة في كل زمان ومكان .

أغرب وأجمل القصص التي قرأتها هذه الفترة لأحد الشجعان الفلسطينيون وهو شاب يافع بعمر الزهور.. هذا الشاب بمفرده وبسلاحه الشخصي فقط أدخل الرعب في نفوس الجيش ألأسرائليلي (الذي لايقهر!!!) وأجهزته ألأستخباراتية والشرطة السرية والجواسيس وغيرهم.. وقع كذا مرة في فخ الجنود ولكنه في كل مرة كان ينجو بأعجوبة.. وكل هذه وتلك تعود الى شجاعته وصبره وأيمانه بقضيته وأستصغاره بالعدو!!!.
جرح أكثر من مرة.. في أحدى العمليات بترت ثلاثة من أصابع يده اليمنى.. وكانت هنالك عدد من الشظايا في أنحاء جسمه.. مع ذلك ظل ذلك الشجاع ثابتا في موقفه ومستمرا في تحدى العدو المتغطرس.. نعم لقد أستطاع ذلك الشبل أدخال الفزع والرعب في نفوس ألأسرائليين جيشاً وأجهزة وجواسيس!!!.

أنه الشجاع لابل أبو الشجاعة الشاب/ أحمد سناكرة ذات الـ/ 22 عاماً.. ياله من هذا الليث العجيب أي بشر هذا الذي بات حديث كل القادة ألأسرائليون وأجهزتها السرية والعلنية؟؟!!!.

في السنوات ألأخيرة كان مطاردا بشكل لايصدق.. لذلك كان وفي أغلب الليالي لايستطيع المبيت في أي بيت.. أتخذ أماكنا أخرى وتحمل قساوة البرد وليالي الشتاء الطويلة .. لذلك كان يكره البرد بشكل رهيب.. كان يعتقد بأن البرد أيضا جزء من العدو لمحاربته وعقابه.. لذلك:

ولا عجب، ان اجبر امه على ان تقطع له قسما، قبل ايام من «استشهاده»، بان تغطيه في القبر بغطاء دافئ، قال لها:

«اريد نومة دافئة، وطويلة يا امي!!!!».

ووفق ما قاله شقيقه علاء، احد ابرز مطلوبي كتائب الاقصى في نابلس، لـ«الشرق الأوسط»، فقد فزعت الام المفجوعة سريعا الى المستشفى بقلب مكسور الذي كانت ترقد فيه جثته، كانت حريصة كل الحرص، على ان لا يتعرض احمد للبرد بعد وفاته لكرهه له البرد!!. ورفضت ان يوضع في ثلاجة الموتى ابدا، بناء على وصيته. وقال علاء «لم يكن يتخيل نفسه داخل ثلاجة، حتى وهو جثة!!». وتابع بعد لحظة صمت ...... «كان يكره البرد»!!!.

سناكرة كان يتحدى الصهاينة.. وله معهم حكايات وحكايات منها عندما أحتجز في مكان ما في مدينة/ نابلس وبعد مدة قليلة يحاصر من كل الجهات.. كل ألأسلحة ألأسرائلية ساهمت في قتاله بمن فيها الطائرات الحربية والسمتيات والمدفعية والصواريخ المختلفة وسلاح الهندسة وأخيرا الكوماندوس ( القوات الخاصة!!) .. ولكن الباري كان معه:

يتذكر الفلسطينيون قصة احمد سناكرة مع الجيش المدجج بالسلاح، عندما هدم مقاطعة نابلس فوق رأسه في يوليو (تموز) 2006. وحاصره تحت الانقاض انذاك 3 ايام. شاركت الدبابات والطائرات الحربية في الحصار، ضربوه بالصواريخ فلم ينفع فساوموه ولم يقبل. فناداه احد الجنود الاسرائيليين بلغة عربية، انذاك:

«يا ابو ايد مقطوعة، سلم نفسك». ثم قالوا له «يا سنكور، لدينا الماء، أخرج واشرب، وسنطعمك ايضا».
وروى احمد سناكرة تجربته تلك، قائلا:

«انه بعد يوم ونصف اليوم من الحصار اصبح العطش عدوي الاول. ولأتغلب على مساومات الجنود، صرت أجمع بولي في حذائي وأشربه»!!!.

دفن نفسه في قبر اختياري، بينما ظلت القنابل تتساقط فوق رأسه، كان يعدها وقال (من 30 الى 40 قذيفة في الساعة!!!!). ملأ التراب عينيه، فقطرهما بالبول، وملأ اذنيه، فاغلقهما بالضمادات التي كانت تدواي بعض جروحه السابقة.

