الحالة الفرعونية لدى الانسان – الحلقة الرابعة عشر

 

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

الحالة الفرعونية لدى الرجل

الرجل هو المولود الجديد الذي سيصبح في المستقبل رجلا، وهو الوالد اوالابناء ... او الاخ لاخوته ... او الصديق او الرفيق او الزميل ... او المدير في دائرته ... او رئيس الحزب في حزبه ... او أي مسؤول في دائرة عمله في قمة هرم السلطة او العمل او في المستويات الادنى.

المولود الجديد الذي سيصبح رجلا

كل انسان سوي يتزوج لتكوين اسرة يتالف معها فتكون الزوجة، ويكون الزوج ويكون الدافع لهذا الزواج انجاب الاولاد، وهو احد الاسباب الرئيسية للسعادة.. فعندما يولد المولود يفرح الجميع ويقدمون التهاني والتبريك والهدايا ويحتفل الجميع بهذا الولود الذي سيسجل في سجل النفوس والدوائر المدنية ليكتسب شرعية وجوده وانتماءه للابوين والعشيرة والوطن والامة.. والمولود سواء كان ذكرا اوانثى ستكون له نفس الحالة الشرعية والمدنية وستكون له صفحة من الحقوق والواجبات المترتبة عليه يقوم بها الابوين شيئا فشيئا حتى تكتمل صورة الولد الطفل والولد الفتى والولد الشاب صبيا ويافعا وبالغا ورشيدا.

وتعتبر فترة التربية داخل البيت الذي ينتمي اليه الوليد اهم فترة تنشئة وتنمية للقدرات والملكات والمواهب والخصائص النفسية والعقلية وعلى اساسها تقوم شخصية رجل المستقبل.. فالمولود الجديد متى عاش في عائلة سليمة متزنة تعلم الخير وانكر المنكر.. ومتى تلقى تربية خاطئة تعلم المنكر ونكر الخير.

الرجل عندما يكون والدا

بعدما ينمو الانسان مارا بمراحل الفتوة والشباب ليصبح رجلا ممتلئ القوة وليتحمل المسؤولية وادارة العائلة وبعدما تصبح له زوجة وابناء ياخذ دوره في الانفاق والتربية والتعليم والتوجيه الاجتماعي والفكري والديني فان كان هذا التوجيه سليما مبنيا على فكر رائد مستنير متفهم للدين والحياة الانسانية الراقية انتفلت

هذه الضبغة الى الابناء

وحين يشعر الرجل بقوته وشبابه وينظر الى الاولاد كاتباع فقط دون ان يكون له هدف في تطويرهم وتطوير قابلياتهم والنظر الى بناء شخصياتهم وفق مقاييس الشخصية وتقويمها ليكونوا فادة المستقبل يؤثر ذلك على مستقبل حالتهم الاجتماعية والنفسية.. ان قصر النظر هذا يؤدي الى تكوين مركبات نقص حادة ويتولد عن ذلك شخصيات جامدة ضعيفة غير مستقرة وغير واضحة مرهقة ومثقلة بتبعات السيطرة الابوية القاسية.

 ولكن الرجل متى كان تفكيره ضمن دائرة العلم والمعرفة والثقافة الجادة التي تحرك الاستعدادات لدى الابناء وتنمي القابليات الشخصية فانه بذلك يكون قد حقق نوعا من المشاركة في بناء الشخصية القوية مع العوامل الاخرى التي تتدخل في تربية وتنشئة الابناء كالجامع والمدرسة ومنظمات المجتمع المدني الناشطة في مختلف المجالات الثقافية والفنية والرياضية وغير ذلك من النشاطات.

ان شعور الرجل بالقوة يجب ان لايدعوه الى ستعباد زوجته وابناءه وان لايكون مبررا لاستخدام العنف والقسوة تجاههم، بل عليه ان يبذل جهده المتواصل في سبيل تنشئتهم وفق مبدا الاقناع والحوار واعطاء المعلومة الصحيحة وكشف عيوب المعلومة الخاطئة.

الرجل الابن

عندما ينمو الابن ويصبح قويا يحس بقوته ويشعر بانه اصبح رجلا قويا ولديه امكانيات القيادة ياخذه الغرور خصوصا اذا كان تاثير المحيط الذي يحيط به فاسدا ولم يساعده في معرفة الطريق السليم الذي يجب عليه ان يسلكه ليجنب نفسه وغيره من تبعات الاثار السلبية للتربيه الخاطئة.

