|
من النوميس المطردة الأعتناء بالفقيد بعد أربعين يوما مضين من وفاته بأسداء البر أليه وتأبينه وعد مزاياه في أحتفالات تعقد وذكريات تدون تخليدا لذكره على حين أن الخواطر تكاد تكون نسيته والأفئدة أوشكت أن تسلاه فبذلك تعاد الى ذكره صورة خالدة بشعر رائق تتناقله الألسن فتمر الحقب والأعوام وهو على جدته...! أو خطاب بليغ تتضمنه الكتب والمدونات حتى يعود من أجزاء التأريخ التي لايبلوها الملوان فالفقيد يكون حيا كلما تليت هاتيك النتف من الشعر أو وقف الباحث على ما ألقيت فيه من كلمات تأبينية بين طيات الكتب فيقتص أثره في فضائله وفواضله وهذه السنة الحسنة تزداد أهمية كلما أزداد الفقيد عظمة وكثرت فضائله وأنها في رجالات الصلاح والأصلاح والمقتدى بهم من الشرائع أهم وأكبر لأن نشر مزاياهم وتعاليمهم يحدو الى أتباعهم وأحتذاء مثلهم في الأصلاح وتهذيب النفوس.... ومن هنا ورد عن أبي ذر الغفاري وأبن عباس عن النبي (ص) أن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا وعن زرارة عن ابي عبد الله الصادق (ع) أن السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحا بالدم والأرض بكت عليه أربعين صباحا بالكسوف والحمرة والملائكة بكت عليه أربعين صباحا ويؤكد هذه الطريقة المألوفة والعادة المستمرة بين الناس من الحداد على الميت أربعين يوما فأذا كان يوم الأربعين أقيم على قبره الأحتفال بتأبينه وبحضرة أقاربه وخاصته وأصدقاءه وهذه العادة لم يختص بها المسلمون دون سواهم فأن النصارى يقيمون حفلة تأبينية يوم الأربعين من وفاة فقيدهم يجتمعون في الكنيسة ويقيمون الصلاة عليه والتي تسمى عندهم بصلاة الجنازة ويفعلون ذلك في متصف السنة وعند تمامها. وعلى كل حال فأن المنقب لايجد في الفئة الموصوفة بالأصلاح رجلا أكتنفته المأثر بكل معانيها وكانت حياته وحديث نهضته وكارثة قتله دعوة ألهية ودروسا أصلاحية وأنظمة أجتماعية وتعاليم أخلاقية ومواعظ دينية الأ سيد شباب أهل الجنة شهيد الدين شهيد الأسلام والوئام شهيد الأخلاق والتهذيب الحسين (عليه السلام). فهو أولى من كل أحد بأن تقام له الذكريات في كل مكان وفي كل زمان ومن هذا المعنى والهدف لفتت العقيلة زينب عليها السلام أنظار الأمة حينما طلبت من أبن أخيها زين العابدين بعد فك أسرهم من قبضة وسجن يزيد بن معاوية في الشام والسماح لهم بالعودة الى مدينة جدهم رسول الله(ص) طلبت منه أن يأمر الحادي المسؤول عن مرافقة ركبهم بأن يتخذ له طريقا يسلكهم الى كربلاء وفعلا كان لها ماأرادت ووصلت أسارى أل محمد الى أرض كربلاء في العشرين من شهر صفر عام 61 ه وأقامت العائلة هناك مأتما أستمر ثلاثة أيام... ويقول جابر بن عبد الله الأنصاري الذي يعد أول زائر لقبر الحسين في مثل هذه المناسبة والتي تزامنت زيارته الى قبر الامام الحسين عليه السلام مع عودة السبايا من الشام يقول أن الأمام السجاد بعد أن شاهد الأسى والألم على عماته ونساء أل بيته عجل بالرحيل من كربلاء والتوجه الى مدينة جدهم رسول الله(ص) فكانت هذه الزيارة من قبل ثقل أل محمد صلى الله عليهم جميعا في مثل هذا اليوم...أعطى الأشارة والدلالة على أهمية الفقيد المزار والعناوين التي تتجسد في مسكنه وروحه وموقفه ونهضته...فهي لم تأتي أعتباطا بل جاءت من هذا المنطلق ليكون نقطة أضاءة للأمة على مر الدهور أن هذا الفقيد ضحى بروحه من أجل المساكين والمحرومين والمضطهدين والمعذبين وأنه ضحى بصحبه وأهل بيته لكي يقول للناس لاتكونوا عبيدا للسلطان بعد اليوم و أن لم يكن لكم دين فلابد أن تكونوا أحرارا في دنياكم هذه الأشارات النورانية الوضاءة أنطلقت بها عقيلة أل أبي طالب الحوراء زينب وأما الأمام السجاد فكان منه قبس أخر حينما وصلت العائلة الى مشارف مدينة جده محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فأنه لم يدخل بالمباشر أليها أو على حين غفلة من أهلها بل أنه عسكر في حدود المدينة المنورة وطلب من ابن حذلم وكان شاعرا أن يذهب الى الناس ويبلغهم بعودة السبايا من الشام فما كان من ابن حذلم الأ أن أمتطى الجواد وأنشد شعره في وسط المينة: يا أهل يثرب لامقام لكم بها قتل الحسين وأدمعي مدرار الجسم منه بكربلاء مضرج والرأس منه على القنا يدار فهذه الألتفاته من الأمام السجاد أراد من خلالها أيقاظ شعور الأمة وتحريك ضميرها الذي تجمد بفعل الأراجيف والدعايات التي أتبعتها السلطة الأموية المستبدة كون أغلب الناس كانت تعتقد أن الأمام الحسين عليه السلام ذهب الى يزيد لغرض التفاوض على بعض المسائل العالقة بين العائلتين ولم يتصور هؤلاء بأن الأمام يقتل بمثل هكذا قتلة وتسبى عيالات النبي كما تسبى عيالات الترك أو الروم والديلم كما أشارت العقيلة زينب في خطبها في الكوفة والشام..فمن هذه المعطيات نستشف الفائدة والدلالة الروحية والفكرية لتجديد زيارة الأربعين وتخليدها ففيها تشع أنوار الهداية وتغتسل النفوس بفيض رحاب الحسين والأنصهار بعبقه الملكوتي ومنها نستجلي معاني الثورة والنهضة ورفض الظلم والسعي لزرع الخير والحب بين بني البشر ونبذ العبودية وألانقياد للأخر لأن العبودية للخالق وحدة وله تنقاد كل الأمور .....فسلام عليك سيدي ياحسين...سلام عليك يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تبعث حيا ..!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |