تهميش المثقف العراقي خطأ دفعنا ولازلنا ندفع ثمنه عالياُ
 

 

فالح الساعدي

faleh_alsaadi@yahoo.com

عدم إشراك المثقف العراقي في العملية السياسية بعد نهاية الحكم البائد عام 2003 من قبل السيد بريمر، الذي دار أمور العراق آنذالك هوشيء يمكننا أن نفهمه، وهوليس موضوع ورقتي هذه. إن السيد بريمر إذا كان رجل ذكي ومخلص فسوف يفكر بمصلحة بلاده قبل أن يفكر بمصلحة العراقيين. وهذا أمر بديهي لا جدال فيه.

أما إهمال المثقف العراقي من قبل الحكومات العراقيةالتي جائت بعده فقد كان خطأ كبير دفع العراق ثمنه غالياً. فالكادر السياسي للأحزاب الوطنية العراقية التي دخلت العملية السياسية منذ البداية هوكادر وطني ومخلص ومثقف ومضحي بلا أدنى شك، لكنه قليل العدد.

وجود المثقفون وفسح المجال أمامهم للمساهمة بصورة قوية وفعالة في محاربة الإرهاب بأقلامهم وخبراتهم وقدرتهم العلمية كان يمكن ليس فقط أن يكون دعماً للأحزاب بل وإضعافاً كبيراً للإرهاب ولوفر على الناس الكثير من القتل والجرائم المروعة التي قام بها تنظيم القاعدة مدعوماً من فلول أتباع النظام البائد.

علينا أن لا نغتر بنشوة الإنتصار الجزئي الذي تحقق الآن على الإرهاب، فقد يكون هذا الإنتصار عابراً (لا سامح ألله).

كما علينا أن لا نتشائم ونعتبر ما توصلت أليه الأطراف السياسية في الآونة الأخيرة مبنياً على إبتزاز لحكومة المالكي وعلينا أيضاً أن نقنع أنفسنا بأن بعض الأطراف المشاركة في التسوية الأخيرة سوف تكف فعلاً عن الجرائم والمجازر بحق ناسنا البسطاء.

لكن عليناأيضاً أن لا ننسى أن الثمن الذي دفعه هؤلاءالناس البسطاء وبشكل خاص أبناء الجنوب المسحوقين كان عالياً جداَ!.

الذين حققوا هذا الإنتصار هم الناس البسطاء أولائك الذين سطروا الملاحم بعد الملاحم بصبرهم وتحملهم وأصرارهم على حياة أفضل وتحديهم اليومي للإرهاب. فهم على بساطتهم يعرفون كيف يفرقوا بين الخطأ والصواب وبين الحق والباطل.

والذين حققوا هذا الإنتصار هم قادة المرجعيات الدينية وبعض رؤساء العشائر الشرفاء الذين وقفوا بكل ثقلهم لمجابهة الحرب الطائفية التي أراد تنظيم القاعدة بالتعاون مع عصابات النظام المباد، من داخل وخارج الأحزاب السياسية ومن داخل وخارج البرلمان، أن تشعلها ناراً تحرق بها العراق كله.

لكن الثمن الذي دفعه الناس البسطاء هوثمناً عالياً. عاشوا ولا زالوا يعيشون في ضروف إنعدام أبسط مقومات الحياة.

لا ماء لا كهرباء لا وقود لا أمان لاعمل ولا مستشفيات ولا. ولا. ولا....

مجازر الإرهاب والإبادات الجماعية لبسطاء ناسنا كانت كبيرة. ملايين من الأيتام وألأرامل والمعوقين والمشردين والذين ماتوا بسبب فقدان أبسط مقومات الحياة وأبسط الأدوية. إن هؤلاء عراقيون من دمنا ولحمنا. ماذا عنهم؟ لماذا قتلوا؟ ومن الذي سيدفع خسارة هؤلاء من جرائم بعض إشقائنا العرب والمسلمين؟ ومن الذي سيعوض لهم الأب والأم والإبن والأخت؟

كل هذا كان من الممكن أن يكون أقل لوأعطي للمثقف العراقي فرصة للمساهمة في مكافحة الإرهاب. لأن الحرب التي ُشنت على العراق والتي لا أعتقد بأنها ستضع أوزارها قريباً كان طابورها الأول هوالإعلام. لقد كانت حرب إعلام قبل أن تصبح حرب مفخخات وجرائم ذبح وإبادة وتشريد وتهجير. ولا ضرورة لأن أذكرك عزيزي القاريء بإفادات الإرهابيين الذين إلقي القبض عليهم. فجميعهم الى حداً ما قالوا بأنهم تحمسوا للحرب على العراق بعد أن شاهدوا ما نشرته الفضئيات العربية حول الأوضاع في العراق. أي أن الذي جندهم وحولهم الى عبوات ناسفة هوالإعلام.