ان اختيار الابن لطريق خاطئ سيؤدي به الى الاصابة بحالة التفرعن على الاب والام والاخوة من الذكور والاناث ليلبي في ذلك حالته المرضية كما يلبي في ذلك ويستجيب لنداء الشيطان وبالنتيجة ستخسر العائلة عضوا مهما داخلها وستعاني من ويلات تلك الحالة الفرعونية في سلب حريتها وراحتها وسعادتها.

ان على الاباء ان يهتموا بتربية اولادهم من اجل ان ينشئوا على حب الجماعة وعمل الخير ونكران الشر، وهذا الامر يتطلب منهم ان يعتمدوا على الحكماء والعلماء والربانيين من حولهم وكذلك فان عليهم ان يولوا انفسهم الاهتمام بثقافتهم الفردية التي يجب عليهم تنميتها عن طريق قرائتهم للقران الكريم وكتب الادعية الماثورة كالصحيفة السجادية والاهتمام بمعانيها ومجالسة الاخيار وارتياد مجالس الذكر والحكمة.

الرجل الاخ

وفي بعض الاحيان يتعطل دور الابوين لاسباب استثنائية وفي مثل هذه الحالات يتصدر احد الاخوة لادارة العائلة، كان يكون الابوين ضعيفين لاسباب صحية او مالية، وفي بعض الاحيان يتصرف الاخ تجاه اخوته ملغيا دور الابوين، بل ويلجا احيانا الى العنف والقسوة لاكراه اخوته واخواته على مالايرتضوه من الاتجاهات الخاطئة لاخيهم سواء في التصرف المالي او الاجتماعي والاسري وفي توزيع الادوار العائلية داخل الاسرة، ومن الطبيعي ان تتسبب مثل هذه التصرفات في اهتزاز استقرار العائلة والعلاقة بين افرادها كما يسبب عطلا في النمو الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، ويخلق عللا وامراضا نفسية، ويخلق توترا مزمنا في العلاقات الخاصة داخل العائلة، والعامة مع بقية افراد المجتمع، وقد يسبب حرمانا لافرادها من الامتيازات العامة للافراد وحقهم الطبيعي في تنمية مكانتهم وعواطفهم، وهي حالة سلبية يتصرف فيها الاخ بشكل فرعوني تجاه افراد الاسرة وخصوصا مع الاخوة والاخوات.

الرجل الزوج

وبسبب المفاهيم والموروثات الخاطئة التي يحملها الرجل قبل الزواج عن الدين والحياة خصوصا في المجتمعات الجاهلية التي لاتفهم الدين كما ينبغي ولانقصد في ذلك فقط العصور الجاهلية القديمة بل كل مجتمع يفقد الثقافة الجيدة او التي تفهم الدين بشكل خاطئ من خلال المجتمع نفسه، او بسبب التفسير الخاطئ للروايات عن الانبياء والرسل والاوصياء بالشكل الذي لايتلائم مع معاني تلك الروايات، او بسبب الفهم السئ المتوارث عبر مراحل التاريخ المتاخر عن عصور المعصومين، او التلقي الخاطئ عن حملة العلم، او قصور وتقصير العلماء عن اداء واجبهم العلمي تجاه المجتمع واكتفائهم بالامور العبادية والفقهية وعدم اهتمامهم بالتربية الاخلاقية اوبث الوعي في صفوف الجماهير.. كل هذا وغيره يؤدي الى فشل العلاقة الزوجية وعدم تعامل الزوج مع زوجته بشكل حضاري وانساني يعمل تقوية اواصر العلاقة داخل الاسرة بينهما.

ان الفهم القاصر للدين والحياة يولد نوعا من السلوكيات المرتبطة بهذا الفهم كان يتصور الزوج ان الزوجة عبدة ومملوكة له، وان عليه ان يصدر الاوامر وعلى الزوجة تنفيذ طلباته وبعكسه تتعرض الزوجة الى انواع من العقوبات النفسية والبدنية وهو نوع من الحالات الفرعونية داخل الاسرة.