اما اصعب المواقف، فقال:

«عندما أطلقوا علي كلب بوليسي، كنت حينها أختبأ بحفرة في نفق قديم، كانت هناك بعض القضبان الحديدية الملقاة بين الحجارة الكبيرة، جذبت إحدى القضبان بكل قوتي، عندها كان الكلب قد اقترب مني، فغرست قضيب الحديد في عينه لتخرج من أذنه، بعدها خفت أن يبدأ بالنباح، سيما أن هذه الكلاب مثبت على إذنيها لاسلكي لتستجيب لأوامر الضابط، فقمت بوضعه في حفرة المجاري التي أختبأ بها، ووضعت فوقه التراب والحجارة.

خرج سناكرة من تحت انقاض المقاطعة بطلا، متخما بالجروح وكان يفاخر:

ـ «خرجت وقهرتهم»!!!.

يا أحمد يا أشجع الشجعان:

هل يكفي أن نسميك شجاعاً وأنتهى ؟؟؟..لاوالله أنت أشجع من الشجاعة بأضعاف.. يالك من ليث ومن نمر جريح يا أحمد!!!.

وحتى مقتله يوم الجمعة/ 18/ 1/ 2008، كان قد تعرض الى 6 محاولات اغتيال، اصيب في احداها بجروح خطرة، كاد يقضي معها، لكن شقيقه ابراهيم هو الذي قتل فيها وكان في يوم جمعة كما غادر احمد الدنيا في يوم الجمعة.

وفي استقبال احمد تذكرت امه ابنها ابراهيم، اذ كان احمد يلبس سترته. ورغم استعداده للموت، كان يحب الحياة كثيرا، كما قال شقيقه علاء، وكان يخطط لدراسة الاقتصاد في جامعة النجاح. وكان يحب ان يظهر انيقا دوما. وكان يوم مقتله، على موعد مع عملية تجميل ليده التي بتر منها 3 اصابع، ومع عملية اخرى لازالة شظية قرب عينه.

أعد «سنكور» كما يحب ان يسميه علاء، وصيته، واجمل صوره، لوضعها في ملصق اعلان مقتله. اوصى اهله بان يغنوا له في بيت العزاء اغنية طالما رددها:

«بدري عليك يا رفيق العمر بدري، ريت رصاص الغدر خلاك وصاب صدري».

وطلب من حارس المقبرة، قبرا الى جانب شقيقه ابراهيم، قال له:

«اياك ان تفرط بهذا القبر .. اتركه لي!!!!!!».

--------------------------------

وأنتِ يا أمنا .. يا أم/ أحمد:

هنيئاً لك بولدك الشجاع لابل أبو الشجاعة/ أحمد الشجاع .. أنت أمرأة ولستِ كأية أمرأة أنجبت معجزة كان يقاتل دولة أسرائيل ببندقيته وأصابعه المبتورة!!!.

هنيئا لك يا أختاه.. والله أنجبت ليثاً سيخلده التأريخ طالما هنالك شعوب مضطهدة وهنالك قضية .. أبنكِ لم يمت.. ولم يستشهد.. أنه خالد الى أبد ألأبدين.. صدقيني أنه في أجازة وسيعود عن قريب وتسمعين أخبار أنتصاراته على العدو.. أنتظري مفاجئة ستسرك حتما!!!.

صدقيني يا أختاه ... كل شباب نابلس هم أولادكِ.. كل واحد منهم أحمدا .... أحمد حي.. سيظل حياً مازال هنالك قضية وشجعان على ألأرض!!.

وأنتِ يا جامعة النجاح:

عار عليكم أذا لم تطلقوا أسم/ أحمد سناكرة على أحدى قاعات الجامعة.. وعيب عليكم أذا لم تمنحوه بكالوريوس أقتصاد .. أتدرون لماذا؟؟؟.

أحمد لم ولن يموت.. أنه في أجازة وسيعود عن قريب!!!.

,أنتِ يابلدية/ نابلس:

أطلقوا أسم/ سناكرة على أجمل وأنظف شارع في نابلس!!!...أتدرون لماذا؟؟.

لكون العدو الأسرائليي سيحسبون الف حساب قبل مرورهم في شارع/ أحمد سناكرة!!...شبح/ السناكرة ستلاحقهم الى يوم يبعثون!!!.

وأنت ياحبيبي يا/ أحمد:

نم قرير العين نفتح لك قلوبنا لتدفأ الى يوم يبعثون ... أنت ستكون في جنات النعيم بأذنه تعالى ... يالك من شجاع يا أحمد يا سناكرة ..أنت أحمد وأسم على مسمى يا حبيبي .. أنت آلآن في أمان.. نم قرير العين في عرينك حيث رعاية ربانية ودفء الى أبد الدهر ... لاعساكرهم ولاطائراتهم الحربية ولاكلابهم المسعورة ولا جواسيسهم بأستطاعتها التقرب منك.. هنيئاً لك يا أحمد يا عزيزي!!!.

الى اللقاء يا أحمد ....

------------------------------------------------

* الشرق ألأوسط .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com