الكثير من علماء الدين العرب الذين كانوا يحثون مواطنيهم على قتل العراقيين وتدمير العراق بحجة الجهاد ضد الإحتلال، كان يمكن للمثقفين العراقيين مواجهتم، لأن الكثير من مثقفينا يعلمون بالدين والفقه ربما أكثر من بعض المجتهدين.

وقد حاول بعض متقفونا ذلك لكن الفرصة المتاحة لهم كانت أقل بما لا يقبل المقارنة من الفرص المتاحة لطوابير الإعلام المضاد للعراق.

الكثير من المثقفين العرب وهروباً من وجه حقيقتهم، كما يقول شاعرنا الكبير مضفر النواب، نسوا مآسي شعوبهم، نسوا الفقر والبطالة والمذلة والظلم الذي تعاني منها شعوبهم تحت طائلة الحكومات العربية المستبدة ووجهوا أقلامهم سهاماً لصدورنا، نعم بمباركة ودعم الحكومات والمنظمات الحكومية وشبه الحكومية العربية. وبعضهم يعتبر العراق (إعلامياً) صيداً سهلاً لتحقيق مكاسب مادية، فالعراق إعلامياً هوأعزل.

والآن بعد خراب البصرة وبغداد لا بل كل العراق تقريباً وبعد قتل ما يقارب 1.2 مليون عراقي هب وزراء الداخلية العرب لإعتبار الإرهاب جريمة. ياللعجب !!

المثقفون العراقيون كان من الممكن لهم، لوكان هنالك من يرعاهم ويدعمهم، أن يساهموا بشكل فعٌال بمواجهة هذه الحرب .

كان من الممكن عقد لقآت ومناقاشات وحوار مع المثقفين العرب والأجانب لإطلاعهم على ما يجري فعلاً في العراق من مجازر وإبادات جماعية بإسم مقاومة الإحتلال الأمريكي.، الذين أكثرهم لا يريدون سوى الخير لبلدانهم وللعراق، لكن الإعلام العربي الطاغي المضاد للعراق يحاكي مشاعرهم القومية ويحولها الى حقد أعمى على العراق دون وعياً منهم.

فعلى سبيل المثال لوسمح للإعلاميين القطريين المعتدلين العمل في مؤسسة الجزيرة أسوة بالإسلاميين والقوميين المتشددين، الذين أعطيت لهم صلاحيات غير محدودة على هذه المؤسسة المتطرفة، لكان الدمار الذي جاء به هؤلاء المتشددين على العراق أقل بكثير جداً.

كان من الممكن القيام بحملة للتظامن مع الإعلاميين القطريين الذي أقصوا من العمل في مؤسسة الجزيرة.

ولكان من الممكن توجيه الضوء على أساليب عملها وأجهزتها المريبة.

فالعداء الذي سببته أجهزة الإعلام القطرية هذه بين الشعبين العراقي والقطري سوف نحتاج الى وقت طويل وجهد كبير للتغلب عليه. فنحن سوف لن ننسى ملايين القتلى والجرحى الذين قتلوا بلاسبب أخر غير إنتمائهم لمعتقد لا يلائم بعض المتطرفيين الإسلاميين. وبسسب جرائم إنتقام عشوائي لا لذنب أخر سوى لكونهم ينتمون الى مذهب المتطرفيين الذي جائوا من وراء الحدود لقتل العراق.

لقد أنتهت مرحلة أولى من مراحل الحرب على العراق وإذا إفترضنا أننا فزنا بها على أعداء الوطن فوزاً جزئياً، فقد كان ثمن الفوز عالياً جداً.

إن سكوت الإعلام المعادي للعراق وقلة نشاطه الحالي هوبإعتقادي تحضير لمرحلة الحرب الثانية التي بدئت بعض بوادرها تظهر على الساحة.

فقد بدء أعدائنا يصورون للرأي العام العالمي والعربي على أن الجرائم التي قاموا بها بحق العراقيون أنما قام بها العراقيون أنفسهم. وقد يأتي يوماً يصورون الإبادات الجماعية التي قاموا بها بحق العراقيين أنما هوإنتحار جماعي نضراً لمعتقدات العراقيين الدينية. وما زالوا هم الأكثر قوة إعلامياً فسوف لن يوقفوا حربهم علينا وسوف يقنعون الآخرين بما يريدون. ومازالوا هم الصوت الوحيد المدعوم في المنطقة فسيبقى تأثيرهم على الإعلام العالمي كبير.

ألا ينبغي بنا أن نبدء بالتعلم من دروس الماضي القريب والسنين التي إنقضت تواً؟

الحكومة العراقية مطالبة برعاية المثقفين العراقيين بغض النضر عن معتقداتهم السياسية لإعطائهم فرصة للمساهمة في الدفاع عن وطنهم من شرور الإرهاب والإعلام العربي المتطرف.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com