الرجل الصديق

ترتبط الصداقة بالقيم الدينية والاخلاقية وعلى هذا الاساس تقوم الصداقات الحقة بحيث يحمل الصديق لصديقه كل قيم الوفاء ورعاية العهد والصدق والامانة والاحترام، ويجفظ الصديق صديقة اثناء حضوره وفي غيبته، الا اننا نرى ونسمع احيانا عن خيانة الصديق لصديقه بحيث لايرعى له عهدا ولاذمة وذلك بسبب حالة النفاق او التردي والسقوط في حبائل الشيطان الذي ينسيه ذكر الله فلاتبقى عنده حرمة للصدايق، وقد يتصرف الصديق تجاه صديقه بشكل فرعوني يعبر عن نقصان في التربية والاخلاق لاتتلائم مع المبادئ العليا للصداقة وهو امر مؤسف يضر بالعلاقات الانسانية بين الناس ويترك اثرا سيئا في نفوسهم ونفوس من حولهم.

الرجل المديرلدائرته

الموظف الصغير متى استلم وظيفته كمدير لقسم او لدائرة فانه سيتصرف وفق تربيته، ووفق رؤيته للحياة والكون والانسان، ووفق فلسفته للحياة ومنهجه الشخصي، ومثل هذه الامور تعتمد على نسبة تراكم الاثار النفسية والعوامل التربوية المؤثرة في شخصية الانسان ونسبة العقد النفسية، وكميةالمشاكل التي يعاني منها هذا الانسان، فان اثرت هذه العوامل بشكلها السلبي ظهرت على شكل تصرفات فرعونية مظاهرها التعالي والتكبر والحدة والشدة، واستخدام الضغوط ضد الموظفين في دائرته، واظهار مظاهر القوة تجاههم مما يولد توترا داخل منظومة العمل، ومثل هذا المدير يعرض الموظفين الى عقوبات ومتاعب مالية ونفسية تقلل الانتاج وتقلص فرص الابداع والتطور.

الرجل المسؤول في اعلى هرم السلطة

وعندما يصل الرجل الى قمة هرم السلطة على المستويين العسكري اوالمدني ولايحمل صفات الانسان المتحضر فانه سيتصرف بشكل فرعوني يهدد حياة الناس واستقرارهم ومعيشتهم.. وبسبب فرعونيته يزيح كل العناصر الجيدة ويختار بلدلها موالين له طائعين غير عاصين يغدق عليهم الاموال ويوزع عليهم السلطات ليخلق سلطة فرعونية تكرس كل طاقتها لخدمة مصالحها الشخصية وتخدم كل من له صلة بها على حساب الاخرين من ابناء الشعب وخصوصا الطبقة النافعة الشريفة المخلصة للقيم والاهداف النبيلة التي تخدم المصالح العامة.

الرجل حامل الشهادة العالية

بعض حملة الشهادة العالية كشهادة الدكتوراه مثلا تجعل من حاملها حاملا للشعور بالفخر والخيلاء وكانه فهم الكون والحياة واصبح في قمة العلماء وشعر بالعلو، وان حمله الشعور في الاستعلاء على من هو دونه في الحالة العلمية هو حالة مرضية فرعونية يمكن ان تؤثر على المشاعر العامة للناس وتشعرهم بالاحباط تجاه هذه الشريحة التي يفترض عليها ان تكون في قمة العمل المهني الذي يقدم اكبر الخدمات للشعب والوطن الذي قدمه ورفعه الى تلك المنزلة التي هو عليها، كما يؤدي هذا الشعور وتلك التصرفات الى حدوث خلل في الانتاج وانتكاسة في التخطيط والمتابعة.

الرجل الطبيب والمهندس والمعلم والموظف والمستخدم

الرجل عندما يكون طبيبا فان ذلك يساعد في ادخال السرور على قلوب المرضى، والمهندس عندما يؤدي دوره في البناء وعملية ادارة المصانع فانه يعمل من اجل توفير الحياة السهلة اليسيرة والمريحة للناس، والمعلم يعمل لاجل لان يقضي على الجهل وينير عقول طلبته وتلامذته، كما ان الموظف يعمل لاجل انجاز معاملات الناس وتيسهيل امورهم ليبلغون ماربهم في كل شان من شؤون الحياة العامة، والمستخدم يعمل من اجل تسهيل امور المواطنين فالسائق وموظف الخدمات في الاستعلامات وفي اماكن الحراسة واعمال التنظيف كل هؤلاء يخدمون بلدهم ومواطنيهم لتعم السعادة على ا لجميع. لكن وللاسف فان غرور بعض منتسبي هذه المهن يؤدي الى التعالي والغطرسة على الناس ويتسببوا في عرقلة عملية الانتاج، كما يسببوا المتاعب والالام لغيرهم من المراجعين كالمرضى بالنسبة للطبيب، واصحاب الحاجة بالنسبة الى المهندسين والموظفين، والمتعلمين بالنسبة للمعلمين خلاف التواضع الذي يخلق اجواءا طيبة في التعامل ليكون الطبيب والمهندس والمعلم والموظف والمستخدم قدوة لغيره وضمانا لزيادة الانتاج وتحسين ظروف الحياة.

ان على الانسان ان يراجع نفسه بين حين واخر ليتخلص من اية حالة فرعونية تدعوه للتجبر والطغيان في اية مرحلة من مراحلها ليكون انتماءه الى الوطن انتماءا حقيقيا ناجحا ومفيدا.

رجال السياسة

تعتبر السياسة وسيلة لاغاية في ادارة شؤون الرعية بالمعنى الخاص للدولة التي تقوم على اساس انتهاج سياسة داخلية تجاه المواطنين وخارجية تجاه الدول.. وبالمعنى العام فانها تشمل حالة الاحزاب والمؤسسات والشركات والافراد والجماعات.

ان ركوب السياسة لغرض المصالح الذاتية واستجلاب المصالح الشخصية واحتلاب الدولة والناس، والاتجار بالشعارات، واستخدام اساليب غير شريفة في الانتخابات لغرض الوصول الى السلطة لايعبر عن النقاء او الاخلاص بل هو انعكاس لوجود حالات فرعونية كامنة لدى ضعفاء النفوس الذين يركبون موجة السياسة لاجل اكتساب اوضاع مهمة هرمية في هيكل الدولة يخدمهم ويضر بمصالح الناس، وهو مايؤدي الى الفساد الاداري والمالي ويهدد البنية التحتية للدولة في كل مستوياتها العليا والدنيا.

رجال الدين

كما يعتبر رجل الدين وبالمعنى الخاص والشائع ذلك الرجل المعمم على انه رجل غير عادي بالمقياس الاخلاقي التقوي، وكذلك بمقياس العلوم الدينية.. وفي هذه الحالة فان على رجل الدين ان يكون قمة في السلوك الجيد، مع نفسه ومع الناس، وعليه ان يكون في قمة النزاهة الاخلاقية والمادية ليحافظ على هيبة رجل الدين المعمم.

ان اختراق الحالة الدينية لرجل الدين من اندساس طبقات دخيلة تركب موجة الدين وتسعى لارضاء غرورها وحبها للرئاسة الاجتماعية وجني الاموال هو حالة تكمن في ضعف التربية والاسس التي بنيت عليها تلك الشخصية وهي في الحالة هذه تشكل خطرا على مظهرية رجال الدين وقد تؤثر على سمعة الدين نفسه.

الملاكين والتجار

تعنبر هذه الطبقة الطبقة الثرية داخل مجتمعاتها ويقع عليها العبئ الاكبر في ادارة المال في مختلف الوجوه العمرانية والصناعية والتجارية والزراعية الى غير ذلك من الوجوه.. ومتى كانت هذه الطبقة رشيدة عاقلة مهذبة مستنيرة كان لها الاثر الاكبر في تنمية البلد واحداث تقدم وحركة حقيقة في العمل والانتاج. ان غرور بعض من ينتسب الى هذه الطبقة يفقدها هيبتها.. وبدل ان يكتسبوا رضاء الناس فانهم يخسرون محبتهم ويتعرضوا الى كراهيتهم.. ان امثال هذه النماذج المغرورة ترى نفسها احيانا انها في القمة ولكن عند مجالستها لطبقة العلماء والمفكرين تحس بضعفها وضالتها وقلة حيلتها.. ان مشاعر بعض التجار والملاكين المستكبرين بانهم الطبقة العليا في المجتمع والتي تستحق الحياة والاحترام تنسى بانها ستموت وتترك هذه الاموال ورائها ومن وراء ذلك حساب لجمعها نلك الاموال وحساب عل طريقة اكتسابهم لها!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com